ولادته وعائلته
عاش الإمام الصادق (عليه السلام) مع زوجته حميدة(1) حياة بيتية هادئة حافلة بالمودّة والمسّرات. وفي فترات تلك المدة السعيدة عرض لها حمل وسافر الإمام أبو عبد الله إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، فحمل زوجته معه للاطمئنان على صحتها في تلك الفترة. وبعد الانتهاء من مراسم الحج قفلوا راجعين إلى المدينة المنورة، فلما انتهوا إلى الأبواء(2) أحست حميدة بالطلق، فأرسلت خلف الإمام (عليه السلام) تخبره بالأمر، وكان عند ذلك يتناول طعام الغذاء مع جماعة من أصحابه، فلما وافاه النبأ السعيد قام مبادراً إليها، فلم يلبث قليلاً حتى وضعت حميدة سيّداً من سادات المسلمين، وإماماً من أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
إنه يوم سعيد، يوم مشرق أشرقت به الدنيا بهذا المولود المبارك فكان باراً بالناس، عاطفاً على الفقراء منهم، لكنه كان أكثرهم عناءً وأكثرهم محنة في سبيل الله.
بادر الإمام الصادق (عليه السلام) فتناول وليده الذي يأمل به أملاً باسماً فأجرى عليه مراسم الولادة الشرعيّة، فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وما زالت هذه الطريقة تُحتذى عند جميع المسلمين المؤمنين.
لقد كانت أول كلمة طيّبة قرعت سمعه كلمة التوحيد التي تتضمن الإيمان بكل ما له من معنى.
عاد الإمام الصادق إلى أصحابه والبسمة تعلو ثغره، فبادره أصحابه قائلين: (سرّك الله، وجعلنا فداك، يا سيدنا ما فعلت حميدة؟) فبشّرهم بمولوده المبارك قائلاً لهم: (لقد وهب الله لي غلاماً، وهو خير من برأ الله).
أجل انه من أئمة أهل البيت المعصومين، وخير من برأ الله علماً وتقوى وصلاحاً في الدين، وهذا ما أحاط به الإمام الصادق أصحابه علماً بأنه الإمام الذي فرض الله طاعته على عباده قائلاً لهم:
(فدونكم، فوالله هو صاحبكم)(3).
وكانت ولادته في الأبواء سنة 128هـ وقيل سنة 129هـ(4) وذلك في أيام حكم عبد الملك بن مروان.
وقال الطبرسي رحمه الله: ولد أبو الحسن موسى (عليه السلام) بالأبواء، منزل بين مكة والمدينة لسبع خلون من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة(5).
تكريم الوليد
بعد فترة وجيزة ارتحل أبو عبد الله عن الأبواء متجهاً إلى يثرب وفور وصوله مدّ المائدة، وأطعم الناس ثلاثة أيام تكريماً لوليده المبارك (الكاظم)(6) وبدأت وفود من شيعته تتوافد عليه لتهنئته بمولوده، وتشاركه في فرحته الكبرى.
طفولته زاكية مميّزة
تدرّج الإمام موسى بن جعفر في طفولة زاكية مميزة، فتربّى في حجر الإسلام، ورضع من ثدي الإيمان، وتغذى من عطف أبيه الإمام الصادق، حيث أغدق عليه أشعة من روحه الطاهرة وأرشده إلى عادات الأئمة الشريفة وسلوكهم النيّر، فالتقت في سنّه المبكر جميع عناصر التربية الإسلامية السليمة، حتى أحرز في صغره جميع أنواع التهذيب والكمال والأخلاق الحميدة، ومن شبّ على شيء شاب عليه. هذه الطفولة المميزة استقبلها الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وهو ناعم البال بحفاوة وتكريم خاص؛ فأبوه أغدق عليه عطفاً مستفيضاً، وحمل له من الحب ما لا يحمله لغيره، حيث قدّمه على بقية ولده، فاندفع قائلاً: (الحمد لله الذي جعلك خلفاً من الآباء، وسروراً من الأبناء، وعوضاً عن الأصدقاء)(7) ونتيجة هذا الحب الأبوي المميز أخذت جماهير المسلمين تقابل الإمام موسى بالعناية والتكريم، وجماهير الشيعة بصورة خاصة، لأنّهم يعتقدون أن مقام الإمامة كمقام النبوة، بعيداً عن المحاباة، سوى ما يتصل بتأييد الفضيلة والإشادة بالإيمان، وعلى ضوء ذلك أعلن الإمام الصادق حبّه الكبير ومودته الوثيقة لولده الحبيب.
أوصافه
وصف رواة الأثر ملامح صورة الإمام موسى بن جعفر فقالوا: كان أسمر اللون(8)، وقالوا: كان ربع القامة، كثّ اللحية، حسن الوجه، نحيف الجسم(9).
أما عن صفاته الخلقية: فهو ابن الأوصياء، حاكي في هيبته ووقاره هيبة الأنبياء، فما رآه أحد إلا هابه وأكبره لجلالة قدره، وسموّ مكانته، وحسن سيرته، وكريم أخلاقه.
ومرّة التقى به شاعر البلاط العباسي أبو نواس فانبهر بأنواره فانطلق يصوّر هيبته ووقاره بأبيات قال فيها:
إذا أبـــــــصرتـــك العين من غير ريبة
وعــــــارض فيك الشـك أثبتك القلب(10)
ولــــــو أن ركــــــباً أمـــــمـوك لقادهم
نسيـــمك حـــــتى يـــستدل بك الركب
جعــــــلتك حــــــسبي فـي أموري كلها
ومــا خاب من أضـحى وأنت له حسب
ولا يخفى أن هذه الأبيات كانت يقظة من يقظات الضمير، ونسمة علوية من نسيمات الروح، ذلك أن أبا نواس الذي كان يعيش على موائد بني العباس، والذي قضى معظم أيام حياته في اللهو المجون، قد انبرى إلى هذا المديح العاطر في الوقت الذي كان يمدح أهل البيت ينال عقوبة كبرى قد تؤدي به إلى الموت! لكن مثالية الإمام وواقعيته التي لا ندّ لها في عصره، قد سيطرت على روح الشاعر العباسي وأنسته النتائج.
كنيته وألقابه
كان يكنّى بعدة أسماء أشهرها: أبو الحسن، قال الشيخ المفيد: كان يكنّى أبا إبراهيم، وأبا الحسن، وأبا علي، ويعرف بالعبد الصالح(11).. وقال ابن الصباغ المالكي: أما كنيته فأبو الحسن، وألقابه كثيرة أشهرها: الكاظم، ثم الصابر، والصالح، والأمين(12)، وألقابه تدل على مظاهر شخصيته، ودلائل عظمته، وهي عديدة منها: الزاهر، لأنه زهر بأخلاقه الشريفة، وكرمه الموروث عن جدّه الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله).
قال ابن شهر آشوب عند ذكره لألقابه: (... والزاهر وسمي بذلك لأنه زهر بأخلاقه الشريفة وكرمه المضيء التام)(13).
والكاظم: لقب بذلك لما كظمه عما فعل به الظالمون من التنكيل والإرهاق... ويقول ابن الأثير (إنه عرف بهذا اللقب لصبره ودماثة خلقه، ومقابلته الشرّ بالإحسان)(14).
والصابر: لأنه صبر على الخطوب والآلام التي تلقـــاها من حكـــام الجـــور والطغـــاة، الذين قابلوه بجميع ألوان الإساءة والمكروه(15).
والسيّد: لأنه من سادات المسلمين، وإمام من أئمتهم.
والوفي: لأنه أوفى الإنسان في عصره، فقد كان وفيّاً بارّاً بإخوانه وشيعته، وبارّاً حتى بأعدائه والحاقدين عليه.
ذو النفس الزكية: لقّب بهذا اللقب اللطيف لصفاء ذاته، ونقاوة سريرته البعيدة كل البعد عن سفاسف المادة، ومآثم الحياة، نفس أبيّة زكيّة، طاهرة، كريمة، سمت وعلت حتى قلّ نظيرها.
باب الحوائج: هذا اللقب كان من أشهر ألقابه ذكراً، وأكثره شيوعاً، انتشر بين العام والخاص، حتى أنه ما أصاب أحدهم مكروه إلا فرّج الله عنه بذكره الإمام الكاظم، وما استجار بضريحه أحد إلا قضيت حوائجه، ورجع مثلوج القلب، مستريح الضمير ممّا ألّم به من طوارق الزمن التي لابدّ منها.
وقد آمن بذلك جمهور المسلمين على اختلاف مذاهبهم.
يقول أبو علي الخلال شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي: (ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلا سهّل الله تعالى لي ما أحب)(16).
وقال الإمام الشافعي: (قبر موسى الكاظم الترياق المجرّب)(17).
كان الإمام موسى الكاظم في حياته ملجأ لعموم المسلمين، كما كان كذلك بعد موته حصناً منيعاً لمن استجار به من عموم المسلمين، لأن الله سبحانه وتعالى عزّ اسمه منحه حوائج المسلمين المستجيرين بضريحه الطاهر في بغداد.
وقد روى الخطيب البغدادي قضية كان فيها شاهد عيان(18)، عندما شاهد امرأة مذهولة، مذعورة، فقدت رشدها لكثرة ما نزل بها من الهموم، لأنها أخبرت أن ولدها قد ارتكب جريمة، وألقت عليه السلطة القبض وأودعته في السجن ينتظر الحكم القاسي والظالم. فأخذت تهرول نحو ضريح الإمام مستجيرة به، فرآها بعض الأوغاد، الذي لا يخلو الزمان منهم، فقال لها: إلى أين؟
ـ إلى موسى بن جعفر، فإنّه قد حُبِس ابني.
فقال لها بسخرية واستهزاء: (إنه قد مات في الحبس).
فاندفعت تقول بحرارة بعد أن لوّع قلبها بقوله:
(اللّهم بحق المقتول في الحبس أن تريني القدرة).
فاستجاب الله دعاءها، وأطلق سراح ابنها، وأودع ابن المستهزئ بها في ظلمات السجن بجرم ذلك الشخص.
فالله سبحانه وتعالى القادر العليم والقاهر العظيم قد أراها القدرة لها ولغيرها، كما أظهر كرامة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، فما خاب من دعاهم، وما فشل من استجار بهم. ثم يروي الخطيب البغدادي عن محنة ألّمت به فاستجار بالإمام موسى وكشف عنه الهمّ والغمّ. فيقول: (وأنا شخصيّاً قد ألّمت بي محنة من محن الدنيا كادت أن تطوي حياتي، ففزعت إلى ضريح موسى بن جعفر بنيّة صادقة، ففرّج الله عنّي، وكشف ما ألّم بي.
ولا يَشِكّ في هذه الظاهرة التي اختصّ بها الإمام إلا من ارتاب في دينه وإسلامه.
لقد آمن جميع المسلمين الأبرار بالأئمة الأطهار منذ فجر التاريخ ولم يزالوا يعتقدون اعتقاداً راسخاً في أن أهل البيت (عليهم السلام) لهم المقام الكريم عند الله، وإنه يستدفع بهم البلاء، وتستمطر بهم السماء.
روى الكليني عن محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: تقول ببغداد: (السلام عليك يا وليّ الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليكَ يا نور الله في ظلمات الأرض، السلام عليك يا من بدا لله في شأنه، أتيتك عارفاً بحقك معادياً لأعدائك فاشفع لي عند ربّك) وادع الله وسلْ حاجتك، قال: وتسلّم بهذا على أبي جعفر (عليه السلام)(19).
ولا ننسى قصيدة الفرزدق العصماء التي ندرّسها لطلاّبنا في المدارس والجامعات التي مدح بها الإمام زين العابدين وقال فيها:
مـــــن مـــــعشر حـــبهم دين وبغضهم
كفـــــر وقـــــــربهم منـــــجى ومعتصم
يســـــــتدفع الســـــوء والـبلوى بحبهم
ويــــــستزادُ بــــــه الإحــــسان والنعم
فالله عزّ وجلّ منح أهل البيت جميل ألطافه، وخصّهم بالمزيد من كراماته، أحياءً وأمواتاً.
ونذكر هنا كوكبة من الشعراء والأدباء قد أثقلت كواهلهم كوارث الدهر ففزعوا إلى ضريح الإمام متوسلين به إلى الله تعالى في رفع محنهم، وكشف ما ألّم بهم من المكروه، ففرّج الله عنهم ولو أردنا أن نذكر ما أثر عنهم في ذلك لبلغ مجلداً ضخماً.
لكنا نذكر بعضاً منهم الحاج محمد جواد البغدادي الذي سعى إلى ضريح الإمام في حاجة يطلب قضاءها فقال:
يــــــا ســـــميّ الكـــــليم جئــتك أسعى
نحـــــــو مــــــغناك قـــاصداً من بلادي
ليــــــس تُــــــقضى لنـــــا الحـوائج إلا
عـــند بـــــاب الرجاء جد الجواد(20)
فجاء عباس البغدادي وخمسها بقوله:
لــــم تــــــزل لـــــلأنام تحــــسن صنع
وتجــــــــير الــــــــذي أتــــاك وترعـــى
وإذا ضــــــاق الفــــــضا بــــــي ذرع
يا ســــــميّ الكـليم جئـــــتك أسعى
والهــــــــوى مــــــــركبي وحبّك زادي
أنـــــت غـــــيث للمجــــــدبين ولــــول
فــــــيض جــــــدواكم الوجود اضمحـل
قــــسمـــاً بـــــــالذي تـــــعالى وجــل
ليـــــس تُـــــقضى لـــنا الــــحوائج إلا
عـــــــند بــــــاب الـــــرجاء جد الجواد
وممن نظم في ذلك الشاعر المرحوم السيد عبد الباقي العمري فقال:
لــــــذ واســــــتجر مــــــتــــوســــــــل
إن ضـــــــاق أمـــــــرك أو تـعـــــــسّر
بـــــأبي الــــــرضا جـــــــــد الجـــــــوا
د مــــــحمد مــــوسى بــن جعفر(21)
نقش خاتمه
يدل نقش خاتمه على مدى تعلّقه بالله عزّ وجلّ، ومدى انقطاعه إليه سبحانه وتعالى فكان: (الملك لله وحده).
ويا ليت مجتمع عصره ومجتمع عصرنا اليوم يعقلون هذا الشعار، ويعملون به، لزال الطمع والجشع وحب التملك لهذه الدنيا الفانية، ولضعف وهج الأنانية، ووهنت جاذبيتها في نفوسهم.
زوجاته
تكتم ـ الطاهرة ـ (أم البنين) أم الإمام الرضا (عليه السلام)
- نقل العلامة محمد حسين الأعلمي في كتابه (تراجم أعيان النساء) (تكتم) بضم أوله وسكون الكاف وفتح التاء الفوقانية قبل الميم: روى الصدوق رحمه الله في (العيون ط2، ص11) هكذا تسمى باسمها حين ملكها أبو الحسن موسى بن جعفر عليهم السلام وهي أم ولده الإمام الرضا عليه السلام، كانت من أشراف العجم جارية مولدة وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة حتى أنها ما جلست بين يديها مذ ملكتها إجلالاً لها.
فقالت لابنها موسى عليه السلام: يا بني، إن تكتم أفضل مني، ولست أشك أن الله تعالى سيطهر نسلها إن كان لها نسل وقد وهبتها لك، فاستوص خيراً بها. - قال الشاعر:
ورهطــــاً وأجداداً علـــي المـــعظم
ألا أن خيـــر النســـاء نفساً ووالد
إمــــاماً يــــؤدي حـــجــــة الله تكتم
أتـــتنا بـــه للعلـــم والحــلــم ثامن
- وقيل: أم الرضا عليه السلام هي السكن النوبية، ويقال لها أروى، النجمة، السمانة وتكنى أم البنين.
- في (المقالات والفرق ص 94): أمه أم ولد، يقال لها: (سها) وقال بعضهم: كان اسمها (تحية).
- وفي (فرق الشيعة): أمه أم ولد، يقال لها (شهد).
- وقال بعضهم: اسمها (نجية).
- وفي (المجد في الأنساب ص 128): أم الرضا أم ولد، اسمها (سلامة) بالتخفيف في اللام.
- وفي (إعلام الورى ص 313): أمه أم ولد يقال لها: (أم البنين) واسمها (نجمة) ويقال: (سكن النوبية) ويقال: (تكتم).
- وفي (تاج المواليد ص 12): أمه أم ولد، يقال لها (أم البنين) وكان اسمها (سكن النوبية) ويقال: (خيزران المرسية) ويقال: (شهدة) والأصح (خيزران).
- وفي (دلائل الإمامة ص 183) قيل إن اسم أمه (سكن النوبية) ويقال لها: (خيزران) ويقال: (صفرا) وتسمى (أروى) و(أم البنين).
- وفي (الفصول المهمة ص 226) و(نور الأبصار ص 168): وأما أمه فأم ولد، يقال لها (أم البنين) واسمها (أروى) وقيل (شقراء النوبية) وهو لقب لها.
- وفي (مقصد الراغب والهداية الكبرى ص 126): واسم أمه أم (البنين) أم ولد، يقال: أنها كانت نوبية.
- في (سير أعلام النبلاء ج9 ص387): أمه نوبيه اسمها (سكينة).
- وفي (تذكرة الخواص ص361): أمه أم ولد تسمى (الخيزران).
- وفي (مقاتل الطالبين ص374): أمه أم ولد.
- وروي عن أبي إبراهيم عليه السلام أنه قال: لما ابتاعها، جمع قوماً من أصحابه، ثم قال: والله ما اشتريت هذه الأمة إلا بأمر الله ووحيه.
فسئل عن ذلك فقال: بينما أنا نائم، إذ أتاني جدي وأبي، ومعهما شقة حرير، فنشراها، فإذا قميص وفيه صورة هذه الجارية، فقالا:
يا موسى، ليكونن من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك.
ثم أمراني إذا ولدته أن أسميه علياً، وقالا: إن الله تعالى يظهر به العدل والرأفة، طوبى لمن صدقه، وويل لمن عاداه وجحده وعانده.
- وذكر الشيخ عباس القمي في كتابه (الأنوار البهية) أن أم الإمام الثامن الضامن المأمول المرتجى مولانا أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) هي أم ولد يقال لها أم البنين، واسمها نجمة ويقال لها تكتم أيضاً، اشترتها حميدة المصفاة أم موسى (عليه السلام) وكانت أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها.
- روي أن حميدة رأت في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لها: يا حميدة، هبي نجمة لابنك موسى (عليه السلام) فإنه سيولد له منها خير أهل الأرض، فوهبتها له، فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهرة.
- روى الشيخ الصدوق عن نجمة أم الرضا عليه السلام تقول: لما حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل وكنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني فيفزعني ذلك ويهولني، فإذا انتبهت لم أسمع شيئاً.
فلما وضعته، وقع على الأرض واضعاً يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم، فدخل إلي أبوه موسى بن جعفر عليه السلام فقال لي: هنيئاً لك يا نجمة كرامة ربك، فناولته إياه في خرقة بيضاء فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنكه، ثم رده إلي وقال: خذيه فإنه بقية الله في أرضه.
أبنائه
قال الشيخ المفيد: (وكان لأبي الحسن موسى (عليه السلام) سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى، منهم عليّ بن موسى الرضا (عليهما السلام)، وإبراهيم، والعباس، والقاسم، لأمّهات أولاد وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسن، لأمّ ولد، وأحمد، ومحمّد، وحمزة، لأمّ ولد، وعبد الله، وإسحاق، وعبيد الله، وزيد، والحسن، والفضل، والحسين، وسليمان، لأمّهات أولاد، وفاطمة الكبرى، وفاطمة الصغرى، ورقيّة، وحكيمة، وأمّ أبيها، ورقيّة الصغرى، وأمّ جعفر، ولبابه، وزينب، وخديجة، وعلية، وآمنة، وحسنة، وبريهة، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأمّ كلثوم، لأمهات أولاد.
وكان أفضل ولد أبي الحسن موسى (عليه السلام) وأنبههم وأعظمهم قدراً وأعلمهم وأجمعهم فضلاً أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) )(22).
إخوانه (عليهم السلام)
1ـ إسماعيل بن جعفر (عليه السلام): كان أكبر أولاده، وكان الإمام الصادق يحبّه حباً جمّاً. قال الشيخ المفيد: إنه مات في حياة أبيه بالعريض، وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع؛ روي أن أبا عبد الله حزن عليه حزناً شديداً، وأمر بوضع سريره على الأرض عدة مرات قبل دفنه، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه، ويريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته له من بعده، وإزالة الشبهة عنهم في حياته(23).
2ـ عبد الله بن جعفر (عليه السلام): كان أكبر إخوانه بعد إسماعيل.
3ـ علي بن جعفر (عليه السلام): هو المحدث المشهور صاحب المسائل، عن أخيه موسى (عليه السلام)، عاش دهراً طويلاً حتى أدرك الإمام الجواد (عليه السلام).
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه: علي بن جعفر أخو موسى بن جعفر بن محمد (عليهم السلام)، جليل القدر، ثقة، له كتاب المناسك والمسائل لأخيه موسى الكاظم بن جعفر (عليهم السلام) سأله عنها(24).
4ـ إسحاق بن جعفر (عليه السلام): الملقب بالمؤتمن، زوج السيّدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن السبط (عليه السلام) صاحبة الروضة المشهورة بالقاهرة المعروفة بالست نفيسة؛ سافر مع زوجته إلى مصر وأقام بالفسطاط.
قال الشيخ المفيد: كان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد، قد روى عنه الناس الحديث والآثار وكان ابن كاسب يقول إذا حدث عنه: حدّثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر وكان إسحاق يقول بإمامة أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام)(25).
5ـ عباس بن جعفر: قال الشيخ المفيد: كان العباس بن جعفر رحمه الله فاضلاً نبيلاً(26).
6ـ محمد بن جعفر (عليه السلام): من الزهّاد والعبّاد، كان يسكن مكة ويروي بها الأحاديث، وفي أيام ظهور الفتنة بين الأمين والمأمون خرج في مكة وادعى الخلافة، أرسل إليه المأمون جيشاً بإمارة الجلودي، فلما وصل جيش المأمون مكة خلع نفسه وبايع المأمون. ثم سافر إلى خراسان وأقام بمرو، ولما وصل المأمون جرجان قتله بالسم وكان قبره معروفاً بجرجان في القرن الرابع الهجري.
بوّابه
هو محمد بن الفضل، وفي المناقب: المفضل بن عمر.
شاعره
السيد الحميري.
ملوك عصره
1ـ المنصور 754م - 775م.
2ـ المهدي: 775م - 785م.
3ـ الهادي: 785م - 786م.
4ـ هارون الرشيد: 786م - 809م.
مدة إمامته
خمس وثلاثون سنة.
اسأل الله ان يوفقنا واياكم لمعرفة أئمتنا وزيارتهم في الدنيا وشفاعتهم ومعرفتهم لنا في الآخرة
لا تنسونا بالدعاء