((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ))
(آل عمران : 134) .

الحلم وكظم الغيظ

وهما : ضبط النفس ازاء مثيرات الغضب . وهما من اشرف السجايا ، واعز الخصال ، ودليلا سمو النفس ، وكرم الاخلاق ، وسببا المودة والاعزاز .
وقد مدح الله الحلماء والكاظمين الغيظ ، واثنى عليهم في محكم كتابه الكريم .
فقال تعالى : «واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما»
(الفرقان : 63) .

وقال تعالى : «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ، وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم»
(فصلت : 34 ـ 35) .

وقال تعالى : «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»
(آل عمران : 134) .

وعلى هذا النسق جاءت توجيهات اهل البيت عليهم السلام :
قال الباقر (ع) : «ان الله عز وجل يحب الحيي الحليم» .
وسمع أمير المؤمنين (ع) رجلاً يشتم قنبراً ، وقد رام قنبر ان يرد عليه



فناداه أمير المؤمنين (ع) : مهلاً يا قنبر ، دع شاتمك ، مهانا ، ترضي الرحمن ، وتسخط الشيطان ، وتعاقب عدوك ، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ما ارضى المؤمن ربه بمثل الحلم ، ولا اسخط الشيطان بمثل الصمت ، ولا عوقب الاحمق بمثل السكوت عنه».
وقال )ع) : «اول عوض الحليم من حلمه ، ان الناس انصاره على الجاهل» .
وقال الصادق (ع) : «اذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان ، فيقولان للسفيه منهما : قلت وقلت ، وانت اهل لما قلت ، ستجزى بما قلت . ويقولان للحليم منهما : صبرت وحلمت ، سيغفر الله لك ، ان اتممت ذلك . قال : فان رد الحليم عليه ارتفع الملكان.
وقال الصادق (ع) : «ما من عبد كظم غيظاً ، الا زاده الله عز وجل عزاً في الدنيا والاخرة ،
وقد قال الله عز وجل : )«والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين»( واثابه مكان غيظه
وقال الامام موسى بن جعفر (ع) : «اصبر على اعداء النعم ، فانك لن تكافىء من عصى الله فيك ، بأفضل من ان تطيع الله فيه»
واحضر عليه السلام ولده يوماً فقال لهم : «يا بني اني موصيكم بوصية ، فمن حفظها لم يضع معها ، ان اتاكم آت فأسمعكم في الاذن اليمنى مكروهاً ، ثم تحول الى الاذن اليسرى فاعتذر وقال : لم اقل شيئا فاقبلوا عذره».

وقد يحسب السفهاء ان الحلم من دلائل الضعف ، ودواعي الهوان ، ولكن العقلاء يرونه من سمات النبل ، وسمو الخلق ، ودواعي العزة والكرامة . فكلما عظم الانسان قدراً ، كرمت اخلاقه ، وسمت نفسه ، عن مجاراة