مفهوم القيادة و الإدارة
يعبر مفهوم القيادة و الإدارة عن العلاقة بين رئيس و مرؤوسين حيث يمتلك القائد أو المدير سلطات محددة تمكنه من التأثير على سلوكيات الأفراد و توجيههم لبذل الجهود لتنفيذ سياسات المؤسسة، و تتسم تلك العلاقة بالتفاعلية المستمرة، بحيث يتم تعديل السياسات في ضوء ما يستجد من أهداف أو تعديلات طبقاً لمستجدات الظروف و المتغيرات المختلفة.
و لأن سلوكيات الأفراد تتغير باستمرار طبقاً لمشاعرهم و اتجاهاتهم و الظروف المحيطة و المؤثرة فيهم، فلابد فيمن يتولى القيادة و الإدارة للآخرين توافر مجموعة صفات من أبرزها القدرة على التأثير في الآخرين و توجيه سلوكياتهم، و لأن ذلك غير متاح بسهولة او كثيراً، لذلك تعتبر القيادة و الإدارة الجيدة من السلع النادرة و التي يمتلك قدراتها القليل من أفراد المجتمع.
و يمارس القائد قيادته من منظور امتلاكه لسلطات معينة قد تكون من خلال توقع أتباعه لمكافأة معينة حال قيامهم بتنفيذ المهمات المطلوبة منهم على الوجه الأكمل، قد تكون تلك المكافأة مادية في صورة ترقيات او حافز مادي، كما قد تكون معنوية في صورة تشجيع. و أحياناً أخرى تكون السلطة متمثلة في أن التقصير في أداء المهمات سيعود بالخصومات على العامل المقصر و الحرمان من المكافآت و الحوافز او وجود العقاب المعنوي و أحياناً يكون الاثنان معاً. و قد تكون السلطة مصدرها التخصص كأن يكون القائد أعلى في الدرجة العلمية من مرؤوسيه ما يجعلهم ملزمين بتنفيذ أوامره لعلمهم بأنه يمتلك الدراية و الخبرة الكافية لاتخاذ القرارات الأساسية، و أحياناً تكون مصدر السلطة لدى القائد هو قدرته على إثارة اعجاب مرؤوسيه لامتلاكه (كاريزما) معينة تجعلهم يؤمنون به و يتبعون أوامره و سياساته.
و قد تعددت الآراء حول كيفية تكوين القائد و المدير، فالبعض اعتقد بأن القائد يكون مولوداً بصفات القيادة (وراثة)، إلا أن هذه النظرية فشلت في تحديد تلك الصفات و أماكن وجودها في الخريطة الوراثية للإنسان أيضاً، كما تجاهلت أيضاً تأثير البيئة المحيطة على الإنسان في لإبراز تلك الصفات القيادية أو عدم الإظهار لها.
و لكن الرأي الأصح في تكوين القائد المتميز هو الرأي الذي ربط بين الصفات الشخصية و الخبرات و المهارات التي تكسب الفرد قدرات القيادة المتميزة للآخرين، أي أنها منظومة كاملة جزء منها يرتبط بالمهارات الشخصية، و الجزء الأكبر يأتي من الخبرة و الممارسة العملية و الدورات التدريبية و المعرفة أيضاً، حيث تلعب دوراً هاماً في صقل مهارات القائد، و تتنوع مصادر تلك المعرفة و لا تقتصر على القيادة فحسب، بل تشمل أيضاً الدراسة لعلم النفس و السلوكيات و الدوافع لدى الأفراد، كما ترتبط القيادة الناجحة أيضاً بالوعي بالظروف المحيطة به، و الفهم الكامل لأبعاد الواقع و ظروف الحياة و السوق و المنافسين و كيفية تحديد الأهداف و آليات التنفيذ الخاصة بها، و لا يمكن تجاهل أهمية أن يكون القائد نفسه قدوة لمن يتبعونه، حيث يتوجب عليه أن يكون هو أولاً تطبيق عملي لما يطلبه منهم، حتى لا يثير في نفوسهم المشاعر السلبية التي تحثهم على تدبير المكائد ضده، و الرغبة في التخلص منه، او حتى تحديه بشكل علني.
دوما ما يخلط الكثيرين بين كلا المفهومين ( القيادة و الإدارة ) و ذلك على الرغم من وجود عدة فروق بين كل منهما فليس كل مدير قائد و القادة عددهم قليل نسبياً مقارنة بعدد المدراء و يقوم المدير بممارسة صلاحياته و مهماته من خلال السلطات التي يحصل عليها عادة سواء عن طريق القانون أو عن طريق صاحب العمل و ليس شرطاً أن يحبه العاملون معه أو يقومون بتنفيذ مهماتهم عن اقتناع واضح بتلك المهمات و لكنهم ينفذونها لارتباطها ببقائهم في العمل و حاجتهم للمال فالمدير يكتسب تلك الصفة نتيجة خبرة طويلة و فترة عمل كبيرة أهلته لتبوأ هذا المنصب و يكون هذا نتيجة لعمله و جهده الخاص عندما كان زميلا لمن يعملون معه و لكن عندما يتحول هو لمدير يكتشف أنه مع تزايد الصلاحيات تتزايد كذلك التعقيدات التي يمكنه أن يواجهها عند ممارسته لمهماته الإدارية من حيث التخطيط و وضع الأهداف و تدريب الأفراد و الرقابة عليهم مع وضع تقارير بكل ذلك و تقديمها للجهات المعنية بينما القائد يتميز عن المدير في العديد من الجوانب منها القدرة على التأثير في الآخرين و تحفيزهم كما أن لديه قدر من الثقة بالنفس و قدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في المواقف الهامة و لأن القيادة مكتسبة و ليست وراثية فيتيح هذا السبيل للراغبين من المدراء بأن يتحولوا لقادة و يتركوا انطباعات متميزة لدى العاملين معهم