عسل النحل في العراق
الواقع والتحديات
سَحَر نحل العسل الإنسان منذ بدايات التاريخ المسجل وعلى الأغلب قبل ذلك ويمكننا تقدير أنه بمجرد شروع الإنسان في استهلاك منتجات نحل العسل ولسعه بانتظام من النحل بدأ تاريخ العلاج بالنحل , متى كان هذا يا ترى ؟ من الصعب معرفته …على كل حال منذ أزل بعيد دون شك أبعد مما نتصور فالحفريات تشهد على وجود حشرات على سطح الأرض قبل ظهور الإنسان , النحل على هيئة ثابتة موجود منذ حوالي 100 مليون سنة [1], فليس من المفاجئ اقتحامه لحياة الإنسان في الفترة ما قبل التاريخ .
ومن بين أولى الحضارات التي اهتدت لذلك حضارات وادي الرافدين منذ 5000 سنة ق- م في العهد السومري حيث وجدت كتابات حول النحل على الألواح الطينية التي يزيد عمرها على 4000 سنة ق-م ومن بين أقدم اللوحات السومرية مؤرخة منذ تقريباً 3000 عام ق.م تحمل وصفات استعمال العسل لعلاج التهابات الجلد أو القرحة [2], وفي أور جنوب العراق وجدت كتابات حول العسل يعود تاريخها إلى 2000 سنة ق-م , كما ذكر الملك البابلي حمورابي العسل في مسلته المكتوبة على حجر الصوان [3] استخدام الشعب البابلي العسل لعلاج الأمراض , ورسمت النحلة على العملة القديمة لمدينة بابل التاريخية كدلالة على أهميتها .
رغم ذلك تعتبر تربية النحل من الفتوحات الإنسانية التي يمكن وصفها بالمتأخرة . صحيح أنها عُرِفت منذ أكثر من ألف سنة قبل الميلاد ، إلا أنها بقيت ولآلاف السنين في مرحلة بدائية ، اكتفى الإنسان خلالها بجني العسل دون معرفة كيفية إنتاجه ودون أن يفكر في حماية هذا الإنتاج ورعايته. وكل الشواهد والآثار توحي بأن معرفة العسل البري وأخذه من بيوت النحل )الخلايا) هي الخطوات الأولى نحو تربية النحل .
هذه الممارسة كانت تتبع الأساليب البدائية في التربية كالخلايا الطينية وجذوع الأشجار حتى الخمسينات من القرن الماضي حيث استوردت وزارة الزراعة العراقية خلية لانكستروث لأول مرة و دُعمت تربية النحل في العراق من قبل المؤسسات الحكومية بإستيراد النحل من السلالات الايطالية واليوغسلافية وتهجينه مع النحل المحلي وإنشاء المناحل حتى وصل عدد الخلايا عام 1980 إلى 500,000 خلية و هذا يمثل أعلى رقم سجل لحد الآن !!
بعد ذلك أخذ النحل بالتدهور بسبب ظروف العراق خاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية,
وفي عام 1985 ظهر طفيلي الفاروة لأول مرة و أدى إلى هلاك معظم خلايا النحل لعدم توفر الاحتياطات اللازمة ضد هذا الطفيلي , بالإضافة إلى بيع الدولة مناحلها إلى القطاع الخاص , مما أدى إلى وصول عدد خلايا النحل إلى أدنى مستوياتها حيث سجلت 3000 خلية في سنة 1991 سنة حرب الخليج)!!
حتى عام 1995 حيث ظهرت حالة النحل الزاحف التي لم يعرف مسببها المباشر , و بعد الاتصال بمنظمة ال fao التابعة للأمم المتحدة و باهتمام أرسلت د- نيقولا برادبير لدراسة هذه الحالة , وبعد سنة 1997 استلم العراق عدة أنواع من المبيدات و الأدوية التي تدخل العراق لأول مرة مما أدى إلى ازدهار النحل حتى 2003 الاحتلال الأمريكي للعراق حيث بدأ النحل بتراجع مخيف في العراق عموماً مردّها إلى تدهور طوائف النحل و كثرة الهلاكات فمن الفترة ما بين 2005 -2008 فقد ما يزيد على 75% من النحل و النسبة الباقية تعتبر خلايا غير منتجة لضعفها العام فبعدما كانت الطاقة الإنتاجية للخلية تزيد على 15 كغم/ خلية أما الآن فإنتاجية متدنية لا تزيد على 7 كغم / خلية !!!.
اما النحل من بعد 2008 الى تاريخنا الحاضر بدأ يسترجع الكثافة النحلية بجهود مميزة و جبارة من قبل نحالين معدودين في القطر أخذوا على عاتقهم السعي الجاد في هذا القطاع بإمكانيات شخصية منحوا فيه الجهد و المال في سبيل الحصول على كل جديد في العالم من حول العراق من اجل النهوض بتربية النحل و زيادة الإنتاجية …..
لكن رغم ذلك نجد ان العراق تخلف كثيرا عن الركب الدولي في إنتاج العسل .
لذا يجب ان نضع علامة استفهام و تعجب عندما نرى ان مرتبة العراق في انتاج العسل هي الدولة الرابعة عشر من بيت الدول المنتجة للعسل في الوطن العربي !!؟
فإنتاجيته لا تصل الى 300 طن من العسل حسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة fao لسنة 2008 م