1- التمييز بين مفهوم (الضدّين) ومفهوم (النقيضين) مهمّ من أجل منهجيّة تفكير سليمة.
فمن مدخل الالتباس بينهما تتركّب الكثير من المغالطات.
لن أتوسّل في شرح ذلك التعريفات المنطقية الكلاسيكية، ولكن يكفي أن أشير إلى أن نقيض الشيء هو الذي يكون بالضرورة موجوداً عند انعدام ذلك الشيء.
فالموت نقيض للحياة والوجود نقيض للعدم والعمى نقيض للإبصار. أي أن من تنعدم حياته ميّت بالضرورة، ومن ينعدم بصره أعمى بالضرورة.
مثل هذا لا يتوفّر في مفهوم الضدّين، فالسواد ضدّ للبياض وليس نقيضاً له، والطول ضدّللقصر وليس نقيضاً له، فغير الأسود ليس بالضرورة أبيضاً، وغير الطويل ليس بالضرورة قصيراً.
يبدو الأمر سهل جداً عند التنظير له بهذه الطريقة، ولكن ما يحدث في حقيقة الحال أنّنا ولعوامل اجتماعية ونفسية عديدة، نكون صيداً سهلاً لمتحدّث يوقعنا في مغالطة منطقيّة شهيرة يسميها أهل المنطق (مغالطة الثنائية الخادعة) وهي التي تعتمد على تصوير الأضداد على هيئة النقائض، فيوهمنا أننا إن لم نختر الخيار (أ) أو نقتنع به، فإنّنا واقعون في الخيار (ب) لا محالة، في حين أن حقيقة الأمر ليست كذلك.
بقي أن أقول أننا في رحلة الترقّي الفكريّة، كثيراً ما نكتشف أن من الأشياء ما كنّا نعدّها من النقائض في مرحلة ما، لم تكن في حقيقتها أكثر من أضداد، واكتشاف هذا يعطينا فسحة ذهنيّة أكثر في التعايش معها، فواقع الأمر عندما نقتنع أن آراءنا شيء أشبه بالألوان التي تتضادّ دون أن تتنافى، مختلف عن واقعه عندما ننظر إلى آرائنا كنظرنا إلى ثنائية الموت والحياة.
ولذلك قالوا قديماً (من زاد علمه قلّ إنكاره).
عبدالرحمن مرشود
سيتم الاضافة على الموضوع لحقا