السلام عليكم
في عام 2008، وافقت وزارة العلوم الإيرانية على اعطائي منحة دراسية في إيران وقبولي في قسم الهندسة المدنية بعد عناء طويل .. ولأني لم اكن اعرف من الفارسية إلا القليل أرسلوني الى مركز لتعلم اللغة وبعد أشهر دخلت الجامعة، بما أن إيران بلد شرق أوسطي، فإن المعاملات فيها طويلة وبعض الموظفين يتصرفون على هواهم.. لذلك تأخر حصولي على رسالة القبول في الجامعة والتحقت بالصفوف متأخرا..
بعد جدالات كثيرة أخبرتني موظفة متعاونة نسبيا بأنني أستطيع دخول المحاضرات حتى حسم امري، واعطتني جدول محاضرات، استغرقت وقتا طويلا لاعداده بنفسها وانا لا افهم سر هذا الاعداد..
سُعدت بذلك ولم أكن أعلم أن الدراسة في الجامعة هي بنظام اختيار الوحدات، لذلك توجهت الى كلية الهندسة المدنية وسألت أحدهم بلغة نصفها فارسي ونصفها عربي هل أنت في الصف الأول، فقال لي نعم وهو ينظر كأنه رأى مخلوقا فضائيا..
فقلت له ما المحاضرة التي يجب أن ندخلها الآن؟! فاحتار أكثر وقال لي من أنت وماذا تريد؟
فاخبرته بما جرى لي وأنني طالب جديد وهو يحاول فهم ما أقول.. فقال لي أليس لديك جدول، قلت بلى فنظر اليه وقال لي عندك درس علم الأرض الآن اذهب الى الطابق الثاني، اسماء الدروس مكتوب عند أبواب القاعات..
صعدت الى الطابق الثاني وعثرت على الصف علم الأرض (10-12) فقرعت الباب ودخلت لأجلس على اقرب كرسي الى الباب، نظر الأستاذ الي مستغربا ولكنه تابع كلامه، متحدثا عن الجرافات ونقل التربة والحفر قبل البناء وأنا أفهم نصف كلامه وأفكر أهذا هو علم الأرض؟
على حين غرة نظر إلي قائلا هل كنت طالبا عندي وفقدت الكثير من الوزن فلم أعرفك؟ فقلت لا انا طالب جديد.. فتابع كلامه وابتعد عن الجرافات والتربة وأصبح يتكلم عن البناء وطريقة التعامل مع العمال والتحليل النفسي لهم وكيفية فرض السيطرة على ورشة العمل.. وانا أغرق أكثر في أفكاري..
بعد انتهاء المحاضرة خرج الطلاب فتوجهت اليه وقلت له: هل كان هذا درس علم الأرض؟ فقال لي: من أي كوكب أنت؟ فقلت له طالب اجنبي، فضحك وطلب مني الجدول واخبرني أين يجب أن أذهب ثم ناداني وقال لي، تعال بعد المحاضرة لأرى كيف جئت من كوكب آخر الى هنا.. وبعدها أصبح أستاذي المفضل الذي أراجعه عند كل مشكلة..
ذهبت الى الصف الصحيح ولم يكن هناك لوحة قرب الباب ولم يكتبوا ما الدرس دخلت وجلست وكانت المحاضرة مستمرة في الوقت بدل الضائع.. نظر الي الأستاذ بغضب وكأني دست على ذيله خلال دخولي.
انتهت المحاضرة قرأ الأسماء ليسجل الحضور والغياب وبالطبع لم يكن اسمي ضمن القائمة فذهبت إليه وقلت له انا طالب جديد، فقال لي، هذا غير ممكن، قلت لقد سجلت للتو، فقال غير ممكن، قلت ولكنه حصل، قال اذهب واجلب لي رسالة من العمادة وإلا فلن اقبلك، هنا ارتطمت سفينة آمالي التي بنيتها في المحاضرة الخطأ، بصخرة الواقع في المحاضرة الصحيحة...