بقلم سماحة الشيخ بناهيان: حداد عالميّ لضحايا مقتل منى، جمرات بوسعة الأرض
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد انتهاء عملية البحث عن ضحايا مقتل منى وإحصائهم، علينا أن نبادر إلى رمي الجمرات ونقيم مجالس عزاءٍ عالميّةً على أثر هذه الكارثة الإنسانية العظيمة. فنرجم فيها بدلا عن الحجاج الذين انقطع بهم السبيل إلى رمي الجمرات، قصورَ الشياطين وأبنية عبدتهم في العالم أي الاستكبار العالمي.
لقد كان بيد جميع الحجاج الشهداء أحجار ليرجموا بها رمز الشيطان ويدفعوا شرّه عن المسلمين. فها أنتم الآن أيها المسلمون بين هذه الأحجار الساقطة من أيديهم على الأرض، وبين مؤسسة الشيطان أي الصهيونية العالمية والاستكبار العالمي والطواغيت المدعومة من قبلهم. لابدّ أن نوسّع نطاق رمي الجمرات على مدى حجم الأرض ليعمّ في الأرض أمان دائم للعبادة. لابدّ أن نقوم بتعظيم شهداء مقتل منى بشتى الأشكال والأساليب من الكلمة والكلام والصورة والرسالة، وهذا هو رمينا للجمرات.
ينبغي لجميع المسلمين ومحبّي البشر أن يقيموا على شهداء منى العزاء في جميع بلدان العالم وبشتى الأساليب. لقد حال الوقت لكي تجسّد الشعوب وحدتها عبر هذا الحداد العالمي وتفضح أتباع الصهاينة والاستكبار. اليوم يوم افتضاح جميع السياسيّين من أشباه البشر الذين ينادون بحقوق الإنسان كذبا وخداعا، وهم بكم تجاه هذه الفاجعة. اليوم يوم افتضاح جميع وسائل الإعلام من مرتزقي الرأسماليين والذين يحاولون التعتيم على هذا الحدث المهول وتحريفه بكلّ وقاحة. اليوم يوم نفاد عمر الأنظمة الدكتاتوريّة النخرة المدعومة من قبل الديمقراطية الكاذبة في البلدان الغربيّة الحقيرة.
لا ينبغي المرور مرّ الكرام على قتلى منى. فإنّ عدم المبالاة بهذه الكارثة هي أخلاق جلاوزة آل سعود الذين وقفوا سدّا منيعا دون مساعدة الحجاج المصابين ووقفوا ساعات متفرّجين على آلاف الحجاج إذ كانوا ينازعون الموت دون أن يسعفوهم بشيء، وكأنّ جميعهم كانوا قد استلموا الأوامر لصنع هذه الكارثة المفجعة.
إن تشييع شهداء منى بين اجتماع رهيب من الناس في بلدانهم والتبرك بجثمانهم الطاهر ينير قلوب المسلمين، وينشر عطر الإيمان في جميع أرجاء العالم ولو كره أعداء الإسلام والكافرون.
إن شعبنا في إيران الإسلامية سيحضر متحمّسا أكثر من أيّ وقت آخر تشييع جنائز هؤلاء المؤمنين المظلومين الذين قضوا نحبهم في أوج الطهارة، وسوف يبدّل هذه المصيبة العظمى إلى شموخ الوحدة والتعاطف والصحوة أمام أعداء الإنسانية.
لابدّ أن ندعو أهل الكتاب من أتباع الأديان الإبراهيمية في العالم إلى إقامة العزاء على قتلى مذبح إسماعيل، ونفاجئ الأيادي الساعية للتمزيق بين المذاهب بظاهرة الوحدة بين الأديان، فإن في وحدة الشعوب هلاك القوى العظمى الظالمة. لابدّ أن نعلن لجميع أهل العالم أنه كان المقتل الأول لحجاجنا في هذا العام مقام إبراهيم(ع) بجوار الكعبة والمقتل الثاني محطّ رجل النبي إبراهيم(ع) منى. إن حزننا وألمنا في هذا الحداد العظيم على أكثر من أربعة آلاف شهيد، أوسع نطاقا من ديانة الإسلام فلابدّ من دعوة جميع أتباع الأديان الإبراهيميّة إلى هذا الحداد العظيم. فقد وقعت محرقة هولوكاست الحقيقية هنا.
وفي الختام لابدّ من الإشارة إلى هذه الحقيقة الخطيرة وهي أننا إذا أسمعنا أهل العالم واعية مظلومي منى، ستقلّ الأثمان التي ندفعها في المستقبل لتحقّق أمر الفرج، وإلّا فلنعلم أن طريق الوصول إلى شاطئ الأمان يمرّ من بحر من الدماء. لابدّ أن نعلن أن قصاص مسببي هذه الجريمة هو الحدّ الأدنى من ما يطالب به المؤمنون وإلا فسوف تتعرض حياة البشرية إلى خطر، إذ قال سبحانه وتعالى: (وَ لَکُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [البقرة/179]
علي رضا بناهيان
17 ذي الحجة 1426