كلما أصبح الماء ضحلا بمجرى الفراتين
حد الجفاف
وتفطرت الارض حول الضفاف
نثر النخل شعفته
ثم جرد سعفته
وغفا نصف عين
عندها يشهق الماء في الرافدين
ويلوح على الأفق وجه الحسين!
وبين الصلاة وبين الدعاء
يسمع الناس هذا النداء:
حين يصبح دجلة اوشال ماء
ويصير الفرات بلون الدماء
فاعلموا أنها دعوة للشهادة
تصعد الآن من كربلاء
وتدق على كل باب عراقية
وهي تصرخ بالدم:
انهض
فان زمان البطولة جاء!
أيها الناس
لم يكن عبثا أن كل دم الأنبياء
جاز كل الوهاد، وكل الهضاب
وتخير هذا التراب
عليه يراق
لم يكن عبثا أن يصير العراق
ساحة للشهادة
إنها سمة من سمات العبادة
ومن الموت فيها تجئ الولادة!
......................................
النص مستل من نص شعري طويل القي في المربد قبيل شن حرب ( تحرير العراق ) ... يبدأ النص الشعري بعنوان ( هي حرب صليبة يا محمد ) ليوظف الشاعر هذا العنوان كنافذة يطل من خلالها على سير النص وصولا الى خاتمته ... ولعل يقينه بقيام هذه الحرب واضج جلي .. من خلال ابتدائه بالجملة الاسمية بركنها الاساسي وهو الضمير ( هي ) واضعاً القارئ امام صورة الحروب الصليبية ضد الاسلام الذي اختصره هنا باسم النبي الاكرم عليه وعلى آاله الاف التحية والسلام ..
اذن من العنوان تبرز الثنائية الصليبيون / الاسلام ـــــــــــــــــــ الحرب / السلام
يبتدأ متن النص بالشرط المتكرر بفعل اداة الشرط ( كلما ) دلالة منه على تكرار فعل الشرط وتحقق جوابه ... بلغة قائمة على الشد / التأزم وصولا الى ذروة المشهد ثم يعزف عن اصطناع خاتمة لذلك المشهد ... متخذا من الماء كايقونة مهيمنة على النص بعامة وانداماجها باثر معرفي آخر .. كدليل للحياة والثورة ليستمر التأزم / الشد ( ضحلاً / حد الجفاف / تفطرت الارض ) ليأتي جواب الشرط المتحقق لتحقق شرطه ( نثر النخل شعفته ) ..موحياً الى الولادة من رحم تلك المعاناة / رد الفعل السريع لكل ذلك الجدب المؤقت والمتكرر فعلاً ، انها المخاضات التي تستمر طويلاً .. ( ثم جرد سعفته ... وغفا نصف عين ) فالجمع المحتشد هنا لا يزال يعاني مخاض الثورة / الرفض / الولادة ... ينتظر اللحظة التي تفجر مكنونات تلك الثيمات الدلالية وصولا ... والسرعة بائنة هنا ... الى ( عندها يشهق الماء في الرافدين ... ويلوح على الافق وجه الحسين ) تحقق الولادة / القيامة / الثورة ... فمجرد شهيق الماء في الرافدين هي عودة للحياة في هذين النهرين .. ذلك الشهيق المتسارع ... متعاضداً مع ( يلوح على الافق وجه الحسين ) مستوحياً كل دلالات هذا الاسم وما يختزنه من ايقونات معرفة تثري النص دلالةً بما يجعل الثنائيات تبرز كعنصر مهيمن على المقطع
يصوّر النص بعدها ثقل المواجهة وكأنه يستوحي من شهيق الماء وتلويح وجه الحسين على الافق معاناة الوصول الى الحل / النصر ... فما بين الصلاة وما بين الدعاء يستنهض الصوت ذلك الجمع ليخلق تأزماً آخر ( حين تصبح دجلة اوشال ماء ) وهنا استخدام كلمة ( اوشال ) لبيان ان المواجهة طال امدها فهي مواجهة بين الحق والباطل / الصليبيين والاسلام ... وحين يصبح الفرات بلون الدماء ... لتأتي الدعوة هنا ... بقوة مستغلا نبرا صوتياً في قوله ( انهض ) مستعينا بالميم في نهاية كلمة ( الدم ) مروراً بهمزة الوصل في الفعل وصولاً الى النون وكأنه يمنح السطر دلالة القوة / الاصرار ... مبررا لهذا الاصرار انه زمن للبطولة ..... موظفاً ما تختزنه كلمة ( كربلاء ) من معاني البطولة والفداء ... وكيف ان الشهادة حينها ستكون ولادة نصر مؤزر ... ليرتفع بقيمة هذه الارض ( العراق / كربلاء ) لتكون ( الشهادة / الولادة ) فالشهادة من اجل العراق هي ولادة كما في كربلاء ...
وبعد العذر عن الاطالة ... فان النص اعتمد على مضمرات وايقوانات اختزلت من خلال اعتماده على الثنائيات الدلالة على كونها حرب صليبة تستهدف الاسلام اولا واخيرا ... على ان سطوة العنوان توظّف تجلياتها في المتن ... من خلال كون ( محمد / حسين ) والتأكيد على هذا الامتداد للثورة ورفض الظلم ...
هذا ما قرأته هنا .... على انني درست النص في مشروع بحث للتخرج واحتفظ بمسودة لما قيل هنا ... لكنني بحثت عنها فلم اجدها ... القراءة هنا تعتمد على الذاكرة حيناً وعلى الآنية حينا آخر ....
اخيراً .... ارجو انني وفقت في هذه القراءة البسيطة لنص كبير ... لشاعر فذ
امتناني
.................................................. .........
النص كاملا : هي حرب صليبة يا محمد