تحديد رأس السنة الهجرية :

إن بداية العام الهجري ليس في شهر محرم الحرام..فلا تتسرعوا بالمباركة بحلول العام الجديد والتفتوا للمقال رجاء" ..
الكثير منا ومع بداية شهر محرم يعتبرها بداية لسنة جديدة وعلى هذا الاساس يقوم بالتهاني والتبريكات ويتبادل كثيرٌ من الأخوة والأخوات رسائل التفاؤل والفرح والأمنيات بعامٍ جديد والذي يبدأ بحسب ما في أيدينا من تقويم بشهر محرّم الحرام..وهنا نقول:
إنَّ هذا التقويم ليسَ هو تقويم أهل البيت عليهم السّلام حتّى نعتمدهُ في تعيين بداية السنة ونهايتها بل هو تقويم أعدائهم..
فـ رأسُ السنة عند أهل البيت عليهم السّلام هو شهرُ ربيع الاول وهو شهر هجرة الرسول (ص واله) من مكة إلى المدينة المنورة ..
(وهذا هو الصحيح ولا غرابة) بل إنّ الغريب أن لا يكون شهرُ ربيع الاول بداية السنة الهجرية.
إذا أردنا أن نضع تقويماً هجرياً بحيث يبدأ من ذكرى هجرة النَّبي الأعظم.. فالهجرة كانتْ في شهر ربيع الأوّل .
من جعل التقويم السنوي يبدأ في مُحرّم هو(الخليفة الثاني) فهو أوّل من أرخ السنة بمُحرّم الحرام ليصرف أنظار النَّاس وعقولهم عن هجرة النبيّ الأعظم والمنقبة العظيمة لمبيت الوصيّ أمير المؤمنين عليه السلام على فراشه..بل الأمر أعظم مما ذكرنا وهو أنَّه أرادَ إحياء سنَّة الجاهليين قبل الإسلام !! .. حيث إن مبدأ رأس السنة كان عندهم في محرم (حسبما ينصُّ على ذلك كبار علماء المُخالفين كـ إبن كثير في البداية والنهاية) فأراد الرجل أن يُرجع النَّاسُ إلى الجاهلية ويُمحى ذكرُ النبي الأعظم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام..
وعلى كلِّ حال فالمناط واحدٌ وهو إحياء سنن الجاهليين وإماتة شريعة سيِّد المرسلين..
ويشهد لما قلنا أن الثاني نفسه قد حرَّم كثيراً من الأحكام التي نزلت على رسول الله(ص واله) ومنها :
تحريمه للمُتمتعين و "حيَّ على خير العمل" وغيرها الكثير الكثير من الأحكام التي عمل بها المسلمون في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ووافقه على ذلكَ الثالث الأموي الذَّي أكد ما حرّمه الثاني.
ثم جاء يزيد الفاجر والطاغيه المتغطرس (المتطرف) ومن بعده حكّام بني أمية لعنهم الله ، فأكدوا على كون مُحرَّم الحرام هو بداية السَّنة الهجريّة ليصرفوا الرأي العام الشيعي عن إحياء ذكرى شهادة المولى الحسين عليه السلام..
أضف إلى أن الفرح في يوم رأس السنة يُعتبر شماتةً بمقتل الإمام الحسين عليه السلام وإلهاء الشيعة عن الذكرى الحزينة .. الذكرى التّي كان أهل البيت عليهم السّلام يتخذونها مأتماً وليسَ محطة تفاؤل وتباشير بعامٍ جديد..
وسوآءٌ أكان السبب في تغيير رأس السنة من ربيع الأول إلى محرم هو إحياء سنن الجاهليين أو الشماتة بيوم شهادة مولانا الإمام سيِّد الشهداء عليه السلام ، فالغاية واحدة وهي "البدعة" .. فهذا إمامنا ثامن الأئمة عليه السّلام كان إذا اقترب شهر المحرم خيم عليه الحزن الكبير، وإذا دخل أوّل يوم من مُحرّم لم يُر ضاحكاً أبداً..
وهذا زين العباد عليه السّلام يقول:
يفرح هذا الورى بعيدهم
ونحن أعيادنا مآتمنا
أعظم الله أجورنا وأجوركم ولعن الله أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك وجعلنا وإياكم لخدمة الدين المحمدي الأصيل الذي وصلنا بتضحية الإمام الحسين (ع)