علاج الطفل المصاب بنقص الانتباه يشمل العلاج السلوكي والدواء
حذرت استشارية في الطب النفسي الأسر السعودية التي أصيب أحد أطفالها بمرض نقص الانتباه من الإهمال في معالجته، ويأتي تحذيرها بعدما ثبت أن الإهمال في هذا المرض قد يتطور، ويجعل الحالة غير قادرة على التعلم.
وقالت الاستشارية في العيادة النفسية بمدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية الدكتورة شيريل أوندسان إن الأطفال الذين يعانون من نقص الانتباه والنشاط الحركي الزائد، غالباً ما يجدون صعوبات في التعلم، إلى جانب شعور الوالدين بالتوتر، كونهم حاولوا ما في وسعهم للسيطرة على هذه السلوكيات ولم ينجحوا، وقد يكون من الصعب عليهم اصطحاب طفلهم إلى المجمعات التجارية والمطاعم أو الأماكن الأخرى، خشية التصرف بطريقة غير لائقة، وإحراج الأسرة بهذه التصرفات".
وأشارت شيريل إلى أن المصابين ليسوا بالضرورة أطفالاً سيئين، بل هم أطفال لديهم مصاعب في التحكم في انتباههم ومستوى النشاط وتصرفاتهم اللاإرادية، حتى عندما يحاولون بذل جهدهم، ومن الصعب عليهم أن يظهروا سلوكياتهم الجيدة، مشددة على ضرورة معالجة الحالات الشديدة، حتى لا تتفاقم الحالة، وتؤثر في حياة الطفل في المدرسة مثل خرق النظام وعدم الالتزام به، خاصة عند بلوغ سن المراهقة والشباب.
"لا" جواب معتاد
وقالت شيريل إنه عند خطو الطفل نحو سنواته الأولى، من المتوقع أن تكون هناك مرحلة تصبح كلمة " لا" هي الجواب المعتاد على أي طلب من الأهل، وبهذه الطريقة يبدأ الطفل بممارسة استقلاليته كما يصاحب هذه المرحلة ـ عادة- فرط في النشاط والاكتشاف في نفس الوقت الذي يمارس الطفل قدراته الجسدية التي اكتشفها حديثاً، مما يسبب للوالدين إرهاقاً وضيقاً لكثرة ملاحقته، مشيرة إلى أن أغلب الأطفال يتعّدون هذه المرحلة بدون أحداث تذكر، وحتى يتمكنوا من المرور فيها يحتاجون بعض الدعم والتقويم الموجّه من الأهل.
خلل كيميائي
وأوضحت استشارية الطب النفسي أن هذه الحالة عقلية تُصعب على الطفل إمكانية السيطرة على سلوكه"، وأن البحوث الأخيرة بينت أن سببها خلل في المركبّ الكيميائي المسؤول عن إرسال رسائل في الدماغ، وخصوصاً في مناطق الدماغ التي تتحكم في مستوى الانتباه والنشاط، مضيفة أنه قد يُشخص أطفال مصابون بضربة في الرأس بأن لديهم نقص الانتباه والنشاط الحركي الزائد.
وأوضحت استشارية الطب النفسي أن هذه الحالة قد تسري في العائلة، وغالباً ما تشخّص حالة أحد الوالدين في نفس وقت تشخيص طفلهما، مبينة أن هناك نسبة 4ـ 12% من الأطفال في سن المدرسة لديهم "نقص الانتباه والنشاط الحركي الزائد"، وغالباً ما تظهر الحالات بين الأولاد أكثر من البنات، فالبنات يُشخصن بصعوبة الانتباه أكثر من النشاط الحركي الزائد.
وترى الدكتورة شيريل أهمية أن ُيقيم الأطفال بواسطة أطباء لديهم الخبرة للتمييز بين النمو والتصرفات الطبيعية للأطفال وبين النمو المليء بالمشاكل، وأن يأخذ هؤلاء الأطباء وقتهم في دراسة وفهم سلوكيات الأطفال في حدود فعّاليتهم وتطورهم العام، وأنه يجب أن يستخدم هؤلاء الأطباء الخطوط الإرشادية العالمية لتشخيص نقص الانتباه والنشاط الحركي، والتي طوّرت من أجل أطباء الأطفال النفسيين وأطباء الأطفال وأطباء أعصاب الأطفال.
علاج سلوكي ودوائي
وأشارت الدكتورة شيريل إلى أن الأبحاث العلمية الحديثة توصلت إلى أن المزج بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي يخرج بأفضل النتائج بالنسبة للطفل، وأن أغلب الآباء متحفظون تجاه استخدام أدوية تختص بسلوكيات الأطفال، ومع هذا فمن المهم معرفة أن نقص الانتباه والنشاط الحركي هو حالة عضوية مثل الربو أو مرض السكر، وأن الأدوية قد تساعد الطفل على أن يحسن التصرف في أفضل الحالات.
يذكر أن مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية تقود مساعي كبيرة عبر اللجنة المكلفة بإعداد المشروع الوطني لرعاية فئة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، للعمل على صياغة الإطار العام للمشروع، وبناء أهم محاوره مع الاستفادة من التجارب التي خاضتها بعض الدول في هذا الصدد.