صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13
الموضوع:

شرح زيارة وارث

الزوار من محركات البحث: 10116 المشاهدات : 21992 الردود: 12
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق نشيط
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: لعراق واسط
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 366 المواضيع: 80
    التقييم: 37
    آخر نشاط: 15/April/2018

    شرح زيارة وارث

    1
    شرح زيارة وارث (
    "
    السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله،السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله،السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلامعليك يا وارث أمير المؤمنين وليّ الله".
    نحاول من خلال هذه الدروس تسليط الضوءمن الأنبياء والأولياء عليهم السلام عن طريق الآياتالقرآنية ، عمّا ورثه الإمام الحسينلا سيّما وأنّنا لا نملك تاريخاً موثّقاً عنهم إلاّ ما ذكره لنا القرآنالكريم الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، وكلامه حق من الحق ومعجزةباقية إلى يوم القيامة.
    إنّ مقامات أهل البيت عليهم السلام لا تعدّ ولا تحصى،وقد ظهر بعضها في الروايات في حديثهم عن الأحكام الفقهيّة، والبعض الآخر في تفسيرالقرآن وشرح الآيات التي تتحدّث عن الله وأسمائه وعن يوم المعاد وحقيقة الإنسان إلىأن نصل إلى مبحث الزيارات المنصوصة كزيارة أمين الله.
    وكان من الضروري أننحدّثهم في الزيارات بالألفاظ اللآئقة بمقاماتهم وقد تعلّمنا ذلك من أدعيتهم حيثنجد ذواتهم وأوصافهم المقدسة.
    لذا فإنّ شرح الزيارات أدقّ بكثير من شرحالروايات الفقهيّة لأنّها مرتبطة بدنيانا ومعيشتنا. من هذه الزيارات زيارة وارثللتي لا يمكننا إعطائها الحقّ الوفير من الشرع. نحن نعلمuالخاصة بالإمام الحسينأنّ حقيقة أهل البيت واحدة وأنّهم كلّهم نور واحد وقد ورث الآئمة الأنبياء عليهمالسلام، إلفي هذا العالم أشدّ فباستشهاده استيقظ العالم من نومuاّ أنّ ظهور الحسينالغفلة وبيوم واحد ظهرت كل الحقائق الانسانية والقيم الإلهيّة.
    يقول علماؤنالخّص حركته الجهاديّة بقوله: "إنّي"الإسلام محمدي الحدوث وحسينيّ البقاء" فالإماملم أخرج أشراً ولا بطراً إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي، أريد أن آمربالمعروف وأنهى عن المنكر". نقول في الفلسفة أنّ حدوث الشيء وبقاؤه بحاجة إلىالعلّة، ونفس علّة الحدوث هي علّة البقاء لا شيء آخر. فعلّة بقاء الضوء هيالكهرباء، كما أنّ علّة بقاء الضوء في الخارج وجود الشمس وإذا غابت الشمس ذهبالنور. إنطلاقاً من هذه القاعدة الفلسفية كيف يكون الإسلام محمديّ الحدوث وحسينيّالبقاء في حين أنّه يجب أن يكون محمديّ الحدوث والبقاء، أو حسينيّ الحدوث؟
    نفهم : "حسين منّي وأنا منهما واحد، وقد قالوالنبيّ محمدuمن هذه القاعدة أنّ الحسينكما حسين" "حسين منّي" أيّ حقيقة الحسين ورسالته وعمله وكربلاؤه كربلاء رسول الله . ولو كان أيّ من الأئمة مكانه لفعل كما فعل الحسين استشهد الحسين
    كربلاءهي سبب بقاء الدين، وبقاء الدين يعني حدوثه كما أنّ حدوثه يعني بقاؤه الحسينفلننظر إلى التاريخ ونبكي لمصابه.

    "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين وليّ الله".
    تبدأ هذه الزيارة كسائر الزيارات بكلمة "السلام"، التي تفيد معنى التحية في الإسلام، وهي نقطة الالتقاء والارتباط بين الناس، وقد اختارها الإسلام لتكون ﴿تحيّة من عند الله مباركة﴾، مقابل الكلمات التي استعملها العرب مثل: حيّاك الله، ومرحباً، ...
    ﴿تحيّتهم فيها سلام﴾، ﴿لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً﴾، ولهذه التحيّة عدة موارد تُسمع فيها، منها:
    حين التلاقي بين الإنسان وقابض الروح ﴿الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون سلام عليكم﴾.
    حين يدخل المؤمن في الجنة ﴿قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين﴾.
    والجنة دار السلام، وقد ورد: ﴿والله يدعو إلى دار السلام﴾، وفي سورة يونس: ﴿دار السلام دار الله﴾. والسلام من أسماء الله، أي أنه لا : "اللهم أنت
    uيصدر عنه أي خلل أو نقص، بل العيب يحصل من الإنسان، وعن أمير المؤمنين السلام ومنك السلام ولك السلام وإليك يعود السلام". كما أنها تعني السِلم، والإنسان السالم والآمن هو فقط من نستطيع أن نقول له: السلام عليكم. وأساس السلام هو الكمال، فإذا أصبح الإنسان سالماً من كل عيب ونقص فهو إنسان سلام.
    في قولهم "تخلّقوا بأخلاق الله واتّصفوا بصفات الله"، والسلام من صفات الله سبحانه، كما ورد في القرآن الكريم عدة آيات تتضمّن صيغة سلام، منها:
    : ﴿والسلام عليّ يوم
    uعن النبي عيسى ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّاً﴾.
    وهو يسلّم على نفسه لأنّه سالم من الرذائل والخبائث والتعلّق بغير الله. وقد وردت أيضاً آيات يسلّم الله فيها على الأنبياء، منها:
    1- ﴿سلام على المرسلين﴾.
    2- ﴿سلامٌ على إبراهيم﴾.
    3- ﴿سلامٌ على موسى وهارون﴾.
    4- ﴿سلامٌ على نوح في العالمين﴾.
    وفي شأن نبيّنا تقول الآية: ﴿إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً﴾.
    كما أنّ الله يسلّم علينا أيضاً وتقول الآية: ﴿هو الذي يصلّي عليكم﴾. ونحن بإمكاننا أن نصل إلى هذه المرتبة التي يصلّي الله فيها علينا إذا ابتعدنا عن الأخلاق الرديئة والأعمال الخبيثة.
    بعد كل ما ذكر هل نستطيع أن نسلّم نحن على أنفسنا؟
    بما أنّ الصلاة هي تنزيهاً من الكبر، ومعنى سلام عليّ: صلّيت وطهّرت نفسي، أستطيع في آخرها أن أقول "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين".
    كما وأننا نستطيع أن نسلّم على أئمّتنا عليهم السلام، من خلال الزيارات المروية عنهم، ولعلّ من الذخائر والكنوز المنصوصة زيارة آل ياسين التي نسلّم فيها على الإمام المهدي(عج) ونقول فيها "السلام عليك حين تقوم ، السلام عليك حين تركع، السلام عليك حين تسجد، السلام عليك حين تقرأ وتبيّن"، وهنا نحن نسلّم عليه في كلّ حالاته.
    وجميع حالات الإمام المعصوم تكون سلام، وشيعته تتّصف بأوصافه، فإذا أردنا أن نسلّم عليه نقول: "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله". فكأنّنا نقول بذلك أنه لا تصدر أيّة أذيّة منّا.


    للإنسان عدة مراتب:
    1- العقل: وهو أعلى المراتب، وتتمّ تربيته بالعقائد الحقّة والتدبّر في آيات الله .
    2- النفس: وهي أعلى من البدن، وتتمّ تربيتها بالأخلاق الحسنة.
    3- البدن: وهو أدنى المراتب، وتتمّ تربيته بالالتزام بالأحكام الفقهيّة كالصلاة والصوم والحج ...
    فإذا كَمُل الإنسان بجميع مراتبه يصبح سالماً، حين أقول "السلام عليك يا أبا عبد الله" أي أنّ كل ما في داخلي وعقلي ونفسي خالصاً من الشر والأذى، وهذا وجه من وجوه السنخيّة وهي علّة الإنضمام بين شيء وآخر.
    ؟
    uلكن كيف يمكن أن نحبّ الإمام الحسين
    نحبّه عن طريق الإرتباط به، بحيث يصبح كل ما يصدر منّي سلام محض فلا أؤذيه بأيّ تصرّف منّي ولا أقوم إلاّ بما يريدني أن أقوم به. على الإنسان أن يسعى

    يتبع

  2. #2
    صديق نشيط
    2
    لإيجاد السنخيةبينه وبين الإمام الحجة(عج) حتى يشتاق إليه الإمام ويجيب سلامه وكلامه.
    يجب أننسعى لأن تكون أعمالنا موافقة للشريعة ولما أرادوه منّا عندئذ نستطيع أن نسلّم : "من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه".uعليهم. وقد ورد عن الإمام الصادق
    وعن : "إبدؤوا بالسلام قبل الكلام فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلاuأمير المؤمنينتجيبوه".
    "
    إنّ الله يحبّ إفشاء السلام".uوعن الباقر
    "
    إنّ البخيلuوعن الصادقمن يبخل بالسلام".
    وعبارة "السلام" مع "ال" التعريف تكون أتم وأبلغ، كما أنّعبارة (السلام عليك) هي جملة خبرية بدائية الإنشاء، علينا أن نؤمن بأنّ الإمام سمعسلامنا والإمام ردّ عليه.
    "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوحِ نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين وليّ الله".
    حين نسلّم على شخص يجب أن يكون المسلّم عليه موجوداً، ويجب أن يكون كلّ فعل الإنسان وقوله متضمّناً لحكمة معيّنة، هل يسمعنا الإمام إذا سلّمنا عليه وهل يجيبنا؟
    حاضراً وليس غائباً،
    uإنّ الإمام وهو مظهر إسم الله "السميع" فيسمع ما نقول ويجيب على السلام أيضاً، إذن علينا أن نؤمن ونتيقّن بأنّ الإمام حاضر أولاً، ويسمع ثانيا،ً ويردّ ثالثاً. فغيابه وارتحاله عن الدنيا إلى عالم آخر لا يعني أنّه لا يسمع ولا يردّ فهذه العقائد باطلة، لأنّ وجود الإمام (وجود جمعي) في بداية الخلق ومع الخلق وبعد الخلق، كما أنّه حاضر ليس كذلكuوحضوره أشدّ من حضورالإنسان المقيّد وجوده بزمان ومكان محدّدين، والإمام فهو حاضر مع جميع الناس في الدنيا وفي البرزخ وفي القيامة الكبرى. لقد كان لهم وجوداً عنصريّاً في الدنيا في زمن محدود، بمعنى أنّه كان له ولادة وشهادة.
    إذا كان وجوده محيط ومسيطر، فحين نسلّم عليهم نسلّم لوجود حاضر موجود وليس وجوداً غائباً في التاريخ، ونحن نقوم بذكرى معيّنة ونسلّم عليهم من باب التشفّي لأوجاعنا، وحين نسلّم على الإمام فإنه موجوداً وحاضراً ويسمع ويرد، لذلك نراعي أدباً ما في زيارتهم من قريب أو من بعيد، كما هو موجود هنا موجود هناك وفي أي مكان آخر فليس الزمان ولا المكان سبب التفرقة والبعد بيننا وبينهم، كما أننا حين نسلّم على الأموات من المؤمنين والمؤمنات أيضاً نعتقد بأنّ الميت يسمع ويستفيد مما نهديه إياه كسورة الفاتحة مثلاً.
    إنّ الموت هو انتقال الإنسان من الدنيا إلى الآخرة، ويمكن أن يحصل هذا الإنتقال قبل الموت أو بعده، وهو إنتقال الإنسان من الملك إلى الملكوت، وانتقاله من دار الفناء إلى دار الخلود هو موت، وقد يحصل هذا الإنتقال عن اختيار أو عن اضطرار، فإما أن يأتي عزرائيل فيقبض روحه، وإما هذا العبد السالك الفاني في الله وهو الذي يأكل ويمشي في الأسواق وهو يعيش في الآخرة، ميت وحي بين الأموات.
    "كونوا من أبناء الآخرة ولا تكونا من أبناء الدنيا", والموت عند الفيلسوف الإلهي انتقال من عالم المادة إلى عالم التجرد, ومن عالم التصرّف في المادة إلى عالم عدم التصرّف في المادة والاشتغال في الجوهر، في جوهر النفس وتجرّدها.
    قالوا في تعريف الإنسان أنّه حيوان ناطق مائت.
    بعد النطق وبعد إدراك الحقائق الكليّة بإمكانه أن يموت وينتقل من الدنيا إلى الآخرة، فبإمكاننا أن نموت قبل الموت، كما قال الرسول:"موتوا قبل أن تموتوا"، أي موتوا بالموت الإراديّ، قبل أن تموتوا بالموت الإضطراري. وإذا ما انتقل الإنسان من الدنيا إلى الآخرة يصبح وجوده أشد وأقوى تجرّداً من وجوده الدنيوي المتعلّق بالمادة.
    إن التجرّد أساس الإدراك وأساس الحياة والقدرة، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة اشتدّ وجوده. لذلك قد يرتكب الإنسان المعاصي في الدنيا -والعياذ بالله- ثمّ ينسى وينصرف إلى الأمور العاديّة الحياتية ويخفّ ندمه وعذابه الداخلي. ولكن حين الموت ينكشف له الكتاب فيشعر بالألم أكثر مما يتصوّر في الدنيا، فالإدراك يشتدّ والوجود يشتد، أي أنّ الانسان ميّت يسمع، ووجود الأنبياء والأولياء في تلك الدار (دار الآخرة) لا يقاس بوجود الكفار فيها، وهناك مراتب للوجود وللإدراك لا تعدّ ولا تحصى، ولكن الإنسان في هذه الدنيا لا يشعر بهذه الحياة أما إذا خرج من الدنيا يشعر ويصبح وجوده وجوداً قويّاً.
    وهو حجّة الله، وقد ورد في كتاب الله العزيز﴿ولا تقولوا
    uكيف بالإمام لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون﴾، الشعور إدراك دقيق، وعدمه بالنسبة إلى الشهداء مختص بنا، وقال أيضا ً﴿ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربّهم يرزقون﴾. (لا تحسبنّ) بمعنى لا تتخايلوا ولا تظنوا ولا تتصوّروا في ذهنكم أنّ الشهيد ميّت، وإذا خاطبناهم وسلّمنا عليهم هم حتماً حاضرون ويسمعون ويردّون، وهذه المسألة من المسائل المؤكّدة، ونستطيع أن نتحدّث عن حياة الشهيد من كتاب الله، والرزق عند الله هو المعرفة، وهم مرزقون عند ربّهم برزق المعرفة والعلم.
    وهناك آيات أخرى في كتاب الله تدلّ على هذا المعنى وبراهين عقليّة، يقول الله تعالى: ﴿إنّ كتاب الأبرار لفي علّييّن وما أدراك ما علّيّون كتاب مرقوم يشهده المقرّبون﴾، في هذه الآية بيان لمراتب الناس فهم إما أبرار وإما فجّار وإما مقرّبون. الفجّار هم كتاب مرقوم، و﴿إن كتاب الفجّار لفي سجّين﴾. والأبرار لهم كتاب أعمالهم وأخلاقهم وعقائدهم وكلّ ما في ذاتهم مكتوب، وكتاب الإنسان نفسه وكل ما يفعله كتبه في صحيفة نفسه، فهذه النفس كتاب والإنسان كاتب، وكتب أي ثبت، وكاتب تعني ثابت، والأبرار هم في علّيّون ﴿كتاب مرقوم يشهده المقرّبون﴾ المقرّبون أعلى من الأبرار وكتاب الأبرار مشهود للمقرّبين، فالمقرّبون هم الناظرون في كتاب الأبرار وفي ذات الأبرار، وهم أعلى درجة من الأبرار، وكل ما في كتاب الأبرار مشهود لدى المقرّبين. وأئمّتنا عليهم السلام هم المقرّبون وهم في أعلى درجة من القرب، هم يشاهدون ذوات العلّيّون وذوات الأبرار وهم حاضرون معهم، والآيات في هذه المسألة كثيرة وبحاجة الى التأمّل والتدبّر.
    وعند قول "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله" نخاطب الإمام الحاضر ونسلّم على إمام حاضر أولاً، وحضوره أكثر حضوراً منّي ثانياً، ويسمعني ثالثاً، ويسمعني أكثر مما أنا أسمعه رابعاً، ويجيبني خامساً، ولا يوجد سلام بلا جواب، وهم قالوا أنّ جواب السلام واجب، وإذا شعرنا أنّ الإمام يجيب ويسمع السلام، نعيش حياتنا دائماً سالمين، ونريد أن نسمع دائماً جواباً، ومن يريد أن يسمع دائماً جواباً عليه دائماً أن يسلّم، ويكون في موقف السلام والتسليم.
    "السلام عليك" نخاطبه على أنه موجود ويسمع ويردّ كما نقرأ في زيارة "أنت تشهد مقامي وتسمع سلامي وتردّ سلامي". إذن فالنقطة الحاضرة
    uالإمام الرضا والمهمة في الزيارات أنهم حاضرون ويسمعون ويجيبون ووجودهم أقوى من وجود الإنسان. وبعد فهم الإنسان الموالي لهذه الفكرة يستطيع أن يدخل الى الزيارة.
    "السلام عليك يا وارث آدم" بمعنى أن كل ما لدى آدم الحسين وارثه، وعلينا أن نقرأ آدم في كتاب الله.
    وكذلك في قول "السلام عليك يا وارث نوحٍ ووارث إبراهيم وموسى وعيسى" فإنّ لا العكس.
    uكل ما لدى هؤلاء عليهم السلام قد ورثه الإمام الحسين
    كما ونقول بأنّ وسائر الأئمة ذكروا بالتوصيف في القرآن وليس بالتسمية وإن الذكر
    uالإمام الحسين بالصفات والأسماء والألقاب أفضل من ذكر التسمية كما يدرك المتدبّر.
    "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله"
    uبعد مرتبة العلم الفعلي للإمام تأتي بعد مرتبة الظهور والفيض، الله عالم، أي له علم ذاتيّ لا يعلمه أحد ولا يتّصف به أحد غيره، تقول الآية الشريفة: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون". فكما أنّ الله سبحانه وتعالى متصّف بعلم فعلي أي عالم بكل شيء فرسوله أيضاً عالم بكل شيء، والمؤمنون هم أئمّتنا عليهم السلام وهم عالمون بأعمالنا وأخلاقنا وعقائدنا وباطننا وظاهرنا وبكل ما نحن فيه، وعلمهم بالنسبة إلينا أكثر من علمنا بالنسبة الى أنفسنا، إذا سلّمنا عليهم أو زرناهم عن قرب أو عن بُعد هم يدركون وهم يرون كما تذكر الآية، يرى تعني يشاهد. وهو علم شهودي، يعلمون من هو زائرهم ومتى زارهم وكيف زارهم وبأي مرتبة من المعرفة واليقين زارهم؟
    بعد الكلام عن التسليم وعن التخاطب وحضور الإمام، نتحدّث عن الوراثة" السلام عليك يا وارث" إسم هذه الزيارة زيارة وارث لأنه وأمير
    rقد ورد فيها أنّ

    يتبع

  3. #3
    صديق نشيط
    الإمام الحسين وارث آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبيّنا . ما معنى هذا الإرث أو الوراثة؟uالمؤمنين
    قد تكون الوراثة أحياناً ماديّة كمافي أبواب علم الفقه باب الإرث والميراث، أي وراثة أهل الميّت له بحسب قرابتهم،وهناك طبقات في الإرث بحسب القرابة النسبيّة يرث الإنسان المُورَّث من الأمور التيتركها الميّت.
    فقد ورث من آدم ونوح وإبراهيم وموسى والأنبياء كلّهمuأمّا الإماموراثة معنويّة وليست صوريّة، عندهم علوم ومعارف وحِكم وأسرار، وكل نبيّ له نبوّتهوأسراره وشريعته ومعرفته، وقد ورثهم الإمام جميعهم وعنده كنوزهم وأسرارهم. وكما وردفي الأخبار أنّ العلماء ورثة الأنبياء، والعلماء بمعنى الأئمة عليهم السلام، وقديكون تلامذة الإمام استفادوا من مشكاة معارفهم شيء، ولكن العالِم بما هو عالِموبتمام معنى الكلمة الحقيقية هو الإمام، العلماء -أي الأئمّة عليهم السلام- هم ورثةالأنبياء، وزيارة وارث هي الدليل على ذلك.
    __________________
    "السلام عليك يا وارث آدم"، من هو آدم؟
    آدم في كتابالله خليفة الله، ومعلّم بالأسماء، ومعلِّم الملائكة، ومسجودها، إذن فالإمام الحسينخليفة الله ومُعلَّم بالأسماء كلّها ومعلِّم الملائكة ومسجودها، فهذه هي حقيقة آدموقد ورد في الآية الشريفة ﴿إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيهاويسفك الدماء ونحن نسبّح باسمك ونقدّس لك﴾.
    قد نجد في البداية تعارض وتخالف بينقول الله وقول الملائكة، لكن الله قال لهم "إني أعلم ما لا تعلمون"، حديثكم سليمولكنكم لم تنظرون إلى روحه وإلى فطرته وإلى سرّه الله يعلم بالخليفة بما لم يعلمهالملائكة. "وعلّم آدم الأسماء كلّها" أي علّمه مسمّيات الأسماء والحقائق الكونيةوالوجودية، وكيفية هذا التعليم تحتاج الى بيان فهذا العلم علم حضوري وليس علمالدراسة والحصول والأسماء "وعلّم آدم الأسماء كلّها" أي كل الأسماء وجميعها ثمّمؤكّدة بتأكيد (كل)، أي ما من شيءٍ في دار الوجود إلا وموجود في حقيقة آدم لا فيذهنه، ثمّ عرضهم على الملائكة "فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالواسبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا" إعترفوا بالعجز، (سبحانك) تعني يا ربّ إذا لمتعلّمنا فليس بخل من عندك سبحانك من البخل بل لأننا لم نكن مستحقّين لهذه العلوموالمعارف.
    حجّة الله وخليفته في أرضه أي أنّه أهل التسبيحuالإمام الحسينوالتحميد والتقديس، ومرتبته أعلى من الملائكة بكثير فهو المتصف بجميع صفات المستخلفووارث آدم النوعي بمعنى كل البشر. حين تقول الآية الشريفة "وعلّم آدم الأسماءuكلّها" أي أنه علّم كلّ أولاد آدم، وكل ما لدى أولاد آدم موجود عند الإمام الحسينبالفعل.
    "
    السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله"، وقد اصطفى الله آدم، ﴿إنّ اللهاصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين﴾، (اصطفاهم) أي اجتباهمواختارهم لنفسه، بمعنى أنّهم خلاصة البشر، وهذه الخلاصة مجتباةومصطفاة.
    والإجتباء هو انتخاب الأحسن، وإذا أصبح الإنسان مصطفى ومجتبى أي أنّالله اختاره لنفسه وأصبح هو عبدٌ لله، لا لغيره. وآدم صفوة الله والإمام أيضاً لأنّوارث صفوة الله هو أيضاً صفوة الله وقد اصطفاه الله وأراد أن يراه قتيلاً وشهيداً،فاختاره لدينه ولسنّة نبيّه ولإيقاظ الناس ما أن الله اصطفى نوحاً وآدم وآل إبراهيموآل عمران على العالمين.
    في الآيات التي قرأناها بشأن آدم، وإذا كان آدم معلّمبمسمّيات الأسماء ومسجود للملائكة أي مسجود الكل. الملائكة مدبّرات الأمر، همساجدون فكيف بغيرهم، مدبّرات السماء ومدبّرات الأمر ومدبّرات الشجر والحجر والمياه،كلّهم ساجدون، وفي مقابل الإنسان الكامل كل شيء ساجد.
    هناك صفين في مقابلالإنسان الكامل الأول: ساجد، والثاني: مستكبر وظالم، ومثال الصف الأول ما كان يجريمن صلاة وقراءة القرآن ودعاء، إلا أنه في مخيّم الأعداءuفي مخيّم الإمام الحسينوأولاده وأصحابهuكانوا يعدّون العدّة لقتل الإمام الحسين
    "السلامعليك يا وارث نوحِ نبي الله"
    عندما نقول "السلام عليك يا وارث نوح نبي الله"،يجب أن نقرأ الحسين من خلال نوح ونقرأ نوح من خلال القرآن لندركهما أكثر فأكثر. فالقرآن كتاب ناطق بالحق، والحق هو عبدالله ، وعبد الله مرآة الله، والله هو المؤمنالمهيمن، وقد أراد الله منّا أن نعيش مع نوح حينما تحدّث عنه، وقد وردت قصّته فيالكثير من السور القرآنية.
    شيخ الأنبياء، وهو أول نبي يأتيuكان النبي نوحبرسالة وشريعة وصحف وهو أول من أسس للشريعة والمنهاج بين الناس مثل موسى وعيسىوغيره من أنبياء أولي العزم.
    عاش بعد الطوفان حسبما تنقل الآيات القرآنية ﴿فلبثفيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً﴾، لكننا لا ندري مدة عمره قبل الطوفان، كان يهديالناس ويرشدهم للرسالة والنبوّة لكنّه لم يؤمن به إلاّ قليل في ظلّ إصرار الناس علىأذيّته. لذلك يسلّم الله عليه بتحيّة خاصة ويقول ﴿سلام على نوح في العالمين﴾ أي فيالدنيا والآخرة ويوم القيامة.
    uوهذه الصيغة من السلام مختصّة فقط بالنبي نوحلأنه كما تذكر الآية ﴿كان عبداً شكوراً﴾.
    "
    وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرىالله جهرة"، معرفة أهل الدنيا هي معرفة حسّيّة، كما أنّ إدراكهم إدراك حسّي وهذا، بخلاف أصحابه الذين كانوا فقراء وعبيداً لله لذلك أتواuحال أعداء الإمام الحسينإلى كربلاء، كما أنهم لم يكونوا أغنياء بل كانوا فقراء وعبيد رغم ذلك استنصروا .uالإمام الحسين
    ﴿قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وآتاني رحمة منعنده فعمِّيت عليكم أنُلزِمكموها وأنتم لها كارهون﴾. نلحظ في كلامه هنا الهدوءفيuوالبيّنة والبرهان، كما ونلحظ الهدوء والبيّنة في خطب الإمام الحسينكربلاء.
    وفي إحدى المرّات بعد أن خطب فيهم أتى إلى أخته زينب عليها السلاموأخبرها قائلاً "ذكّرتهم فلم يذّكروا ووعظتهم فلم يتّعظوا ولم يسمعوا قولي، وماظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون".
    ﴿قال الملأ من قومه إنّا لنراكuوهكذا نوحفي ضلال مبين، يا قوم ليس بي ضلالة ولكنّي رسول من رب العالمين﴾ وهو رسول من اللهأرسله بالحق ليبلّغ رسالاته لكنهم لم يتّعظوا.
    ﴿يا قوم لا أسألكم عليه أجراً إنأجري إلاّ على الله﴾ نوح مسلِّم بقضاء الله ويعلم أنّ هؤلاء الناس لن يفقهوا كلمةمما يقول فيوضح لهم أنه لا يريد الأجر والمال لأنّ أجره على الله ربّ العالمين.
    ليس تاجراً ولا يريد الربح المادي، بل كل ما يريده هوuكما أنّ الإمام الحسينمنفعة الناس وما يزيد في دينهم وفي طهارتهم وتقواهم.
    وهكذا ﴿وأوحي إلى نوح أنهلن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعينناووحينا﴾. والفلك هنا بمعنى السفينة، وهي سفينة النجاة، وكما كان الأمر لنوح بصنعالسفينة كان الأمر للإمام الحسين بثورة كربلاء ليكون يوم في التاريخ يوم الدين ويومالتضحية وهو يوم العاشر من المحرّم.
    "
    الحسينuوقد ورد في حق الإمام الحسينمصباح الهدى وسفينة النجاة" وكما كانت سفينة نوح تُصنَع تحت الرعاية والإشرافالإلهي فإنّ ثورة كربلاء أيضاً كانت تسير وفق ما حدده الله وأراده.
    ﴿ولاتخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون﴾ أي أنهم سيُعذَّبون ويهلكون ويموتون.
    "
    ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه... فسوف تعلمون من يأتيهعذابٌ يخزيه ويحلُّ عليه عذاب مقيم" فسوف يأتي يوم ويعلمون فيه من هو المحقّ ومنالذي على ضلالة. ﴿حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجينحمل معه الىuاثنين﴾، والتنور بمعني نبع الماء بشدّة من تنّور الخبز. والحسينكربلاء من كل زوجين اثنين في سفينته سفينة النجاة، وفيها نجاة البشريّة جميعاً.
    ﴿وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن﴾ وما آمن معه إلاّ قليل قليلون من آمنواوتذكر الروايات أنهم كانواuكما أنهم قليلون من كانوا مع الإمام الحسينuبالنبي نوحمئة أو أقل في كربلاء.
    ﴿وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إنّ ربّيالتي تجري ببسم اللهuلغفور رحيم﴾. على الإنسان أن يركب في سفينة الإمام الحسينوتسكن وترسي أيضاً ببسم الله، وهي سفينة الخلاص، التي لا يوجد فيها إلا الولاءوالإخلاص والتعلّق بالله تعالى، وبذل الغالي والرخيص في سبيل مرضاته تعالى. حتى أنّقدّم طفله الرضيع فلحظة يشخب الدم من وريده الشريف يضع الإمام يدهuالإمام الحسينتحت نحر طفله ويملأها دماً ويرمي بها نحو السماء ثمّ يقول: "هوّن ما نزل بي أنه فيعين الله".
    حياة الإمام الحسين قامت على بسم الله، كما أنّ سفينته أيضاً جرتعلى التوحيد الخالص من أي نية: لا للسلطة ولا للرئاسة، وحركته كانت من الله وآلت فيكربلاء إلى الله تعالى.
    "
    وهي تجري بهم في موج الجبال ونادى نوح ابنه وكان فيأيضاًuمعزل يا بنيّ اركب معنا ولا تكن من الكافرين" وهذا نداء الإمام الحسينلشيعته وأولاده وعائلته وهو نداء الحق فمن ركب معه نجا ومن تخلّف عنه هلك.
    ﴿قالسآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم لك اليوم من أمر الله إلا من رحم وحالبينهما الموج وكان من المغرقين....
    فعلى الإنسان أن يدرك أنّ الاتكال على اللهفقط، ومن لم يلتحق بركب الإمام الحسين وسفينة نوح سفينة النجاة هلك وكان منالخاسرين.
    __________________
    "السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله".
    من أنبياء أولي العزم، وقد وردت سيرته في الكثير من الآيات
    uإبراهيم القرآنيّة. وسوف نعرض بعض الآيات التي تذكر سيرة النبي إبراهيم ونربطها بالإمام .uالحسين
    تقول الآية الشريفة، ﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهنّ قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذرّيّتي قال لا ينال عهدي الظالمين﴾.
    ترمز عبارة "كلمات" إلى عدّة معاني:
    1- أنها تدلّ على الحقائق الخارجيّة الوجوديّة، . والحوادث والإبتلاءات، وهذا ما تعنيه الآية الشريفة عن إبراهيم
    2- أنها تدلّ على الموجودات التي أوجدها الله تعالى بكلمة "كن"، كما ورد في الآية الشريفة، ﴿إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون﴾.
    والمتحقّق بالكلمة هو أيضاً ، ﴿إذ قالت
    uكلمة، وهنا معنى آخر لهذه العبارة، كما ورد في شأن عيسى بن مريم الملائكة يا مريم إنّ الله يبشّرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين﴾.
    وقد خلق عيسى بن مريم عليها السلام بكلمة "كن" ، فتوضح الآية الشريفة هذا المعنى وتقول ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل
    uكما خلق آدم آدم خلقه من تراب ثمّ قال له كن فيكون﴾.

    يتبع

  4. #4
    صديق نشيط
    4
    ومن الكلمات التي أبتلي بها : إبراهيم
    .
    uأ- ذبح إسماعيل
    ب- هجرته إلى وادٍ غير ذي زرع.
    ج- كسرالأصنام.
    د- الحرق.
    ولكنّه خرج منها جميعها ناجحاً ومفلحاً، وهذا مراد عبارة "فأتمّهنّ" في الآية السابق ذكرها.
    من المدينة إلىuأما خروج الإمام الحسينمكّة ثمّ الى العراق وكربلاء وكل ما جرى من حوادث هو ابتلاءات من الله تعالى للإمامقتيلاً وأطفاله ونساءه سبايا بالإرادة التكوينيّة .u، وقد أراد أن يرى الإمامu
    وتكمل الآياتعن إبراهيم وتقول ﴿وقال إنّي ذاهب إلى ربّي سيهدين، ربّ هب لي منالصالحين، فبشّرناه بغلامٍ حليم، فلمّا بلغ به السعي قال يا بنيّ إنّي أرى فيالمنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله منالصابرين﴾. وعندما طلب إبراهيم من ربّه ولداً كان كبير السنّ، وبعد أن استجاب لهابتلاه بأن أمره بذبحه
    .
    فيuالذي رأى ولده عليّ الأكبرuنعود للإمام الحسيناليقظة، حين أذن له بالقتال، نظر إليه نظر آيسٍ منه وأرخى عينيه وبكى، وحين رآه قدتقدّم إلى المعركة رفع شيبته الطاهرة نحو السماء وقال "اللهمّ إشهد على هؤلاء القومفقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خَلقاً وخُلُقاً ومنطقاً برسولك محمد كنّا إذااشتقنا إلى نبيّك نظرنا إلى وجهه".
    تقول الآية ﴿فبشّرناه بغلام﴾، والحديثالشريف يقول "برز إليهم غلام".
    كما أنّ الحديث يشير إلى وجود ثلاثة مراتبللإنسان وهي:
    1-
    الخَلْق، أي الشكل والجسم والبدن.
    2-
    الخُلُق، أي الصفاتالإنسانيّة النفسانيّة، وهي أعلى من الخَلْق.
    3-
    المنطق، أي الفكر والعقيدةوالعقل، كما أنّ العقل أعلى من النفس، والنفس أعلى من البدن، وكل إنسان يمتلك هذهالمراتب.
    ، أمّا الابتلاء الثاني فقد كانuإذن فالإبتلاء الأوّل هو ذبح إسماعيلكسر الأصنام، وتقول الآية ﴿ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا بهعالمين﴾.
    "
    الله أعلم حيث يجعل رسالته". فالله سبحانه يعلم من يستطع حمل رسالتهويكون عبداً له بتمام المعنى.
    ﴿إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتملها عاكفون، قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين، قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلالٍمبين، قالوا أجئتنا بالحقّ أم أنت من اللاعبين، قال بل ربّكم ربّ السماوات والأرضالذي فطرهنّ وأنا على ذلكم من الشاهدين وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تُوَلّوامدبرين، فجعلهم جذاذاً...﴾، (جذاذاً) أي قطعاً صغيرة ومتكسّرة. وقد تمثلت الأصنامباللعين يزيد في عهد الإمامuالتي تحكي عنها الآية أبّان عهد إبراهيم .uالحسين
    ﴿قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الظالمين، قالوا سمعنا فتى يذكرهميقال له إبراهيم، قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلّهم يشهدون، قالوا أأنت فعلتهذا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون، فرجعوا إلىأنفسهم فقالوا أنّكم أنتم الظالمون﴾.
    وكما أتوا بإبراهيم على مرأى من أعينمن المدينة واستقدموه إلى كربلاء، وكما قالوا ﴿أأنتuالناس، أخرجوا الإمام الحسين "مثلي لا يبايع مثله".uفعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم﴾، قال الإمام
    وعلى الإنسانأن يرجع إلى نفسه ويخاطبها ويعيش مع داخله وباطنه كي يفهم الحقيقة.
    ﴿قالأفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضرّكم، أفٍّ لكم ولما تعبدون من دونالله أفلا تعقلون، قالوا حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين﴾. وقد قال إبن سعد (لعنه الله) : أقتلوا الحسين.
    ﴿قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم﴾. "إنّ رسول الله قال لي يا بنيّuوظهر هذا المعنى في كربلاء عندما قال الإمام الحسينإنّك تُساق إلى العراق... وأنّك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك ولا يجدونألم مسّ الحديد، إذ من شدة شوقهم الى الله لم يشعروا بذلك الألم. أي أنّ الحربستكون برداً وسلاماً عليه وعلى أصحابه".
    أضرموا النار وأرادوا رميهuفإبراهيمبالمنجنيق، وهنا عدّة روايات منها: أنّ جبرائيل وميكائيل أتوا لمساعدته، وأنّ الريحقال له إذا أمرتني أخذت هذه النار ورميتها عليهم... ولكنّ إبراهيم كان يقول للجميع :"علمه بحالي كافٍ عن مقالي".
    هنا نرى أنّ إبراهيم لم يطلب المساعدة من أي أحديوم العاشر من المحرّم كان يقول "لاuإلاّ من الله تعالى، كما أنّ الإمام الحسينحول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم".
    ونقول أخيراً: أنّ إبراهيم كان مرسلاً،وكانت له رسالة، ورزقه الله إسماعيل في كبره، وبعد أن أتمّ كلمات ربّه جميعها قالالله تبارك وتعالى: ﴿قال إنّي جاعلك للناس إماماً﴾.
    ويشير معنى الإمامة هنا إلىمن يهدي بأمر الله، ﴿وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا﴾، أي يهدون بواسطة الأمر،والأمر هو "كن فيكون". فالنبي يهدي وهدايته هي توضيح للطريق، ولكنّ الإمام يأخذ بيدالإنسان ويوصله إلى المقصد، ويتصرّف في القلوب والعقول والباطن تصرّفاً تكوينيّاً،والتصرّف التكويني في هداية الإنسان هو هداية تكوينيّة.
    uيقول الإمام الحسين "ألا ترون أنّ الحقّ لا يؤخذ به وأنّ الباطل لا يُتناهى عنه" ويريد بقوله هذا أنيهدي إلى الحق، ويقول "والحابس نفسه على ذات الله" وهنا يُعرّف عن نفسه بمعنى أنههو الإمام وليس أحد غيره.
    وتقول: ﴿قال ومن ذرّيّتي قالuوتكمل الآيات عن إبراهيملا ينال عهدي الظالمين﴾. فطلب إبراهيم الإمامة من ربّه لذرّيّته إلا أنّ الله لميجبه بِ(نعم أو لا) بل قال له ﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾ أي أنّ الإمامة عهد من اللههذا العهد لا يناله الظالمين.
    ، أنّهم علىuوهنا نقطة جديدة حول ذرّيّة آدمأربعة طوائف:
    الطائفة الأولى: هم من عصوا الله في كل مراحل عمرهم وماتواvويموتون وهم يعصون.
    الطائفة الثانية: هم من كانوا في أول عمرهم طاهرين غيرvعاصين إلا أنّهم عصوا فيما بعد ويموتون وهم في المعصية.
    الطائفة الثالثة: همvمن يعصون في بداية عمرهم ثمّ يتوبون ويموتون وهم على الطهارة والتوبة.
    الطائفةvالرابعة: فهم من لم يعصوا من بداية عمرهم إلى نهايته، وكانوا طاهرين ومصلّينكماuومؤمنين بالله سبحانه وتعالى، وهذه الطائفة هي التي تضمّ أبناء الإمام الحسينأنّ الإمام الحسين وأبنائه الأطهار وهم من يستحقّون الإمامة وهي لهم ، كما أنّالإمام الحسين منذ ولادته إلى حين استشهاده لم يعصِ الله طرفة عين أبداً، جعلناوالمخلصين لله تعالى في كل كبيرة وصغيرة من أعمالنا.uالله من أتباع الإمام الحسين
    __________________
    "السلام عليك يا وارث موسىكليم الله"
    من أنبياء أولي العزم، وهو صاحب شريعة وكتاب، وقصّته فيuالنبي موسىالقرآن طويلة، وقد ذكر إسمه وسيرته في الكثير من السور القرآنية، وسوف نختصر على .uبعض القضايا المتعلّقة بموضوعنا في صلته بالإمام الحسين
    من أهمّ المطالبقصة الرؤيا، ﴿ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّuالموجودة في سيرة موسىأرني أنظر إليك﴾. وصل موسى إلى مرتبة أراد من خلالها أن يرى الله.
    وعلّة تسميته "بالكليم" أنه كان يكلّم ربّه وربّه يكلّمه، بغض النظر عن طبيعة التكليم.
    وفيسورة البقرة عدّة آيات تتحدّث عن طلب قوم موسى، أنهم قالوا له: ﴿لن نؤمن لك حتى نرىالله جهرة﴾ أي بالعين الظاهرية، ﴿فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون﴾، وهذا الطلب يحتويعلى الكفر، فإذا طلب أحد أن يرى الله بعينه تأخذه الصاعقة مباشرة، وتأتي الإجابة منالله بالعذاب. ومعنى هذه الرؤية أن الله (والعياذ بالله) مادة لأنّ المرئي جسم محددبزمان ومكان معيّنين.
    أما ما طلب موسى من ربّه فهو الرؤية بالشهود القلبيوالروحي والباطني لا الظاهري، وطلبه طلباً عالياً ومهمّاً، ومعناه أن يصل إلى مرتبةيقول: "أفأعبدuيرى ربّه بكل وجوده ويشاهد أسماؤه وصفاته. وكان أمير المؤمنين عليربّاًَ لم أره". لديه شهود ولكن لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار، بل "تدركه القلوببحقائق الإيمان" كما قال في نهج البلاغة.
    أيضاً "ما رأيتuويقول أمير المؤمنينشيئاً إلاّ رأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه" أي أنّ عنده توحيد شهودي فيرى ربّه قبلكل شيء وبعده ومعه وفيه...
    اختلف العلماء في تفسير هذه الآية منهم من قال أنهuطلب الرؤية لقومه لأنهم طلبوا ذلك، وهذا التفسير غير صحيح، لأن موسىمعصوم ويعلمطلب الرؤية الشهوديّة أيّ أنه لم يصل إلى الاطمئنانuأنّ في هذا الطلب كفر. فموسىالكامل.
    في دعاء عرفة فيقول: "كيف يستدلّ عليك بما هو فيuأمّا الإمام الحسينوجوده مفتقر إليك" فتوحيد الإمام توحيد شهودي وبرهانه برهان الصدّيقين.
    "
    أيكونلغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل" اللهكما أنّ الإمام ليس غائباً عن الله، " ومتى بعدت حتى تكونuليس غائباً عن الإمامالآثار هي التي توصل إليك"، نحن ننظر إلى هذه الآثار كالشجر والسماء والحيوان... حتى نستدل على وجوده، لكن الإمام لا ينظر إلى تلك الآثار.
    "
    عميت عين لا تراكعليها رقيباً وخسِرت صفقة عبدٍ لم تجعل له من حبّك نصيباً" الإنسان خاسر في هذهالتجارة إذا لم يوجد شيء من محبة الله عنده. وكما نقرأ الإمام ونعرفه من خلال دعاءعرفة، نجده قد وصل إلى مرتبة أعلى من الشهود، ولأنه وصل إلى هذه المرتبة صنعكربلاء، وهذه الصناعة مستحيلة عند من لا يملك هذه المرتبة.
    يطلب أن يرىuموسىوالإمام الحسين يرى، الله يقول لموسى أنه يمكنك أن ترى لكن بواسطة، والإمام يرى دونأي واسطة، كما أن موسى لم يستطع أن يتحمّل لحظة واحدة من هذا التجلّي، إلا أنّالإمام يتحمّله طوال عمره.
    إن فهم هذه المرتبة من مراتب الإمام هي مشكلتنا،وإدراكها صعب جداً. "أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري" ببركة وجودهم نحن نعيش، ومنبركة الفيض عليهم نحن نعيش.
    من هنا نجد انّ الإمام قد جَمَعَ في وجوده المرتبةالناسوتية والمرتبة اللاهوتيّة.
    من يستطيع النظر إلى الباطن ويدرك الجوهر؟
    إنّ هذا الأمر صعب جداً إلآ أنه من خلال معرفة النفس يمكن للإنسان أن يسلك، إذ : "يا سلمان ويا جندبuأن معرفة النفس عين معرفة الرب، كما كان يقول الإمام عليعن طريقuمعرفتي بالنورانيّة هي معرفة الله"، فإذا أدرك أحدنا أمير المؤمنينالنورانية لا بالمعرفة الظاهرة، فهو بحاجة إلى النور.
    من أين نأتيبالنور؟
    كما أنّ عيوننا الظاهرة بحاجة إلى نور النهار أو نور الشمس لترى أيضاًعيوننا الباطنة بحاجة إلى نور الطهارة والإيمان، وحقيقتنا عين التعلّق بالله وهوالمتصرّف فينا بكل حين وآن. فحين نقول "السلام عليك يا وارث موسى كليم الله" نلحظمنuكالرؤيا، وهذا ما ورثه الإمام الحسينuبعض الروابط بينه وبين الإمام الحسينموسى كليم الله.
    __________________

    "
    السلام عليك يا وارث عيسىروح الله".
    أحد أنبياء أولي العزم، وصاحب كتاب وشريعة، وهو كلمة منuالنبي عيسىالله. وأصل وجوده في هذا العالم معجزة إلهيّة، فهو قد ولد دون أب. "إن مثل عيسى فيكتاب الله كمثل آدم خلقه من تراب ثمّ قال له كن فيكون".
    وردت سيرته في عدّةآيات وعدّة سور من القرآن الكريم، منها سورة آل عمران وسورة مريم. وهي أمه التيقدّسها القرآن ﴿إذ قالت إمرأة عمران ربّ إنّي نذرت لك ما في بطني محرّراً﴾ فتجعلهخادماً لبيت المقدس، ﴿فتقبّل منّي إنّك أنت السميع العليم فلمّا وضعتها قالت ربّإنّي وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنّي سمّيتها مريم وإنّيأعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم﴾.
    لو دققنا في الآيات القرآنيّة نجد أنّمريم هي الوحيدة التي ذكر إسمها في القرآن الكريم من بين النساء، ﴿فتقبّلها ربّهابقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريّا كلما دخل عليها زكريّا المحراب وجدعندها رزقاً قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاءبغير حساب﴾.
    ﴿وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك علىنساء العالمين، يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين﴾.
    دائماً نلحظ . كما أنّ الإمامuاقتران اسم عيسى مع اسم أمه والسبب في ذلك الزيادة في مقام عيسىكما تذكر الروايات كان يذكر أمه في السفر وفي كربلاء ومع أصحابه ومع أعدائهuالحسينويقول "أنا ابن فاطمة"، و "أمي فاطمة" وكان يفتخر بهذا النسب.
    في الآية الشريفةعن السيدة مريم ورد ﴿واصطفاك على نساء العالمين﴾ ونحن نعتقد أنّ السيدة الزهراء هيسيدة نساء العالمين فكيف نميّز بين هذين الرأيين الأول قرآني والثاني روائي؟
    إنّ الآية لا تخالف الرواية، والإنسان بما هو إنسان ليس ذكراً ولا أنثى، بل إنّالذكورة والأنوثة وصف للبدن ووصف الجنس، كما أنّ الملائكة ليست ذكراً ولا أنثى. وشخصيّة الإنسان بروحه، والروح خارجة عن الأنوثة والذكورة، وعندما يخاطب اللهالإنسان يخاطب الذكر والأنثى، كما أنّ الملائكة يخاطبون الإنسان بما هو إنسان، وهمالمحدَّثة،u، ومن أسمائهاrكانوا يحدّثون السيدة الزهراء كما كانوا يحدّثون النبيكأنثى، والنبوة والإمامةuلكن مع اختلاف الخصوصية بين النبي كرجل وبين السيدة فاطمةمن شأن الرجال لأنهما بحاجة إلى الإختلاط مع الناس والمجتمع وإدارته، وهذه الوظيفةلا تناسب المرأة.
    وفي العودة إلى السيدة مريم نجدها أيضاً مُحَدَّثة من الملائكةوالآية الآنف ذكرها تبيّن هذا المعنى. وقد وردت عبارة "اصطفاك" مرّتين في هذهالآية، في الإصطفاء الأول كان إصطفاء نفسي، إختارها الله لتكون محدَّثة ووليّةوطاهرة من الرذائل والخبائث. وفي الإصطفاء الثاني اصطفاء نسبي اختصّها فيه بأن تكونأمّاً لولد دون أب.
    هذه مريم التي هي شرف لعيسى وهو يذكر باسمها، ﴿وجيهاً فيالدنيا والآخرة ومن المقرّبين﴾ عيسى وجيهاً عند الله وصاحب وجاهة، والوجيه هو الشخصالذي يواجه الله والله يواجهه، عيسى وجه ووجيه كما أمه مريم أيضاً وجيهة.
    ﴿قالإنما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكيّاً قالت أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشرولم أك بغيّا قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّن ونجعله آية للناس ورحمة منّا وكانأمراً مقضيّاً﴾، في ذلك الزمان نال اليهود من مريم عليها السلام واتّهموهاابن الله لأنه لا أب له.uبالمعصية، والنصارى اعتبروا عيسى
    ﴿يا أخت هارون ماكان أبوك إمرىء سوء وما كانت أمك بغيّا﴾. عليها أن تبيّن الحق لهم، ﴿فأشارت إليهقالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيّا قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلنينبيّا﴾، إذن أول كلمة قالها هي ﴿إني عبد الله﴾ لا "أنا ابن الله" كما يعتقدون، حتىيعلّم النصارى أن لا يقولون له أنه إبن الله، ويطهّر حجر أمه عن أي خطأ أو ذنب،وكان لا يزال في المهد ويقول ﴿وجعلني نبيّاً﴾.
    أول كلمة نطق بها عيسى بالإعجازقال ﴿إنّي أنا عبد الله﴾ يعرّف عن نفسه بأنه عبدالله، وفي زيارة وارث ورد "يا أباعبد الله" وهي كنية وكناية لمعنى، لماذا كُنِّيَ الإمام الحسين بهذا المعنى؟
    حين أخذ الرسول بيد الإمام الحسين وكان طفلاً قال له "عزيز عليّ يا أبا عبدالله"، والرسول لاينطق إلا بالوحي كما تقول الآية "لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحييوحى"، وهذه الكنية هي وحي إلهي.
    وكنية "أبا عبد الله" هي كنية إمامين من، لكن العبادة التي ظهرت منuوالإمام الصادقuأئمّتنا عليهم السلام الإمام الحسينالإمام الحسين لم تظهر من أحد، أي أنه كان عبداً محضاّ لله، ومن العبادات الجهاد،ولم يقم أحد بجهاده قط، كما أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أدّاهما لميقم بهما أحد مثله قط. وقد ظهرت منه عدّة أوصاف كماليّة ولم تظهر من أحد قبله منها: الصبر، والتسليم والرضا بقضاء الله، لذلك قال في آخر لحظات حياته الشريفة "إلهيرضاً بقضائك وصبراً على بلائك ولا معبوداً سواك".
    والإمام يشكر ربّه في أولدعاء عرفة فيقول "الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع ولا لعطائه مانع ولا كصنعه صانعوهوالجواد الواسع" يشكر الله الذي إختاره للشهادة بين يدي الجلال والجمال.
    أولقال "إني عبدالله ..." العبودية التي ظهرت بعد كربلاء كلّهاuكلام نطق به عيسىببركة كربلاء، ولولاه ما عُبِد الله وما عُرِف الله لأنهم أرادوا أن يمحوا الدين،ومعنى "أبا عبد الله" أي أنه أب معنوي لأي إنسان يعبد الله.
    ﴿قال إني عبد اللهآتاني الكتاب وجعلني نبيّاً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيّا والسلام عليّ يوم ولِدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّاً﴾، أي سلام عليّ فيالدنيا يوم ولدت ، وسلام عليّ يوم أموت أي في البرزخ ، وسلام عليّ يوم أبعث حيّاًأي يوم القيامة الكبرى.
    حياة عيسى ابن مريم سلم وسلام وبركة في الدنيا والبرزخوالقيامة الكبرى، ذلك عيسى ابن مريم وذلك الحسين بن علي عليهما السلام.
    __________________
    "السلام عليك يا وارث محمد حبيبالله".
    هو نبي الإسلام، وقد تحدّث عنه القرآن أكثر مما تحدث عن موسى وعيسىrمحمدونوح وسائر الأنبياء، ثمّ قال: ﴿تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض﴾، أي أنهم ليسواجميعاً في مرتبة واحدة، ويقول ﴿لقد فضّلنا بعض النبيّين على بعض﴾، أي أنّ لهم مراتب، وهو شافع الشفعاء، كما أنّrبحسب كتبهم وأمّتهم، وأفضلهم وسيّدهم نبيّنا محمدالتيrكتابه أفضل الكتب. وهو آية الله الكبرى والعظمى، وهوالمرآة التامّة مرآة محمدفيها أسماؤه وصفاته، ومع ذلك فهو أعلى مما نقول ونتصوّر ومما نذكر أو نقرأ أو نكتبأو نوصف.
    فقال﴿ومبشّراً برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد﴾،rبالنبيuوقد بشّر عيسىالبشارة تكون للأفضل دائماً ﴿إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون﴾ كما أنّباقية ومحفوظة برعاية الله إلى يوم القيامة.rمعجزته
    علينا أن ندرك الحقيقةلأنه وارثه، تقول الآية ﴿تراهم ينظرونuالمحمديّة حتى ندرك حقيقة الإمام الحسينإليك وهم لا يبصرون﴾. فهناك فرق كبير بين النظر "البصر"، فالناس ينظرون الى الرسولالنظر الخارجي كيف يأكل ويشرب وهم لا يرونه، وهذا شأن أعداء الإمام الحسين فيكربلاء. أمّا النظر فيكون بالعملية الفيزيولوجيّة بآلة تسمّى العين، والبصر هوالرؤية القلبية واليقينيّة، وهي أعلى مرتبة من النظر.
    وليدرك الإنسان شيئاً منعليه أن ينظر الى حقيقة الأنبياء عليهم السلام، ورد في شأن موسىrحقيقة النبي محمدفي سورة الأعراف ﴿ولمّا جاء موسى لميقاتنا﴾، وعن إبراهيم الخليل يقول ﴿إنّي ذاهبإلى ربّي سيهدين﴾ ونستنتج من هذه الآيات أنهم يذهبون باتجاه التوحيد، لكنه يقول ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصىrبشأن نبيّناالذي باركنا حوله﴾.
    موسى جاء، وإبراهيم ذهب، هذا هو السلوك مرتبة الى مرتبة،وهذا شأن السالك، لكن في المقابل وهو المجذوب الذي يجذبه الله ويأخذه، فالله هوالذي أسرى بالنبي الى حقيقته والى ذاته المقدّسة.
    موسى يطلب من ربّه ﴿ربّ اشرحلي صدري واحلل عقدة من لساني﴾، لكن بشأن الرسول يقول ﴿ألم نشرح لك صدرك﴾"دون أنيطلب، وهنا ترد الإجابة قبل المسألة، وهذا يوضح اختلاف المراتب.
    ثم قال لنا فيسورة آل عمران ﴿إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله﴾ إذا كنتم أنتم المحبّونوالله هو المحبوب إتّبعوا الرسول ليصبح الله هو المحبّ وأنتم المحبوب.
    أمّا هذهالمحبّة في كتاب الله الكريم ﴿أنّ الله يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين﴾. أي أنّالله يحبّ الإنسان المخلص التائب ويحبّ أهل الطهارة... وهذه أفعال وصفات تعني أنّإتّباع الرسول يؤدي إلى التوبة والتقوى والجهاد ...
    وللطهارة الواردة في الآيةعدة مراتب منها: طهارة النفس، وطهارة الروح، وطهارة القلب... وهذه الطهارة ليستسهلة بل هي صعبة لأنها تُعنى بالباطن، وبعد تحقّقها يستطيع الإنسان أن يدرك القرآنوالحسين والرسول ...
    إنّ الله سبحانه لم يخاطب في كتابه "يا محمد" تعظيماً له بلخاطبه بألقابه الشريفة "يا أيها الرسول، يا أيها النبي، يا أيها المدّثر، يا أيّهاالمزّمّل...".
    نبيّنا هو عبد الذات الإلهية فقط ومن هنا نفهم أن مقامه وكتابهأعلى من مقام أي نبي، لذلك نحن نقول في صلاتنا "أشهد أنّ محمداً عبده ورسوله" وإذاقرأنا "الحسين منّي وأنا من حسين" نجدهم حقيقة واحدة فحقيقة الأئمّة جميعاً هيحقيقة الرسول وبالتالي حقيقتهم جميعاً هي حقيقة واحدة، وكلّهم نور واحد "أوّلنامحمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد وكلّنا محمد".
    إن هذه الحقيقة تسمّى "بالحقيقةالمحمدية"، و"محمد" تعني "محمود" أي نحن من المحمِّديين وهم محمَّّديون، ومعنى "محمِّد" أي الذي يحمد ومحمّد الذي هو محمود، فحمدنا وشكرنا يصل إليهم، وكما أنحقيقتهم حقيقة محمدية فمقامهم مقام محمود.
    uونسنطيع أن نقول أنّ الإمام الحسينوأميرrلم يقتل في كربلاء وحده، بل من قُتل هو آدم ونوح وموسى وعيسى والنبيّ، لأنّ الإمام وارثهم جميعاً في أخلاقهم وأفعالهم، والظالمون قد قتلوا كلuالمؤمنينالشرف وكل القيم وكل الفضيلة ولكن من يدرك هذا.
    __________________
    "السلام عليك يا وارث أميرالمؤمنين وليّ الله"
    هذه العبارة هي آخر فقرة في سياق معنى الوراثة، والكلام فيصعب جداً وقد تحيّر فيه علماؤنا، ماذا يقولون عنه حتى لا يقعون فيuأمير المؤمنينأي مشكلة من الإفراط أو التفريط ويؤدون حقّه. وولاية هذا الصراط أحدّ من السيفوقبول ولايته أحرّ من النار، كما قال "لو أحبّني جبل لتهافت" أي قَلَََب، فهوبإمكانه أن يضع فيه هذه المحبة العظيمة، وهو من عجائب المخلوقات "نادِ عليّاً مظهرمجهولة، كما قال في شأنه ﴿ما لله آيةuالعجائب" هو مَظهر ومُظهِر للعجائب، وحقيقتهأكبر منّي﴾ ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق﴾.
    كانيقول له "يا علي ما عرف الله إلاّ أنا وأنت وما عرفني إلا الله وأنت وماrرسول اللهعرفك إلا الله وأنا". أي أنّ معرفته المعرفة التامّة مستحيلة بالنسبة إلينا، لكننانتوجّه إليه من خلال بعض العبارات التي وردت منه في نهج البلاغة أو في بعض النصوص.
    يقول في شأن الذات الإلهية في كتاب نهج البلاغة "لا يدركه بُعد الهمم ولا ينالهقوس الفتن". هذه العبارة تتطلّب جهداً ودرساً وبحثاً سنوات طويلة عند العلماءهنا حاسم وقاطع وبرهاني ويقيني وشهودي، "لا يدركه بُعدuالكبار حتى يفهمونها، كلامهالهمم" إذا كنتم من أهل العلوم الحصولية والبرهانيّة، "ولا يناله قوس الفتن" إذاكنتم من أهل القوس وبحر المعاني، فيستحيل أن يفهم الإنسان حضورياً وشهوديّاً حقيقةالذات الإلهية.
    في نهج البلاغة "هو مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لاuويقولبمزايلة داخل في الأشياء لا بالممازجة خارج عن الأشياء لا بالمباينة"، هذه العباراتتليق بالعبوديّة، ومن شرّاح نهج البلاغة المعتزلي السنّي يصل إلى خطبة يقول فيهاأنه إذا سجد الإنسان لهذه الخطبة فلا مشكلة في هذا السجود.
    ويقول أمير "ما شككت في الحق مذ رأيته" رأى الحق بالرؤية الباطنيّة، وحين رأى الحقuالمؤمنينلم يشك فيه، لكننا نحن نشكّ لأننا لا نطبّق عملياً ﴿ألم يعلم بأن الله يرى﴾، إذاقرأنا وصدّقنا وآمنّا بأن الله يرى ثم لا نخطىء، وأدركنا أن إبليس ليس سوى وجودمجرّد برزخيّ، لا سلطان له على المؤمنين ﴿إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾ نكون قدطبقنا الإيمان عمليا.
    موجود أيضاً لدى الإمامuواليقين الموجود لدى الإمام عليوهو لم يشك في الحق حين رآه، فقد أراد الله منه شيئا ً "أراد أن يرانيuالحسينقتيلاً ويراهنّ سبايا".
    لكنّ الإمام لا يرى إلا الحق وإرادة الله، والفيضالمنبسط الذي يفيض على الموجودات، ﴿أينما تولّوا فثمّ وجه الله﴾، والإمام يعلم أنكل شيء من حيث هو شيء هالك. وحين يتكلّم أمير المؤمنين عن الدنيا التي هي رأس كلخطيئة يقول أنها عبارة عن المناصب والشهوات والرئاسة... وهذه الأمور هي كعظام خنزيرفي يد مجذوم، وهو متيقّن من هذا الأمر لذلك فهو زاهد عنها، والمجذوم هو المصاب بمرضوارثه ووارث علمه وحكمته.uوهذا نجله الحسينuالجذام. هذا هو أمير المؤمنين
    "السلام عليك يا ابن محمدالمصطفى، السلام عليك يا ابن علي المرتضى، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء،السلام عليك يا ابن خديجة الكبرى، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوترالموتور أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكروأطعت الله ورسوله حتى أتاك اليقين فلعن الله أمّة قتلتك ولعن الله أمة ظلمتك ولعنالله أمّة سمعت بذلك فرضيت به ...".
    ،rنقول بأنّ الإمام الحسين هو إبن رسول اللهفي حين أنّ هناك من لا يعتبره بأنه ابن النبي، مستندون إلى بعض الأفكار الجاهليةمثل "بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهنّ أبناء الرجال الأغارب"، فابن ابن الإنسانإبنه ولكن إبن إبنته ليس إبنه، بل إبن أبوه وإبن أبو أبوه، وهذه من أفكار الجاهليةوبعد الإسلام كانت موجودة في زمن الحجاج لدرجة أنه إذا سُمع أحد يقول أنّ الإمامجرت مناظرات بينهuالحسين ابن رسول الله كان يسجن، حتى أنه في زمن الإمام الرضاوبين المأمون، الذي كان يسأل الإمام حول قوله بأنه إبن الرسول، وهذه المسألة أيضاًخلافية عند بعض فقهائنا من ناحية الخمس، فمن يأخذ الخمس ومن يستحقّه هل هو فقطالسيد من ناحية الأب أم أيضاً من ناحية الأم.
    أنه من ذرّيّةuفي شأن عيسىوهو لم يكن له أب إلا أن أمه كانت من أولاد إبراهيم، لكن ما يهمّنا أنّuإبراهيمهم أولاد الرسول، كما ورد في سورة آل عمران في قصة المباهلةuلدينا أدلّة أن أئمتنا﴿الحق من ربّك فلا تكن من الممترين﴾، فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك فيه من العلمفقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعللعنة الله على الكاذبين"، المسيحيّون كانوا يقولون أن عيسى هو إبن الله.
    واليهودفي ذلك الوقت كانوا يقولون أنه ليس إبن الله، بل إبن أبيه ولكنه غير شرعي أي أنهفي هذا الأمر فأتاه الوحي من الله وقال:﴿إنّ مثل عيسىrولد بالزنا، فسألوا الرسولعند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾، واليهود والنصارى كانوايؤمنون بآدم الذي ليس له أب ولا أم، فاتّفقوا على الخروج إلى المباهلة، ويتّفق جميعوهم بشهادة القرآن أبناءuالمفسّرين عليها، فخرج مع الرسول الإمامين الحسنين، وفي شأن النساء أنّهم إذا كانوا في مقابل الإبن فهم بمعنى البنت، وهيrالنبيالسيّدة فاطمة عليها السلام، وفي شأن "أنفسنا وأنفسكم" لم يحضر الرسول معه سوى .uالإمام علي
    uهؤلاء هم الخمسة الأطهار أهل الكساء، وعندما رأوا الإمام عليمع الرسول خافوا وقالوا هم على حق لن نبتهل،uوالإمامين الحسنينuوالسيّدة فاطمةوما نريد الوصول إليه هو التصريح الواضح في آية المباهلة أن الحسنين هم أولاد . هذا أولاً.rالرسول
    أمّا ثانياً: نحن ركّزنا في أول الزيارة على وراثة الإمامالمعنويّة من الأنبياء عليهم السلام ومن الرسول، وهنا نريد ان نركّز أيضاً علىوراثته في طينته وفي خلقته، أي أنّه مرتبط نسباً وحسباً بسلسلة الأنبياء والأولياء،وحين نقول في الزيارة "أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة"،أي نسلاً قبل نسل وكنت نوراً وهذا النور ما إن ينتقل من صلب الى رحم حتى ولدت.
    ما هي الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة؟
    هي ما نعبّر عنه في قولنا "ياابن محمد المصطفى، يا ابن علي المرتضى، يا ابن فاطمة الزهراء، يا ابن خديجة الكبرى" لأن النبي من أولاد إبراهيم.uحتى نصل إلى إبراهيم
    "
    لم تنجّسك الجاهليّةبأنجاسها" أي أن آباء وأمهات الإمام لم يكونا مشركين لأنّ الشرك نجاسةباطنيّة.
    "
    ولم تلبسك من مدلهمّات ثيابها"، ومعنى "مدلهمّات" مظلمات، أي أنه لميأت من أنسال أصحابها سيّئي الخلق وأهل الظلم والبغي، بل كانوا مطهَّرين. يقولإبن يعقوب ﴿واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشركuيوسفبالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون﴾ ومرادهأنّه لديه علم تأويل الرؤيا لأنه من نسل طاهر، آباؤه إسماعيل وإسحاق ويعقوب، ولميكن لهم أن يشركوا بالله من شيء وهذا فضل من الله عليهم، مما يدلّ على أنّ الأجدادلهم تأثير معنوي وروحي في أولادهم.
    __________________
    في هذه الزيارة نسلّم علىالإمام ونخاطبه بأنه وارث الأنبياء فنبدأ بآدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى . فبدأنا بذكرهم وفق تاريخهم، فآدم أقدمهم وأميرuثم أمير المؤمنينrثمّ نبيّنا محمدآخرهم تاريخيّا.ًuالمؤمنين
    كما نسلّم على الإمام ونذكره بأنه هو إبن نبيّناوابن أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء ثمّ ابن خديجة الكبرى، وذكرهم عليهم السلامليس من حيث التاريخ لا بل من حيث الأفضليّة، والأهمية والشرف، والولاية موجودة فيهمجميعاً. ونحن هنا نركّز على نسب الإمام لا حسبه، من جدّه ومن أبوه ومن جدّته عليهاالسلام، من هنا ندرك أنه إنسان تام، ومرتبته عالية جداً، والذين قتلوه قتلوا سلسلةالأنبياء وكل الشرف والقيم الإلهية والتوحيديّة.
    وما زلنا نسلّم على الإمامونقول "السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور"، من بين الأئمة عليهمالسلام أبا عبد الله وأبوه أمير المؤمنين هما ثار الله، والثار بمعنى طالب الدم،فإذا قتل الإنسان مظلوماً، على وليّه أن يأخذ بثأره فتقول الآية ﴿من قُتِل مظلوماًفقد جعلنا لوليّه سلطانا﴾.
    ويأخذuمن يمكنه أن ينتقم من أعداء الإمام الحسينبثأره؟
    الله فقط بإمكانه أن ينتقم من أعدائه، وحين نقول "يا ثار الله وابنثاره" أيّ أنّ الله وليّ دمك فقط، ودار الدنيا محدودة وفانية ودار الآخرة خالدة حيثينال المصيب أجره وثوابه، والظالم جزاؤه، ونحن نخاطب الإمام الحجّة(عج) في الزياراتعلى أنه هو الذي ينتقم من أعدائه بالمقدار الميسّر في الدنيا، وتقول الرواية "، وفي دعاء الندبة نقول "أين الطالب بدمu"القائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسينالمقتول بكربلاء"، وفي زيارة عاشوراء نطلب "أن يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور"،بالمقدار الذي يمكن في الدنيا للإنسان أن ينتقم من أعداء الإمام.
    "
    الوتر" بمعنىالفرد، و"الموتور" هو تأكيداً للوتر، أي جعلوه فرداً وحيداً، من هنا ندخل إلى ساحةالولاية ونقول بعد التسمية والسلام "أشهد أنّك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرتبالمعروف ونهيت عن المنكر"، أشهد أي وصلت إلى مرتبة الشهود، وهذه المرتبة أعلى منمرتبة العلم والعلم أعلى من مرتبة القول، وإنّما تدل هذه العبارات إلى أنّ كربلاءالحسين قائمة على أربعة أعمدة:
    أوّلها، إقامة الصلاة.
    وثانيها: إيتاءالزكاة.
    والثالثة: الأمر بالمعروف.
    والرابعة: النهي عن المنكر.
    وهذهالأعمدة الأربعة هي جلّ أهداف الإمام في خروجه لكربلاء، أي أني في هذه الزيارة أناأشهد شهوداً تاماً أنك قمت من أجل هذه المسائل.
    هل الإمام كان يعلم بالغيب وأنهسوف يستشهد أم لا؟
    قد ألّف السيد الطباطبائي رسالة علميّة في علم الإمام بالغيبكان فعلاً عالم بالغيب.uوأثبت أنه
    نحو كربلاء، هلuلماذا تحرّك الإمام الحسينمن أجل الشهادة؟ أم من أجل الوصول إلى الحكم؟
    قدّم الشهيد مطهّري عدّة محاضرات،ترجمت باللغة العربية تحت عنوان "الملحمة الحسينيّة"، قال فيها أن هدف الإمام الأمربالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال في وصيته "إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولامفسداً ولا ظالماً إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهىعن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي".
    ويقول الإمام الخميني أنّ الإمام الحسين قامبتكليفه، وقد كان لديه هدف ورسالة في خروجه.
    والإمام يريد منّا أن نكون؛ أهلالصلاة، وأن نقيمها بمعناها العالي والمهم فالصلاة ارتباط بالله، وعلينا أن نرتبطبالله جسداً وروحاً وعقلاً.
    وإيتاء الزكاة هو ارتباط الإنسان بالمجتمع، معالمساكين والمحتاجين.
    والأمر بالمعروف لا بمعنى الدعوة بالمعروف، لأنّ دعوةالناس الى المعروف غير أمر الناس بالمعروف، وقد تكون دعوة الناس إلى المعروف عنطريق تأليف كتاب يعلّم الناس فيه المعروف، أو أن يلقي محاضرة... لكن الأمر بالمعروفهو من باب التصرّف في المجتمع، عليك بالإرادة والتصميم والعزم والتصرّف في نفوسأنه أصل الرسالة المحمّدية، وكانuالناس وعقولهم. والمعروف في زمن الإمام الحسينحينئذٍ مخدوشاً لذلك خرج الإمام إلى كربلاء.
    "
    وأطعت الله ورسوله حتى أتاكاليقين" اليقين هنا بمعنى الموت، وقد يدل على الإعتقاد الجازم في مسألة معيّنة.
    "أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة، والأرحام المطهّرة، لم تنجّسك الجاهليّة بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمّات ثيابها، وأشهد أنك من دعائم الدين، وأركان المؤمنين، وأشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم متّبع ونصرتي لكم معدّة صلوات الله تعالى عليكم وعلى أرواحكم وعلى أجسادكم وعلى شاهدكم وعلى غائبكم وعلى ظاهركم وعلى باطنكم".
    هذه جملة من أوصاف ونحن نقرّ ونعترف بها، حتى أننا نقتبس ولو بالمقدار القليل من خلال
    uالإمام الحسين هذه الصفات أيضاً.
    الزائر حين يزور يأخذ من المَزور شيئاً، والحقيقة الإنسانية حقيقة لطيفة تتأثر بأي شيء، وحين نزور أئمّتنا عليهم السلام فكأننا نزور كل القيم الإنسانية وكل الخير وكل المناقب والشرف، وقد قال العرفاء أنّ الأنبياء والأولياء هم مرآة، والله سبحانه من وراء المرآة هو صاحب النطق وصاحب الكلام لكننا يستحيل أن نرى الله ونسمع صوته، نحن حين ننظر إلى المرآة نجد صورة تشبهنا ووراءها الله تعالى، فهو الذي يتكلّم، ونحن نريد أن نرتبط بأهل البيت عليهم السلام ثمّ نتكلّم بكلماتهم ونتّصف بصفاتهم ونتخلّق بأخلاقهم، السنخيّة بيننا وبينهم موجودة، فهم بشر ونحن بشر من حيث البشريّة، والإنسان بشر من حيث جسده، نحن ننظر إلى أسمائهم وإلى أنفسهم وننظر إليهم بالسنخيّة التي تفيد معنى علّة الإنضمام.
    إن أهل البيت عين الطهارة والتقوى، وعين العلم والزهد وعين الشجاعة، ولولاهم لما فهمنا معنى الشجاعة والعدالة، هم بيّنوا وفسّروا هذه الحقائق.
    كيف نرتبط بأهل البيت عليهم السلام؟
    نرتبط بهم عن طريق السنخيّة، يجب أن أزكّي نفسي ولساني وقلبي وروحي حتى يجذبوني إليهم، عندما نقول "أشهد أنك من دعائم الدين" أي أنّهم من دعائم الدين وأساسه الذي هو حبّهم ومعرفتهم وولايتهم.


    ما هو الدين؟
    الدين هو الحب لهذه الصفات والقيم الإلهية، وحب العدالة والجود والكرم، وحين أحبّ الإمام الحسين فأنا أحبّ هذه الصفات، وهذه الكمالات.
    ما معنى هذا الحبّ؟
    نحبّ هذه الصفات ونسعى لأن نتحلّى بها، يجب أن يكون باطننا تماماً كظاهرنا، وأن نطهّر أنفسنا من كل الرذائل والخبائث.
    وإذا قلنا أنهم دعائم الدين؛ أي أصل الدين ولايتهم وحقيقتهم وصفاتهم وعقيدتهم وخلقهم، ويجب على الإنسان أن يتخلّق ويتّصف بهذه الصفات.
    "وأركان المؤمنين" المؤمن بحاجة إلى ركن يستند إليه، ويزوره فالإمام كالكعبة لا تٌقطع فلا نتفرّق، والأئمة هم أركان المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة، وإلى جهاده وبذله للغالي
    uوإذا تزلزلنا يجب أن نلتجىء إلى كربلاء الإمام الحسين والنفيس.

    يتبع

  5. #5
    صديق نشيط
    6
    وأشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني بكم مؤمن" الإيمان هوالتصديق، أي أنّي آمنت بهم وبما آمنوا به.
    "
    وبإيابكم موقن" أي أني أؤمن بأنكمسوف ترجعون إلى الدنيا، والرجعة لها حديث طويل ليس محلّ حديثنا.
    "
    وبشرايع دينيوخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم متّبع صلوات الله عليكم " أئمة أهلالبيت كانوا وما زالوا وسيبقون إلى أبد الآباد، وأصل وجودهم نور، وهذه العباراتموجودة في الكثير من الزيارات "خلقكم الله نوراً" كما ورد في الزيارة الجامعة.
    يقول تعالى في سورة الحديد ﴿يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بينأيديهم﴾. الإنسان يمشي يوم القيامة ونوره أمامه، إذ أن صلاته وصومه وزهده كله نوريمشي أمام الإنسان، وهو يسعى وراءه ﴿بشراكم اليوم جنّات تجري من تحتها النهارخالدين فيها ذلك الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أنظرونانقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا﴾ يوم الآخرة يوم الحساب والدنيا هيأيام العمل، ﴿فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه رحمة وظاهره من قبله العذاب﴾المؤمنون والمؤمنات في باطن هذا السور، ولا يوجد بٌعد بين الإيمان والكفر، ويمكنناأن نصبح من أهل النار أو من أهل النور بكلمة واحدة أو فكر واحد.
    وفي سورة النور﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح والمصباح في زجاجة والزجاجةكأنها كوكب درّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة﴾ على الإنسان أنيكون شجرة في وسط البستان حتى يثمر بالثمار الجيدة، ومراد العبارة ﴿لا شرقيّة ولاغربيّة﴾ أي في وسط البستان، لأن الشجرة الشرقية محرومة من الشمس في فترة ما بعدالظهر، والشجرة الغربية، فتستفيد من الشمس من الظهر الى المغرب لكنها لا تستفيدمنها في فترة ما قبل الظهر لكن الشجرة التي في وسط البستان تستفيد من الشمس منشروقها الى غروبها، وهذه الشجرة غنيّة بالزيتون وتعطي الزيت والزيت يعطي النور.
    __________________
    "صلوات الله عليكم وعلىأرواحكم وعلى أجسادكم وعلى أجسامكم وعلى شاهدكم وعلى غائبكم وعلى ظاهركم وعلىباطنكم بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله بأبي أنت وأمي يا أبا عبدالله لقد عظمتالمصيبة وجلّت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل السماوات والأرض فلعن الله أمةأسرجت وألجمت وتهيّأت وتنقّبت لقتالك يا مولاي يا أبا عبدالله قصدت حرمك وأتيت الىمشهدك أسأل الله بالشأن الذي لك عنده وبالمحل الذي لك لديه أن يصلي على محمد وآلمحمد وأن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة".
    هناك بعض العبارات محذوفة من بعضالنسخ لهذه الزيارة الشريفة، لكن النص الذي قرأناه مُعتَمَد عليه في جميع الكتب،حينما نقول "صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم" نشير بِ (عليكم) الى حقيقتهم، أصلالروح أو أصل النور باطن الباطن، نخاطبهم جميعاً بأصل ذواتهم المقدّسة.
    نحننعلم أنّ لأئمتنا عليهم السلام مراتب لا تعد ولا تحصى، لهم وجود عنصري وماديوجسماني، ولدوا واستشهدوا، ولهم وجود أعلى من هذا في عالم الأشباح، وفي عالمالأجساد لهم جسم ولهم جسد، ولهم نفس ووجود في عالم النفس، ولهم روح ووجود في عالمالروح، وحقيقتهم وذاتهم المقدّسة هي أعلى من ذلك كله. وللإنسان أن يطلب المقامات،كأن يكون معهم كما يطلب في آخر الزيارة، يجب أن يصل الى مرتبة المعيّة أي معهم فيالدنيا والمقامات الدنيوية ومعهم في الآخرة والمقامات الأخروية.
    والإنسانبإمكانه أن يلاقي ربه ﴿يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربّك كدحاً فملاقيه﴾ والمقصدالأساسي هو لقاء الله ﴿ يا أيتها النفس المطمئنّة إرجعي إلى ربّك راضية مرضيّةفادخلي في عبادي وادخلي جنّتي﴾ والمراد ب"جنّتي" الجنة التي ليس فيها أكل وشربواللذات الحسّيّة واللمسيّة.
    وجود أئمّتنا عليهم السلام جامع لجميع مراتبالكمال، وليس لديهم أي ضعف أو عيب، وهم مطهّرون من أي نقص يتصوّره الإنسان أو يخطرفي باله، ولهم كمالات في قوس الصعود وهم عين الكمال.
    وفي الآخرة الجسد الأخرويطاهر، لا يحتاج إلى غسل، وأئمّتنا عليهم السلام كما هم في عالم الأرواح هم أيضاً فيعالم الأجساد، وفي القيامة هم موجودون ولهم جسد دهري، وأدنى مرتبة مرتبة الجسمالمادّي، الذي يولد ويمرض ويموت، وُلِدنا في هذه النشأة وفي هذا الجسم المادي ونموتفي هذه النشأة، ويدفن جسمنا في التراب كما كان من التراب، ويتبدّل إلى التراب ولكنيبقى الجسد موجود، والروح في ذاك الجسد تحشر في البرزخ، ونحن حينما نسلم؛ نسلّم علىالإمام في جميع هذه المراتب، وهم مطهّر فيها جميعاً.
    نحن لا نزورهم في قبورهمالشريفة وحسب، بل في عالم المعنى "وعلى ظاهركم وعلى باطنكم" نحن لم ندرك حقيقةباطنهم، إلا أننا أدركنا شيئاً من مقاماتهم الظاهرية، ونحن لاننكر أن لهم مقامات لمتكتب في الكتب ولم تذكر، ونحن نسلّم على تلك المقامات جميعها.
    نستطيع أن نفسّرعبارة "على شاهدكم" أنّ الإمام الحجّة هو الشاهد في زماننا الحالي، وهو المتصرّف فيالكون اليوم، هو إمام شاهد علينا ونحن مشهود بالنسبة إليه، "السلام على شاهدكم" أيعلى الإمام الحجّة(عج)..
    "
    وعلى غائبكم" أي الأئمة الذين سبقوا الإمام الحجّة،كما أننا نستطيع أن نفسّر هذه العبارة بطريقة أخرى أنّ الشاهد هم الأئمّة عليهمالسلام والغائب هو الإمام الحجة(عج).
    "
    لقد عظمت الرزيّة وجلّت المصيبة بك عليناوعلى جميع أهل السماوات والأرض" هذه المصيبة علينا وعلى جميع أهل السماوات والأرض،أي أن كل الموجودات عندهم شعور وإحساس وإدراك بهذه المصيبة.
    __________________

  6. #6
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: البصرة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 27,178 المواضيع: 3,882
    صوتيات: 103 سوالف عراقية: 65
    التقييم: 5826
    مزاجي: هادئة
    أكلتي المفضلة: مسوية رجيم
    موبايلي: Iphon 6 plus
    آخر نشاط: 5/August/2024
    مقالات المدونة: 77
    الموضوع طويل جداااا
    قرأت بعضة .... ولي عودة لاتمام
    الموضوع رغم اني مطلعة على هذا الشرح من قبل
    شكراا لك وبارك الله بيك

  7. #7
    من المشرفين القدامى
    ابو مـــريم
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: واسط
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,430 المواضيع: 220
    التقييم: 329
    مزاجي: متفائل
    المهنة: موظف
    موبايلي: nokia n 8
    آخر نشاط: 8/November/2023
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى الصديق إرسال رسالة عبر MSN إلى الصديق إرسال رسالة عبر Yahoo إلى الصديق
    مقالات المدونة: 1
    شكرا لك اخي العزيز على الطرح الرائع
    وانا ايضا لي عودة لأكمال القراءة
    تحياتي لك

  8. #8
    صديق نشيط
    شكرا دالين والصديق للمرور الطيب

  9. #9
    من المشرفين القدامى
    الوردة البيضاء
    تاريخ التسجيل: February-2010
    الدولة: iRaQ
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 1,947 المواضيع: 86
    التقييم: 116
    آخر نشاط: 15/May/2014
    بارك الله فيك

  10. #10
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: July-2010
    الدولة: العراق بلد الانبياء
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,846 المواضيع: 443
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 4
    التقييم: 883
    مزاجي: متفائل
    المهنة: معلم جامعي
    أكلتي المفضلة: الحلويات
    موبايلي: صيني
    آخر نشاط: 31/August/2022
    الاتصال:
    مشكور اخونة الزير الموضوع جميل تحياتي


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال