مساؤكم مبارك ... اليوم نحن على موعد مع درس ( الشخصيات ) هذا المفهوم هو الركن الرابع في عناصر البناء السردي .. و به نتم تلك العناصر .. لنكون بعدها مع مفهوم سردي آخر له أهمية قصوووى .. هو مفهوم ( الراوي ) ... سأكتب درس الشخصيات فور فراغي من بعض المهام في العمل ... حتى ذلك الوقت : أتمنى لكم وقتاً ممتعاً
الشخصيات
ينفتح مفهوم الشخصيات في السرد على مستويات عدة ، الكثير من البحوث و الدراسات السردية تسمي هذا المفهوم بــ ( الشخصية ) لكنني و لأسباب منهجية أدعوه ـ كبعض النقاد ـ الشخصيات ، الشخصية في السرد تعني ببساطة : كائن من ورق ، أي أنها ليست شخصية واقعية بأي حال من الأحوال ، لكن ماذا لو كتبنا رواية عن شخصية واقعية مثلاً ؟ ماذا لو كتبنا رواية عن هتلر على سبيل المثال ؟ ستكون شخصية هتلر في الرواية كائن من ورقٍ أيضاً .. لماذا ؟ لأنها ليست شخصية هتلر الواقعية بل شخصية في رواية .. أليس في كلامي هذا شيء من غرابة أو جنوح لضرب من ضروب الجنون ؟ لا .. سأبسط الأمر في : لو كتبت أنا و أنتم .. كل واحد منا رواية عن شخصية تاريخية واحدة .. هل ستكون تلك الشخصية نفسها في كل رواية من رواياتنا ؟ قطعاً لا .. لأسباب كثيرة منها أن كل واحد منا سيكتب ما عرفه عن تلك الشخصية و سيكتب من زاوية مختلفة أيضاً .. ربما يركز بعضنا على حياته الخاصة و علاقته بالمرأة .. ربما يركز الآخرون على طبيعته العدوانية .... الخ .. سنختلف بلا شك .. سنختلف لأننا نحمل آراء مختلفة عن تلك الشخصية أيضاً ... إذن مع كون الشخصية واقعية و لدينا معلومات عنها لكننا سنختلف و لهذا الشخصية كائن من ورق .... كما أن رولان بارت يقول في تعريفه لمفهوم الشخصية ( الشخصية نتاج عمل تأليفي ) بمعنى أنها كائنة بين فعل الكتابة و فعل القراءة ، فكل قارئ يفهم و يتعاطف مع الشخصية في الرواية بشكل مختلف ، لا أقل من تأثير ثقافة القارئ على ذلك .. فمستوى الثقافة يؤثر على فهمنا واستيعابنا للشخصية الروائية و بالتالي في تصورنا لها .
الشخصية في مبحث السرد تتداخل بشكل قوي مع مفهوم ( الراوي ) هذا ما يمكن أن يُفهم من تقسيم ( فيليب هامون ) لأنواع الشخصية في النص السردي ، لذلك ارتأيت أن أشير إلى هذا المفهوم بــ ( الشخصيات ) لأعني به الشخصيات التي نجدها في قراءتنا للرواية ، بشكل أدق الشخصيات التي تساهم في أحداث الرواية و تتواجد في أماكنها و أزمنتها ، على أننا سنتناول في درسنا اللاحق مفهوم الراوي و نبين مكانه ( كشخصية ) في السرد و النص السردي .
كلنا يقرأ النصوص السردية ـ و منها الرواية على سبيل مثال أكثر وضوحاً ـ و يجد فيها الشخصيات ، لكننا ربما لم نتساءل يوماً : كيف قُدمت الشخصية في النص ؟ كيف قدمها الراوي أو المؤلف ؟ هناك أساليب عديدة لتقديم الشخصيات في الرواية أو النص السردي بشكل عام ، هذه الأساليب هي :
أساليب تقديم الشخصية في النص السردي
- الأسلوب المباشر : و يتم ذلك من خلال الراوي ، إذ يباشر تعريف القارئ على الشخصية من خلال وصفها ، الوصف الجسدي و النفسي ، كأن يقول الراوي مثلاً ( رجل أربعيني ، تميل بشرته للسمرة ، بنيته الجسدية رائعة .. يبدو ذلك من ساعده البارز مسافة طيتي قميصه ، مزاجه معتدل يشي بذلك وجهه المحايد الذي لا يبدو عابساً و لا مانحاً لبهجة ، أنيقاً في جلسته و مؤثراً في حضوره ...... ) هنا الراوي هو من تكفل بتقديم الشخصية بشكل مباشر من خلال وصفه .
- الأسلوب غير المباشر : و يتم تقديم الشخصية في هذا الأسلوب من خلال الشخصيات الأخرى و علاقتها بالشخصية التي يعتمد السرد فيها تقديمها بهذا الأسلوب غير المباشر ، بمعنى أن الراوي لن يتدخل و يصف هذه الشخصية كما حدث في الأسلوب ( 1 ) بل يجعل الشخصيات الأخرى في السرد تتولى مهمة تقديم هذه الشخصية و تعريف القارئ بها ، و يمكننا ضرب مثال على ذلك بــ افتراض أن شخصية البطل تصف شخصية البطلة بــ ( كنتُ أراها مضطربة المزاج ، تحمل داخلها الشيء و ضده ، لا تؤمن إلا بما تراه أمامها ، الغيب لا مكان له في اعتقادها ) .. و لعلكم تتساءلون : مالفرق بين الأسلوبين دلالياً ؟ أن يصف الراوي أو شخصية داخل الرواية شخصية ما فما هو الفرق ؟ الفرق يمكن الإطناب فيه و لكننا نختصره بأن ما يقوله ( الراوي العليم ) شيء و ما تقوله شخصية من شخصيات الرواية شيء آخر .. لأن الراوي العليم يتموضع في السرد بمستوى و زاوية أكثر علماً بالأحداث و الشخصيات من شخصية هي واحدة من شخصيات الرواية ... عموماً لن يبرز الفرق واضحاً إلا بعد أن نتناول مفهوم الرواي في السرد و هو ما سيتم في درسنا القادم إن شاء الله .
- الأسلوب المستبطن : هنا لا نلاحظ نشاط الراوي أو تدخله في تصوير أو وصف الشخصية ، إذ يبقى الراوي بعيداً عن هذه المهمة ، كذلك لا تقدم الشخصيات الأخرى في النص السردي الشخصية هذه ، بل الأمر يتم من خلال آليات سردية منها : الحوار الداخلي للشخصية التي تقدم و تعرض على القارئ من خلال هذا الحوار ، المناجاة ، المونولوج الداخلي ... مثل هذه الآليات هي الكفيلة بتقديم الشخصية .. مثاله أن تحاور الشخصية نفسها حواراً داخلياً ( هل بقي لي بعد هذا العمر ما أخشاه ؟!! هل يمكن أن تعود الأيام حتى يكون لدي ما أخسره ؟! فبعد رحيلها لم أعد أجد للحياة مذاقاً ، كثيراً ما أستيقظ و أنا لا أجد مبررا للاستمرار في هذه المهزلة التي تدعى حياة .. نادراً ما ابتسم مجاملاً زملائي ) هنا نجد الشخصية تقدم نفسها من خلال الحوار الداخلي إذ تصف بشكل دقيق و تعطينا كقراء تعريفاً وافياً عنها .
مما تقدم من حديث عن أساليب تقديم الشخصية يمكننا القول بأن الشخصية تُقدّم من خلال : نفسها ، الشخصيات الأخرى ، الرواي خارج موضوع السرد ، كما يمكن أن تُقدّم من خلال كل هؤلاء .. فتقدم الشخصية نفسها من خلال حوار داخلي مثلاً و في موضع آخر من النص السردي تصفها لنا الشخصيات الأخرى و في موضع آخر يصفها الراوي .. و لا ضير من ذلك إطلاقاً ..... كما لا بد من التنويه بأن استنتاجات القارئ لها أهمية قصوى في التعرف على الشخصية ، فقد يعتمد الراوي أو المؤلف أسلوباً يتمثل في تقديم الشخصية من خلال الأحداث و الأماكن و الزمن و الشخصيات الأخرى و ارتباطها بالشخصية المراد تقديمها ليستنتج القارء من خلال كل ذلك و يتعرف على الشخصية .
حسناً كان ذلك عن طريق تقديم الشخصية لتتعرفوا ككتاب على كيفية تقديم الشخصية في نصوصكم السردية ، الشخصية التي تعني أية شخصية في النص السردي ، مع ملاحظة أن مفهوم الشخصيات يتعدى حصرها في العاقل ، أغلبكم شاهد أفلاماً كــ طرزان أو شُريك .. و وجدنا كيف كانت الحيوانات شخصيات النصوص السردية تلك ، إذن لو قرأنا رواية ـ مثلاً ـ عن شخصية مصابة بالهلوسة و تدور أحداث الرواية في ذهن تلك الشخصية المهلوسة و كان يتحدث مع الجدار أو الباب ... الخ و وفر السرد البنية الإبداعية و النصية الملائمة و الفاعلة لهذه الجمادات ( الجدار ، الباب ... الخ ) حين ذاك ستكون هذه الجمادات شخصيات سردية .
الآن ما هي أنواع الشخصيات في النص السردي ؟ الحق أنها كثيرة .. و إن لم تخني الذاكرة فقد اطلعت على ما يقارب الــ 40 نوعاً منها في رسالة ماجستير أنجزت في كلية التربية ـ جامعة البصرة ، ولعلها أكثر من الــ 40 ... عموماً سنقتصر على النوعين الرئيسين منها و هما :
أنواع الشخصيات
- الشخصيات النامية أو المدورة أو المستديرة أو المعقدة أو المركبة : هذا النوع يمتاز بإثارة دهشة القارئ و أسره و التفكير به و متابعته و الاهتمام بنشاطه داخل النص السردي كما يتوافر على علاقات وثيقة و متداخلة مع الأحداث و بقية العناصر السردية ، و له مركزية دلالية و يمثل بؤرة الشخصيات في النص السردي الواحد ، كما تمتاز بالتطور داخل النص السردي كالرواية مثلاً ، إذ تتطور و تنمو هذه الشخصيات مع نمو و تطور الأحداث في الرواية ، أي أنها لن تبقى ساكنة لا ينتابها تطور و لن تكون على وتيرة واحدة مستمرة بنمطية واحدة .
- الشخصيات السطحية ، البسيطة ، النمطية ، غير النامية : هذا النوع هو عكس النوع الأول ، إذ تمتاز بالنمطية و عدم التطور ، و تبقى ساكنة لا ينتابها تغير أو تطور و نماء ، كما تكون علاقاتها بالأحداث و الشخصيات الأخرى الرئيسة ثانوية ، هذا النوع ليس له ما للنوع الأول من هيمنة على تفكير و متابعة القارئ .
هنا نتوقف و نؤكد على أن الشخصيات كمفهوم متحقق في السرد لا ينحصر في الشخصيات التي وجود في الواقع التاريخي أو الشخصيات العاقلة كالبشر أو الملائكة أو الجن ، بل يتعدى ذلك إلى الشخصيات الأسطورية كالسندباد و غير العاقلة كالحيوانات في قصة طرزان ، أو خيالية كالكائنات الخيالية في الروايات الخيالية ، أتمنى أن يكون الدرس بسيطاً و مفهوماً و مناسباً لتطلعاتكم ، أستقبل ملاحظاتكم بسعادة كبيرة .. كل الحب
الواجب :
- قدم لنا واجباً قرائياً عن أساليب تقديم الشخصية ، و قدم لنا واجباً كتابياً عن أساليب تقديم الشخصية ، مراعياً الأساليب الواردة هنا كلها و بالطريقة التي تناسبك .
- قدم لنا واجباً قرائياً عن أنواع الشخصيات ، و إن أمكنك قدم لنا واجباً كتابياً عنها .
مساءكم ترف ..
قرأت الدرس ..
حلو وبسيط
قریت الدرس ..بس بحث انواع الشخصیات ... 1. الشخصیه النامیه .. و2 .الشخصیة السطحیه ...مافهمتها حلوووو ...انرید شرح اکثر ...اها انرید مثال من کل شخصیة