هي عقيلة آل ابي طالب وسيدة النساء بعد امها فاطمة ووصية اخيها الحسين - عليه السلام - وكافلة الامام زين العابدين - عليه السلام - وعلى العموم هي شريكة الحسين - عليه السلام - في حركته المباركه وثورته المقدسه وشقيقة الحسن والحسين في اشرف نسب ورضاع ونشأة . انتقلت من اصلاب طاهره الى ارحام مطهره رضعت من ثدي الايمان والعصمه . نشأت في حجر النبوه والامامه درجت في بيت الوحي والرساله . فكانت عليها السلام نموذجآ صالحآ ومثالآ صادقآ لاهل ذلك البيت الذين اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرآ .
وان شئت هلم معي لنستعرض آيات باهرات عن بطولة العقيله زينب - عليها السلام - وشجاعتها .
لما صرع الحسين - عليه السلام - خرجت السيد زينب متوجهه اليه تشق طريقها بين الجماهير وتتخطى القتلى حتى وصلت الى مصرع اخيها الحسين - عليه السلام - فوجدته بحاله تفتت القلوب وتقطع الاكباد وتجري الدموع دمآ . فكان المتوقع منها طبعآ وهي اخته الثكلى وشقيقته المفجوعه به . اقول كان المتوقع منها ان تفقد كل تماسك وتوازن وتشق جيبها وتنشغل بالصراخ والعويل واللطم والبكاء وما شاكل ذلك .
لكنها لم تفعل شيئآ من هذا القبيل ابدآ بل جلس عند راس الحسين - عليه السلام - بهدوء ووقار ومدت يديها تحت ظهر الحسين ورفعت راسه عن الارض واسندته الى صدرها ورفعت طرفها نحو السماء وقالت وهي خاشعه خاضعه بين يدي الله تعالى : (( اللهم تقبل منا هذا القربان . اللهم تقبل منا هذا الفداء )) .
يوم الحادي عشر : الاسير يظهر عليه آثار الذل والاستكانه امام آسره . وخاصه المرأه مهما كانت عظيمه وقويه ولكنها اذا وقعت في اسر العدو تلين الكلام معه وتتطلب عطفه وشفقته .
اما عقيلة آل ابي طالب وبنت امير المؤمنين علي - عليه السلام - فانها ما ذلت ولا خضعت بالقول لاي من اولئك الطغات الغالبين . تخاطب قائدهم عمر بن سعد يوم الحادي عشر عندما قدم النياق الى النساء للركوب . قالت ( ويلك يا ابن سعد سود الله وجهك اتامر الاجانب ان يركبونا ونحن بنات رسول الله - صل الله عليه واله - قل لهم فليتباعدوا حتى يركب بعضآ بعضآ ) .
وقالت لعبيد الله بن زياد ذلك الطاغي المتجبر لما سألها قائلآ : كيف رايت صنع الله باخيك واهلك . فاجابته قائله : ( ما رايت الا جميلآ اولئك قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانه ) .
وقالت ليزيد بن معاويه وهي اسيره بين يديه وفي المجلس العام : ( ام العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك واماتك وسوقك بنات رسول الله - صل الله عليه واله - سبايا . ولئن جرت على الدواهي مخاطبتك اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكبر توبيخك لكن العيون العبري والصدور حرا فاسع سعيك وكد كيدك وناصب جهدك فوالله لا تمحوا ذكرنا . والله يا يزيد ما فريت الا جلدك ولا حززت الا لحمك وهل رايك الا فند وجمعك الا بدد وايامك الا عدد وسيعلم من سوى لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلآ . الا فالعجب كل العجب من قتل حزب الله النجباء بايدي حزب الشيطان الطلقاء . وهذه الايادي تنطف من دمائنا والافواه تتحلب من لحومنا ولك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها امهات الفراعل . اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا واحلل غضبك على من سفك دمائنا وقتل حماتنا )
انها سلام الله عليها ما ظهر عليها ذل الاسر وضعف السبي ابدآ . لقد قابلت الحوادث الجسام والمصائب العظام بشجاعه فائقه ورباطة جأش .
وهكذا وبمثل هذه المواقف الرائعه اعطت السيده زينب - سلام الله عليها - المثل الاعلى للمرأه المسلمه المثاليه كيف تتغلب على عواطفها في اللحظات الحرجه وكيف تسيطر على غرائزها بقوة العقل والتفكير الواعي فتساهم بذلك في خدمة الدين والعدل والمصلحه العامه مع الحفاظ على عزتها وكرامتها .
واخيرآ عادت السيده زينب من الاسر الى مدينة جدها الرسول - صل الله عليه واله - وبدأت فيها حربها الدعائيه ونضالها الاعلامي ضد الامويين . وذلك بعقد المجالس والاجتماعات النسائيه العامه وسرد المصائب والمحن التي لاقاها اهل البيت - عليهم السلام - من الامويين واعوانهم حتى تركت الراي العام في المدينه المنوره كبركان يقذف اللعنات على يزيد واتباعه واستشعر حكام المدينه بالخطر فارسلوا الرسل والرسائل الى يزيد ينذرونه بخطر الثوره في المدينه ان بقيت السيده زينب فيها مستمره على عملها هذا . فلما وقف يزيد على حقائق الامور الجاريه هناك بعث الى حاكم المدينه يأمره بابعاد زينب - عليها السلام - منها الى مصر او الى اي بلد اخر غير المدينه .
والحمد لله رب العالمين