بسم الله الرحمن الرحيم
جعلني الله فداء لك ، وصدقة تدفع عنك ، ان الزمان الذي أبعدني عن النور العزيز لكياني وعن غذاء قلبي قد صيرني ذاكرا لك ، وقد نقش صورتك الحلوة الى مرآة قلبي . عزيزتي ، أرجو الله أن يحفظكم سالمين مسرورين في كنفه ورعايته . ان حالي مع كل شدة ، تتأتى لي ميسرة ، وان كان ولله الحمد لما يحصل الا كل جميل . موجود الآن في مدينة الجمال بيروت وأفتقدك ، تأسفت مئة مرة لمنظر المدينة والبحر الرائع أن لا تكون عزيزتي ومحبوبتي رفيقة سفري هذا لتضم الى قلبها هذا المشهد البديع . على أي حال ، الليلة هي الليلة الثانية ، ننتظر السفينة ، ومن المقرر أن ترحل غدا السفينة ، ولكن قدرنا نحن الذين وصلنا متأخرين انتظار سفينة أخرى ولا متى يقدر ذلك . أتوسل الى الله تعالى بأجدادي العترة الطاهرة أن يوفق كل الحجاج لتمام أعمالهم ، وأنا لست قلقا من هذه الجهة ، أما من جهة مزاجي (صحتي) فسالم والحمد لله ، بل انه أقوم وأحسن . انه سفر جيد جدا وأفتقدك فيه كثيرا . قلبي يرق لولدك وأرجولكما السعادة والسلامة بعين الله العزيز وفي حفظه تعالى . اذ كتبت رسالة للسيد والسيدة أرجو ابلاغهما سلامي وانني ان شاء الله سأزور نيابة عنهما . وأرجو ابلاغ سلامي للسيدة " شمس الآفاق" وبواسطتهما الى الدكتور ، سلامي الى خاور سلطان ورباب سلطان وأبلغي الآغا الشيخ عبدالحسين أن يوصل الصفحة الثانية . أدام الله أيام عزك .
فداؤك روح الله
بغض النظر عن شخصية الرجل ، ما جذب انتباهي في هذه الرسالة هو التعبير الصريح عن العاطفة تجاه الزوجة والولد وعن شدة حضورهما في ذهنه عند كل سرور يحصل له و هذا ما يفتقده العديد من الرجال في مجتمعنا الشرقي .
فكرة الموضوع هي بخل المشاعر وفقر العاطفة ، هذا الشبح الذي يهدد الحياة الزوجية، ويعد أحد الأسباب الرئيسية في فشل الكثير من الزيجات؛ فهو أحد أعداء الاستقرار الأسري ووجوده يعني دق المسمار الأخير في عش الزوجية.. لا تطيقه المرأة ولا يحبه الرجل.
أما بالنسبة للبخل العاطفي فأن الموروث الاجتماعي والثقافي للرجل الشرقي أدى به إلى أن يصبح شحيحا في مشاعره؛ فقد تربى في بيت لم يسمع به كلمة حب من أبيه لأمه، بل إنه شبع بمفاهيم سلبية تصور له أن الرجل لا بد أن يكون عنيفًا واجمًا حتى يكون قويا، أما الرجل الذي يلاطف زوجته فهو رجل ضعيف، وهكذا اعتاد الرجل الشرقي إخفاء مشاعره تجاه زوجته حتى ماتت أي كلمات يمكن أن تعبر عنها إلا أن يقول لها: "تسلم يدكِ" على الأكل، لتصبح هذه الجملة أقصى صورة التعبير عن الحب لدى الرجل.
لا بد أن يعلم الرجل الشرقي أن شحه في عاطفته تجاه زوجته يسبب اضطرابها وتوترها وإصابتها بمختلف الأمراض النفسية، على رأسها الاكتئاب وفقد الثقة في نفسها؛ حيث تشعر أنها غير جديرة بالحب؛ الأمر الذي يدفعها للسخط على حياتها أو المطالبة بالانفصال والطلاق.