1
شرح زيارة وارث (
"السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله،السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله،السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلامعليك يا وارث أمير المؤمنين وليّ الله".
نحاول من خلال هذه الدروس تسليط الضوءمن الأنبياء والأولياء عليهم السلام عن طريق الآياتالقرآنية ، عمّا ورثه الإمام الحسينلا سيّما وأنّنا لا نملك تاريخاً موثّقاً عنهم إلاّ ما ذكره لنا القرآنالكريم الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، وكلامه حق من الحق ومعجزةباقية إلى يوم القيامة.
إنّ مقامات أهل البيت عليهم السلام لا تعدّ ولا تحصى،وقد ظهر بعضها في الروايات في حديثهم عن الأحكام الفقهيّة، والبعض الآخر في تفسيرالقرآن وشرح الآيات التي تتحدّث عن الله وأسمائه وعن يوم المعاد وحقيقة الإنسان إلىأن نصل إلى مبحث الزيارات المنصوصة كزيارة أمين الله.
وكان من الضروري أننحدّثهم في الزيارات بالألفاظ اللآئقة بمقاماتهم وقد تعلّمنا ذلك من أدعيتهم حيثنجد ذواتهم وأوصافهم المقدسة.
لذا فإنّ شرح الزيارات أدقّ بكثير من شرحالروايات الفقهيّة لأنّها مرتبطة بدنيانا ومعيشتنا. من هذه الزيارات زيارة وارثللتي لا يمكننا إعطائها الحقّ الوفير من الشرع. نحن نعلمuالخاصة بالإمام الحسينأنّ حقيقة أهل البيت واحدة وأنّهم كلّهم نور واحد وقد ورث الآئمة الأنبياء عليهمالسلام، إلفي هذا العالم أشدّ فباستشهاده استيقظ العالم من نومuاّ أنّ ظهور الحسينالغفلة وبيوم واحد ظهرت كل الحقائق الانسانية والقيم الإلهيّة.
يقول علماؤنالخّص حركته الجهاديّة بقوله: "إنّي"الإسلام محمدي الحدوث وحسينيّ البقاء" فالإماملم أخرج أشراً ولا بطراً إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي، أريد أن آمربالمعروف وأنهى عن المنكر". نقول في الفلسفة أنّ حدوث الشيء وبقاؤه بحاجة إلىالعلّة، ونفس علّة الحدوث هي علّة البقاء لا شيء آخر. فعلّة بقاء الضوء هيالكهرباء، كما أنّ علّة بقاء الضوء في الخارج وجود الشمس وإذا غابت الشمس ذهبالنور. إنطلاقاً من هذه القاعدة الفلسفية كيف يكون الإسلام محمديّ الحدوث وحسينيّالبقاء في حين أنّه يجب أن يكون محمديّ الحدوث والبقاء، أو حسينيّ الحدوث؟
نفهم : "حسين منّي وأنا منهما واحد، وقد قالوالنبيّ محمدuمن هذه القاعدة أنّ الحسينكما حسين" "حسين منّي" أيّ حقيقة الحسين ورسالته وعمله وكربلاؤه كربلاء رسول الله . ولو كان أيّ من الأئمة مكانه لفعل كما فعل الحسين استشهد الحسين
كربلاءهي سبب بقاء الدين، وبقاء الدين يعني حدوثه كما أنّ حدوثه يعني بقاؤه الحسينفلننظر إلى التاريخ ونبكي لمصابه.
"السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين وليّ الله".
تبدأ هذه الزيارة كسائر الزيارات بكلمة "السلام"، التي تفيد معنى التحية في الإسلام، وهي نقطة الالتقاء والارتباط بين الناس، وقد اختارها الإسلام لتكون ﴿تحيّة من عند الله مباركة﴾، مقابل الكلمات التي استعملها العرب مثل: حيّاك الله، ومرحباً، ...
﴿تحيّتهم فيها سلام﴾، ﴿لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً﴾، ولهذه التحيّة عدة موارد تُسمع فيها، منها:
حين التلاقي بين الإنسان وقابض الروح ﴿الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون سلام عليكم﴾.
حين يدخل المؤمن في الجنة ﴿قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين﴾.
والجنة دار السلام، وقد ورد: ﴿والله يدعو إلى دار السلام﴾، وفي سورة يونس: ﴿دار السلام دار الله﴾. والسلام من أسماء الله، أي أنه لا : "اللهم أنتuيصدر عنه أي خلل أو نقص، بل العيب يحصل من الإنسان، وعن أمير المؤمنين السلام ومنك السلام ولك السلام وإليك يعود السلام". كما أنها تعني السِلم، والإنسان السالم والآمن هو فقط من نستطيع أن نقول له: السلام عليكم. وأساس السلام هو الكمال، فإذا أصبح الإنسان سالماً من كل عيب ونقص فهو إنسان سلام.
في قولهم "تخلّقوا بأخلاق الله واتّصفوا بصفات الله"، والسلام من صفات الله سبحانه، كما ورد في القرآن الكريم عدة آيات تتضمّن صيغة سلام، منها:
: ﴿والسلام عليّ يومuعن النبي عيسى ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّاً﴾.
وهو يسلّم على نفسه لأنّه سالم من الرذائل والخبائث والتعلّق بغير الله. وقد وردت أيضاً آيات يسلّم الله فيها على الأنبياء، منها:
1- ﴿سلام على المرسلين﴾.
2- ﴿سلامٌ على إبراهيم﴾.
3- ﴿سلامٌ على موسى وهارون﴾.
4- ﴿سلامٌ على نوح في العالمين﴾.
وفي شأن نبيّنا تقول الآية: ﴿إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً﴾.
كما أنّ الله يسلّم علينا أيضاً وتقول الآية: ﴿هو الذي يصلّي عليكم﴾. ونحن بإمكاننا أن نصل إلى هذه المرتبة التي يصلّي الله فيها علينا إذا ابتعدنا عن الأخلاق الرديئة والأعمال الخبيثة.
بعد كل ما ذكر هل نستطيع أن نسلّم نحن على أنفسنا؟
بما أنّ الصلاة هي تنزيهاً من الكبر، ومعنى سلام عليّ: صلّيت وطهّرت نفسي، أستطيع في آخرها أن أقول "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين".
كما وأننا نستطيع أن نسلّم على أئمّتنا عليهم السلام، من خلال الزيارات المروية عنهم، ولعلّ من الذخائر والكنوز المنصوصة زيارة آل ياسين التي نسلّم فيها على الإمام المهدي(عج) ونقول فيها "السلام عليك حين تقوم ، السلام عليك حين تركع، السلام عليك حين تسجد، السلام عليك حين تقرأ وتبيّن"، وهنا نحن نسلّم عليه في كلّ حالاته.
وجميع حالات الإمام المعصوم تكون سلام، وشيعته تتّصف بأوصافه، فإذا أردنا أن نسلّم عليه نقول: "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله". فكأنّنا نقول بذلك أنه لا تصدر أيّة أذيّة منّا.
للإنسان عدة مراتب:
1- العقل: وهو أعلى المراتب، وتتمّ تربيته بالعقائد الحقّة والتدبّر في آيات الله .
2- النفس: وهي أعلى من البدن، وتتمّ تربيتها بالأخلاق الحسنة.
3- البدن: وهو أدنى المراتب، وتتمّ تربيته بالالتزام بالأحكام الفقهيّة كالصلاة والصوم والحج ...
فإذا كَمُل الإنسان بجميع مراتبه يصبح سالماً، حين أقول "السلام عليك يا أبا عبد الله" أي أنّ كل ما في داخلي وعقلي ونفسي خالصاً من الشر والأذى، وهذا وجه من وجوه السنخيّة وهي علّة الإنضمام بين شيء وآخر.
؟uلكن كيف يمكن أن نحبّ الإمام الحسين
نحبّه عن طريق الإرتباط به، بحيث يصبح كل ما يصدر منّي سلام محض فلا أؤذيه بأيّ تصرّف منّي ولا أقوم إلاّ بما يريدني أن أقوم به. على الإنسان أن يسعى
يتبع