النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

بكائية رأس الحسين ..

الزوار من محركات البحث: 73 المشاهدات : 965 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    النــشمي
    تاريخ التسجيل: February-2012
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,426 المواضيع: 362
    صوتيات: 8 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 831
    المهنة: مهندس ديكور
    آخر نشاط: 12/July/2015
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى غريب الروح
    مقالات المدونة: 2

    بكائية رأس الحسين ..

    ( بكائية رأس الحسين - للشاعر اللبناني جوزيف حرب ) الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين ، قال فيه :
    كربلاء
    ( 1 )
    ذَرْذِرِي فتيت الرياحين ، وانسجي من حبير البجع ، وكنار الحمام ، مكاسر الكفنِ الأبيض .. واحفري الجفنَ عميقاً عميقاً حتى مغارق الدمع ، فلقد أقبل الليل وحن جسد الحسين إلى النوم جملةً سماوية بين هلالين من جناحي ملاك .
    كربلاء .. يا مساحة المرارة ، وموشحة الحزن ، وغرف الغمام العراقية وشبابة الفرات التي بحّت ما شربت ، وحارسة المصابيح التي اشتعلت بزيت مساريج الجنة ، رققي من حواشي الريح ، واملئي الأباريق ، ومدي الوسادة الزينبية ، فلقد أقبل الليل ، ورجعت من كوفة الزمن القديم ..
    هبيني كربلاء أُرح رأس الحسين على يديَّ .. أنا لست من أنزل الحسين في العراء من غير ماء وغير حصن . . ولست من شك سيفه بين منكَب الحسين وعنقه .. ولست يا كربلاء من قطع الكتف اليسرى .. أنا لست الأبرص بن ذي الجوشن أحز بالسيف في عنق الحسين . . ولست من أوطأ الجياد عظام صدره . . ولست عبيد الله بن زياد أضرب ثناياه بعصا الملك . . ولست جند عمر بن سعد أطوف بالرأس وهي على الرمح في مسالك الكوفة . .
    ولست يزيد بن معاوية أنكتُ بقضيب العرش في شفتي الحسين اللتين قبلتهما شفتا الرسول الكريم.. حتى ارتوتا من عبير ريحانة الجنة.
    هبيني كربلاء.. أُرِح رأس الحسين على يديَّ .
    هبيني سراويله اليمانية التي مزقها كي لايقتسمها من بعده القتلة ..
    هبيني جبة الخز والعمامة ، وورق النيل الذي اختضبت به تقاسيم الحسين .
    ويالعطش عبد الله الرضيع . . وقد مرى الهجير عرقه وهدلت رباعية أطرافه.. وتقطرت هُنانةُ خاصرتيه ، ورنقت عيناه ، وومح جلده ، وتخّ نفَسه وبُح صوته، ودير به مغشياً عليه ، فرفعه الحسين بين يديه وخاطب الواقفين دون ماء الفرات ، يا أهل الفرات... يا أهل الكوفة.. خافوا الله واسقوا هذا الطفل، إذا كنت أنا في اعتباركم أستوجب الموت، فما ذنب هذا الطفل الصغير ؟! يا قوم ، خافوا الله واذكروا عذاب يوم أليم .
    أراك لا تنسينَ يا كربلاء كيف صاح به أحد الجند ، خذ.. اسقه ، وأوتر القوس ورمى الطفل بسهم اختلجت عليه أحشاؤه !
    فهبيني كربلاء أرح رأس طفل الحسين على يديّ .
    هبيني ذؤابتيه المرسلتين ، وخلاخيل قدميه ، ومِشملته ، وقميصه المشقوق ، والعقد والعود والبكاء الذي ما ترسّل من بين أجفانه ، مخافة أن يتملح فمه إذا لا مست قطراتُ دمعه شفتيه .
    ( 2 )
    عندما يحمّل الرجال رؤوسهم همّ العالم ويصفو دمهم زيتاً للحقيقة ، وتتوثب في سواعدهم جياد المعارك العلوية ، يمرّ في خاطري الحسين بن علي مقدساً في رسالة ، جنة في جسد ، سدرة في منتهى ، شهيدَ عقيدة باعها بربه واشتراها بدنياه ، وكانت نسبة أن تعيش هي غداً، من نسبة أن يموت هو اليوم . إنه الومض المقدس ..
    أقعد الجنة عمن أقعد القلب عن الهدى ، وأذلت كفه كف من أعز القبض عن العطية ، وحبس ديمة الرخاء عمن أطلق في المساكين مزنة البلوى ، وقاوم بقوة الحق قوة المنافق واللص والراشي ، وأمّر نهايةً للمفسدين اعذوذبت بدايتها ، فأرسل في الظالمين ريحاً وناراً ململمتين على شتات هشيم ، وأيبسَ عظمَ من للعراة عليه بردةُ الخيلاء ، وألهبَ جوفَ من للجياع عنده طبق حرام، وسرّق من جاء بيت الرزق من غير بابه، ورهن النفس بثقل ما فعلت . وأرسل في أصلابه واعتدال ظهره انحناءة التوبة ، وغض العين عما لا يحل لها ، واشتعل في سراج الصدر فتيلة الحكمة ، وأنبت في روحه الصبر على كل بث وكل أسى ، واستقل في جنب ربه زينته تقواه . خادمه يداه ، ولأنه ما أعار دنياه طرف آخرته . . باع نفساً تموت غداً بنفسٍ لا تموت .
    ( 3 )
    هناك تداخلٌ حتى الذوبان
    بين رأس المسيح بعد الصلب ، ورأس الحسين بعد القطع . .
    وبين رأس يوحنا على طبق ، ورأس الحسين على رمح . .
    وبين خل العطش على الصليب ، وملح العطش في عاشوراء . .
    بين زينبات الحسين ، ومريمات المسيح . .
    وإن الذين رغبوا إلى اقتسام ثياب المسيح على الجلجلة ، هم أنفسهم الذين رغبوا إلى اقتسام ثياب الحسين في كربلاء .. وإن الشهوات التي في أعماق هيرودس ، هي ذاتها الشهوات التي في أعماق يزيد.. وإن الراقصة التي طالبت بقطع رأس يوحنا ، هي ذاتها الدولة التي طالبت بقطع رأس الحسين..
    الدولة والراقصة ، والراقصة الدولة ، الدولة الراقصة .
    إنها رمز قاطع المنارات وقاطعِ الرؤوس : رأس الأنبياء .. رأس الرائين.. رأس الثوار.. رأس المفكرين.. رأس الفلاسفة.. رأس الحرية..
    رأس السنبلة.. ورأس الحمام الأبيض ، والزيتون المبارك..
    ( 4 )
    لو دخلت عاشوراء يد القضاء لما اختل ميزان قاضٍ ، ولو هبت على خفق راية لما أُذِلّ وطن.. ولو لامست وسادة حاكم ، لمنعته من صلف النعاس .. ولو استوت على سرير خلافة ، لما عرف التاريخ قراصنة الأرض ، ولصوص الأمم ، وشذاذ آفاق الممالك ، والمشعبذة والطغاة والسحرة .
    ثلاث وسبعون رأساً ، ورأس الحسين طليعتها ، منارةٌ خلفها منائر ، دخلت البلاط اليزيدي على سن ثلاثة وسبعين رمحاً.. فهل لشمس بعد أن تشرق ؟! ولفرات بعدُ أن ينساب ! ولريح بعدُ أن تهب ! ولطائر بعد أن يسحب جناحيه ! ولنبت بعد أن يُمرع ! ولقضاء بعد أن يعدل ! ولحكم بعد أن يستوي ! ولدين بعد أن يشيع ! ولسلام بعد أن يسود . .
    إلا ومعه قضية ثلاث وسبعين رأساً قضت في سبيل ألاّ يُلاحم من صدوع الباطل ! ويُصدع من ثبات الحق !
    إن مسيحيتي أيها السادة.. لن تكتمل ناقصاً منها الحسين ، وإن أي دين سماوياً كان أو غير سماوي.. لايتضمن مرتبة حسينية إنما هو دينٌ كثير الأرض قليل الجنة... وإن أي حق لابد من أن يضيع إن لم تكن وسيلته حسينية.. فإما الحق . . . وإما الشهــادة . ! ؟
    ولندع صفين . . ولندع التحكيم . . ولندع الفتنة . . ولندع من بعد . . حصار القسطنطينية . . ولندع . . حرب الأيقونات في بلاد الروم . . ولندع خوف يزيد من العراق في يد الحسين . . فإن في عمق ذهاب الحسين إلى العراق ليس ما دار في رأس يزيد . . فقط . . وإن في عمق أن الحسين ما رجع عن العراق . . ليس سيفاً للحسين سل وما غُمد . . فقط . .
    هناك صوت ما ، صوت من أعماق السماء نادى الحسين ، فسار إليه.
    كل ما هو ومضٌ قدسي ، سيرته في الأرض ، أن المكان الذي تركه ، إنما تركه اقتراباً من الجنة ، فإذا رجع إليه لا لحكمة ابتعد بدلا من أن يقترب .
    من هنا كانت عاشوراء فصلاً من فصول ذهاب الحسين إلى الجنة لا العراق.. وهو لو رجع لسلمت رأسه ، ولكنه لكان عاش بيدين لا في تلك الحق ولا في هذه الجنة .
    وإن النبي الكريم إذا روّت شفتيه وهو على الأرض ، شفتا الحسين من ريحانة الجنة ، فإن شفتي الحسين وهو في الجنة تُرويان شفتي النبي من رائحة الشهادة والحق ، ولعل توزنُ رائحة الريحان في الجنة برائحة الحق والشهادة .
    وأما الإمام المكرم وجهه ، فلم يكن فرحه والحسين الطفل في حضنه بأعظم من فرحه وليس في حضنه من الحسين إلا رأس الحسين ! إذ انتقل الحسين من الطفولة البريئة في المشهد الأول إلى الومض في المشهد الثاني .
    الحق .. والشهادة . .
    من كربلاء حتى الجنوب ، الجنوب المشبع بهما ، لأنه مشبع بالحسين ، ويا لوطن يلتقي فيه حقا السماء والأرض .. وشهادتا الدين والدنيا ، فلا يضيع الجنوب أصحابه ، لأنهم عندئذ يكونون قد رجعوا إلى حيث لم يرجع الحسين، ويكونون قد سلمت رؤوسهم وعاشوا بيدين ، ولكن لا في تلك الحق ولا في هذه الجنة .
    ( 5 )
    كربلاء . . يا مساحة المرارة وموشحة الحزن وغرف الغمام العراقية ، وشبّابة الفرات التي بحّت وما شربت ، وحارسة المصابيح التي اشتعلت بزيت مسارج الجنة ، خذي الدفء من وجه رباب .. والحنان من فؤاد سكينة.. ومن فاطمة الذراع العفّ.. ومن زينب رقّة الأخت ، ورققي حواشي الريح، واملأي الأباريق ، ولكن . . لا تمدي الوسادة الزينبية ، وإنما هبيني .. لمرة أُرح رأس الحسين على يدي .
    ارجووو التثبيت

  2. #2
    من أهل الدار
    ابوبشير
    تاريخ التسجيل: January-2012
    الدولة: كربلاء المقدسة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 7,274 المواضيع: 1,011
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 2101
    مزاجي: بين بين
    أكلتي المفضلة: بيري بيري +بيتزا
    موبايلي: iphone
    آخر نشاط: 7/December/2012
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نسيم العراق
    مقالات المدونة: 2
    شكرا لك أبو محمد..تقييم

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    النــشمي
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسيم العراق مشاهدة المشاركة
    شكرا لك أبو محمد..تقييم
    وجودك هو التقييم ابو بشير

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: August-2011
    الدولة: بلا ما تعرفون
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 12,046 المواضيع: 1,766
    صوتيات: 9 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 2527
    موبايلي: n96i
    آخر نشاط: 8/December/2012
    اكثر من رائع

    السلام عليك يا أبا عبد الله

    هنا أقف مندهشة كيف يعظمك المسيح أكثر من بعض المسلمين
    رائع يا غريب الروح

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    النــشمي
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روح الورد مشاهدة المشاركة
    اكثر من رائع

    السلام عليك يا أبا عبد الله

    هنا أقف مندهشة كيف يعظمك المسيح أكثر من بعض المسلمين
    رائع يا غريب الروح
    هذا هو الحسين عند المسيحيين
    ونحن لا نعرف قدره

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال