طفلةٌ في الخامسة أو السادسة " من العمر تدخل – محلي – المتواضع تعصر بيدها اليمنى قطعة نقدية من فئة ال – 500 – دينار.
وقفت في وسط – المحل– تنقل نظراتها الحائرة ذات اليمين وذات الشمال كأنها تتجه صوب حلمٍ تلاشى خلف الطفولة المرهقه ,,
خلف زمنٍ مكبلٍ بأنواع ألأصفاد والسلاسل الفولاذيه...
أرسلت نظراتها نحوي والخوف يرسم على وجهها خيوطاً بيانيه لثورةٍ صبيانية لاتكاد أن تظهر رغم إنفعالات وجهها البريء...
مدت يدها بأرتعاش..
لم تستطع أن تطلب أي شيء..
كانت تنتظر ردة فعلي..
كانت متأكدة أن ثورة غضبي ستحيل أحلامها الى بؤسٍ وشقاء ,,
كانت قد حصلت على هذه الفئة من النقود بشق ألأنفس من والدتها المحتاجه على الدوام..
حضرت الطفلة الى الدكان كي تثبت لباقِ ألأطفال أنها تستطيع أن تتسوق كما يتسوقون كما يشترون كما يأكلون؟؟
كان صديقي وسام شهيد يجلس قربي – كما إعتاد كل يوم حينما يعود من العمل–
تطلع صديقي ناحية قطعة النقود وراح يضحك بلا توقف...
إنكمشت الطفلة كانها مخلوقٌ خرافي يريد ألأرتداد الى – جلده – كي يختفي الى ألأبد ,,
كانت ترتعش من قمة رأسها حتى أخمص قدمها...
أيقنت أن تلك الضحكة الهستيرية من قبل الرجل الجالس قربي قد نسفت كل أحلامها؟؟
أيقنت أنني سأرفض نقودها لا بل سأصرخ في وجهها حينما كنتُ أستلم نقود نظيفة من بقية ألأطفال...
كانت نظراتها تستدير بيني وبين الرجل...
لكن حينما أخذتُ النقود الممزقه من يدها إعترض صديقي الجالس قربي وأكد لي من أن تلك النقود ممزقه لاتصلح لتداول المعاملات التجارية ,,
بلا تفكير وافقت على أعطائها أي شيء بقيمة تلك الورقة النقدية الممزقة
أردتُ أن أرسم لها في ذاكرتها صوره زاهية ستتذكرها مادامت على قيد الحياة
أردت لها أن تكون فخوره بين ألأطفال ألآخرين
كي تثبت لهم من أنها دحرت صاحب الدكان بشطارتها وقوة شخصيتها...
خرجت الطفلة من الدكان ترنو بسعادة لاتوصف
فسلاماً يا أطفال العراق المحتاجين لكل شيء...
سلامآ ياأمهات ألأطفال اللواتي لايستطعن أن يمنحن أطفالهن قطعة نقودٍ نظيفة...
أين هذه الطفلة من أؤلئك الذين ينهبون أموال ألأطفال والنساء كل يومٍ في بلدٍ ثري لم يعد له من أسم سوى
بلد الغش والدمار والفساد ,, واخيراً
(ارحمو منْ في الارض يرحمك منْ في السماء)