لـمـاذا سـمـيـت « قـم » بـهـذا الأسـم ؟!!
في معجم البلدان :
ـ قم ـ « قرية إسمها كمندان ، فأسقطوا بعض حروفها فسميت بتعريبهم (1) قما » (2) .
وفي دائرة المعارف ا لإسلامية الشيعية : أنّ أصل إسمها « كم » ـ بمعنى قليل بالفارسية ـ إذ كانت عبارة عن قرية صغيرة ثم عربت بعد الفتح الإسلامي فصارت « قم » (3) .
فهذان قولان مختلفان في سبب تسميتها بـ « قم » ، ولكن نفس التاريخ لا يوافقهما ، إذ إن تسميتها بذلك كان معروفاً قبل الفتح الإسلامي ، ومنذ زمن كسرى « أنوشروان » .
ففي الأخبار الطوال : « . . .
ثم قسم كسرى أنوشروان المملكة أربعة أرباع ، وولى كل ربع رجلاً من ثقاته ، فأحد الأرباع : خراسان ، وسجستان ، وكرمان ، والثاني إصبهان ، وقم ، . . . إلخ » (1) .
وفي موقعة « جلولاء » التي كان من قادتها الصحابي الجليل حجر بن عدي ، هزم يزدجر فتحمل بحرمه وحشمه وما كان مع من أمواله وخزائنه حتى نزل قم (2) .
فتسميتها بـ « قم » كان معروفاً قبل الفتح الإسلامي ، وعلى هذا فليس « الأشعريون » هم الذين سموها بـ « قم » كما ادعاه صاحب معجم البلدان .
فما هو سبب تسميتها إذن ؟
وباستعراض روايات المعصومين ( عليهم السلام ) ـ الذين هم ملاذنا وملجأنا دائماً وفي كل شيء ـ نجد ثلاث روايات في سبب هذه التسمية : ـ
الرواية الاولى :
عن الإمام الصادق (عليه السلام ) قال : « حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه ، قال :
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما اُسري بي إلى السماء حملني جبرئيل على كتفه الأيمن ، فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء أحسن لوناً من الزعفران ، وأطيب ريحاً من المسك ، فإذا فيها شيخ على رأسه برنس (1) .
فقلت لجبرئيل : ما هذه البقعة الحمراء التي أحسن لوناً من الزعفران ، وأطيب ريحاً من المسك ؟
قال : بقعة شيعتك وشيعة وصيك علي .
فقلت : من الشيخ صاحب البرنس ؟
قال : إبليس .
قلت : فما يريد منهم ؟
قال : يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين ، ويدعوهم إلى الفسق والفجور .
فقلت : يا جبرئيل ! أهو بنا إليهم .
فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف والبصر اللآمح .
فقلت : قم يا معلون ! فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم ، فإن شيعة علي ليس لك عليهم سلطان » .
فسميت « قم » (2) .
والرواية الثانية :
عن عفان البصري ، عن أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) :
قال : أتدري لم سميت « قم » ؟
قلت : الله ورسوله أعلم .
قال : إنّما سميت « قم » لأن أهلها يجتمعون مع قائم آل محمد (صلوات الله عليه) ، ويقومون معه ، ويستقيمون عليه ، وينصرونه » (1) .
وأما الرواية الثالثة فهي :
عن أبي مقاتل الديلمي نقيب الري .
قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمد (عليه ا لسلام) يقول :
« إنّما سميت قم به لأنّه لما وصلت السفينة إليها في طوفان نوح ( عليه السلام ) قامت » (2) .
قي فضل « قم » وأهلها :
إضافة إلى ما مر من الروايات ، هناك روايات اخرى في فضل « قم » وأهلها ، نقلت عن أهل بيت العصمة والطهارة ، وإليكم باقة منها : ـ
عن الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال :
« إن لعلى « قم » ملكا يرفرف عليها بجناحيه ، لا يريدها جبار بسوء إلا أذابه الله كذوب الملح في الماء » (3) .
وعنه ( عليه السلام ) أنّه قال :
« إذا أصابتكم بلية وعناء فعليكم بـ « قم » ، فإنها مأوى الفاطميين ، ومستراح المؤمنين ، وسيأتي زمان ينفر أولياؤنا ومحبونا عنّا ، ويبعدون منا وذلك لمصلحة لهم ، لكي لا يعرفوا بولايتنا ، ويحقنوا بذلك دماءهم وأموالهم .
وما أراد أحد بـ « قم » وأهلها سوءاً إلا أذله الله ، وأبعده من رحمته » (1) .
وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) أنه قال :
« قم عش آل محمد ، ومأوى شيعتهم ، ولكن سيهلك جماعة من شبابهم بمعصية آبائهم ، والإستخفاف والسخرية بكبرائهم ومشايخهم ، ومع ذلك يدفع الله عنهم شر الأعادي وكل سوء » (2) .
وعن الإمام الادق (عليه السلام ) أنه قال :
« ما أرادهم ـ يعني أهل قم ـ جبار من الجبابرة إلا قصمه الله » (3) .
عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أيضاً :
« إذا عمت البلدان الفتن فعليكم بقم وحواليها ونواحيها ، فإن البلاء مرفوع عنها » (4) .
كما روي عنهم أنه : « لولا القميون لضاع الدين » (5) .
حيث إن الكثير من الرواة والمحدثين هم من أهل « قم » .
وكل ما ذكر في فضل « قم » وأهلها إنما هو بشرطها وشروطها ، والحديث التالي يبين ذلك .
فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام ) :
« تربة قم مقدّسة ، وأهلها منٌا ونحن منهم ، لا يريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء » (16) .
وهذا غيض من فيض روايات المعصومين ( عليهم السلام ) في شأن « قم » وأهلها .
إذن . . ليس غريباً أن تختار السيدة المعصومة مدينة « قم » ، خاصة وأنها كانت من قبل قد سمعت عن جدها الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : « وإن لنا حرماً وهو بلدة قم ، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة . . . » (17) .
وبهذا الزخم التاريخي تخرج « قم » لاستقبالها ، وكان قدومها إيذاناً بعهد جديد لمدينة « قم » ولأهلها
منقووووووول