كشاب مراهق كنت مهتماً بمتابعة آخر اعمال الناس سواء اكانت الثقافية ام غيرها، وكذلك كنت مغرم بمتابعة سير العلماء والرجال من شتى الفرق والمذاهب والمشراب، وكان أكثر شيء يصدمني هو اختلاف الناس بما فيهم الشخصيات الكبيرة والمشهورة في كلاماتهم وتصريحاتهم ونظرياتهم ومجمل ما يطرحونه حتى انك تجد تعابيرهم تتبدل وكنت تارة احملها خيراُ وتارة اقول انها طبيعة البشر، واستمر الحال هكذا ثم بدأ يتطور الى ان طفح الكيل فلم اتمكن من مواصلة حسن الظن والدفاع بما هو ميسور، وجدت رجال تتقلب امزجتهم وتتخلل ابتساماتهم عناوين غريبة، يوم هنا ويوم هناك ليس لهم مستقر، يمدحون من كانوا يذمونه ويذمون ما مدحوه بالامس، وقد لا تملك دليلاُ بالاتهام لكن اصابع الجرم تلوح للناظر المتأمل، فسرقت هذه الاشكاليات والصور النوم من عيني وصرت ابحث عن مفسر لاحلام اليقظة، وسرح البال اشواطاً طويلة يبحث عن تفسير مقنع، اتعبت نفسي في التحليل والاستنتاج والاستقراء، لم اتوصل الى شيء مقنع في تفسير تقلب الرجال، ومما زاد المي وجدت مما هو غير متوقع ابداً، توسلت كثيراً بان اجد الصواب......
اهتديت الى جواب قد لا اجد له مثيلاً بعد الان، فنور العترة اضاء لي طريق ملبد بالغيوم الشيطانية والاهواء النفسية، رواية حلت جميع خواطري وانهت كل كوابيس اليقظة، هذه الرواية توضح بشكل دقيق اختلاف الناس، وانك لا تعجب ان وجدت اليوم فلاناً بخير في دينه او وجده بشر، التمحيص والاختبار في فترة الغيبة من اشد المنازل التي يمر بها الانسان.
اورد الشيخ الطوسي هذه الرواية في غيبته:
(عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : [ والله ] لتمحصن يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كمخيض الكحل في العين ، لان صاحب الكحل يعلم متى يقع في العين ولا يعلم متى يذهب ، فيصبح أحدكم وهو يرى أنه على شريعة من أمرنا فيمسي وقد خرج منها ، ويمسي وهو على شريعة من أمرنا فيصبح وقد خرج منها).
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ