النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

سحر الكتابة التقليدية(عن المجلة العربية)

الزوار من محركات البحث: 20 المشاهدات : 907 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق جديد
    تاريخ التسجيل: June-2012
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 9 المواضيع: 8
    التقييم: 8
    آخر نشاط: 12/April/2017

    سحر الكتابة التقليدية(عن المجلة العربية)

    لا شك أن الانتقال من الكتابة الورقية إلى الكتابة الإلكترونية ترافق بسلسلة من التغييرات التي أثرت على طقوس الكتابة، بل وعلى مضامينها وفحواها، ذلك أن هذا الانتقال لم يقتصر على الجانب (الميكانيكي) للكتابة فحسب، بل إن التكنولوجيا الرقمية طاولت كل شيء من حولنا، حتى بات العالم برمته عبارة عن (صور متحركة على شاشة مضيئة)، وأصبح هذا العالم (قرية صغيرة)، وفق تعبير لأحد الباحثين، يظهر مدى تغلغل التطورات التكنولوجية في حياتنا المعاصرة.
    ويشير الباحثون والمؤرخون إلى أن الثقافة البشرية مرت بأربع صيغ للتعبير عن نفسها، وأولى تلك الصيغ هي (الشفاهية) حيث الحفظ والنقل اعتماداً على الذاكرة، والرسومات والرموز الفطرية البدائية، التي وجدت على جدران المغاور والكهوف، والثانية هي صيغة (التدوين)، وتتمثل في تدوين ما كان شفاهياً مع الاحتفاظ بالأسلوب الشفاهي البسيط قدر الإمكان، والصيغة الثالثة التي ظهرت بعد اختراع الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر، هي (الكتابة)، وهي صيغة شبيهة بصيغة التدوين لكنها متطورة ومتماسكة، ولها قواعد وأساليب وأشكال مختلفة، أما الصيغة الرابعة، فهي (الصورة) بوسائطها المختلفة كالتلفزيون، والفيديو، والإنترنت... وسواها من التقنيات التي راحت تؤسس لمرحلة ثقافية بشرية تغيرت معها مقاييس الثقافة كلها إرسالاً، واستقبالاً، وفهماً، وتأويلاً مثلما تغيرت قوانين التذوق، والتصور.
    وإذا كان الكاتب الإيطالي المعروف إمبرتو إيكو، صاحب (اسم الوردة)، قد قال ذات مرة «إن هذا الجيل خلق ليضغط زراً»، في إشارة إلى براعة الجيل الشاب في التعاطي مع وسائل التكنولوجيا وتعقيداتها، فإن الكثير من الكتاب والشعراء والأدباء لقوا صعوبة في التأقلم مع هذا الطارئ الجديد، وحرصوا على التمسك بالكتابة الورقية التقليدية، وكثيراً ما ترد في حواراتهم أحاديث عن الحنين إلى صرير القلم ونكهة الكتاب الورقي، والمقصود، هنا، ذلك البعد الوجداني لدى الأدباء والشعراء الذين يفضلون استخدام الورق في تسطير إبداعاتهم، وهم يربطون ذلك بالكثير من المحرضات والعوامل التي قد لا تتيحها شاشة الكومبيوتر، ويلمحون إلى ذلك الاحتكاك الحسي المادي مع بياض الورق، حيث الفراغ والعمق والاتساع، وهو ما (يساعد في خلق أجواء مناسبة ومريحة لفعل الكتابة، مما يساعد على تداعي الأفكار بطريقة أغنى وأسرع). لكن هؤلاء لم يستطيعوا الصمود كثيراً أمام إغراء الأضواء التي تنبعث من الشاشة، وسهولة إنجاز العمل بتعلم الضغط على أزرار معينة.
    والواقع أن التعامل مع هذه التكنولوجيا بات أمراً حتمياً، فحتى الدوريات والصحف راحت تضع شروطاً أمام كتاب المقالات، ومنها أن تكون المقالة مطبوعة على الكمبيوتر، ناهيك عن أن دور النشر لم تعد تقبل مخطوطات بخط اليد، بل تشترط، كذلك، تنضيدها إلكترونياً، فضلاً عن أن الإخراج الصحفي والتبويب ووضع الصور والتصاميم المختلفة لا يمكن أن تنجز بدون برامج معينة، وبذلك فإن هذا التحول الرقمي غدا واقعاً لا مفر منه مهما حاول الكاتب المكابرة، واقترن كل ذلك بمناخات وشروط جديدة راحت تفرض نفسها على طبيعة الكتابة، وهو ما سنتبينه عبر استطلاع آراء كتاب من أجيال مختلفة.
    الشاعر والكاتب السوري إبراهيم اليوسف الذي تجاوز عمره الخمسين، وينتمي إلى جيل الثمانينات، يقول إن «الكتابة الورقية والكتابة الإلكترونية، تشكلان عالمين مختلفين، جد متناقضين، حيث هناك أداتان مختلفتان، وشأن المنتقل من الكتابة الورقية إلى الكتابة الإلكترونية، تماماً، كشأن المنتقل من اليابسة ليس إلى البحر، بل إلى الفضاء». ويضيف اليوسف، الذي أصدر عدة دواوين شعرية «هناك كسر لعادات كتابية هائلة كانت ترافقنا منذ عقود، لذلك فإن هذه النقلة أثرت كثيراً في مرحلة بدايات الكتابة الإلكترونية. ومن أوجه الاختلاف، أن الكتابة الإلكترونية توفر وقتاً وجهداً».
    ويوضح اليوسف «شخصياً حين أكتب موضوعاً سريعاً لصحيفة أو مجلة، فإنني ألجأ إلى الكتابة الإلكترونية، بيد أنني أجدني بحاجة إلى الورق، عندما أكتب قصيدة، أو دراسة معمقة، حيث تكون الكتابة الإلكترونية محطة تالية لها».
    ويتابع اليوسف «بدهي، إن نقلة الكتابة من عالم الورق إلى عالم الإلكترون، تشكل تغيراً جذرياً في أسلوب الكتابة، إذ شتان ما بين هاتين الأداتين، ولعل مثل هذا الانتقال يحس به واحد مثلي.. كنت في نهاية العقد الرابع من عمري، عندما باغتني هذا الجهاز الساحر الغريب، وبدأت أروضه قليلاً قليلاً».
    ويرى اليوسف «أن إتقان الكمبيوتر، من قبل أي كاتب، يهيئ له سبل الكتابة والتعبير التلقائيين، وإذا كانت الكتابة الإلكترونية توفر فضاء واسعاً للكاتب كي يتواصل مع قرائه، حيث اتسع محيط هذه الدائرة ليكون كونياً، غير أن ذلك أوجد تحدياً من نوع آخر، إذ أتيح المجال لكل فرد من المليارات السبعة أن يكون كاتباً، وهذا ما يخلط الغث بالسمين، ويجعلنا أمام تلوث إلكتروني له سلبياته، مثلما له فوائده العظمى».
    وينفي اليوسف أن تكون للوسيلة أي دور في البعد المعرفي وفي التأثير، «فسواء كانت الوسيلة ورقية أم إلكترونية، فهي ليست سوى وسيلة لإيصال الفكرة»، ويعترف اليوسف بأنه يجد حالياً «اغترابا بينه وبين القلم، لاسيما فيما يتعلق بالمادة الصحفية اليومية، أما في ما يتعلق بالمتعة، فإن الفرق بين الكتابة الإلكترونية والورقية، هو أشبه بالفرق بين الوردة الاصطناعية ومثيلتها الطبيعية، بمعنى أن هناك متعة كبرى في قراءة وكتابة ما يتركه القلم من أثر كبير»، لافتاً إلى أن الكتابة الإلكترونية «تفتقر إلى تلك الحميمية العالية التي يستشعرها القارئ المتذوق، والذي يلجأ إلى الورقة والكتاب، ولعل واحداً مثلي تقليدي القراءة، أقرأ المقالة من شاشة الكمبيوتر، بيد أني لم أقرأ حتى الآن كتاباً إلكترونياً كاملاً على شاشة».
    ويلاحظ اليوسف أن «الكتابة والقراءة باتتا شأنين عامين، بعد أن كانتا أقرب إلى عالم النخبة، كما أن الصورة الإلكترونية هي الأكثر سطوة وتأثيراً في المتلقي، وكما يقول المثل: (صورة واحدة تعادل عشرة آلاف كلمة)، وباختصار إن الكتابة الإلكترونية هي ثورة في عالم الكتابة وعليها».
    الروائي السوري الشاب زياد عبدالله يقول: «لا بد وأن الكاتب، أي كاتب، كان يفكر، وهو يمضي وقلمه على الأوراق، بضرورة اختراع شيء أكثر سرعة وعملية يجسر الهوة التي قد تقع في المسافة بين ما في الرأس وما يطفو على الأوراق، وأن يوفر، أيضاً، وقاية من وعثاء المضي على سطح الأوراق ولا شيء يتوكأ عليه إلا القلم، الذي قد يتراجع عما مضى فيه، أو قد يضع الكاتب كلمة فيستبدلها بأخرى فيستدعي شطب الكلمة الأولى، وبالتأكيد الأمر وارد مع عبارة أو مقطع كاملين، ومن ثم عليه أن يكون، على الدوام، مستعداً للسخاء على صعيد المسودات، وأن يكتب ويكتب ما يصل إلى مسودات كثيرة ليستقر على مبيضة نهائية».
    ويضيف عبدالله الذي أصدر رواية (بر دبي)، ورواية (ديناميت): «لعل اختراع قلم التصحيح الأبيض كان مفصلياً في تاريخ الكتابة، لكن ومع الكمبيوتر حققت الكتابة انتصاراً كبيراً. هنا، سيختزل الوقت الذي تستغرقه الكتابة إلى النصف بالتأكيد، وأقصد هنا الجزء العملي من الكتابة، أي الجانب غير الإبداعي في عملية إبداعية. إن ذلك يمنح الكاتب انتصاراً طفيفاً على هدر الوقت، ثم أليس الإبداع صراعاً مع الزمن؟ صراعاً مع الفناء الإنساني؟». ويستنتج الروائي السوري أن «كل اختزال للوقت مبارك. لكن يبقى الحنين، الذي يعيدني إلى الورق أحياناً، وبخاصة حين يكون التأليف غامضاً، يستدعي اجتراح عبارات ذات بلاغة عالية».
    أما بالنسبة للتفاعلية والتواصل الافتراضي، فيرى عبدالله أن ذلك «يحمل من السيئات أكثر مما يحمل من الحسنات»، داعياً إلى إنتاج نص جدير بالقراءة، ومن ثم تأتي مسألة التواصل والتفاعل التي قد تكون مجدية، أحياناً، كأن نسمع مديحاً سريعاً في نص منشور قبل دقائق.
    ويختم عبدالله بالسؤال: «كيف كان لتولستوي أن يكتب (الحرب والسلم) لو كان لديه كمبيوتر؟ سؤال صعب لا أملك إجابة عليه! ويقودني إلى سؤال آخر: هل كانت (الحرب والسلم) ستكون هي نفسها (الحرب والسلم) كما قرأناها؟».
    الكاتب والناقد المسرحي السوري أنور محمد (في العقد الخامس من عمره) يؤكد «مازلت أكتب على الورق، لأن للكتابة الورقية سحر حميمي خاص، كما أن انفجارات الروح لا يسعها كل هذا الفضاء الإلكتروني. الكتابة على الورق تعني أنني مازلت أفكر، وتدفع عني مراجعة طبيب الأمراض العقلية»، ومع ذلك يقر محمد بأن «الأسلوب لا يتغير في الحالتين، إلا إذا عجز العقل عن التفكير. طالما أن الفكر لم يستسلم، فلا يهمه السباحة في مياه النهر أو في مياه البحر، وكل خطاب ورقي أو إلكتروني يحقق هدفه إلا إذا كان صادراً عن كاتب مومياء, وعلينا أن ندافع عن الحلم، فهو مصدر قوتنا سواء كنت تدافع عن حرية سياسية لشعب يسحله حاكمه، أو كنت تتغزل بزهرة». ويضيف الناقد المسرحي «أن نشاط الفكر هو الذي يولد الصورة, وأنا ضد القول إن الكتابة على الورق خطاب تقليدي، بل هي أول صورة وما تزال تلد كل هذه الصور, لكن كيف تموت الصورة؟ تموت عندما تصير صناعة أوتوماتيكية تفتقر إلى الموهبة والذكاء».
    الشاعر والصحافي السوري فتح الله الحسيني يقول: «إن الكتابة الإلكترونية لا تستهلك منه الوقت الكثير، خاصة أن التعامل، هنا، يكون مع أزرار الكيبورد (لوحة المفاتيح) لا مع القلم، وتكمن بلورة الموضوع في سرعة تقديمه للقارئ دون خدش أو خشية أن يكون النص قابلاً للحظر أو المنع أو الحرام، فأنت أمام شاشة النشر بشكل مباشر وفي غياب المقص الكريم للرقيب».
    ويرى الحسيني، وهو في عقد الأربعينات من عمره، أن طريقة الكتابة تشكل هاجساً للكاتب، لذلك فإن ما وفرته الكتابة الإلكترونية من صفاء كان أرقى مما وفرته الكتابة الورقية، لأن الكاتب ينتقل من صعوبة الكتابة إلى سهولتها دون تعب أو جهد إضافي مضن.
    ويؤكد الحسيني أن «الكتابة عبر وسائط الاتصال الإلكتروني يضيف للكاتب إثراء موضوعياً وتحفيزاً على المشاركة بأفكار تثيرها مداخلات القراء، فالكتابة الإلكترونية باتت جسراً كونياً للتواصل دون صندوق بريد خاضع للرقابة، أو ساعي بريد مرتشٍ، وبالتالي فإن للكتابة الإلكترونية إغراء وسطوة تمنحان الكاتب هامشاً غير محدود من الحرية».
    ويفضل الحسيني الكتابة من خلال الوسائط الحديثة، وهو يتحدث عن نوع من الألفة راحت تربطه بتلك الوسائط، فبعد أن كان القلم صديقاً، الآن أصبح اللابتوب (الكمبيوتر المحمول) أكثر قرباً للكاتب.
    ويختم الحسيني بالقول إن المهم في الكتابة هو التواصل على نحو يمهد لعلاقات غير مقيدة بوسيط، أو بصاحب دار نشر أو برئيس تحرير، مشيراً إلى أن عدد المعجبين بصفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) يتجاوز 1800 شخص، في حين يصل عدد أصدقائه، على الصفحة ذاتها، إلى ألفي صديق.

  2. #2
    مدير المنتدى
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: جهنم
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 84,950 المواضيع: 10,518
    صوتيات: 15 سوالف عراقية: 13
    التقييم: 87294
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: Sin trabajo
    أكلتي المفضلة: pizza
    موبايلي: M12
    آخر نشاط: منذ 11 دقيقة
    مقالات المدونة: 18
    حلو الموضوع شكرا لك دجلة

  3. #3
    من أهل الدار
    قلب حبيبتي
    تاريخ التسجيل: July-2011
    الدولة: كربلاء
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,085 المواضيع: 169
    صوتيات: 6 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 179
    مزاجي: كلش حلو
    المهنة: طالب كلية
    أكلتي المفضلة: باكلة ودهن
    موبايلي: صريصر
    آخر نشاط: 8/December/2016
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى الموالي
    مقالات المدونة: 1
    تسلمين موضوع حلو

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال