مكة قبلة المسلمين، ورب العالمين وضع على المسلم الحج لكل من استطاع إليه سبيلا، والفقراء والمساكين جعل لهم صلوات الجمع وحضورها، وجعلها حج المساكين فرُفع عنهم التكليف. كربلاء الحسين قبلة الزائرين، وكما معروف محط رحال سيد الشهداء، معظم شوارعها بقيت على التخطيط القديم، ولم تتطور لتتسع كما هي مكة والمدينة قياسا، لكنها بقدر المستطاع تم توسيع بعض المقتربات من الحضرتين العباسية والحسينية . لا يمكن أن نقارن بين الحج والزيارة، ولكل منها له مراسيمهُ المُتَبَعَة، ولكن الذي لم ينتبه له الإعلام وتسليط الضوء ولو على أبسط الخدمات، التي تُقَدَم للزائرين في كربلاء مع عدم وجود هيئة أو وزارة بقدر الموجود في أرض نجد والحجاز، فهم لديهم وزارة خاصة بالحجيج، وهي التي تعنى بكل المراسيم، من مرشدين وموظفين وغيرهم يعادلون أسطول جيش متكامل العدة والعدد، لكن الذي لا يعرفه الإنسان المسلم البسيط تكرار الحوادث في كل عام، وليست حوادث القضاء والقدر، بل حوادث تكاد تكون خلفها أيادي خفية أو إهمال متعمد، يذهب ضحيته كثير من الحجاج كل سنة، والأرقام واضحة ولا تحتاج الى ذكر، لا سيما أن العدد المحدد للحجاج لا يتعدى المليونين! وهذه السنة كان عددهم مليونا ونصف، والضحايا كانت مئتان وستة وتسعون حاجاً قضوا نحبهم إثر الحوادث التي وقعت، ومنها الرافعة التي أوجدوا لها عذرا أقبح من فعلها ( الرافعة سجدت من خشية الخالق) وهذا يدعوا للسخرية والإستهانة بالدين الإسلامي الحنيف فهل وقعت حوادث بكربلاء المقدسة مشابهة للتي وقعت بمكة التي يزورها كل سنة في زيارة الأربعين أكثر من خمسة عشر مليون ؟ محافظة كربلاء مساحتها ليست بالكبيرة مقارنةً بمساحة مكة والمدينة، والوافدين لأداء فريضة الحج كل عام، وكربلاء المقدسة بمساحتها المتواضعة تستقبل عشر أضعاف وأكثر من حجاج البيت الحرام لكن هنالك فرق لابد ان نذكره، مع العلم أن كربلاء والدولة العراقية ليس لها هيئة او وزارة، تعني بشأن الزيارة المليونية كل عام ولمرتين، الأُولى زيارة النصف من شعبان، والثانية زيارة الأربعين، وهنالك فرق بين الإثنين إذ زيارة الأربعين تكون أكثر عدداً . تحدث بعض الحالات مثل سوء الهضم أو التعب، من خلال السير لمسافات طويلة جداً تصل لمئات الكيلومترات، وبعض الحوادث الإعتراضية كحوادث الإرهاب وغيرها، سيما ونحن نحارب تلك الجماعات التكفيرية، منذ سقوط النظام البائد ليومنا هذا، ولكن حوادث كالتي حدثت للحجاج فهنالك فرق كبير . من يرى الهيئات المتكونة من أشخاص متطوعين، يقول هؤلاء تابعين للدولة، وهم غير موظفين! وتسجيلهم فقط لضبط العدد والمسألة الأمنية، لغرض إصدار الموافقات والخدمات المُقَدمة منهم للزائرين، الطعام والشراب والخدمات الطبية وغيرها الذي تقدمه المواكب لا تقدر الدولة تأمينه ولو فتحت كل ميزانيتها، الذي لا يعرفه الكثير من المتابعين لهذه الزيارة، أن الزائرين يأتون من كل حدبٍ وصوبْ لأداء المراسيم، فهل أداء المحبين للحسين في زيارة كربلاء أفضل، مقارنة بأداء وزارة الحج والعمرة في أرض نجد والحجاز ؟