أذكر اليوم بأنني قد اتصلت بك وقد كنت حينها في إحدى
سهرات ( مونتريال ) .. كنت بحالة سكر لم أشهد مثلها أبدا ،
كنت مرتفعا إلى درجة مقرفة ! ..
( مرتفع ) .. !..
لا أدري لما أسالك في كل مرة تثمل فيها إن كنت مرتفعا !..
لم أتمكن يوما من أن أسألك إن كنت ثملا وكأنني أخشى اللفظ ! ..
دائما ما نحاول تخفيف وطأة الأحداث بكلمات غير مباشرة ، وكأن
تسمية الأمور بـ ( مسمياتها ) تجعل تأثيرها أكثر وجعا وحدة ..
كنت تضحك وأنت تثرثر بحديث لا مناسبة له .. قلت : ( أنا مع
الشباب .. تحبينني ! .. أنتِ تحبينني على الرغم عنك ! .. أنا أفضل
من أي رجل آخر .. أنا أفضل ، متى تفهمين بأنني أفضل ؟ ) ..
كانت أصوات النساء حولك لزجة لدرجة تثير الاشمئزاز ! ..
قلت لك وأنا أبكي : أرجوك .. اتركهم واتصل بي من غرفتك ..
ضحكت : حبيبتي أن لا أفعل شيئا ، لا تظني بي حبيبتي ..
هؤلاء صديقات أحمد ! لا تخشي شيئا ..
ارتفعت أصواتهن حولك بكلمات بذيئة مستفزة ، كنت تضحك
بجنون .. ضحكت كما لم تفعل من قبل ، صرخت بك : عزيز ! ..
إن لم تتصل بي من غرفتك الآن فلن نتحدث أبدا ..
أجبتني : كلمي ! .. كلمي أحمد ..
كنت أسمع صوتك وأنت تناديه : أحمد ! .. تعال وكلم
(خويتي ) ! .. أخبرها بأنني لا أفعل شيئا ! ..
أجابني الرجل ضاحكا : ( صاحبك ) يخونك ! .. في
حضن امرأتان ..
سحبت الهاتف من يده شاتما إياه وأنت تضحك ..
حبيبتي ! .. حقير هذا الرجل لا تصدقيه ..
( خويتك ) !.. أبعد كل هذا الصبر تعرف أصدقاءك ( السكارى )
بي كـ ( خويتك ) .. لا أفهم كيف ارتضيت أن أتحدث مع رجل
بذيئ كهذا ! .. لا أدري كيف تسمح لنفسك بالعيش بمحيط ضحل
كمحيطك .. لا أفهم كيف تظن بأنني سأقبل هذا الوضع ! .. كثيرا ما
تخليت عني يا عزيز ، كثيرا ما خذلتني .. كثيرا ما زعزعت بنفسي
الثقة ، انتزعت من دواخل ( امرأتك ) احترامها لك واحترامها
لعلاقتكما .. آه لو تدري يا عزيز كم هي كثيرة ندوب قلبي .. بت
أشعر بأن قلبي لا يضخ سوى الألم إلى باقي أرجاء جسدي .. على
الرغم من خذلاني يا عزيز .. على الرغم من تركك إياي وتخليك
عني وإيذائك لي .. وأشياء كثيرة ! .. كانت تلك الليلة ، الليلة التي
خلفت في روحي الرماد شعرت بأنه لم يبق في داخل روحي لك
سوى رماد ، استعرت حتى فتك اللظى بروحي يا عزيز .. فخمدت
النار وبقي الرماد ..
أتدري كم أمقت الحديث عن تلك الليلة ؟ .. قد يكون هذا
الحدث الوحيد الذي لم نتحدث عنه قط .. لم نفعل لأنه كان
الأصعب ، تدرك جيدا بأننا لم نفعل لأنه الأصعب .. قاس طغيانك
يا عزيز .. تجاهلت الحدث وكأن شيئا لم يكن ، واستجبت لطلبك
لأنني رغبت بأن أكون ( متفهمة ) .. لا بد من أن تكون ( خويتك )
متفهمة ! .. أبعد كل هذا أكون ( خويتك ) يا عزيز ؟ ، لست ( بنظرك )
سوى مجرد ( امرأة ) تصاحبك ! .. لو تحدثنا بخصوص الأمر لبررت
لي قولك ( ذاك ) بحالة ( السكر) تلك لكنك وفي حالات سكرك
تكون أكثر صدقا من أي وقت آخر ، يتعسني هذا ! .. يتعسني ألا
تصدق معي إلا في حالات ثمل تفقد فيها السيطرة على عقلك
وجسدك وأمور أخرى ، ظللت بعدها لأكثر من ثلاثة أيام على عتبة
( دورة المياه ) .. أتقيأ الما ويأسا وحزنا وقهرا .. كيف تقهرني
إلى هذا الحد .. أي قلب هذا الذي تحمله ..؟!.. اي جبار أنت ؟!
في أعماقي قهر يقتل ، سيقتلني القهر يا عزيز .. تدرك بأنني
سأموت قهرا .. سمحت لك هيفاء في اليوم الثالث بزيارتي ، أظن
بأنها خشيت أن أموت !
جئت ، جئت كما ذهبت ، جلست أمامي على القرفصاء ، قلت
وأنت تمسح على رأسي : جمان ما الأمر ؟!.. قالت لي هيفاء
بأنك مريضة ..!.. لماذا لا تجيبين على مكالماتي ؟
أجبتك بوهن وعيناي تدمعان : أرجوك .. ارحمني ، اعتقني لوجه
الله !. ارجوك ، أرجوك ..
وقفت أمامي بقسوة وقلت : مللت من هذا الوضع ، مللت من
تخليك عني في كل مرة تغضبين فيها !.. اتصلي بي حينما تهدئين ..
ألم أقل بأنك جئت كما ذهبت وكأن شيئا لم يكن !.. لا أدري
لماذا تعلقني بحياة أنت ـ نفسك ـ لا تدري إن كنت ترغب
بوجودي فيها .. أشعر أحيانا وكأنك لم تحبني يوما .. اشعر بأنك
تحب حبي لك .. افهم جيدا بأنك تحب حبي لك لكنني لا أفهم
كيف لا تحب امرأة تتفانى من أجل أن تحبها ، من أجل ان تمنحها
السقف ـ الأدنى ـ من الحبّ! .. اي قدر ظالم هذا الذي يأبى أن
يمنحني قلبا أستحقه ، أستحقك وتدرك بأنني أستحقك فلماذا يبخل
القدر بمنحي إياك !.. تعبت من أجل الحصول عليك فلماذا لا
أتمكن منك ! .. أشعر أحيانا بأنك لا ( تليق ) بي لكنني لا أطمح في
أن تليق بي .. أريدك كما أنت ، كما أنت يا عزيز .. كما أنت !..
ألا يكفي أن أريدك كما أنت ..؟؟
****************