بكاء النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) على الحسين (عليه السّلام) في مصادر العامّة :
ألم يروِ الإمام أحمد بن حنبل من حديث عليٍّ (عليه السّلام) في مسنده 1 / 85 ، بالإسناد إلى عبد الله بن نجا عن أبيه : أنّه سار مع عليٍّ (عليه السّلام) ، فلمّا حاذى نينوى ، وهو منطلق إلى صفين ، نادى : (( صَبراً أبا عبدِ اللهِ ، صبراً أبا عبدِ اللهِ بِشطِّ الفُرات )) . قال : قلتُ : وما ذاك ؟ قال (ع) : (( دَخلتُ على رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) ذاتَ يومٍ وعيناهُ تفيضان ، قلتُ : يا نبيَّ اللهِ ، ما شأنُ عينَيكَ تفيضان ؟ قال : قامَ من عندِي جبرئيلُ قبلُ ، فحدّثني أنّ ولدِي الحُسينَ يُقتل بشطِّ الفُراتِ . قال : فقال : هل لك إلى أنْ أشمّكَ مِنْ تُربتِهِ ؟ قال : قلتُ : نعمْ . فمدَّ يدَهُ فقَبضَ قبضةً مِن تُرابٍ فأعطانيهِ ، فلَمْ أملك عَينَيَّ إنْ فاضتا ))(1) .
وأخرج ابن سعد ، كما في الفصل الثالث من الباب الحادي عشر من الصواعق المحرقة لابن حجر(2) ، عن الشعبي ، قال : مرّ عليٌّ (رضي الله عنه) بكربلاء عند مسيره إلى صفين ، وحاذى نينوى ، فوقف وسأل عن اسم الأرض ، فقيل : كربلاء . فبكى حتّى بلّ الأرض من دموعه ، ثمّ قال : (( دَخلتُ على رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وهو يبكِي ، فقلتُ : ما يُبكيك ـ بأبي أنت واُمّي ـ ؟ قال : كانَ عندي جِبرائيلُ آنفاً ، وأخبرني أنّ ولديَ الحسينَ يُقتلُ بشاطئِ الفُراتِ ، بمَوضعٍ يُقال لَهُ كربَلاء ))(3) .
وأخرج الملاّ ، كما في الصواعق(4) أيضاً : أنّ عليّاً مرّ بموضع قبر الحسين (عليهما السّلام) ، فقال : (( ها هُنا مناخُ ركابِهمْ ، وها هُنا موضِعُ رحالِهمْ ، وها هُنا مِهراق دِمائِهمْ ؛ فتيةٌ مِن آلِ مُحمّدٍ يُقتلون بهذهِ العرصة ، تبكِي عليهم السّماءُ والأرضُ ))(5) .
ومن حديث اُمّ سلمة ، كما نصّ عليه ابن عبد ربّه المالكي(6) ، حيث ذكر مقتل الحسين (ع) في الجزء الثاني من العقد الفريد ، قالت : كان عندي النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) ، ومعي الحسين (ع) ، فدنا من النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) ، فأخذته فبكى فتركته ، فدنا منه (ص) ، فأخذته فبكى فتركته ، فقال له جبرئيل : أتحبّهُ يا محمّد ؟ قال : (( نَعَم )) . قال : أما إنّ اُمّتك ستقتله ، وإنْ شئتَ أريتك الأرض التي يُقتل بها . فبكى النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله)(7) .
وروى الماوردي الشافعي ـ في باب إنذار النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) بما سيحدث بعده(8) ، من كتابه أعلام النبوّة ـ عن عروة ، عن عائشة ، قالت : دخل الحسينُ بن عليٍّ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو يوحى إليه ، فقال جبرائيل : إنّ اُمّتك ستفتتن بعدك وتقتل ابنك هذا من بعدك . ومدّ يده فأتاه بتربة بيضاء ، وقال : في هذه يُقتل ابنك ، اسمها الطفِّ . قال : فلمّا ذهب جبرائيل ، خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى أصحابه والتربة بيده ، وفيهم : أبو بكر وعمر ، وعليٌّ (ع) وحذيفة ، وعثمان وأبو ذر ، وهو يبكي ، فقالوا : ما يُبكيك يا رسول الله ؟ فقال : (( أخبَرني جِبرائيلُ : أنّ ابني الحسَينَ يُقتل بَعدي بأرضِ الطَّفِّ ، وجاءني بِهذهِ التُّربةِ ، فأخبَرَنِي أنّ فيها مَضجَعهُ )) .
وأخرج الترمذي ، كما في الصواعق وغيرها : أنّ اُمّ سلمة رأت النّبيَّ (صلّى الله عليه وآله) ، فيما يراه النائم ، باكياً وبرأسه ولحيته التراب ، فسألته ، فقال (ص) : (( قُتلَ الحُسينُ آنفاً ))(9) .
قال في الصواعق : وكذلك رآه ابن عبّاس نصف النّهار أشعثاً أغبراً ، بيده قارورة فيها دم يلتقطه ، فسأله ، فقال (ص) : (( دَمُ الحُسينِ وأصحابِهِ ، لَم أزَلْ أتتبّعه مُنذُ اليومِ ))(10) . قال : فنظروا فوجدوه قد قُتل في ذلك اليوم(11)(12) . فيا عزيزي السني .. البكاء على الحسين ع ( سنة من سنن رسولنا الكريم ص وآله ..) وقد بكاه قبل استشهاده ... أفلا تبكيه بعد استشهاده ؟؟؟