بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



قد يخبر رجل صديقه بأن ثالثاً قد تناوله وتحدث عنه بما لا يرضيه فيبادر إلى اتخاذ قرار بإيذائه دون تثبت أو تبيّن أو مكاشفة ويُحاول إزعاجه والتضييق عليه في عمله وربما إطلاق الشتائم والكلمات المعرّضة به ظناً منه أنه بذلك يسعى إلى إعزاز نفسه وإذلال الآخر وإهانته مع أنه لم يعلم شي‏ء عن حاله أنه تعرض له بالسوء أولا وعلى أسوء التقادير لو كان ذلك فإن خلق المؤمن يدعوه إلى العفو والصفح الجميل أو تكذيب الواشي الذي يبغي الفتنة والوقيعة بين الطرفين وعدم إعارة إذن له لا أن تأخذ منه حمية العصبية مأخذها ويطلق العنان للنفس في جموحها وطغيانها لتستبيح من كرامة الآخرين ما تستبيحه ويكون الإيذاء وسيلة إلى إعادة الاعتبار لأن كل ذلك هراء حيث لا يمكن أن يكون المؤذي عزيزاً والمهين كريماً بل هو على الدوام ذليل ووضيع كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عنه: "أذل الناس من أهان الناس"، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يحل لمسلم أن يروّع مسلماً"1.
فالواجب على الإنسان إذا واجه مشكلة من هذا القبيل أن يعالجها بالشكل الايجابي كما علمنا أئمتنا عليهم السلام: "ضع أمر أخيك على أحسنه.. إن المؤمن لا يتهم أخاه المؤمن.. كذّب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة، أنه قال وقال: لم أقله فصدقه وكذبهم"2.
ولا يسوغ لمجرد السماع أن يبادر المؤمن إلى الاهانة اللسانية أو الإيذاء بأي نحو كان لأنه ليس ثمة كرامة أو مكانة انتهكت وإنما يكون ذلك باعتماد هذا الأسلوب المذموم.

- الصبر على الأذى فوز وكرامة:
ربما يتأذى أحدنا من غيره حين يعمد إلى الاعتداء عليه من خلال غصبه بعض حقوقه أو وصفه بما لا يليق به وهنا مشكلة ثانية غير الأولى فما السبيل الذي ينبغي إتباعه؟


والجواب هو التحمل والصبر على الأذى الذي هو سبيل الصالحين وخُلُق الأنبياء والصديقين قال تعالى:
﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لاَكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم﴾3 وهنا لا بد أن يكون الصبر لوجه اللَّه تعالى ورجاء نيل رضاه والقرب منه.
ولنا بذلك اسوة برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم الذي تحمل ما تحمل من ألوان العذاب والإيذاء فصبر وشكر ولم يأل جهداً عن متابعة مهمته الإلهية في نشر رسالة الإسلام حتى قال‏صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أوذي أحد مثل ما أوذيت في اللَّه"4.

- كفّ الأذى من كمال العقل:
إذا أردنا أن نقرأ شخصية ما من جانب الاتّزان والعقلانية يمكننا ذلك من خلال الاطلاع على سيرتها في العلاقة مع الآخرين فإن كانت تبادر إلى إيذائهم فهي ناقصة وإن كان الآخرون آمنين من آذاها، راضين عن العلاقة معها لأنها لا تعتدي فهي كاملة وناجحة ولها عقل راجح ومن الصحيح تقويمها على ضوء ذلك إضافة إلى ثوابت الشخصية المؤمنة.
يقول مولانا زين العابدين عليه السلام:
"كفّ الأذى من كمال العقل وفيه راحة للبدن عاجلاً وآجلاً"5.
- جزاء ايذاء المؤمن:
1- محاربة اللَّه له:
عن الصادق عليه السلام: "قال اللَّه عزّ وجلّ: ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن"6.
2- إخافته يوم القيامة:
يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "من نظر إلى مؤمن نظرة يخيفه بها أخافه اللَّه تعالى يوم لا ظل إلا ظله"7.
3- لا كفارة له:
في الحديث: "من أحزن مؤمناً ثم أعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته ولم يؤجر عليه"8.
----------------------------------


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 71 2.
2- المصباح، ج‏2.
3- آل عمران: 195.
4- ميزان الحكمة، حديث: 464.
5- تحف العقول: 283.
6- الكافي، ج‏2، ص‏350.
7- البحار، ج‏75، ص‏150.
8- م.ن.