من الروبية الهندية الى فئة الـ50 ألف دينار .. عملة حافلة بالتقلبات
السومرية نيوز/ بغداد
ولدت ورقة الـ50 ألف دينار في ظرف اقتصادي عصيب يعصف بالبلد، لتضخ الى التداول بينما اضمحلت الفئات النقدية الصغيرة الى درجة تلاشي بعضها من الوجود بعد سقوط قيمتها، وثمة من رحب بها واعتبرها "خطوة صحيحة"، في حين تطير منها آخرون ووصفوها بأنها تعني "زوال بركة" العملة الوطنية واعتلال الاقتصاد المحلي.
وثمة مشكلة كبيرة تواجه المواطنين في التعامل مع ارتفاع قيمة السلع والخدمات، ففي الوقت الذي بدأت فئة 250 دينار، وهي الأقل فئة تفقد أهميتها، برزت الحاجة لفئات نقدية اكبر، إلا أن ذلك، بحسب، مختصين، سيكون له ثمن باهظ من شأنه إرباك السياسة المالية للعراق الذي يعاني من انكماش اقتصادي كبير.
تغطية جزء من العجز
يقول مقرر اللجنة المالية النيابية احمد حاج رشيد في حديث لـ السومرية نيوز ان كل اصدار جديد له منافع عامة وخاصة، مبينا انه يحفز المواطن على اقتناء هذه الفئة.
ويضيف رشيد، أن "النقد العراقي كان ناقصاً لا يعادل العملات الأجنبية، لان اكبر فئة عراقية كانت 25 ألف دينار"، مبينا أن "صدور مثل هذه العملة سيحفز المواطن العراقي على اقتنائها بدلاً من العملات الصعبة".
ويؤكد رشيد، أن "إصدار عملة نقدية كبيرة جديدة من شأنها تغطية جزء من العجز في الموازنة"، لافتا الى أن "مشروع حذف الاصفار لا يمكن الشروع به في الوقت الحاضر مع الجمود والانكماش الذي يمر به الاقتصاد العراقي".
حمل أسهل للعملة
وتبين عضو اللجنة المالية ماجدة التميمي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "إصدار عملة 50 ألف دينار والعملة النقدية من فئة 100 إلف دينار التي سيتم إصدارها لاحقا سيكون حملها أسهل من قبل المواطن"، مبينة أن "إصدار مثل هذه العملة ليس له تأثير على السوق بقدر ما لها تأثير على الكتلة النقدية".
وتؤكد التميمي، "عدم إمكانية البدء بحذف الاصفار في الوقت الحاضر في ظل البيئة السياسية والإدارية الحالية"، مبينة أن "حذف الاصفار تحتاج الى تكنولوجيا والى رقابة وأمور لا تستطيع الدولة توفيرها في الوقت الحاضر لا من حيث التقنية ولا من حيث النزاهة التي أصبحت ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها".
التعامل بالعملة نوع من السيادة
ويعتبر الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، أن "التعامل بالعملة العراقية بدلا من الدولار هو نوع من السيادة العراقية"، مشيرا الى أن "اغلب التعاملات والصفقات الكبيرة يتم حاليا التعامل بها عن طريق الدولار".
ويوضح انطوان، أن "إصدار هذه الفئة هي خطوة مؤجلة وهي جزء من مشروع حذف الاصفار من خلال طبع ثلاث فئات كبيرة وهي 50 ألف و100 ألف و200 ألف دينار، مقابل سحب للعملات النقدية الصغيرة نتيجة التضخم الحاصل في البلاد"، مشيرا الى أن "إصدار العملة النقدية الكبيرة ستمكن من تقليل الأعباء المصرفية والتعامل السوقي بدلا من الدولار".
فئة لن تسهم في استقرار السوق
الخبير الاقتصادي السابق في البنك المركزي العراقي باسم عبد الهادي، أكد أن "إصدار فئة 50 ألف دينار لن يسهم في استقرار السوق، خاصة الرقم القياسي لأسعار السوق والتضخم"، مشيرا الى "وجود تغيرات في المعطيات الاقتصاديات على ارض الواقع وانكماش الواقع الاقتصادي العراقي".
ويضيف عبد الهادي في حديثه لـ السومرية نيوز، أن "هذه الفئة النقدية من شأنها رفع التكاليف التشغيلية المفروضة على البنك في إدارة وتنظيم العملة"، مستبعداً "حصول نتائج مرجوة على تسهيل المعاملات".
ويشير عبد الهادي الى، أن "الفئة النقدية المتداولة حاليا والبالغة 25 ألف دينار هي كافية للتعامل بها من خلال الصفقات الفردية والشركات، في حين أن الصفقات الكبيرة يتم تغطيتها عبر الدولار".
من جهته يقول الخبير الاقتصادي حبيب القروغولي في حديث لـ السومرية نيوز، أن "القيمة الاغرائية للعملة ستبقى ولا تؤثر بشكل كبير في السوق، إلا أن تأثيرها سيكون كبيرا على التضخم"، مؤكدا أن "إصدار مثل هذه العملة في الوقت الحاضر سيخلق فوضى نقدية أكثر مما يؤدي الى الاستقرار".
ويشير القروغولي الى، أن "السوق لن يتنازل عن تعاملاته الكبيرة بالدولار نتيجة ثباته واعتباره كتلة نقدية يتم التعامل بها عالميا"، مؤكدا أن "السوق يحتاج الى التجزئة أكثر مما يحتاج الى فئات العملات الكبيرة".
وكان البنك المركزي العراقي أعلن، الأربعاء (11 تشرين الثاني 2015)، إصداره ورقة نقدية جديدة فئة خمسين ألف دينار، عازيا ذلك الى إكمال هيكل الأوراق النقدية العراقية ووضع فئة عالية القيمة في التداول.
يذكر أن البنك المركزي العراقي أعلن في 2013 عن عزمه إصدار طبعات جديدة من فئتي الـ 50 ألف دينار والـ 100 ألف دينار.
تاريخ حافل بالتقلبات
مرت العملة العراقية بمنعطفات تاريخية نتيجة التقلبات المستمرة على مدى عقود طويلة, إذ أدخلت سلطة الاحتلال البريطاني في مطلع القرن العشرين الروبية الهندية كعملة رسمية بدلا من الليرة العثمانية, وفي عام 1931 دينار عراقي مساو للجنيه الإسترليني في القيمة ويقسم إلى 1000 فلس, طرح الإصدار الأول للدينار في عهد الملك فيصل الأول في يوم الأول من نيسان 1932.
بعد انقلاب 14 تموز 1958، قام البنك المركزي العراقي بإصدار جديد من العملات الورقية والمعدنية، تحمل شعار الجمهورية الجديدة، وقد تم فكُ ارتباط الدينار بالجنيه الإسترليني وربطه بالدولار الأميركي، وظهرت إصدارات جديدة من العملة الورقية في الأعوام 1971 و 1973 و 1978، في حين عانى الدينار العراقي من تدهور مستمر لقيمته بعد بدأ الحرب العراقية الإيرانية، حيث انخفض سعره من 3.3 دولار للدينار في عام 1980 إلى حوالي 4 دنانير للدولار عام 1988.
وبعد غزو الكويت وانتهاء حرب الخليج الثانية ونتيجة للحصار الاقتصادي وطبع العملة في المطابع العراقية حصل انهيار شديد في قيمة الدينار, حيث وصل قيمته في 1995 إلى مستويات متدنية وكان الدولار الأمريكي الواحد يعادل 3000 دينار, الأمر الذي اضطر البنك المركزي العراقي الى إصدار عملات لم تكن معهودة في السابق, ففي عام 1991 صدرت أوراق نقدية من فئة 50 و 100 دينار, و250 دينار في عام 1995, وفي عام 2002 اصدر البنك عملة قيمتها 10 آلاف دينار, وكان المواطن العراقي يحمل رزماً ضخمة من العملة ذو الفئة 250 دينارا لشراء مواد بسيطة.
أما بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003, قامت سلطة الائتلاف المؤقتة آنذاك بإصدار عملة عراقية جديدة طبعت في مطابع "ديلارو" في بريطانيا بمواصفات يصعب تزويرها وتم استعمالها في جميع أرجاء العراق بما فيها إقليم كردستان في شمال العراق وتمت عملية تبديل العملة حيث استبدل كل دينار مطبوع في العراق أو الصين بدينار عراقي جديد.
http://www.alsumaria.tv/news/151885/...D9%8A%D9%86/ar