رغم فوزه بالدوري المحلي مرتين متتاليتين وكأس ألمانيا مع بايرن ميونخ إلا أن أسلوب المدرب الاسباني _أو الكتالوني إن تم الاستقلال_ بيبي جوارديولا لم يسلم يوماً من نار الانتقادات الألمانية سواء من داخل النادي عبر بيكنباور أو خارجه عبر المشجعين الذين لم يستسيغوا أسلوب الاستحواذ الذي برأيهم لا يناسب طبيعة لاعبي النادي التكتيكية التي جبلت على الأسلوب المباشر. ولا يبدو أن الفوز المستمر بالدوري سيوقف هذه الضغوط والانتقادات على اعتبار أن أي مدرب استلم البايرن استطاع الفوز بالثنائية التي باتت معتادة وطبيعية كل عامين تقريباً .
يعرف جوارديولا تماماً أن السبيل الوحيد ليحفظ تاريخه كمدرب ناجح بل وأسطوري مع برشلونة يكمن حصراً في تحقيق اللقب الذي خسره مع بايرن ميونخ ألا وهو دوري الأبطال الذي فاز به النادي لآخر مرة عام 2013 مع طيب الذكر يوب هاينكس. وبعد عامين من التجارب والخطط للموائمة بين مباشرية الألمان وفسلفته في الاستحواذ _اعتمد 3-5-2 و 4-1-4-1 و 3-6-1_ يبدو أن الفيلسوف قد اهتدى إلى السبيل الأمثل لذلك ألا وهو التطهير العرقي.
يبدو تعبير التطهير العرقي الذي استخدم لوصف تصرفات القوات اليوغوسلافية في حرب البوسنة إجرامياً بعض الشيء ، لكن بالنظر إلى المعنى المجازي له والذي يعني التخلص من عرق معين بغية فإن ما قام به جوارديولا خلال ولايته خاصة العام الماضي يطابق هذه السياسة إلى حد كبير. حيث ضيّق على اللاعبين الألمان وتشاجر معهم عدة مرّات رصدت بعضها عدسات الكاميرات كما حدث مع مولر . وهذه الأجواء المشحونة أجبرت بعضهم على الخروج من الفريق ككروس وشفاينستايجر في حين جلس آخرون على مقاعد الاحتياط ومنهم الموهوب جوتزة وأحياناً مولر أفضل مهاجمي ألمانيا الحاليين. وبمقارنة صغيرة بين بايرن ميونخ 2013 وبايرن ميونخ 2015 نجد أن عدد اللاعبين الألمان تقلص في التشكيلة الأساسية من 5 إلى 7 لاعبين إلى ثلاث أو أربعة لاعبين كحد أقصى.
عملية إبعاد الألمان ترافقت مع خطوة ثانية مكملة وهامة تمثلت في جلب لاعبين لاتينيين سواء من أمريكا الجنوبية أو أوروبا أصبحوا من أعمدة الفريق كتياجو ألكنتارا وتشابي ألونسو وأخيراً دوجلاس كوستا الذين يمتلكون المهارة والسرعة ويضمنون نجاحاً أعلى لفسلفة جوارديولا.
العملية التي قام بها المدرب الكتالوني بتغيير المعالم الديموغرافية للفريق البافاري تبدو قاسية إلى حد كبير وغير مقبولة بالنسبة للكثير من عشاق البافاري، لكنها بالنسبة للمدرب الطريق الأمثل لتطبيق أسلوبه والفوز بالأبطال والحفاظ على إرثه كمدرب أسطوري . وبالنسبة للإدارة فهي تحترم المدرب ودوره ولا تتدخل في صلاحياته، بالإضافة إلى أن البايرن هو الأول في ألمانيا ولا منافس له حتى اللحظة ، و في كل موسم هو أحد أضلاع المربع الذهبي وبالتالي مبرر الإقالة غير موجود …لكن عدم التجديد سيكون خياراً مطروحاً إن لم يفز الفريق بالكأس ذات الأذنين الكبيرتين. وحتى اللحظة تبدو سياسة المدرب ناجحة إلى حد كبير والفريق يحقق انتصارات ساحقة ويظهر توازناً كبيراً على أرضية الملعب ، إلا أن العبرة تبقى في الخواتيم .
المصدر
سبورت الأماراتية