هل سئمتم النمط التقليدي للعمارة؟ أعني أنه حتى مع الأشكال والخطوط الجنونية أحيانًا لمدننا الجديدة بناطحاتها الشاهقة، صار الأمر مملًا بعض الشيء وأصبحنا نتابع كل خبر جديد يتعلق بهذا الشأن بتثاؤب خفيف! قد يكون السبب في هذا أنها جميعًا ترتفع على الأرض، ما يجعلها جميعًا متشابهة بشكل ما مهما اختلفت ظاهريًا؛ لهذا جاء تصميم المهندس المعماري (جاك روجري) مثيرًا ومدهشًا للغاية!
فقد قدم المهندس الفرنسي تصميمًا لمدينة عائمة عملاقة تدعى (Mériens) تحمل شبهًا واضحًا بسمكة شيطان البحر، وأشار في مقابلة تم إجراؤها معه بأن تصميمه هذا يعود لحبه الكبير للمحيط، حيث أنه كان يطلق على نفسه اسم “mérien”، وهو مصطلح يعني “الشخص الذي ينتمي إلى البحر”، وهو يحلم بأن يقطن مدينته هذه أشخاص يشاركونه الاهتمام في البحار كي يقوموا بإجراء بحث على المحيطات المحيطة بهم.
ليست هذه المرة الأولى التي يقدم فيها (روجري) تصاميمًا مائية، حيث سبق له تقديم تصميم يجري حاليًا تنفيذه لسفينة تدعى (SeaOrbiter).
تم تصميم مدينة (Mériens) لتحتوي على بحيرة داخلية كبيرة على شكل ممر مائي يسمح للسفينة بزيارتها، كما وسيكون بإمكان الهيكل الذي ستصل أبعاده إلى 3000 قدم بـ 1600 قدم، إيواء ما يصل إلى 7000 شخص من الباحثين والأساتذة والطلاب، وسوف يكون مجهزاً بالمختبرات والفصول الدراسية وأماكن المعيشة؛ فضلًا عن مكان لممارسة الأنشطة الترفيهية والرياضية.
ستكون المدينة مكتفية ذاتيًا بشكل كامل، حيث أنها ستعمل على الطاقة البحرية، وهذا سيمنع إنتاجها للنفايات بشكل تام، فإذا كانت فكرة تصميم هيكل مكرس بالكامل لفهم ورعاية البيئة المحيطية رائعة، فإن حقيقة أن هذا الهيكل قد تم تصميمه ليكون منخفض أو عديم التأثير على البيئة المجاورة هي أروع وأشد إثارة.
يصف (روجري) حبه للبحر في مقابلة مع الإذاعة الفرنسية (فرنش إنتر) بقوله “أشعر بأنني أكون في حالة جيدة جدًا عندما أكون تحت الماء، كما أشعر بأنني مختلف، وكأن نوعًا آخر من الخيال يستيقظ داخلي حالما أصبح تحت الماء”، كما يشير إلى أنه يأمل بأن يستطيع الأشخاص الآخرون الذين يشاركونه هذه الرهبة والخشوع الاستمرار في دراسة وحماية بحار الأرض الثمينة.
سيكون من الرائع حقًا أن نتحول إلى مثل هذا النمط الحياتي المتصالح والمنسجم تمامًا مع البيئة وكوكب الأرض؛ ففي النهاية هي أرض واحدة … على الأقل حاليًا!