تونس - منذر بالضيافي
أعاد منح لجنة نوبل النرويجية، الجمعة، جائزة نوبل للسلام 2015 إلى الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس الأمل للشارع في أن تكون هذه الجائزة إعلاناً من المجتمع الدولي عن ضخ دعم مادي، لإنقاذ مسار الانتقال الديمقراطي، الذي لن يصمد في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المترافقة مع تصاعد الخطر الإرهابي.
وقد رأت مكونات المشهد السياسي التونسي من زعماء الأحزاب والتيارات الفكرية أن الجائزة ستكون حافزاً لتقوية الجبهة الداخلية، بوصفها الخيار الوحيد لتوفير مقومات ديمقراطية تعددية، تجمع بين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين، بعيداً عن منطق الإقصاء والعزل السياسي لهذه الجهة أو تلك.
وهو ما أكد عليه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، في أكثر من مناسبة، حين أشاد "بحكمة" رئيس "النهضة" راشد الغنوشي، الذي رفض تمرير قانون العزل السياسي الذي لو مر كان سيشمل الرئيس السبسي.
ومن هذا المنطلق، رفض السبسي بدوره إقصاء أحد، بعد فوز حزبه بالأغلبية في الانتخابات، وأكثر من ذلك أشركهم في حكومة ائتلافية تحكم تونس اليوم، برغم وجود معارضة قوية داخل حزبه ومن قبل النخب الفكرية والإعلامية المؤثرة.
وفي كلمة للرئيس التونسي بمناسبة حصول الرباعي على جائزة نوبل للسلام، قال قائد السبسي إن تونس "تواجه الآن صعوبات كبيرة، وبرغم الضبابية والتجاذبات تأتينا أخبار سارة، ومن أهمها حصول رباعي الحوار الوطني على نوبل للسلام".
وأضاف السبسي أن "هذا التكريم ليس للرباعي فقط، فهو تكريم للخيار الذي اخترناه في تونس وهو اعتماد الحلول التوافقية لحل المشاكل والخلافات".
وبين الرئيس التونسي أن خيار الحوار تأسس منذ اللقاء الذي جمعه في صيف 2013 في باريس مع الشيخ راشد الغنوشي، الذي التزم خلاله الأخير بالالتحاق بالحوار الوطني.
"جنبنا بلدنا الحروب الأهلية"
لخص المحلل السياسي عادل الشاوش في حديث لـ "العربية.نت" أهمية هذا الإنجاز العالمي، وفق تعبيره، قائلاً: "لقد جنبنا بلدنا الحروب الأهلية، والانقلابات الدموية والتدخل الأجنبي، وأنقذنا مسارنا الانتقالي تحت خيمة منظماتنا الوطنية والمدنية العريقة".
وأضاف الشاوش أنه "يجب استثمار تتويج الرباعي بجائزة نوبل للسلام لعام 2015 لخدمة مصالح بلادنا ودعم إشعاعها".
تجدر الإشارة إلى أن الجائزة كانت "تقديراً لجهود الرباعي ومساهمته الحاسمة في بناء ديموقراطية متعددة بعد ثورة الياسمين في العام 2011".
وتشكلت الوساطة الرباعية من المنظمات الأربع: الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان صيف 2013، بينما كانت عملية الانتقال إلى الديمقراطية تواجه مخاطر نتيجة اغتيالات سياسية واضطرابات اجتماعية على نطاق واسع.
الحوار أثمر حكومة مستقلين
يذكر أن الحوار الوطني أفضى إلى توقيع المعارضة التونسية وحركة النهضة الإسلامية التي كانت تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم على خارطة طريق تنص على تشكيل حكومة مستقلين لإخراج البلاد من أزماتها السياسية الحادة آنذاك، التي اندلعت إثر اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو 2013.
وفي الكلمة الافتتاحية، لجلسة الحوار الوطني قال الأمين العام لاتحاد الشغل، حسين العباسي، إن تونس بحاجة إلى جميع أطيافها، ويجب التخلي عن فكرة الأغلبية والأقلية، داعياً إلى تحقيق مستقل في عمليات اغتيال قيادات من المعارضة. وطالب العباسي باحترام التوافقات التي سينتهي إليها الحوار الوطني، ووضع جدول زمني لتنفيذها. وهو ما تم بالفعل حيث التزمت حركة النهضة، بتقديم الحكم الى حكومة من المستقلين، أشرفت على إعداد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
ووافقت حركة النهضة الإسلامية الحاكمة على قبول مبدأ حل الحكومة التي تترأسها حينها، وتعويضها بحكومة كفاءات مستقلة لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، مثلما جاء في مبادرة المنظمات الراعية للحوار، بعد الانتهاء من كتابة الدستور وتحديد تاريخ الانتخابات القادمة. وهو ما تم لاحقاً، ومثل مدخلاً لبناء مسار انتقال ديمقراطي، من خلال انتخاب برلمان ديمقراطي، واختيار رئيس منتخب من الشعب، واتفاق الفرقاء على تشكيل حكومة توافق وطني تشارك فيها النهضة الإسلامية.
http://ara.tv/yf7wg