من المشرفين القدامى
جيل الطيبين
تاريخ التسجيل: October-2014
الدولة: Iraq
الجنس: أنثى
المشاركات: 15,523 المواضيع: 479
صوتيات:
7
سوالف عراقية:
2
المهنة: صيدلانية
موبايلي: iphone 8 plus& note5& iphone 7
آخر نشاط: 12/August/2022
كان من الصعب علينا أن نفترق كما كنا نعرف بأن استمرارنا
معا سيحرق خلايانا العصبية خلية خلية حتى لا يتبقى من أعصابنا
سوى بقايا إحساس متفحم ورماد .. لكننا وعلى الرغم من ذلك
قررنا أن نجازف بالاستمرار لأنه لم يكن بمقدورنا أن نتجزأ أو أن
ننشطر .. كنا نعرف بأن مشروع زواجنا ككل المشاريع ، مشروع
يحتمل الربح والخسارة .. حتى مشاريع ( الأحلام ) يا عزيز ليست إلا
مشاريع قد نربح فيها وقد نخسر ! .. يمنحنا الربح سعادة مطلقة
وتعلمنا الخسارة كيف يكون الربح وإن لم يعوض خسائرنا شيء
في حالات شتى ، خسارتك يا عزيز ليست كأي خسارة .. خسارتك لا
يعوضها أحد ولا يخفف من صعوبتها شيء ، خسارتك كالموت ..
الموت الذي ندعي بأن وقعه كبير حين حدوثه وبأنه يخف تدريجيا
مع مرور الوقت حتى يصبح الميت مجرد ذكرى ، ذكرى تمر علينا
للحظات بين الحين والآخر حتى تتوسع المساحات وتكبر لتصبح
الذكرى شبه طيف غير واضح المعالم !
صدقني يا عزيز ما النسيان إلا إدعاء .. ندعي النسيان لنقنع
الآخرين وأنفسنا بأننا قادرون على المضي قدما ، وعلى أن يكون
في حيواتنا أشخاص جدد وحياة أخرى ندرك جيدا
بانها ستظل ناقصة .. لكن الموت في الحقيقة لا عوض له
كخسارتك !.. ففقدك لا يعوضه مال ولا زوج ولا ولد .. قلت لي
مرة بأننا ( لا نفقد سوى ما نخشى فقدانه ! ) .. ولم اؤمن وقتذاك بما
قلت .. ظننت حينها بأن القدر لا يفرق بين ما نخاف خسارته وبين
ما لا يؤثر بنا غيابه ، لكنني اليوم أعرف بأننا لا نفقد سوى ما
نخشى فقده لأننا عادة لا نشعر بفقدان ما لا يشكل لنا أهمية تذكر ..
للفقد فلسفة يستعصي على عقلي المتخم بالأفكار استيعابها يا
عزيز ، لا أفقه في ماهية الفقد شيئا .. لا أفهم مبرراته ولا حكمته
ولا فلسفته .. لكن أعرف جيدا يا عزيز كيف يكون الفقد وما يخلف بعده
من حطام ودمار وأشلاء وأفئدة ! ..
لم أرغب بخسارتك يا عزيز .. وأعرف جيدا بأنك ومع زهدك
بعلاقتنا لم ترغب بخسارتي ، فلماذا خسرنا ؟ .. لماذا انهارت
علاقتنا على الرغم من تنازلاتي لترميمها ..؟!.. أعرف بأن أساسنا
كان ضعيفا يا عزيز ، أعرف بأنه كان هشا .. لكنني حاولت تدعيم
أساسنا بكل ما ظننت بأنه سيساعد على تقويم علاقتنا وتثبيتها ..
لكنني خسرتك بالرغم من كل شيء .. فلماذا خسرتك ؟ .. أعرف بأن
الخسارة تحل كالموت ! .. أعرف بأنه لا تفسير لها في بعض
الأحيان وبأنها تقع أحيانا فجأة لتربكنا وتبعثرنا وتشتتنا بلا عذر ولا
تبرير !.. لذا لن تمر خسارتك مرور الكرام .. لن أدعي نسيانك ولن
أمضي قدما ، سأظل في مكاني ولن أتزحزح قيد أنملة .. لن يمر في
حياتي أشخاص جدد ولن أنشد حياة أخرى .. لأنني لن أشفى من
خسارتك أبدا ..
أذكر بأنك قد قلت لي يوما بأنك مؤمن بأن الحب دوما
ينتصر !.. قلت ( صدقيني جمان ، مؤمن أنا بأن الحب يصنع
المعجزات ) .. لكنني أعرف اليوم كما تعرف جيدا بأن الحب أضعف من
أن يخلق معجزة أو أن يغير قدرا ومصيرا .. الحب لا ينتصر في
كل معاركه يا عزيز .. يخسر الحب ، يخنع ويضعف وينهار وأحيانا يموت !
لكنه لا ينسى بكل حالاته .. انتظرت أن تشملنا كرامة أو
أن تنقلنا معجزة ، لكن المعجزات لم تعرف طريقنا .. فتباعدت
خطانا عن بعضنا بعضا وأصبح لكل منا مصير مختلف وأرض
بعيدة وطريق جديد ..
حانقة أنا على مصيرنا وعلى أقدارنا ، حانقة على نفسي
وعليك .. قل لي يا عزيز .. قل لي كيف أتجاوز كل هذا .. لأعود
المها التي كانت ، الفتاة الشامخة .. سيدة قومها .. طويلة العنق !
أتعرف يا عزيز .. أتعرف بأننا حينما نتغير لا نعود أبدا كما
كنا ! .. أتعرف بأن أعماقنا عندما تتشوه ، لا يعيد ملامحها السابقة
شيء ومهما حاولنا تجميلها ، صدقني يا عزيز لن تعود ملامح
أعماقنا كما كانت .. شوهت أعماقي ولن تعود أعماقي كما كانت
عليه يوما ...