النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

الوطن ألّا يحدث ذلك كلّه ! // أحلام مستغانمي ✿⊱

الزوار من محركات البحث: 15 المشاهدات : 514 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من اهل الدار
    شذى الربيع
    تاريخ التسجيل: September-2013
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 54,573 المواضيع: 8,723
    صوتيات: 72 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 30559
    مزاجي: Optimistic
    موبايلي: Note 4

    الوطن ألّا يحدث ذلك كلّه ! // أحلام مستغانمي ✿⊱






    الوطن ألّا يحدث ذلك كلّه !
    علينا بعد الآن مُتابعة نشرة الأخبار في عيادة طبيّة ، ومن الأفضل بحضور طبيب نفسي ،لأننا أمام كل مشهد أو خبر، سندخل في حالة هذيان ، وينتابنا ذهول قد يقصّر أجلنا . فهذا القهر لن يتركنا بسلام ، قد يرفع نسبة السكري في الدم ، ويتسبب لنا بجلطة دماغية ، ونحن نشاهد ما يتدفق على شاشتنا من أهوال . هذا أب سوري ، ينهار في نوبةٍ هيستيرية فيحتضن زوجته وطفله ، ويرتمي معهم على سكة حديديّة ، ليوقف قاطرة لن تأخذه إلى ما يظنه الوطن الموعود، الذي لبلوغه باع ما يملك ، مقابل تذكرة على قوارب الموت ، و مشى لأيام على الأقدام جائعاً ، ظمآناً ، متوسلاً عطف غرباء، ما كان يعرف قبل أيام موقع بلادهم على الخريطة .

    وهذه عراقية ، وهن جسمها ، وأنهكها المشي مع صغيرها في أدغال الغربة . فقدت صوتها ، وجفت في الطريق دموعها ، فانكبت على يد شرطية مجريّة تقبّلها، كي تسمح لها بمواصلة رحلة تيهها نحو المجهول . و ذاك الذي شاهدناه يركض حاملاً طفله هرباً من مطاردة بوليس الحدود ، و تعمّدت مصوّرة الإيقاع به أرضاً ليكون في متناول جلاديه الجدد .
    مشاهد لن تفارقنا أبداً وسترسو على ضفاف الذاكرة ، ملقاةً على شطآن ضميرنا ، كجثة ريان في ثياب طفولته الأولى ، كما ألقى به البحر إلينا ، في نومته تلك .
    ضرب من العجائب ما يحدث لنا ، لا أحد يملك تفسيراً لهذه الإنهيارات المتتالية ، كقطع الدومينو لأوطان كانت آمنة ، و نشهد دمارها عن بكرة أبيها، في زمن لا يتجاوز ومضةً بمقياس التاريخ . فجأة فرغت بلدان من الحياة ، ودفعت بأبنائها شعوباً وحشوداً إلى عرض البحر. تاركين خلفهم غرباء جاؤوا من كلّ صوب ، غدوا سادة البشر والحجر ، يحكمون الماضي والزمن الآتي ، ولا أحد يسألهم بأيّ حق ؟


    ثقيل على البحر ما حمّلناه من وزر الأمانات ، برغم علمنا أنّه غدر بالتيتانيك في عظمتها الأسطورية ، فكيف يُؤتمن على قوارب مطاطيّة ، تتقاذفها الأمواج والحيتان.لا حماية لمن حُشروا فيها سوى صدريات النجدة التي ستطفو بجثثهم لأيام .

    وكثير علينا كل هذا الهوان الذي تقبّلناه ، و اعتدناه ، برغم ادعائنا أن الذل هو آخر من سنعقد معه اتفاقية تطبيع . ها قد طبّعنا مع العار، وسيكون صعباً أن نبدو جميلين ، وراقين مهما فعلنا !
    أفظع ما حلّ بنا ، أننا أشهدنا العالم على رخص أرواحنا ، وموت ضمائرنا ، وهوان أوطاننا، ، وبإمكاننا بعد الآن أن ندلي بتصريحات عنتريّة ، ونستعرض أمجادنا الأندلسية ، لقد رآنا العالم عراةً، جياعاً ، أذلاء ، متسوّلين شعوباً وأفراداً عند أبواب الغرباء ، مستجدين ما كنا نمنّ به عليهم . ولن تفارقه صورتنا تلك إلى الأبد .

    الذين غادروا ، ما أخذوا سوى الأذى الذي حملوه عميقاً في وجدانهم . إنهم يتحسّسون في بلاد الغربة رؤوسهم ، ليتأكدوا أنّ وطنهم ، في زحمة الموت ، لم يسعه الوقت إلاّ لقتل أحلامهم . أخطأ فولتير حين قال " خبز الوطن خير من كعكة الغربة ". أصلاً ، كلمات " الخبز " " الوطن " " الكعكة " " الغربة " لا تعني لدينا الشيء نفسه . اللغة نفسها تهاوت أيضاً كقطع الدومينو، الكعكة كانت الأوطان التي سطى على صفقاتها وخيراتها من أطعموا الفقراء ولائم الشعارات الوطنية ، والخبز هو ذلك الرغيف الذي غلا حتى انتهي آلاف العرب وليمة للحيتان ، قبل بلوغهم مرافئ الغربة للفوز به .
    أمّا الوطن " أتعرفين ما الوطن يا صفيّة ؟ الوطن هو ألاّ يحدث ذلك كلّه " ! قال غسان كنفاني .




  2. #2
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الدولة: حيث يقودني قلبي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 86,558 المواضيع: 20,591
    صوتيات: 4589 سوالف عراقية: 663
    التقييم: 59945
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 1
    الله استمتع عندما اقرأ كلمات هذهِ الأنسانة

    مشكورة اختي

  3. #3
    من اهل الدار
    شذى الربيع
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد العثمانيے مشاهدة المشاركة
    الله استمتع عندما اقرأ كلمات هذهِ الأنسانة

    مشكورة اختي
    اهلا بك احمد
    لي الشرف بمرورك الراقي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال