حُلْمٌ ضائع
تاريخ التسجيل: August-2014
الدولة: بلد اللا قانون
الجنس: ذكر
المشاركات: 16,925 المواضيع: 1,150
صوتيات:
153
سوالف عراقية:
1
مزاجي: مُشَوَّش
المهنة: موظف
أكلتي المفضلة: لِبَن وتَمُر
موبايلي: iPhone 15 Pro & Google Pixel 8
آخر نشاط: منذ يوم مضى
الاتصال:
عيد ميلاد سعيد للفرنسي لاعب ريال السابق وصاحب الكرة الذهبية 1958 رايمون كوبا، 84 عام
عاشت الكرة الفرنسية قبل إنجازات ميشيل بلاتيني وزين الدين زيدان أول حقبها الذهبية مع اللاعب رايمون كوبا. إذ اضطلع هذا المراوغ الفذ، ذو القامة القصيرة (متر و68 سنتيمتراً) والمواهب الخارقة، بدور حاسم في ثلاثة من الألقاب الخمسة الأولى لفريق ريال مدريد على الصعيد الأوروبي. كما يعتبره العارفون أفضل لاعب في نهائيات كأس العالم السويد FIFA 1958، بصحبة مواطنه جوست فونتين، رغم أن هذه الدورة شهدت سطوع نجم لاعب من حجم بيليه.
لم يتكهن أحد في البداية أن يصير هذا اللاعب، المنحدر من أسرة بولندية مهاجرة، واحدا من نجوم الكرة العالمية. حيث قضى الشاب كوباسزيوسكي، وهو للإشارة إسم كوبا الحقيقي، أربع سنوات من حياته (ما بين 14 و18 سنة) في مناجم الفحم الحجري، واكتسب خلال جره للعربات الثقيلة هناك قوة العزيمة وروح الإنتصار. بيد أن فقدانه لأصبعه بعد تعرضه لحادثة جعله يتفرغ لكرة القدم، لا سيما أنه اشتهر منذ صباه بمواهب خارقة وهو الذي كان يواظب على مداعبة الساحرة المستديرة في فريق مدينته نو لي مين شمال فرنسا.
من عتمة المناجم إلى أضواء الشهرة
شارك الشاب كوبا بعد حادثة المنجم في مسابقة أفضل اللاعبين الشباب لسنة 1949، وهي للإشارة مسابقة مخصصة للمواهب الشابة الراغبة في دخول عالم الإحتراف تحت إشراف مدربين مرموقين، وقد احتل المركز الثاني على الصعيد الوطني وتمكن من الإلتحاق بعدها بفريق آنجريس. ثم التقى هذا اللاعب الواعد بمدرب فريق ستاد رينس، الأسطورة ألبير باتو، خلال إحدى المباريات الودية، وشكل ذلك الحدث البداية الحقيقية لمسيرته. وقد أكد ريمون كوبا هذا الأمر حين قال في حق مكتشفه: "كانت له القدرة على توظيف اللاعبين حسب إمكانياتهم، إذ ما كانت مواهبنا لتعبر عن ذاتها لولاه، بدءاً مني أنا شخصياً."
وقصد استغلال مراوغات لاعبه الجديد على أحسن وجه، قام الداهية باتو بالدفع به وراء المهاجمين، في مركز صانع الألعاب (رقم 10)، وهو أمر لم يكن معمولاً به في ذلك الحين. وقد استحضر كوبا هذا الأمر مصرحاً: "كنت أحب المراوغات كثيراً، وهو ما عابه علي البعض أحياناً، حيث كانوا يدَّعون أني أحتفظ بالكرة أكثر من اللازم وأني أجعل الهجمات بطيئة. بيد أن المدربين الذي اشتغلت معهم كانوا يطلبون مني ألا أغير أسلوب لعبي." لقد كان كوبا قادراً على تسليم رفاقه كرات في طبق من ذهب، وهو ما أدركه مدربوه وحاولوا الإستفادة منه، لاسيما أن مراوغاته كانت تمكن الزملاء من الإنسلال والتموقع في المكان المناسب لإحراز الأهداف.
أضحى كوبا في وقت وجيز قائد فريق ستاد رينس، ونال معه العديد من الألقاب في فرنسا، كما كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز معه بالنسخة الأولى من كأس أوروبا للأندية البطلة سنة 1956، حيث انهزم الفريق في موقعة النهائي أمام ريال مدريد بنتيجة 3ـ4. ثم أثار النجم الفرنسي ضجة إعلامية كبيرة عندما وافق بعد موقعة النهائي الأوروبي بأسابيع على الإلتحاق بصفوف العملاق الأسباني، وهو ما تذكره قائلاً: "لقد كنت أول لاعب فرنسي يغادر البلاد، لذلك اعتبرني الكثيرون حينها خائناً، في حين أن ذنبي الوحيد هو أني كنت في الطليعة."
حمل كوبا في مدريد لقب "نابوليون"، والتقى هناك بالثنائي المرعب المتشكل من ألفريدو دي ستيفانو وفيرينك بوشكاش. وقد استحضر النجم الفرنسي ذكريات مسيرته ضمن الفريق الملكي قائلاً: "لقد قضيت هناك ثلاث سنوات رائعة. حيث أحرزنا جميع الألقاب الممكنة، كما تم اختيارنا سنة 2000 فريق القرن من طرف أنصار النادي عند الإحتفال بالذكرى المئوية على تأسيسه. لقد كانت الأجواء خلال المباريات خارقة للعادة، وكان 125 ألفاً من أنصارنا يلوحون لنا بمناديلهم البيضاء. لم يكن للفريق أي راعٍ في ذلك الحين، ولم تكن المباريات منقولة عبر التلفزيون، وكان علينا خوض مباريات ودية في العالم بأسره من أجل تأمين الموارد المالية. لقد كانت الظروف مختلفة في تلك الحقبة. أحرزت مع ريال مدريد كأس أبطال أوروبا ثلاث مرات، ولم ننهزم في ملعبنا إلا مرة واحدة طوال ثلاث سنوات."
ملك مونديال السويد
خاض كوبا أول مبارياته الدولية مع المنتخب الفرنسي ضد ألمانيا (3ـ1) يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول 1952، وشهد ذلك النزال مشاركة خمسة لاعبين جدداً ممن صنعوا لاحقا أمجاد الكتيبة الزرقاء: سيزار رومينسكي ولازار جيانيسي وأرمون بونفيرن وتادي سيزوفسكي وجوزيف أوجلاكي. وقد شكل كوبا طوال السنوات العشر الموالية لبنة أساسية من لبنات المنتخب الفرنسي، وكان دوره حاسما في تحسن أداء هذا الجيل من اللاعبين المهرة.
وكانت مشاركة فرنسا في نهائيات كأس العالم سويسرا FIFA 1954 مخيبة للآمال، حيث غادرت المسابقة من الدور الأول. وعلق كوبا عن مشاركاته في كأس العالم FIFA مصرحاً: "لقد مكنتنا تلك النهائيات من الإستعداد جيداً لمونديال 1958. لم يتوقع أحد ظهورنا بهذا المستوى في نهائيات السويد. حيث انتصرنا في البداية على منتخب الباراجواي (7-3)، الذي كان يعتبره الكثيرون من بين المنتخبات الثلاثة المرشحة للفوز باللقب، ثم قدمنا مباريات كبيرة ضد يوغوسلافيا (2ـ3) واسكتلندا (2ـ1) وأيرلندا الشمالية (4ـ0)، قبل أن نواجه في المربع الذهبي منتخب البرازيل بقيادة لاعب واعد اسمه بيليه تمكن من إحراز ثلاثة أهداف (2ـ5)."
ثم أضاف مفسراً أسباب الهزيمة في موقعة نصف النهائي : "لقد كنا أقوى منتخبين في تلك الفترة، ولم ننهزم بتلك النتيجة العريضة سوى لأننا أتممنا النزال بعشرة لاعبين بعد إصابة كابتننا روبير جونكي،" علماً أن استبدال اللاعبين كان ممنوعاً في تلك الحقبة.بيد أن الكتيبة الزرقاء عادت للتألق في مباراة الترتيب، واحتلت المركز الثالث بعد فوزها على منتخب ألمانيا بحصة عريضة 6ـ3.
رغم ذلك تبقى المباراة الرائعة ضد أسبانيا أفضل ذكريات كوبا مع منتخب بلاده، حيث انتصر الفرنسيون على الجار الإيبيري في قلب العاصمة مدريد وأمام 125 ألف متفرج بحصة 2ـ1، وذلك يوم 17 مارس/آذار 1955. بينما خاض نجمنا آخر مبارياته بألوان المنتخب يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة كولومب بالضاحية الباريزية، وهي للإشارة المباراة التي شهدت هزيمة الفرنسيين أمام المجر 2ـ3. حيث تم إقحام كوبا في موضع الظهير الأيمن، مما حرمه من التعبير عن نفسه داخل رقعة الملعب وعجل بحدوث الخلافات بينه وبين مدربي الكتيبة الزرقاء حينذاك، هنري جيران وجورج فيرييست، ونهاية مسيرته الدولية.
نهاية المشوار تحت أشعة الشمس
عاد كوبا إلى فرنسا بعد ثلاثة مواسم مع ريال مدريد، وفاز مع فريق رانس بلقب الدوري الفرنسي للمرة الرابعة والأخيرة سنة 1962. حيث لم ينجح خلال السنوات الموالية في وقف تراجع مستوى فريقه المفضل، الذي غادر دوري الدرجة الأولى يوم 11يونيو/حزيران 1967.
بيد أن كوبا لم يتوقف عن مداعبة الساحرة المستديرة، واستمر في خوض المباريات مع الهواة إلى أن بلغ من العمر 70 سنة. كما أطلق علامة تجارية خاصة بالملابس الرياضية واشتغل في العديد من المناسبات مستشاراً رياضياً مع قنوات الراديو والتلفزيون. وقد استقر سنة 2000 في جزيرة كورسيكا، وواصل اللقاء برفاق الأمس وعلى رأسهم جوست فونتين. وفي أحد تصريحاته الأخيرة وعمره يقارب 80 سنة، قال الأسطورة الفرنسي الساحر: "لا أشعر بالندم. لقد غيرت كرة القدم حياتي. إذ جعلت مني رجلاً بعد الإنتقال من العمل داخل المناجم إلى الجري وسط الملاعب الخضراء..."