نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل للأدب سنة 1988، ألّف أحد أشهر أعماله التي أثارت من الجدل في أواسط القراء، والصحافة، ورجال الدين، وهي رواية أولاد حارتنا، والتي صدرت عن دار الآداب في بيرت، ولم تنشر في مصر إلا عام 2006 . لم يناقش نجيب محفوظ في هذه الرواية إحدى المشاكل الاجتماعية الواضحة كعادته في أعماله، إنها نظرة شمولية للحقيقة الإنسانية، إلا أنها لا تخلو من الاجتماعيات، فسر القصص النبوية، وحياتهم، ما هي إلا وسيلة لعكس الأخلاق، والمثل، والقيم، التي حاول الأنبياء إيصالها للناس لتحقيق المساواة والسعادة .
لرواية لم تخلو من نقد للانحرافات التي طرأت على ثورة يوليو، فيتجسد لنا في هذه النقطة النقد الاجتماعي . تم اتهام نجيب محفوظ من قبل الأزهر الشريف بالكفر، والإلحاد، والزندقة، وبسببهم تم منع طباعة هذه الرواية في مصر . يشرع نجيب ممحفوظ في روايته هذه برواية حكاية شخصية رئيسية تدعى (الجبلاوي) ، ويمثل القدرة العليا الإليهة، وقد استلهم هذا الاسم من كلمتين، كان الجبلاوي شخصية لديها عدة نساء، يعيش في بيت عظيم به فناء جميل، تتحصل هذه الشخصية على ابنه الأول الذي أسماه إدريس، ويرمز لإبليس، ولم يوافق هو وإخواته على تنصيب ابيهم لأخيهم أدهم -الذي يرمز لآدم- مديراً للوقف تحت رقابته . وكانت أسباب تمرد إدريس على أمر والده كالتالي: هو الابن الأول والأكبر، ما يجعله أحقّ إخوته في هذا القرار، والأحرى بوالدهم أن يراعي هذا الأمر، ولا يتناساه . السبب الآخر أنه ابن أصيل من أصل نبيل، فأمه هانم، أي أنها من أفضل السيدات وأرقاهم. بينما آدم ليس كذلك، بل هو ابن أمة سوداء .
بيما وافق عباس وجليل ورضوان، الذين لم يستطيعوا أن يقفوا بوجه أبيهم، فهم أضعف من ذلك، ووالدهم ليس بالرجل الرخو . حقد إدريس على إخوته لضعفهم، واستسلامهم لقرار أبيهم، ووبخهم وحذرهم من تحكم أدهم بهم، تفكيره كان عنصرياً بحتاً . وصل انزعاج إدريس حداً لا يطاق، فقام والده بطرده من البيت، وأمره الا يعود . آدم لم يتأثر، بل استمر فيما أوكله إليه والده، وعمل بجد وإنصاف، ولم يظلم حق أحد، ولم يسرق، ولم يستغل السلطة التي فوضها إليه والده، وكان يعطيه جنى يوميه، كان أدهم يستمتع بالجلوس في الفناء المزروع، حيث يرمز إلى الجنة، ثم ما لبث حتى أحب فتاة كانت تأتي هناك، وهي ترمز إلى حواء . تنتهي قصة آدم ثم تبدأ قصة موسى، حيث يظهر في هذا الفصل رمزاً دينياً كقصة موسى تماماً . بعد انتهاء قصة موسى، تبدأ قصة عيسى، ويختتم بها هذه الرواية .
إن التسلسل الرائع، والتناسق، والملحمة بين عناصر وأجزاء هذه القصةن وكيف ينتقل نجيب محفوظ بالقارئ من قصة إلى أخرى، لهو أمر يوحي بتمكنه، ومكانته العالية في الأدب العربي.
تم النقل