..
تدور أحداث قصة الزيتون لا يموت حول الإسكافي العامل التونسي البسيط ، المتابع لجريدة قديمة وهي ( العمل ) ، في يوم حجبت عن الصدور والتوزيع من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي ، لأسباب سياسية يعلمها جيداً كونه ناشطاً ضد الاستعمار ، ومناهضاً لسياساته العنصرية ، ومؤلفاً لشعاراتٍ ، كثيراً ما ترجمها كتابة على الجدران تارة ، أو برسومات تعبيرية ، كمنزل بمدخنته السوداء التي حلت مكانه شجرة زيتون خضراء ، أو خواطر تنصب في متابعاته لمقالات الزعيم الكبير بورقيبة . وفي محاولات كثيرة لرفض إغراءات المحتل ، بتجنيده لحسابهم وبيع وطنيته مقابل التوظيف والمال ، نراه يترك قريته ويقصد المدينة التي وجد ضالته فيها ، وهو الحراك الشعبي والمظاهرات المنادية بحياة تونس وسقوط الاحتلال ، وهنا تعرف على أحمد، وهو أحد المنظمين لمظاهرة 8 ابريل في "رحبة الغنم" قرب منزل الزعيم الحبيب بورقيبة الذي دعاه للانضمام إليها ، كما تعرف على عامل النظافة الذي كان أيضاً من أعضاء الحركة الثورية ، فكان إضافة لعمله في الشارع ، كان المراقب لتحركات جنود الاحتلال وأذنابه ، كما كان على عاتقه نقل المعلومات بين المناضلين ، وتوزيع المنشورات المناوئة للاستعمار ، التي كان لها أكبر الأثر في شحذ همم الشعب ، وتعبئته ضد المحتل ، وغيره من المناضلين البسطاء الذين هم من عامة الشعب التونسي ، وتمت دعوة الإسكافي للانضمام لهذه التظاهرة التي كانت مفصلاً محورياً في تاريخ تونس المعاصر . ووسط الهتاف فقد تم خلالها القبض على الزعيم الثوري علي بلهوان ، وتمت محاكمته عسكرياً ، كما تم اعتقال أعضاء الحركة بعد إطلاق جنود الاحتلال للرصاص على المتظاهرين العزل ، الذين قاموا بدورهم بالرد على مصدر النيران برشق الجنود بالحجارة والهجوم على حافلة ترامواي للاحتلال وتخريبها ، وسقوط العديد من الضحايا بين شهيد وجريح ... ليعمد الكاتب على إنهاء قصته ، على رغبة الإسكافي الشديدة بالسقوط أرضاً ، والاستسلام إلى نوم عميق ، حيث سلط الضوء على أحداث تاريخية مضيئة في تاريخ تونس ، وحركاتها الوطنية ، انطلاقاً من عيد الشهداء في 9 أبريل ، مبرزاً دور جريدة العمل في المقاومة الوطنية ، وفي صقل وعي الأحرار والتفافهم حول زعيمهم السياسي . أما شخصية الإسكافي وأحمد ، وغيرهم من المتظاهرين والمناضلين ، فقد نجح الكاتب بأن أسقط عليهم محمد العروسي المطوي تشبيه كل منهم ، بزيتونة مباركة تمتد فروعها ، ولكل دوره في الحراك النضالي التونسي ، ويستخرج زيتها ، وبمعنى أدق يعصر ليضيء شوارع المدينة في عام1983 ، في إشارة إلى بداية الكفاح ، وانطلاق شرارة الحراك السياسي العلني ، وتبلوره في المدينة وفضاءاتها الواسعة ، وبين انكماشه وسريته ومحدوديته في القرية .
منقول.