منذ أن سقط الإمام الحسين وأهله وصحبه شهداء على أرض كربلاء كتب التاريخ صفحة في قيمة المبادئ والقيم والذود عن الحق وقتال الباطل مهما بغى وتجبر و من هنا نستطيع أن نعتبـر الثورة الحسينية نبـراس يسير عليه كل الثوّار في طريق النضـال والوقوف بوجه الظالم والظلم , وما ثورات ما يسمى بـ " الربيع العـربي" إلا إمتداد لإنتفاضة الشعب على ظالميه , لذا فثورة كثورة الإمام الحسين يجب أن لا تكون مناسبة للنواح وتعذيب النفس وجلدها بأشد " الآلات " إنما هي مناسبة لمحاسبة النفس عما قدمت من عمل طيب ونافع للناس والوطن , الضرب على الرؤوس وكما قرأت عادة وثنية لا تمت الى الحضارة والقيم الأخلاقية والدينية بصلة أو جلد الظهور بالزناجيل وضرب الصدور حتى إدمائها لهو نوع من تعذيب النفس و ليس تهذيبها والإتيان بعمل يفيد الصالح العام .
فتنظيف الشوارع و " التعاون على البر والتقوى" و عدم إيذاء الآخرين , نشر الحب بين الناس وإيصال الحاكم الصالح وليس من تمظهر بالورع ومظهره لا يعكس جوهره ومخبره هو أيضاً من مبادئ الثورة وقيمها , فثورة الحسين عِـبـرة لمن أعتبـر وليست عـَبـرة تنتهي في إنتهاء الذكرى العطرة , إنها يجب أن تكون ثورة مستـمـرة وليست مناسبة للإنتقام والتشفي والإيغال في الطقوس وتشويهها وحرفها عن معانيها السامية , ثورة ضد الطغاة أينما كانوا وفي أي وقت جاءوا ليسلبوا حقوق الفقـراء والمحتاجين .
الحسين ثار لأنه رأى إنحـرافاً عن طريق الحق الذي قال فيه أبوه الشهيد الإمام علي "ع" " لا ترهبوا طريق الحق لقلة سالكيه" وبما إن من كان في السلطة في ذلك الزمان لا يأبه إلا لنفسه وجماعته ولم يراع الذمة والضمير , ولم يكن من الحكمة وسداد الرأي لكي يبقى حاكماً يرعى الشعب , كان شريراً بكل معنى الكلمة ولم يتورع عن قتل كل من يتمرد عليه حتى ولو كان إبن بنت النبي (ص) إذن أي حاكم مسلم هذا ؟! أعود لأقول إن الحسين ثار لغاية إنسانية وأخلاقية ومبدئية , لذا يجب أن تبقى هذه الشعارات هي التي تعلو واضحة ومتـّبَـَعــَـةٌ وليس سـرد حكايات لا معنى لها و لا أصل أو تحوير وتدوير لإستنزال العـبـرات وإضعـاف ثورة الإمام ومبادئها , ثورة ككل الثورات في وقتنا الحاضر والتي سقط فيها الكثيرون في الشوارع ولكنها في ذلك الزمـان الأغـبـر وتحت قيادة حفيد الرسول لها وزن وهيبة وتأثير
ولكن مع الأسف كان المال سيد الموقف والفساد سلاحه القتّال , فزاغ عن الحق أهله وتفرقوا أيدي سبأ وبقي الحسين غريباً في أرض كربلاء مع أهله وأصحابه ونسوا هؤلاء القوم رسائلهم وكانت مجرد حبر على ورق كما يُقال في وقتنا الحاضـر , غدروا به بإنفضاضهم من حوله وتركوه بين أسنة الرماح وسيوف البغي وأصوات مبحوحة مسمومة لا تعـرف قيمة الإنسان , وهكذا قرر الإمام أن يواجه " العدو" بما لديه من مبادئ وقوته في ثباته ولم يعلم إن الشـر مخبوء تحت كرسي السلطة .
تعود ذكـرى مقتل الحسين على أيدي سلطة باغية شرّيرة لتزيدنا إصـراراً على مقارعة الظلم والإستبسال به سواء باللسان أو القلم أو النضال وإشهار سلاح الحق بوجه الباطل , وإستـمـراراً لعطـر الثورة ودوامها يجب أن نعـمـل على تجسيدها كل يوم وكل ساعة في تقديم ما يمكن تقديمه لصالح الشعوب المضطهدة ومنها شعبنا العـراقي العظيم , نأخــذ العــِـبـَـــر حتـى يـزول والى الأبــد كل خــطــر .
فِدَاءً لمثواكَ من مَضْــجَعِ .. تَنَـوَّرَ بالأبلَـجِ الأروَعِ
بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنـانِ .. رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْـوَعِ
وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف" .. وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْـرَعِ
وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس .. على نَهْجِكَ النَّيِّـرِ المَهْيَـعِ
وصَوْنَاً لمجدِكَ مِنْ أَنْ يُذَال .. بما أنتَ تأبـاهُ مِنْ مُبْـدَعِ
فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالدِينَ .. فَـذَّاً ، إلى الآنَ لم يُشْفَـعِ