قد لا تتفق مع مقولة نابليون الشهيرة ” التاريخ مجموعة من الأكاذيب التي أتفق عليها الناس”، ولكن في الحقيقة الفبركة والأساطير المتناقلة قد غيرت الكثير من الماضي.
لنجد الكثير من الحقائق في حياتنا لم تحدث من الأساس، ومنها ما يمس شخصيات تاريخية معروفة اشتهرت بأشياء لم تقم بها.
ابنر دووبلدي (لاختراعه البيسبول)
كان ابنر دووبلدي جنرال في الحرب الاهلية الامريكية وهو شهير بأمره إطلاق النار على حصن سومتر، ولكن على الرغم من أهمية سيرته الذاتية كرجل حرب فهو معروف أكثر لاختراعه لعبة البيسبول على الرغم من حقيقة إنه لم يقم بذلك.
القصة تعود إلى عام 1905، عندما قام A.G. Mills رئيس الدوري الوطني بعمل تحقيقات حول تاريخ اللعبة الأمريكية الأكثر تفضيلاً. وبناء على خطاب من رجل يدعى “ابنر جرافيز” قام “ميلز” باستنتاج أن ابنر دووبلدي هو من اخترع لعبة البيسبول في نيويورك عام 1839.
في الحقيقة ان القائد كان موجوداً بويست بوينت عام 1839 ولكن وجوده لم يكن متعلقاً بأي شكل من الأشكال بالبيسبول، ولكن الأسطورة انتشرت لسنوات، وتم انشاء قاعة البيسبول باسمه في كوبرستون عام 1939 في الذكرى المئوية لاختراع اللعبة.
نيرون (لعزفه على الكمان أثناء حرق روما)
واحدة من أشهر قصص سقوط روما هي حول الإمبراطور نيرون والتي وقعت أحداثها عام 64 بعد الميلاد، ففي العديد من الأساطير القديمة أمر نيرون رجاله بإشعال حريق حتى يخلي مكان لقصره الجديد، ثم جلس يشاهد الحريق اثناء عزفه على الكمان.
وعلى الرغم من أن شخصية نيرون ليست مثالية بالتأكيد –فقد أمر بقتل والدته أثناء صعوده للسلطة-إلا أن أسطورة حرقه لروما تحمل الكثير من المبالغات.
حيث قال العديد من الباحثون أن هذه مجرد شائعات، فنيرون كان خارج روما خلال الحريق، وعند عودته أشترك في انقاذ وإعادة بناء المدينة وفتح حدائق قصره لمن فقدوا منازلهم، بالإضافة لكون الكمان لم يكن مُخترع بعد في هذه الفترة.
ماري أنطوانيت (لقولها دعهم يأكلون الكعك)
عندما قيل لها شعبك يتضور جوعاً لعدم وجود خبر، قالت الملكة الفرنسية من القرن الثامن عشر ماري أنطوانيت “إَّذا دعهم يأكلون الكعك”. هذه الجملة أصبحت في غاية الشهرة، ولكن الحقيقة إنه لا يوجد أي دليل على قول الملكة ماري أنطوانيت تلك الكلمات.
الجملة ظهرت أول مرة في كتاب “الاعترافات” للفيلسوف جان جاك روسو الذي كتبه عام 1766. إن كان روسو يعني بهذه الجملة ماري أنطوانيت فقد كانت في هذه الفترة طفلة ذات عشر سنوات وليست ملكة من الأساس. لذلك يعتقد المؤرخون أن روسو إما إنه مؤلف هذه الجملة، أو إنها كانت جملة شهيرة لنقد طبقة النبلاء اللامبالية بالقرن الثامن عشر.
جوزيف إينياس غليوتان (لاختراعه المقصلة)
هناك اعتقاد شهير بأن الطبيب الفرنسي جوزيف اينياس غليوتان من أخترع آلة الذبح المعروفة باسم المقصلة والتي اشتق اسمها guillotine من أسمه. حيث تقول القصة إنه أراد أن ينهي استخدام الفأس والشنق كوسائل للإعدام لذلك عام 1789 قدم فكرته التي رأى إنها أكثر إنسانية وأقل ألماَ.
لقد كان دور جوزيف هنا إدارياً فقط فمخططات المقصلة لم تخصه بل ترجع إلى جراح يسمى أنطونيو لويس، وقد رسمها طبقاً لتلك التي شاهدها من قبل في سكوتلاند وإيطاليا، وقد قام ألماني يسمى توبياس شميدت بصنع أول نموذج لها، وتم استخدامها بعد ذلك من قبل الحكومة الفرنسية.
لذلك غليوتان لم يقم باختراع او تصميم المقصلة او شارك في بنائها، وهناك قصة كاذبة أخرى حول قطع رأس غليوتان نفسه بالمقصلة.
جورج واشنطن كارفر (لاختراعه زبدة الفول السوداني)
جورج واشنطن كارفر كان عالم أمريكي ومخترع للعديد من المنتجات الغذائية وطرق للزراعة، ولكن على الرغم من أن منتجاته الكثيرة قد جعلته معروفاً للغاية ولكن التاريخ لم يذكره إلا باختراعه المزعوم لزبدة الفول السوداني.
وعلى الرغم من الاستخدامات الكثيرة للفول السوداني التي قام بها كارفر إلا تحويل الفول السوداني إلى معجون تم اكتشافه في جنوب افريقيا العام 950 قبل الميلاد، أما الشكل الحالي لزبدة الفول السوداني فقد ظهر عام 1884 على يد مارسيلليو إديسون والذي أسماه “حلوى الفول السوداني”، في حين ان كارفر بدأ استخدام الفول السوداني كمعجون في منتجاته عام 1903.
بيتسي روس (لصنعها أول علم أمريكي)
ورد أسم بيتسي روس في واحدة من الأساطير الأمريكية الشهيرة، وهي خياطة من المعروف إنها قامت بصنع أول علم أمريكي، حيث تنص القصة على إنه عام 1776 قامت بخياطة علم بثلاثة عشر نجمة.
على الرغم من شهرة هذه القصة وتدريسها للأطفال في المدارس إلا ان الباحثون التاريخيون يكذبونها، فالجرائد في ذلك الوقت لم تكتب عن هذه القصة تماماً، كما أن الرئيس جورج واشنطن لم يذكر مشاركة روس في صنع العلم، وفي الحقيقة لم تظهره هذه الأسطورة حتى عام 1870، عندما قام حفيدها ويليام كانبي بنشرها في بنسلفانيا، ولكنه لم يقدم دليل مادي على هذا الادعاء، الحقيقة أن بيتسي روس قامت بصنع علم ولكنه لم يكن اول علم أمريكي.