يا الله ........عزيزي راهب اتصال الخيال بعالم الواقع يتحقق بــ :
1- خروج المُتَخَيَل من حيز الذهن إلى حيز : أ - الكتابة ، بأن يكون نصاً مكتوباً و حينها يكون الواقع هو ذلك الكتاب أو الورقة التي كُتب فيها المتخيل و صار قابلاً للقراءة .. و ما دام مقروءاً فهو واقع لا خيال و إن كانت مادته المكتوبة هي محض خيال لا يمكن أن ينطبق في الواقع ، ب - المشافهة عموماً كأن تروي لأحدهم قصة خيالية ، فعملية الحكي أو الرواية تلك جعلت من الخيال وجوداً في الواقع و إن كانت الحكاية تتكلم عن تفاصيل خيالية ،،،، من هنا يمكننا القول بأن حكايات ألف ليلة وليلة حكايات خيالية لكنها أمر واقع بوصفها كتاباً متداولاً يمكن قراءته ... لو أن مؤلف هذه الحكايات تخيلها و كتمها في نفسه و لم يروها أو يكتبها لبقيت في عالم الخيال ... طبعاً هذا الكلام على وفق النظريات و المناهج النقدية الحديثة و منها بالذات و على وجه الخصوص نظرية القراءة أو التلقي فهي تحكم على كون النص نصاً حين يكون قابلاً للقراءة أي قابلاً للتحقق في عالم الواقع .
2- الفضاء الزمكاني لو أردنا أن نتوسع بمفهومه لذهبنا إلى تبني بعض آراء نقدية ترى بأنه لا يمكن أن يخلو أي نص منه ، كما لو قلنا مثلاً ( رأيتُ نفسي ) إذ للوهلة الأولى يتصور المتلقي أنه لا مكان و لا زمان هنا .. لكن رأياً نقدياً يصدمنا بوجودهما معاً في هذه الجملة القصيرة ، إذ يذهب هذا الرأي إلى ( رأيتُ نفسي : الآن ، في الماضي ، في المستقبل ) و معنى هذا أننا أمام احتمال من 3 احتمالات إما الحاضر أو الماضي أو المستقبل ، و هذا لا يعني نفي الزمان في الجملة بل على العكس انفتاحها على الفضاء الزماني و عدم حصرها في الحيز الزماني ( الفرق بين الحيز و الفضاء : الحيز أضيق ، الفضاء أوسع ) ، كما أن هذا الرأي يذهب إلى ( رأيتُ نفسي : هنا ، هناك ، لا هنا ، لا هناك ) و كلها أمكنة ، فــ (هنا) مكان ، و (هناك) مكان ، و (لا هنا) احتمال أمكنة لا عدّ و لا حصر لها من الأمكنة التي ليست هنا ، و ( لا هناك ) كذلك أيضاً لا حصر لها من احتمالات أمكنة ... فحتى نفي المكان و نفي الزمان أيضاً في النص الأدبي يخرج عن قاعدة المنطق الأرسطي في ( أن نفي الشيء هو عدمه ) و يجب هنا أن لا ننسى بأننا لا نحتكم للمنطق الأرسطي بل لمنطق الفن و نحن نتحدث عن الظاهرة الأدبية ، الأمر كذلك لو اخترنا جملة اسمية لا فعلية ، بل الأمر كذلك في عموم كون الكلام إما إنشائياً أو خبرياً .
3- مما تقدم في 2 .. لا يمكننا أن نلتزم باشتراط الفضاء الزمكاني لتحقيق تواصل الخيال بالواقع ، لأننا إما أن نؤمن بالرأي النقدي الوارد في 2 و هذا يعني أننا كيفما كتبنا و فكرّنا سنكون ضمن الفضاء الزمكاني ، و إما أننا لا نؤمن بهذا الرأي فمعناه أننا نفترض إمكان جملة أو قول أو نص يخلو من الزمكان ، أي أن قيمة الزمكان فيه = صفر .
ممتن جدااا لهذا الإثراء أيها الشاعر الراهب .. محبتي