مساؤكم تعزية ....
وعظم الله لكم الاجر ....
اللهم عجّل لوليك الفرج
مساؤكم تعزية ....
وعظم الله لكم الاجر ....
اللهم عجّل لوليك الفرج
الافتراض .. في النص
النص ـ كما نعلم ـ يضمّ داخله عوالم عديدة / أجزاء كثيرة / آليات نصية كثيرة ... من ضمن ما يتضمنه النص و ما يضمّه ( الافتراض ) ، ما هو الافتراض ؟ .
الافتراض : هو ما يقدّمه النص من معلومات في متنه ، مما يمكن أن يجيب عليه القارئ حين يقرأه بــ ( هذا أمر بديهي ) ، بمعنى أن القارئ يصدقه و لا يذهب إلى تكذيبه ، و السبب في ذلك هو أنه ليس من المعقول أو المتوقع أن ينشغل القارئ بتكذيب معلومات وردت في نص أدبي ، إذ إنه ـ أي القارئ ـ ليس بمواجهة نص تاريخي أو علمي حتى يمعن النظر و يدقق ليصدق أو يكذّب ، من هذا المنطلق لو جاء في نص رواية مثلاً : قُتِل أخوها ، حين كان يعبر المتوسط مع مجموعة لهجرة غير شرعية . فإن القارئ لن ينشغل بالسؤال : هل حدث هذا فعلاً أم لا ؟ فمثل هذا التساؤل غير منطقي و هو يقرأ رواية .. خلاصة الأمر أن القارئ يستسلم لما ورد من معلومات في النص الأدبي ، و لو سأله أحدهم هل أن فلاناً في الرواية الفلانية غرق في عرض البحر ؟ لقال دون تردد : نعم حدث هذا .......... هذا ما نعنيه بالافتراض في درسنا هذا . و سنتعلم كيف يمكننا ككتّاب صياغة افتراضاتنا داخل النص بالشكل الذي يظهر النص بصورة أجمل و أكثر حرفية .
- الافتراض و العلاقة التضمينية : إذا كنا قد فهمنا آنفاً ما هو الافتراض ، فما هي العلاقة التضمينية هنا ؟ ستتضح العلاقة التضمينية من خلال المثال : حال زيدٌ دون ذهاب ليلى
الافتراض هنا هو حيلولة زيدٌ دون ذهاب ليلى ، إذ إن الجملة قدمت لنا معلومة مفادها أن زيداً منع ليلى من الذهاب ، و هذه المعلومة تمثل الافتراض ، لكن أين العلاقة التضمينية إذن ؟! العلاقة التضمينية هي ( ليلى أرادت الذهاب لمكان ما ) كانت تعتزم الذهاب لمكان ما ، من ذلك نفهم أن الافتراض ( حال زيدٌ دون ذهاب ليلى ) تضمن شيئاً غير مصرح به في النص ، قادنا إلى معلومة أخرى أخفاها النص خلف الافتراض الذي قدّمه في جملة ( حال زيدٌ دون ذهاب ليلى ) ، و من هنا تنشأ علاقة بين ( الافتراض ) و ( التضمين ) ندعوها بــ ( العلاقة التضمينية ) .
ما هو الشيء الذي يمكننا أداؤه بخصوص الافتراض و العلاقة التضمينية و نحن نكتب نصاً ؟ إنه ما سبق و قدّمناه بشكل عام عن ضرورة الجنوح إلى التلميح و عدم التصريح ، اللغة غير المباشرة ، القول بطريقة غير مباشرة ... بمعنى أنه يمكننا و نحن نكتب نصاً أن نستفيد من الافتراض و العلاقة التضمينية و نستثمرها لإثراء الدلالة .. كيف ؟
فلنفترض أنني أكتب رواية ، و قد قدحت في ذهني فكرة أو حدث .. و لنفترض أن الفكرة تتمثل في أن مفارقة تحدث بين البطل و البطلة في الرواية ، إذ تعلم البطلة بأن للبطل أخت و ذلك لأنه سبق و أن أخبرها في لقاء بينهما بهذه المعلومة ( الافتراض ) في حوارهما الآتي :
أراك أتيت في سيارة أجرة ؟! هل استخدمت أختك سيارتك ؟ ( هنا البطلة في بداية تعرفها على البطل و هي لا تعلم شيئاً عن أسرته ، لكنها تطرح هذا السؤال كاحتمال وارد و سبب لعدم مجيء البطل بسيارته و التي تعلم البطلة أنه يمتلكها و سبق أن رأته بها ... هو احتمال إذن يساوي احتمالات عديدة كاحتمال أن تكون سيارته عاطلة ، لكن البطلة استخدمت احتمال أن تكون أخته استخدمت السيارة لغرض الإلماح له بأنها تريد أن تعرف تفاصيل عن أسرته و بطريقة مهذبة و غير مباشرة كما في السؤال المباشر )
و يجيبها البطل بــ :
ـ لا لم تستخدم أختي سيارتي .
إذن الحوار كان كالآتي :
ـ أراكَ أتيتَ في سيارة أجرة ؟! هل استخدمت أختكَ سيارتكَ ؟
ـ لا ، لم تستخدم أختي سيارتي ( هنا وقع الافتراض متمثلاً بمعلومة : أختي لم تستخدم سيارتي )
إذن حصل القارئ لروايتنا على هذا الافتراض ( البطل له أخت ) ، القارئ للرواية كما البطلة حتى الآن يعلمان ( البطل له أخت ) ، لكن لم يتساءل القارئ و لم يدقق في : مالذي تحتمله إجابة البطل على سؤال البطلة ؟ هل يحتمل :
- لم تستخدم أخت البطل سيارته ، لأنها لم تخرج أصلاً من المنزل .
- لم تستخدم أخت البطل سيارته ، لأنها استخدمت دراجتها
- لم تستخدم أخت البطل سيارته ، لأن البطل ليس لديه أخت أصلاً !!
و قد تعلقت المفارقة التي راودت الكاتب كفكرة مفادها ( أن البطلة ستظل تتصور أن البطل له أخت لفترة زمنية معينة ، حتى تُصدم لاحقاً بأن لا أخت للبطل ) هذه الصدمة التي سيشارك البطلة فيها القارئ أيضاً ، و على هذه المفارقة سيبني الكاتب أحداثاً مهمة في الرواية مستغلاً الفترة الزمنية التي لا تعلم فيها البطلة حقيقة أن لا أخت للبطل ، كما يمكن أن يكون جواب البطل منطقياً ( في السرد الروائي ) حين يقول للبطلة بعد أن تصدم بهذه الحقيقة : أنتِ من سألني عن استخدام السيارة من قبل أختي و أنا أجبتكِ بأن أختي لم تستخدم السيارة لأنه و ببساطة لا أخت لي .
هكذا نستخدم ككتّاب العلاقة التضمينية و نستثمرها في كتاباتنا ، و هذا مجرد مثال بسيط جداً للتوضيح .. تاركاً التطبيقات الذكية و المبدعة لأذهانكم الخصبة أعزائي ، لكنتُ قدمتُ أمثلة أكثر تعمقاً لكنما أخشى أن تلتبس الأمور ، لذا أكتفي بهذا المثال .
2- الافتراض و تسلسل الكلام : إذا كان الافتراض ـ كما عبرنا آنفاً ـ هو المعلومات التي يقدمها النص في متنه ، فهل لنا أن نتساءل عن إمكانية تغيير المعلومات داخل النص ؟ التغيير الذي قد يعني أحياناً : نفي المعلومة لاحقاً كما في ( قُتل زيد ) ثم لاحقاً في النص نعطي معلومة مفادها ( ظهر أن زيداً لم يُقتل ) ، تصحيح إحدى جزئيات المعلومة كما في ( ذهب زيدٌ إلى تونس ) ثم لاحقاً نصحح المعلومة بــ ( يبدو أن زيداً ذهب إلى الجزائر لا إلى تونس ) ... و هكذا من إمكانات تغيير المعلومات .. هل يمكن هذا ؟ نعم يمكن و هذا ما يتوافر عبر مفهوم ( تسلسل الكلام ) ، بمعنى أننا يمكننا تغيير المعلومات ( الافتراض ) في تسلسل الكلام ، بعد أن نتسلسل في الكلام بعد إعطاء الافتراض ( المعلومات ) ... لكن مالذي يمكننا بهذا الصدد ككتّاب ؟ ما نفع هذا الذي نحن بصدده من ( الافتراض و تسلسل الكلام ) ؟ مالذي يقدر أن يقدمه للنص ؟ و كيف يمكن استثماره ؟ فلنضرب مثلاً لنجيب على هذه الأسئلة بشكل عملي و واضح :
ـ ليتني لم أضرب ليلى ، لكنني لم أضربها
ـ ليتني لم أضرب ليلى ، و لكن هل تعرضت ليلى للضرب ؟
ـ أعتذر عن ضرب ليلى ، إن كان أنا من ضربها
ترى مالفرق بين هذه الجمل دلالياً ؟
الأولى : أعطت افتراضاً ( معلومة ) مفادها أن ليلى تعرضت للضرب .. لكنها عدلت و غيرت الافتراض بــ ( لكنني لم أضربها ) .. أي إن النص هنا أفاد الضرب و لم ينفه نفياً قطعياً حين نفى كون المتكلم لم يضربها ، إذ بقي احتمال أن المتكلم توهم أنه ضربها حين رأى علامات الضرب بادية عليها فتمنى أنه لم يضربها لكنه استدرك و صحح المعلومة بتسلسل الكلام و قال : لكنني لم أضربها
الثانية : أما الجملة الثانية فقد أفادت افتراضاً هو الافتراض ذاته في الجملة الأولى في المقطع الأول منها بتمني عدم ضرب المتكلم لليلى ، لكنه تساءل في المقطع الثاني بــ و لكن هل تعرضت ليلى للضرب ؟ و بهذا الاستفهام نفي ضمني لكونها تعرضت للضرب ، لا أقل من تأكيد أن لا دليل قائم لدى المتكلم أنها تعرضت للضرب .
الثالثة : الثالثة أكدت في مقطعها الأول أن ليلى تعرضت للضرب و أن المتكلم يعتذر عن ذلك ، و في المقطع الثاني يشترط اعتذاره بكونه هو الفاعل لا خلافه .. إذن الموضوع الدلالي هنا اختلف ، فالافتراض هنا ليس هو الضرب بل الاعتذار لأنه منحه مركزية في تركيب الجملة .
من هذه الجمل التي قدمناها أعلاه كمثال نكتشف بأننا يمكننا استثمار مفهوم ( الافتراض و تسلسل الكلام ) في :
- بث الحيرة و التردد لدى القارئ ، و فتح مساحة أكبر أمامه للتأمل و لإنتاج الدلالة بدل أن نقدمها جاهزة له ، كما يمكن أن نفتح الأمر على أكثر من احتمال ليكون النص ثرياً بالدلالات أكثر .
- إعطاء النص إمكانية و حرية أكبر في التصرف بالأحداث بل بكل جزئياته ، فأن يكون بإمكان النص تعديل وجهته و تعديل و تغيير معطياته فهذا أمر يمنح النص مرونة أكبر .
- تحويل اهتمام النص من أمر إلى آخر كما شهدنا في تحويله الافتراض من ضرب ليلى إلى الاعتذار ... و هذه آلية تتوافر أيضاً في العلاقة الضمنية التي شرحناها سابقاً لكننا أعرضنا عنها تجنباً للإطالة و الاختلاط .
أكتفي بهذا القدر .. و إلا فمفهوم الافتراض و علاقاته كثيرة ... أتمنى أن يكون درساً مفيداً و ممتعاً ... تركتُ الكثير من الشرح ليكون محله تساؤلاتكم و نقاشاتكم و تدريباتكم .
الواجب /
- استخدم ما تعلمته من الافتراض و العلاقة الضمنية في تركيب جملة أو نص قصير مؤشراً على المواضع التي استخدمت فيها هذا المفهوم و علاقته بالتضمين .
- استخدم ما تعلمته من الافتراض و تسلسل الكلام في تركيب جملة أو نص قصير مؤشراً على المواضع التي استخدمت فيها هذا المفهوم و علاقته بتسلسل الكلام .
ما فهتمه مما قدمت صديقي ... انك تريدنا ان نكون كتاب وقراء في ذات الوقت ...
على هذا فدرسنا اليوم له علاقة مع المضمرات ؟؟؟؟
انتاج الدلالة المضمرة من خلال ذكر لازمها .... بمعنى لو اننا رأينا اثنين يمشيان سوية وقلنا مثلاً : ( ان محمداً اطول) .... فان زيداً سيكون اقصر من محمد .. على اعتبار اننا قلنا ( اطول ) بالقياس الى آخر ( اقصر )
مو لو مومو ؟؟؟!!!!!
يا سلام درس جديد
سأقرء عندما اصحصح من قيلولة الظهيرة
.....
مساؤكم مفعم بالأمل ...
اني اترخص ( اوستاذ ) .... لازم اروح اقرأ فاتحة .... وارجع اخذ معصومة ...
.................................
الافتراض : اقرأ فاتحة / واخذ معصمة للسوك
العلاقة التضمينية : معصومة اتلوّكت شوية ( بابا اني احبك / طكتني بوسة / اخذني للسوك )
سلم الله قلوبكم وأرواحكم ... ومسّاكم بكل عافية
درس جديد .. شيق
شكرا لك صديقنا العزيز شيفرة دافينشي