صفحة 10 من 12 الأولىالأولى ... 89 101112 الأخيرةالأخيرة
النتائج 91 إلى 100 من 114
الموضوع:

رواية أحببتك أكثر مما ينبغي - للكاتبة أثير عبدالله النشمي - مكتوبة - الصفحة 10

الزوار من محركات البحث: 44257 المشاهدات : 136393 الردود: 113
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #91
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    تاريخ التسجيل: October-2014
    الدولة: Iraq
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 15,523 المواضيع: 479
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 7035
    المهنة: صيدلانية
    موبايلي: iphone 8 plus& note5& iphone 7
    آخر نشاط: 12/August/2022
    مقالات المدونة: 8
    فوجئت بقصتك ذلك الصباح ، نشرت قصة قصيرة تلك المرة ..

    الجانب الذي لم أكتشفه فيك يوما ، لم أتخيلك يوما قاصا يا

    عزيز .. أنت رجل مقالات تجيد الخطابة وتنميق الكلمات بلا

    إحساس ، قصائدك باردة على الرغم من بلاغتها .. لكنك كتبت قصة

    ذلك اليوم ولأول مرة .. كتبت عن رجل أحب فراشة .. كان يلتقي

    بها دوما على كرسي في منتصف طريق .. كان الكرسي واقعا بين

    قريتين وكان الرجل جبانا لدرجة أنه لم يتجاوز الكرسي يوما إلى

    الناحية الأخرى ! .. كان خائفا من المجهول ومما يخبئه الطرف

    الآخر من العالم .. حتى غابت الفراشة عنه ، انتظرها وانتظرها .. ومل

    الانتظار منه ومن فراشة كان من الواضح أنها نست صاحبها .. وفي

    لحظة يأس حطت الفراشة على يده ، سعد بها وانشرحت سرائره

    لكنها طارت إلى القرية في الجهة المقابلة ! .. خاف وبكى وفكر لكنه

    قرر أخيرا أن يتبعها وسار إلى الناحية الأخرى ! ..

    سألتني يوم ذاك لأول مرة عن رأيي فيما كتبت .. قلت لك : من

    يملك القدرة على كتابة قصة قصيرة .. يملك القدرة على أن يكتب

    رواية .. فلما لا تفعل ؟

    أممم . في ذاكرة الجسد .. قالت كاتبتك أحلام مستغانمي على

    لسان اللئيمة حياة " نحن نكتب الروايات لنقتل الأشخاص الذين

    أصبح وجودهم عبئا علينا ، نحن نكتب لننتهي منهم " .. وليست لدي

    الرغبة حاليا بالانتهاء من أحد ..

    من الغريب أن تستشهد بأحلام ..ظننتك لا تحبها ..

    يكفي أن تحبيها لأحبها .. لكنني لا أحب شخصيات النساء

    اللاتي تخلقهن ، في كل امرأة منهم جانب لئيم لا أحبه أبدا ..

    هي تختلقهن ولست تخلقهن يا عزيز ..

    هي التي توجد هؤلاء النسوة .. سواء خلقتهن من العدم أم

    اختلقتهن من الوجود ! .. ألم تكتب مرة بأن كل " روائي يشبه

    أكاذيبه ..؟" .. أنا مؤمن بأنها تشبه نساءها وإن اختلفن ..

    أظن بأن وضعها استثنائي ! ..

    تعرفين مثلما أعرف بأن الاستثناء يؤكد القاعدة ..

    سيؤلمني كثيرا شبهك بأبطال قصائدك ..

    جمان ..!.. بإمكاني إدعاء الفضيلة لكن هذا لن يقنعني بكوني

    فاضلا وإن أقنعتك بذلك ..

    صمت قليلا وقلت : عزيز !.. لماذا تكتب ..

    أممم .. أكتب لأتوازن ، لأفرغ همومي المتكدسة في داخلي ..

    لأنتهي منها ولأطردها بعيدا عن نفسي ..

    ظننتك ستقول بأنك تكتب لأنك تحب الكتابة ! ..

    أنت تحبين الكتابة .. زياد يكتب لأنه يحبها .. أما أنا فأكتب لانه

    من الواجب عليّ أن أكتب ، من واجب يتجاه نفسي أن أفعل ..

    الكتابة هي الوسيلة الوحيدة التي تعيد توازين إليّ يا جمان ، أستيقظ

    كل يوم في حالة تأرجح .. أصحو متذبذبا .. بعض مني يحلق هنا ..

    وبعض آخر يبحر هناك .. الكتابة تعيد إليّ ثباتي ..

    قلت : يقال بأن عقول الرجال تحت أقلامهم ..

    أممم .. أظن بأن الرواية الأولى تتضمن من كاتبها الكثير .. لا

    بد من أن تحتوي الرواية الأولى على بعض من أسرار الروائي ..

    يضع الكاتب في إنتاجه البكر بعضا منه .. سواء أكان رجلا أو

    امرأة ..

    أنت قادر على أن تكتب يا عزيز ، لا تنقصك سوى الشجاعة ..

    أتظنين بأنني قادر على أن أكتب شيئا مختلفا ، شيئا فريدا

    ومؤثرا ..؟

    هناك روايات فاشلة .. وروايات جيدة وروايات عظيمة ..!.. إن

    لم تكتب شيئا عظيما فأنا على يقين من أنك ستكتب شيئا جيدا .. لا

    ضرورة لأن تصبح يوهان فون غوته لتصبح كاتبا جيدا ، انت جيد

    بما فيه الكفاية يا عزيز ..

    أرأيت ..!.. هنا نختلف أنا وأنت .. أحتاج لأن أصبح كــ غوته

    يا جمان .. أحتاج لأن أؤثر في القراء كما أثر فيهم .. أحتاج لأن

    يكون لي تأثير مشابه .. ديكنز كتب في أغلب رواياته أكثر من 600

    صفحة لكل رواية ن أجاثا كرستي كتبت 85 رواية في 85 عاما

    قضتها في الحياة ! .. ماركيز باع أكثر من ثلاثين مليون نسخة خلال

    مئة عام من لعزلة وترجمة روايته لعشرات اللغات .. أتظنين بأنني

    قادر على أن اصبح مثلهم ؟

    لن تعرف مدى تاثيرك على القارئ ما لم تجازف بالنشر ..

    قلت بشرود : قد أفعل يا جمان .. قد أفعل ! ..

    تظن بأنك لا تؤثر على الناس ولا تحرك شيئا في أعماقهم ..

    تجهل مدى قدرتك وتأثيرك عليهم ، أخشى ما أخشاه .. ان تظهر

    جاذبيتك جلبة في ما أظن بأنك ستكتبه يوما ، أحب أن أقرأ لك

    وحدي .. لا أحب أن تكون متاحا للناس .. لا أحب ان تكون

    للعامة ! .. لا أحب أن تقرأ رجلي امراة اخرى ، ألست من يقول بأن

    في الرواية الأولى من صاحبها الكثير فكيف أتحمل أن يقرأ كثيرك

    أحد ...!.. يقتلني أن يعرف أحد غيري الكثير منك وعنك .. لكنني

    أحب أن تحقق بعض أحلامك !

    في الحب تصبح الأحلام مشتركة ، نشعر بنشوة الوصول حينما

    يحقق الآخر غايته وكأننا من حقق الغاية ومن أصاب الهدف ..

    عرجت في طريقي إلى البيت على محل للهدايا ، ابتعت منه

    قلما من الذهب الأبيض .. أرسلته إليك من خلال المحل مرفقا

    ببطاقة صغيرة كتبت عليها .. ( عزيز : قال لوقيان يوما بأن البداية هي

    نصف كل شيء . أهديك هذا القلم ليكون البداية .. بانتظار أن

    تستخدمه يوما في كتابة إهداء روايتك الأولى إليّ ) جمانة ..

    جاءتي الرد حالما وصلتك الهدية : جمانتي .. شكرا على

    القلم ! .. أعدك أن أستخدمه لتوقيع عقود نجاحاتي كلها .. وعلى

    رأسها عقد زواجنا ..!.. اغرمت بالقلم .. لانه منك ..

    ولم تستخدم قلما غيره منذ ذاك .. قلت لي مرة بأن أجمل

    مقالاتك كتبتها بحبره وبان أروع قصائدك لم تكتب إلا من خلاله ..

    قلت لي بأنني أهديتك مخيلة والهاما ومشاعر وآفاقا بعيدة من خلال

    قلم ..

    أشعر الآن بأن القلم هو وسيلتي الوحيدة للقضاء عليك ، يقتلك

    القلم .. تشعر بأنه غريمك على الرغم من عدم إيمانك بما أكتب ..

    هكذا تقول .. ويقول زياد بأنك تدعي .. أحاول اليوم أن أكتب

    لأنتهي منك ( عملا بمقولة أحلام التي لا تحب ! ) .. لن أدعي قوتي

    أمامك ، سلبتني قوتي بكل ما أؤتي المغتصب من إجرام وبشاعة !

    ما زلت أذكر الليلة التي سألتك فيها عن أبشع جريمة تظن بأنه

    لا بد من تنفيذ حكم الإعدام فيها .. كنا نتحدث يوم ذاك عن عقوبة

    الإعدام بالكرسي الكهربائي ..

    قلت لي ومن دون تفكير : الاغتصاب ..

    ظننتك ستقول القتل !

    في الاغتصاب ألف جريمة قتل وقتل سواء أكان المغصب

    رجلا أو امرأة .. ما بالك إن كان المغتصب طفلا !

    أذكر كيف هززت براسك متقززا من الفكرة ، هززت برأسك

    وأغمضت عينيك وكأنك تحاول طردها من مخيلتك .. لا أفهم كيف

    تتقزز من اغتصاب رجل لامرأة .. وانت تغتصب سعادتي .. وقوتي ..

    وراحتي .. وقلبي كل يوم ألف مرة ! لما تستهين بروحي يا عزيز ! ..

    أتظن بأن الاغتصاب مشروط بعنف جسدي وماء يراق ؟! .. لا يا

    عزيز .. الاغتصاب هو كل ما ينتهك ، جسدا ومشاعر وخصوصية ..

    وحرية .. وأملاكا ، ولقد اغتصبت مني وفيّ أكثر مما تظن ..

    ما أبشعك !

  2. #92
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين

  3. #93
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    لا تمثل الحياة لك إلا حربا كبيرة تتخللها معارك .. كنت تطلق
    على زياد وهيفاء لقب ( حلفاء المحور) ، لأنك ترى أنهم يساندونني
    أكثر مما ينبغي .. لطالما اعتبرت ما بيننا حربا .. حربا طاحنة لا
    رحمة فيها .. إما أن تكون فيها المنتصر وإما أن تكون خاسرا ..
    حرب ينحاز لكل طرف فيها حلفاء ، حلفاء يساندونه ويدعمونه
    ويوصلونه إلى النصر .. النصر الذي لا أفهم ماهيته يا عزيز ، ولا
    أفهم متى ستحققه وكيف سيكون ! ..
    قلت لي مرة بسخرية : لم نخرج مع حلفاء المحور منذ مدة طويلة ..
    سالتك : أتراني أعلق صليبا معقوقا على صدري يا عزيز ؟ ..
    كلا ! .. على فكرة جمان .. لا تظني بأنني ضد النازية ، على
    الرغم من أنني ضد جرائم هتلر الدامية والتي ارتكبت خصيصا ضد
    اليهود .. إلا أنني أرى في قوته على فرض النازية ما يستحق
    الاحترام !
    ما أمرك مع اليهود والطغاة ..؟!.. لماذا أنت دائما معهم ..؟
    ابتسمت : أليس اليهود بأبناء عمنا ..؟!
    عزيز ! .. لا تتهرب ..
    قلت محاولا تغيير مجرى الحديث : لقد بحثت مرة في نسبك
    وفي جذورك .. أتعرفين بأن جذورك يهودية ..؟
    أعرف هذا .. فلقد كان سكان الجزيرة العربية قبل الاسلام إما
    يهودا وإما نصارى او مشركين ! ..
    جمان ، أنا لست مع اليهود .. لكنني لست ضدهم .. أنا ضد ما
    يرتكبونه وضد ما يرتكب بحقهم !
    قلت لك بسخرية : أتعرف مقولة هتلر الشهيرة ( قد كان بوسعي
    أن أقضي على كل يهود العالم ولكنني تركت بعضا منهم لتعرفوا
    لماذا كنت أبيدهم ) ..؟
    هذا غير صحيح يا جمانة .. لو كان هتلر قادرا على إبادة العرق
    اليهودي لأبادهم كلهم عن بكرة أبيهم ..
    أنا على يقين من أن تاريخ الهولوكوست مبالغ فيه ..
    أتعرفين بأن أغلب الدول الكبرى ومن ضمنها ألمانيا تعتبر
    إنكار حقيقة الهولوكوست جريمة يعاقب عليها القانون .. يعني لو كنا
    في فرنسا الآن أو في النمسا لسجنت على ما قلت فلا تتهوري يا
    صغيرة !
    لكنني هنا يا عزيز .. والقانون الكندي يكفل لي الحرية فيما
    أقوله ..
    قلت مداعبا : لذا أحبك ..! .. لأنك قوية كهتلر ولا يغيب عنك شيء ..
    عزيز ..!.. لماذا تحب الطغاة ؟
    أنا لا أحب الطغاة .. أنا أحب من يتمسك بقضيته ومن يناضل
    من أجل هدف شعبي أو من أجل الحرية .. لا تظنين بأنني قاسي
    القلب أو أنني أحب سفك الدماء يا جمانة ، أنا ضد القتال
    والحروب الوحشية .. ضد الهيمنة لمجرد الهيمنة ، ولا تظني بأنني
    متعصب لليهود .. أنا أحترم كثيرا مارتن لوثر كنج ، أحترم نيلسون مانديلا،
    عبدالله أوجلان .. ومروان البرغوثي .. وحسن نصرالله ..
    احترم كل من يحاول نصر عرقه أو مذهبه أو وطنه سواءا أكان
    مسلما أو مسيحيا أو يهوديا .. ابيض اللون كان أو أسود ، عربيا كان
    أو إسرائيليا أو حتى كرديا ..
    تسفك الدماء دوما باسم الحرية ، يتذرع الطغاة بالحرية
    لارتكاب جرائمهم ومجازرهم !
    أنا مؤمن بمقولة غاندي ( إن طريق الاستقلال يجب أن تمهده
    الدماء ) .. من المستحيل أن نحقق الاستقلال والحرية بالسلام يا
    جمان ..
    لكن غاندي رجل سلام ، ناضل غاندي بالسلام وليس بالعنف ..
    وكيف مات يا جمان ..؟!.. مات مقتولا !.. حاولو اغتياله ست مرات
    لأنه مناضل ينشد الحرية والمساواة .. أي أنه دفع دمه ثمنا
    للنضال ..
    عزيز لا تخلط بين الأهداف .. شتان ما بين أهداف ومآرب
    موسوليني مثلا وبين أهداف ومآرب مارتن لوثر كنج .. من يحاول أن
    يحرر عرقا .. يختلف تماما عن الذي يحاول استعباده ..
    برأيي ، إن الهدف واحد .. عندما يتحرر عرق يستعبد آخر !
    ومارتن كنج حاول أن يساوي حقوق عرق بآخر ، وهنا الفرق
    يا عزيز ..
    كنت تهز رأسك بعناد ..قلت لك مبتسمة : أتدري أن هتلر
    ولينين من مواليد برج الحمل ؟
    رفعت قداحتك في وجهي : جمان ، ما رأيك في أن أشعل
    النيران في شعرك لأصبح ثالثهم ؟
    فعلا فطرتك دموية .. يقال بأن موسوليني كان يضرب اقرانه في
    طفولته كما سبق له وأن اغتصب فتاة في مراهقته .. لقد كان مجرما
    بفطرته !
    أممم . أنا شخصيا لا أحب إيذاء أحد .. لكنني لن أغفر لمن
    يفكر في إيذائي .. لا تتوقعي أبدا ألا أنتقم من شخص تجرأ عليّ ،
    حينما يقدم أحد على إيذائي أو على سلب ما هو حقي .. سأتحول
    حينها إلى طاغية حقيقي ، سأدمر كل ما ومن في طريقي ، مهما كان
    مقدار حبي لهذا الشخص !
    وهكذا كنت .. تدمر كل من في طريقك في سبيل الوصول إلى
    مآربك .. مهما كانت صغيرة وتافهة ، أنت تؤمن بأن الغاية تبرر
    الوسيلة ، وأؤمن أنا بأن الوسيلة ـ أحيانا ـ أهم من الغاية !
    أتأملك في أوقات عملك .. تجلس أمام حاسبوك المحمول وعيناك
    تتابعان أسعار الأسهم العالمية التي تتراقص على شاشته والتي
    تتعامل بها ، على يمينك أوراق بيضاء كتبت عليها بداية مقالتك ..
    وإلى اليسار بعض مراجع علم الإدارة التي تستعين بها في إجراء
    بحوث الجامعة .. أجلس خلف شاشة حاسوبك وأنا أتأملك .. اتأمل
    الرجل الذي يطمح بأن يكون كاتبا عظيما ، وتاجرا كبيرا .. وأن
    ينجح في دراسته ليصبح أستاذا في الجامعة ، يسعى لأن يصبح
    مسؤولا عن شؤون الطلب السعوديين في غربته .. وأن يكوّن أسرة
    صغيرة معي في غضون سنة أو سنتين !
    لا أفهم كيف تظن بأنك قادر على أن تفعل كل هذا في وقت
    واحد ! .. اخبرك دوما بأن لكل منا أولوياته وبضرورة أن تحدد
    أولوياتك لتحقق بعضا منها .. لكنك تأبى أن تحصر أحلامك
    وطموحاتك ، تظن بأنك قادر على أن تحققها كلها في آن واحد ..
    لطالما كنت هكذا يا عزيز .. تسعى هنا وهناك وكل أحلامك في
    المرتبة الأولى .. تؤمن بأنك قادر على تحقيقها .. والحقيقة بأنك لم
    تحقق شيئا منها حتى الآن ، ولن تحقق منها شيئا أبدا .. تعتقد بأن
    ذكاءك وحده يكفي لكن ذكاءك لن يحقق لك المال والشهرة
    والسلطة والمنصب الرفيع والحب في الوقت ذاته ! .. طمعك هو
    الذي سيحرمك من كل هذا يا عزيز ، سيأتي يوم تفقد فيه كل ما
    تملك من مال بانهيار اقتصادي ( اعتدنا انهياره !) .. أو بمقامرة غبية
    اعتدت على الاقدام عليها ..
    لن يأتي اليوم الذي تدرِس فيه في الجامعة لأنك لم تكن يوما
    رجل علم .. ولأن دراستك تقف على رجل خشبية مهترئة .. لن تصبح
    كاتبا عظيما لأنك تدعي ما لا تؤمن به في ما تكتب ! .. لن تسعد
    بالحب أبدا لأنك لم تكن وفيا البتة .. ولأنك لم تضح يوما من أجل
    ذلك الحب ..
    فكيف ستحقق كل هذا يا عزيز ..؟!.. أخبرني بالله كيف تظن
    بأنك ستنجح في كل هذا ..؟ عجيبة هي رغباتنا .. وطموحاتنا .. تريد
    أنت من الحياة كل شيء ولا أريد أنا منها شيئا غيرك ، تحتاج لأن
    تحقق فيها كل أحلامك ، وأحتاج أن أحقق فيها حلما واحدا ليس إلا أنت !..
    علمتك الحياة ألا ترضى إلا بالكثير .. وعلمتني الحياة أن
    أرضى بالقليل الكثير .. ( انت ) ! ..
    أرأيت كم هي عجيبة رغباتنا يا عزيز ..؟!.. أرأيت كم هي
    مختلفة وكم هي متضاربة في القناعة والرضا ..؟
    قال فيكتور هوغو ( لا ندرك حقيقتنا إلا بما نستطيع فعله من أعمال )
    وحقيقتي تبدو قاتمة لأنني لم أحقق شيئا منذ أن عرفتك ،
    لم تحقق شيئا لأنك تطمع بتحقيق كل شيء ، ولم أحقق
    شيئا لأنني لم أرغب بتحقيق شيئ .. غيرك !
    كلانا بعيدان كل البعد عن فيكتور هوغو الأديب الذي دفن
    تحت قوس النصر في باريس نظرا لما حققه من أعمال أدبية .. أتراه
    لم يطمع في كل شيء مثلك ..؟!.. أم تراه لم يحصر أحلامه في
    شخص واحد مثلي ؟ .. كان مختلفا يا عزيز.. لا بد من أنه كان
    مختلفا ، لم يكن طماعا .. ولم يكن خانعا .. ضعيفا .. ينتظر أن يجود
    عليه أحد بالفتات مثلما أنتظر أن تجود عليّ بقربك ! ..
    طاغية أنت وجشع !
    كيف أحبك وامرأة مثلي لا تحب الطغاة .. ولا تطيق الجشع ؟؟!
    كيف فعلت يا عزيز .. ليتك تخبرني كيف تمكنت من أن تفعل ..؟! ..

  4. #94
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    سافرت إلى الرياض قبلك .. ظننت بأنه لا بد من تمهيد موضوع
    زواجنا لعائلتي قبل أن تتقدم بطلبي ، أو بالاحرى أن أمهد
    الموضوع لأمي .. هكذا تتصرف الفتيات دوما . ينقلن رغباتهن إلى
    أمهاتهم اللاتي يلعبن دور الوسيط في كل أمر مرفوض عند الآباء
    أو الأشقاء ، يقفن دوما في وجه المدفع ! .. نطلب منهن أن يقفن
    في وجهه ليتلقين القذائف بدلا منا . من أجل حمايتنا من قوة لا
    قدرة لنا على مجابهتها وكأن لديهن القدرة على أن يواجهنها
    بمفردهن . . ننسى دوما بأننا كلنا نسوة وبأن الأم ما هي إلا امرأة
    مثلنا ، امرأة على استعداد لأن تتلقى القذائف ببسالة لنسعد ونكبر
    ونزهو .. وتنزف هي من آثار الشظايا إلى أمد لا ننتبه إليه غالبا ولا
    تحدثنا عن ألمه أبدا .. لا أعرف لماذا نحمل أمهاتنا دوما ثمن أن
    تكون أقدامهن فوق الجنة وكأنه دين عليهن تسديد ثمنه ! .. لطالما
    ظننت بأن الأم سر ابنتها وبأنها المحامي الأعمى لها .. لكنني
    اكتشفت بعد أن عرفتك بأن الام محامي ذريتها .. سواء أكانوا أبناءا
    أو كن بناتا ! ..
    أرقبك أحيانا وانت تتحدث مع أمك على الهاتف ، ترجوها أن
    تطلب من والدك شيئا لك .. مالا .. وساطة .. مراجعة لمعاملة عالقة
    مع أحد المراجع الحكومية ، ترجوها دوما أن تتحدث معه لتسهيل
    أمورك العالقة ، ولم أشهد يوما على طلبك منه أيّ شيء .. لطالما
    كانت أمك السائلة .. ولطالما كنت الملبي له باسم أمك التي لا
    ذنب لها في تلك ( المنة ) سوى أنك الذي طلبت ! ..
    سألتك يوما : استحبني مثلما يحب والدك والدتك ؟
    قلت : كلا ..!.. ما بين والديّ كما بين معظم أزواج جيلهما ..
    ليس إلا مودة ورحمة ..
    وماذا في ذلك ..؟
    لو أردت المودة والرحمة لتزوجت من أي امرأة لا اعرفها ،
    لكنني أحتاج لأن أتزوج من المرأة التي أحب يا جمان .. أحتاج إلى
    شوق وشغف وحب قوي يجمعنا ..
    لكن المودة والرحمة ذكرا في القرآن الكرم كشرط لاستمرار
    الحياة الزوجية .
    الحب يجلب المودة والرحمة من دون شك ...!.. لكن المودة
    والرحمة لا يجلبان الحب بضرورة الحال ..
    لكنهما قد يجلبانه يا عزيز .. ألم تقل مي زيادة ( كم من حب
    جاء ثمرة للزواج ) ..؟
    هذا حقيقي ويحدث .. لكن نسبة حدوثه قليلة .. ما يحدث فعليا
    هو الود والرحمة والاعتياد ..
    استرجعت كلماتك وأنا في مطارهيثرو .. أصبحت أقرب إلى الوطن
    وازدادت نبضاتي بسرعة .. لأول مرة أخشى أن اعود إلى
    الرياض لأنني كنت أدرك بانني مقدمة على معركة ضروس .. أنت
    نفسك لا تدرك قسوتها .. اتصلت بك اثناء انتظاري في صالة
    المسافرين ، كنت بانتظار هاتفي يوكأنك تتوقع اتصالي ..
    قلت لك : أظن بأنني سأهرب ! ..
    قلت بسخرية : العروس الهاربة ! ..
    أنا خائفة! ..
    جمان انا بجانبك فلا تخافي .. المهم ألا تتهوري .. اختاري
    الوقت المناسب للحديث مع والدتك .. ليس هناك من داع
    للاستعجال ..
    ليس هناك من داع للاستعجال ، تظن أنت بأنه لا ضرورة
    للاستعجال ! .. وأخشى أنا أن تباغتني بحقيقة أخرى لا احب
    معرفتها عنك .. حقيقة كحقائق كثيرة أعرفها ، أحاول تجاهلها ..
    ولا أعرف كيف أنساها ! .. لا تدرك أنت كم هو صعب عليّ أمر
    كهذا .. كم من الصعب عليّ أن أجازف بالتغطية على أخطائك
    وبمحاولة إبعاد عائلتي عنها ، أن اغامر بالاختيار على الرغم عنهم ،
    وأنا أعرف جيدا بأن زواجا كزواجنا ما هو إلا مغامرة نسبة احتمال
    فشلها تفوق نسبة احتمال نجاحها بكثير .. وافقت على الزواج منك
    لأنك الحلم الوحيد .. ولأن زواجي منك أخف الأمرين يا عزيز ،
    أعرف بأن حربا عنيفة بانتظاري هناك ، حيث أنا الفتاة الشامخة
    الطويلة العنق التي لا تتزوج من رجل لطخ شموخه العبث وعدم
    المسؤولية .. لا تدرك عائلتي بأنك دمرت شموخي وكبريائي . لقد
    تحطمت أحجار كياني ، حجرا تلو الحجر تلو الحجر ! .. لا يدركون
    بأن روحي بين يديك ، وبين أصابعك تقبض عليها بقوة فأنتفض
    وترخي أصابعك عنها فانهار ! .. زواجنا ليس إلا مجازفة سأدفع
    ثمنها وحدي يا عزيز وسأتجرع مرارتها وحدي .. لانني أعرف وعلى
    الرغم من ( سذاجتي ! ) بأن رجلا مثلك لن ينتهي من حياته التي
    اعتادها بتلك السهولة ولن ينتهي ..
    أقدمت على الموافقة وأنا أعرف بأنك لن تكون يوما وفيا لي ،
    ولن تحترم ما بيننا أبدا ، وافقت حتى لا أندم على عدم موافقتي
    وإن كنت سأندم على زواجي منك .
    قلت في نفسي : فالأندم .. الندم على زواجنا أخف كثيرا من الندم
    على رفضي الارتباط بك .. على الأقل ، ومهما جرى بيننا ،
    سأكون قد حققت حلمي بالزواج منك .. حينما نودي على رحلتي
    المتوجهة إلى الرياض تنفست بعمق .. حملت حقيبة يدي وهاتفي
    ونظارتي الشمسية وقد قررت أن أترك في لندن كل مخاوفي ، قررت
    أن أطير إلى الرياض هذه المرة .. امرأة قوية مستقلة القرار ، قررت
    أن أدافع عما أرغب وأن أختار من أحب من دون أن اقحم في
    صراعي امرأة أخرى لا ذنب لها في هذا الصراع سوى أنها أمي ! ..
    قررت أن أتحمل وحدي هذا الصراع ، وأن أتحمل وحدي نتيجته
    التي أعرفها أكثر مما أعرف أي شيء آخر .. طرت يومها إلى
    الرياض يا عزيز ولم يكن في مخيلتي سوى رجل بعيد ، أعلم جيدا
    بأنه سيخذلني .. ولم يكن ليخذلني غيرك يا عزيز ..
    أبدا ..!
    ***

  5. #95
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    مضت الأيام مسرعة على الرغم من قسوتها .. مرّ كل شيء
    كحلم غريب ، كنوع من الأحلام التي لا نفهم ماهيتها .. لا نفهم
    إن كانت رؤيا أم انها مجرد أضغاث أحلام ، تطبق على صدري
    جاثمة ليالي عدة .. وتبدو في ليال أخرى كحلم رقيق يداعب أنوثتي
    بنعومة ليغريني بحلم آخر وليلة أخرى ! ..
    تعلمت ألا أقاوم أقداري وألا احاول التهرب منها يا عزيز ، لا
    قدرة لنا على التنصل من الأقدار يا عزيز . . لن نقدر يوما على الفرار
    من مكاتيب كتبت وأقدار قدرت وحياة رسمت .. أصبحت أمضي
    معك راضية منتظرة أن أصل إلى نهاية الطريق .. أن يغلق ملف
    القدر وان ينتهي كل شيء بأمره كما ابتدأ كل شيء بأمره سبحانه جل شأنه ..
    عدت إلى الرياض .. لا لأقاوم الأقدار يا عزيز بل لأدافع
    عنها .. وإن كانت الأقدار لا تحتاج إلى دفاع .. أعرف بأنه قد قدر
    لي أن أمضي معك حتى تحرق في أعماقي كل ما هو أخضر ،
    سأمضي معك حتى تعكر كل زلال في داخلي .. لأنك لن تتركني
    حتى تلوث كل ما هو نقي ، وتقتل كل ما هو حي ! ..
    انتشلني صوت بتيل وهي تربت على ركبتي بيدها : وأخيرا
    جئت ! .. اشتقنا إليك هذه المرة أكثر من أي مرة جمانة ..
    كنت أجلس على طرف السرير في غرفتي ، وكان على الأرض
    أمامي كل من صبا وبتيل وحقائبي المغلقة ! .. كانت والدتي تقف
    بجواري وهي تمسح على شعري بلهفة المشتاق ..
    قالت صبا : معها حق بتيل ، افتقدناك كثيرا .. لا أصدق بأنك
    ستعودين بعد عام !
    قلت لها وأنا أنظر إلى أمي مبتسمة : قد لا أعود ! ..
    قالت أمي بانزعاج : من غير شر ! .. اتفقنا أن تتغربي من أجل
    البكالوريوس فقط .. وما تبقى من دراستك تكملينه هنا عندي ..
    قالت بتيل مداعبة لأمي : عندما تأتي جمانة .. لا يهمك أحد
    غيرها !
    قلت وانا أغمز لها : لذا سأظل هناك . . لتدللكما بضعة أعوام
    أخرى ..
    سألتني صبا : أستكملين الماجستير ..؟
    ربما ..! .. وربما أتزوج ..
    سحبت والدتي يديها من على شعري ببطء .. فالتفت نحوها ..
    كانت تنظر إليّ نظرة عميقة أعرفها جيدا !
    قالت بصرامة : فالنؤجل الحديث الآن .. لا بد من أن أختكما متعبة!
    قالت بتيل برجاء وهي تحتضن ساقيّ : فلنجلس معها قليلا ..
    اشتقنا إليها ! ..
    قالت أمي : المسكينة متعبة ! .. فلنتركها لتستحم الآن وتأكل ..
    ومن ثم تنزل لتجلس معنا فالجميع قد اشتاقوا إليها ! ..
    اتصلت بك ما أن دلفت أمي وأخواتي إلى مجلس والدي ..
    كنت نصف نائم حينما أجبتني : حياتي !
    عزيز المعذرة ! أأيقظتك ..؟
    قلت بسخرية : تعرفين بأنك أيقظتني فلا تدعي غير ذلك !
    إلهي كم من الجميل أن يستيقظ المرء على صوت الجمان ..
    أخبريني .. أوصلت ؟
    أجبتك بتهكم : تعرف بأنني قد وصلت فلا تدعي غير ذلك !
    ضحكت : حمدا لله على سلامتك .. الا تزال رياضك
    رمادية ؟
    قلت لك بعناد : بل وردية ..
    كنت أعرف بأنك مصابة بعمى الألوان !
    أتقبل بأن تتزوج امراة معطوبة ..؟
    سأعيد النظر في الموضوع ! المهم .. حدثيني .. كيف هي
    الامور ..؟
    سأخبرك لاحقا عزيز . . والداي بانتظاري .. أردت فقط
    أن أطمئن عليك ..
    صمت قليلا وقلت : جمان .. لا تخافي .. سيجري كل شيء
    على ما يرام .. اعدك ..
    كان لا بد من أن تفي بوعدك ذاك يا عزيز ، كان لا بد من أن
    تفي به .. كنت أدرك بأن وعودك ( رخيصة ) وسهلة لكنني تشبثت
    بوعدك على أمل ان تفي به يوما .. كنت بحاجة لأن تفي بوعدك
    تلك المرة على الأقل .. كان ليكفيني يا عزيز ! .. كان ليعوضني عن
    كل وعد أعطيتني إياه ولم تف به .. كان ليعوضني عن كل عهد
    قطعته لي وأخلفت به ، فالإقدام على بعض القرارات كاختيار الحياة
    او الموت .. بعض القرارات مصيرية إلى حد أن السعادة والتعاسة
    يقفان على مشارف ذلك القرار .. لا بد من أن نفسح لأحدهما
    بالدخول إلى حياتنا لنعايشه حسبما قررنا واخترنا .. ولقد كنت
    قراري ، قرار حياتي وموتي الذي كان لا بد من أن أقدم عليه ..
    اتجهت نحو صالة الطعام حيث كان الجميع بانتظاري .. قضينا
    سهرتنا في استعراض المستجدات التي حدثت خلال غيابي ..
    من تزوج ، من أنجب .. من تخرج .. ومن توفي .. على الرغم
    من أنني كنت على دراية بكل هذه الأحداث ، فالذي لا تخبرني إياه والدتي
    على الهاتف .. تخبرني إياه بتيل وصبا على الانترنت ! .. كنت متعبة
    وقلقة ولا يشغل رأسي غيرك وحديث ( الأقارب ! ) ذلك لم يرق لي
    الخوض فيه .
    قال خالد مداعبا : جمانة هادئة هذا المساء ! .. ما الأمر جمانة ،
    أكبرت ؟
    أجبته : لدى كل صديقة لي ابن في عمرك يا خالد .. وأنت لا
    تزال تسأل إن كنت قد كبرت !..
    وضع سعود يديه على رأسه : بدأ المسلسل المعتاد ..!..
    نظرت إلى خالد الذي كنت أعرف جيدا كم هو مشتاق إليّ
    وضحكنا .. أتعرف بأن خالد يشابهك في التعبير عن شوقه يا عزيز ..
    شوقه ساخر كشوقك أنت.. يبث شوقه بطريقة تهكمية تزداد وتنقص
    حدتها بمقدار شوقه ! .. اتعرف بأنني أصبحت أشابهك في اسلوبك
    أيضا .. ألم أخبرك بأن أي عاشقين يصلان إلى مرحلة يتحدثان فيها
    باللغة ذاتها ويستخدمان فيها المفردات نفسها ..!
    حينما قلت لخالد بأن لدى كل صديقة لي ابنا في عمرك ،
    تذكرت قولك لي بأنك لو كنت قد تزوجت لكانت لديك ابنة في
    عمري ! .. تخبرني بهذا دوما لتؤكد لي بأنك ملم بكل شيء ، وبأن
    خبرتك أكبر وبأنك تفقه أكثر مني ..
    تعذرت بإرهاقي وبحاجتي إلى الراحة كي أصعد إلى غرفتي ..
    في كل مرة أزور فيها أهلي يدب نشاط عجيب في جسدي وكانني
    لم أقض ساعات وساعات على كرسي صغير في الطائرة ، لكنني
    شعرت تلك المرة بالوهن .. الوهن الذي يسبق المواجهة والذي يجعلك
    تتردد ألف مرة ومرة قبل الإقدام على شيء أو مواجهة أمر
    عظيم ما .. دخلت فراشي لأتصل بك ، كنت بحاجة لأن تشد من
    أزري ولأن تبث في نفسي الطمأنينة لأتمكن من أن أنام ..طرقت
    والدتي الباب قبل أن أتصل بك ، جاءتني ودخلت الفراش بجواري ،
    أتكأت بمرفقها على الوسادة وهي تتأملني .. قالت : أخبريني الآن
    جمانة .. ما الأمر ..؟
    قلت لها مبتسمة : أمي .. أتعرفين بأنني أشبهك جدا ..؟
    لا يعرف أحد إن كان شبيها بأحد .. الناس هم الذي يخبروننا
    عن مقدار الشبه يا جمانة ..
    لا .. لأ أقصد تشابهنا في الملامح بل في التصرفات ، أتعرفين
    بأنني قد فعلت مع هيفاء مرة ذات التصرف الذي تفعلينه معي
    الآن ..؟
    وماذا أفعل الآن ..؟
    تتسللين إلى سريري لتعرفي الأسرار ..
    أتعرفين بأن الأسرار ما هي إلا أخطاء نخفيها ..؟
    ومن قال لك بأن كل سر ما هو إلا خطأ ..؟
    لانه لو لم يكن خطأ لا أخفيناه ..
    أمي .. لا تتحدثي كما تتحدث الأمهات ..!
    لكنني امك !
    أنت مختلفة .. لست كالأمهات ! .. أنت صديقتي التي تدعمني
    دوما ولولا دعمك لما سافرت من الأساس ..
    أخشى أن يكون سفرك خطأ .. سندفع كلنا ثمنه يا جمانة ..
    اعتدلت في جلستي : أمي .. ألا تثقين بي ..؟
    أخبريني أولا .. حكاية ( القيرلاني ) كلها ..
    أمي .. عبدالعزيز سينزل بعد أيام ليخطبني ..
    اتسعت عيناها بقوة : هكذا ..! ببساطة ..؟
    وما المشكلة ! .. ألا تعرفين ما المشكلة يا جمانة ..؟.. أتتزوجين من
    رجل لا يثق بك ..؟.. أتتزوجين من رجل تعرفين بأنه سيدمرك في
    لحظة غضب كما كاد أن يفعل ، جمانة .. تخيلي لو أن والدك الذي
    أجابه تلك المرة أو أحد شقيقيك .. تخيلي ما الذي كان سيحدث
    لو أخبرهما بأنك تعبثين مع رجل حيث أنت ..!.. جمانة من يحب
    لا يؤذي الفتاة التي يحبها ..
    ليس إلا طيش شباب يا أمي ..
    طيش شباب ..؟.. الم تقولي لي بأنه في الثالثة والثلاثين ..؟..
    أي طيش شباب هذا الذي تتحدثين عنه ..؟
    لكنني أحبه أمي وأنت تعرفين بأنني لن أتزوج إلا من رجل أحبه .
    الحب ليس كل شيء يا جمانة ..
    قلت لها وعيناي تدمعان : لكنك تزوجت الرجل الذي تحبين ..
    ولهذا أقول لك بأن الحب ليس كل شيء .. جمانة .. الزواج
    يختلف كليا عن الحب ! .. عندما تتزوجين تتغير الموازين كلها ، مهما
    أحببت هذا الرجل ومهما ظننت بأنك تعرفينه ، صدقيني ستكتشفين
    بأنك لم تعرفيه يوما ..
    دعيني أجرب يا أمي ..!.. امنحوني الفرصة في أن أختار الرجل
    الذي سأقضي معه حياتي ..
    لم يجبرك أحد على أن تتزوجي رجلا لا ترغبين به جمانة ،
    لكن هذا الرجل لا يناسبك أبدا ..
    أمي ، سأتحمل وحدي نتائج هذه الزيجة .. صدقيني لن ألجأ
    إليكم أبدا ..مهما جرى بيني وبينه لن أطلب منكم أن تتدخلوا بيننا
    مهما حدث ، لن ألومكم يوما على السماح لي بالزواج منه ! ..
    جمانة هذا الرجل لا يناسبك .. أنا أمك وأعرف أين تكون
    مصلحتك ..
    تمسكت بيدها وأنا ابكي : أمي أرجوك .. أنت أمي .. إن لم
    تقفي معي أنت لن يقف معي أحد ، صدقيني أمي .. سعادتي مع عبد
    العزيز .. لقد حافظ عليّ عبدالعزيز طوال السنوات الأربع الماضية ..
    إن لم أتزوج من عبدالعزيز أقسم لك بأنني لن أتزوج غيره ! .. لا
    قدرة لي على أن أحب رجلا آخر ، أفهميني ..
    جمانة .. غدا ستكبرين وستنسين .. حينما تتزوجين الرجل
    المناسب صدقيني ستضحكين كثيرا على هذه الأيام !
    قلت لها وأنا أشهق بكاءا : أمي .. أنا لست بمراهقة حتى تقولي
    لي بأنني سأنسى حينما أكبر ! .. أمي أفعلي ما شئت ، أنا لن
    أعصاكم .. لكنني أقسم لك بأنني لن أسامحكم أبدا إن حرمتوني
    منه ..!..
    عقدت حاجبيها بغضب : جمانة .. أجننت حتى تقولي هذا ؟
    قلت لك بانني لن اعصاكم .. لكنني لن أسامحكم على رفضكم
    له وهذا من حقي ..
    قطع حديثنا اتصالك وكأنك كنت تشعر بي يا عزيز .. تجاهلت
    أمي لأول مرة وأجبتك من دون أن استاذنها ..
    قلت لي بقلق ما أن سمعت صوتي : جمان .. ما الأمر ؟!..
    لماذا تبكين ..؟
    قلت لك وانا اشهق : لا شيء ، سأتصل بك لاحقا ..
    صحت في وجهي : لن ننهي الاتصال جمان ..!..رجاءا أخبريني
    ما بك ؟
    قلت لك وأنا أنظر إلى أمي التي كانت في غاية الانزعاج : لا
    شيء .. كنت أتحدث مع أمي فقط ..
    صمت قليلا وقلت : أهي بجوارك الآن ؟
    نعم ..
    أعطيني إياها !
    سألتك بدهشة : لماذا ..؟
    أعطيني إياها .. سأتحدث معها ..
    لا ضرورة لذلك ..
    جمان .. حبيبتي لا تخشي شيئا ، أعطيني إياها .. سأحل
    الموضوع ..
    مددت لها الهاتف بيد ترتعش ، قلت لها بصوت مخنوق ، يريد
    أن يتحدث معك ! ..
    ظننت بأنها سترفض الحديث معك ، لكنها أخذت الهاتف مني
    وأجابتك : أهلا ! ..
    .....................
    بخير .. كيف حالك أنت ..؟
    .......................
    عبدالعزيز .. هل من الممكن أن تتصل بي بعد خمس دقائق
    على هاتفي .. أظن بأنك تعرف رقمي أليس كذلك ..؟
    ........................
    حسنا .. مع السلامة ! ..
    رمت أمي هاتفي فوق السرير وقامت : جمانة . . ساعود إليك
    بعدما أتحدث معه ، أرجو أن تهدئي لنتحدث بعيدا عن الانفعالات ..
    كوني على يقين من أني سأفعل ما هو في مصلحتك ..
    كنت أشهق كطفلة صغيرة .. تركتها أمها في أول يوم دراسي لها
    في باحة المدرسة لتواجه عالما جديدا لا تفقه عنه شئا ولا تعرف
    فيه أحدا ! .. كنت أعرف بأنني فشلت في الامتحان الأول ، كان من
    المفترض أن يكون الحديث مع والدتي بخصوصك هو الامر
    الأسهل في كل ما سيجري معي وما سأمر به ، كان من المفترض
    أن أكون أكثر قوة مما كنت في حديثي مع أمي التي تعرف بوجودك
    أصلا .. انهرت أمام أول بادرة رفض من أمي التي أعرف أنه من
    السهل أن تحن عليّ وترحمني ، فما بالك لو شعرت ولو للحظة بأن
    أبي الحازم الصارم الذي لا يغير رايه بشيء ، ولا يبدل قناعاته أحد
    لن يقبل بك ؟! .. اتصلت بك عشرات المرات أثناء حديثك مع
    أمي .. كانت مكالمتكما طويلة ، استمرت لأكثر من ساعة ونصف ..
    كنت أتصل بك لأتأكد من أنك لا تزال تتحدث معها ، كان خطك
    المشغول يزيدني توترا وقلقا من أن تجرحك أمي بأي شيء ..
    خشيت أن يزل لسانك بخصوص قصتك مع ياسمين وزواجك
    السابق ، كنا قد اتفقنا مسبقا أن يظل الامر سرا بيننا وأن لا يعرفه
    أحد من أهلك او من أهلي .. لكنني وعلى الرغم من هذا خشيت
    أن تخبر أمي بأي شيء فتنتهي الحكاية قبل ان تبدئ ..
    كنت أحاول الاتصال بك حينما دلفت أمي إلى الغرفة من دون
    أن تقرع الباب ، جلست على طرف السرير وقالت : اغسلي وجهك
    ومن ثم اتصلي به لتطمئنيه لأنه قلق عليك ..!..
    هززت براسي من دون أن أنظر إليها وأنا ما زلت أشهق ..
    قالت وهي متوجهة إلى الباب : لا تنامي وأنت على هذه الحال ..
    وخففي من درجة التكييف حتى لا تمرضي ..
    وخرجت ..
    اتصلت بك وأنا أرتجف من شدة البكاء ، أجبتني بصوت
    مرتاح : مرحبا !
    عزيز ما الذي دار بينكما ..؟
    قلت برقة : أما زلت تبكين ..؟
    لم أتمكن من الرد وانهرت في نوبة بكاء .. كان صوتك دافئا
    على الطرف الآخر : جمان ..!.. جمان ..
    كنت أبكي خوفي كله يا عزيز .. كنت خائفة من أن تحرمني
    الدنيا منك بعدما رضيت أنت أن تشاركني إياها .. لم يكن من العدل
    أن أحرم منك بعد كل هذا يا عزيز ، لم يكن هذا من العدل ..
    قلت : جمان .. جمانتي ، وجع قلبي .. اسمعيني ..
    صحت فيك ..It’s not fair ..!
    قلت بحزم : حبيبتي .. أتثقين بي ..؟
    أثق بك ..
    إذا لا تخشي شيئا .. اعدك ألا يأخذك مني أحد وبأنك
    ستصبحين لي .. اتفقنا ..
    فلتهدئي إذن .. أمسحي دموعك بيبي ولا تبكي مجددا .. انسي
    هذا الامر ولتتركيه لي ..
    ما الذي قالته لك أمي ..
    قلت بسخرية : الأجدر بك ان تسالي ما الذي لم تقله لي ..؟
    ماذا قالت ..؟
    أممم .. سالتني عن كل شيء في الحياة ، سردت لي تاريخ
    عائلتكم المجيد .. ودست لي تهديدين مغلفين ومبطنين ..
    لم أفهم .. كيف دست لك تهديدين ؟

  6. #96
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    لا يهم ..! .. هي خائفة عليك مني وهذا أمر طبيعي ومتوقع ،

    تحدثت معها بصدق وحاولت أن أشرح لها سبب سلوكي السابق

    معها ، وأظن بأنها تفهمت أو لنقل بأنها فهمت كم أحبك ..

    أتظن ذلك ..؟

    أظن ذلك جمان .. أتدرين .. قليلات هن اللاتي كأمك ، من

    النادر أن تقابل امرأة جامعية ومنفتحة على الآخرين في أواخر

    الأربعينات من عمرها في بلد كبلدنا ..

    لا تعتمد على هذا يا عزيز .. أمي ليست إلا ككل الأمهات ..

    إن تعلق الأمر بابنتها ..

    أممم .. هناك احتمالان لا ثالث لهما جمان ، إما أن والدتك

    ارتاحت لي فعلا وإما أنها تحاول أن تصور لي هذا .. لأنها تعرف

    بأنها لن تتمكن من أن تمنعني عنك ! .. وهذا احتمال وارد لأن

    والدتك امراة ذكية ..

    ما الذي سنفعله الآن ..؟

    الآن .. ستهدأ حلوتي لتنام ! .. وحينما أنزل إلى الرياض بعد

    أيام .. سأحل كل شيء بمعرفتي ..

    عزيز .. أخبرني ما الذي ستفعله ..؟

    اتفقت مع والدتك على أن يتم الأمر بشكل طبيعي من دون أن

    تتدخلي أنت .. ليس هناك من داع لأن يعرف أحد من عائلتك بأننا

    نحب بعضنا .. رأيتك في الجامعة ، أعجبك بك ، وتقدمت لك ..

    وإن عرفوا عن علاقتنا من شخص آخر ..؟

    جمان .. والدك سيسأل عني في الرياض .. لن يصل إلى كندا !

    حتى وإن وصل ، لن يخبره أحد من أصدقائنا بأمر كهذا ..

    ولن يذكرني أحد له إلا بالخير .. أولا لأنهم أصدقائي جميعا .. ثانيا

    لأنهم يعرفون بأننا نحب بعضنا بعضا فلا تخشي شيئا ..

    لا أدري ..

    لا تخافي وانسي الموضوع .. أخبريني ، هل تورمت عيناك ؟

    قليلا ..

    كعيون صغار الأرانب ؟

    ضحكت : ربما ..

    بلى ! .. أنت " أرنوبتي " الصغيرة.. التي أحبها كثيرا والتي

    سأحميها دوما ..

    أتعرف بأنك لونت مزاجي ؟

    أتعرفين بأنك ألوان حياتي كلها ..؟

    قلت لك مداعبة : لا يا شيخ !

    والله يا شيخة ..

    ضحكت وقد تبخر خوفي وحزني كله ..

    قلت : بيبي .. انسي كل شيء ، سأقرأ عليك المعوذتين لتنامي ..

    ولتحلمي بي .. اتفقنا ؟

    ما الذي ستفعله أنت ..؟

    سأذهب إلى السوق لأشتري بعض الحاجيات للبنات ..

    أي بنات ..؟

    قلت بسخرية : صديقاتي !

    صحت فيك : عبداللعزيز !

    أي بنات يا جمانة ! .. اقصد أخواتي طبعا ، تعرفين بأنني سأنزل

    بعد أيام ولم أبتع لهم شيئا حتى الآن ! ..

    قلت بسخرية كمن لم يصدق : أخواااااااتك ! حسنا .. سلم لي عليهن .

    سأفعل .. اصمتِ الآن لأقرأ عليكِ ..

    صمت .. وأنا أستمع إليك وأنت تقرأ عليّ تعاويذك ككل ليلة ..

    أغلقت معك .. واحتضنت وسادتي مبتسمة وكأنني لم أذرف

    تلك الليلة دمعة واحدة .. إلهي يا عزيز ، ليتك تعرف كم لونت

    مزاجي ليلتها !

    ***

  7. #97
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    التقيت بزياد على شبكة الانترنت ومن خلال محادثة

    الماسنجر .. منذ حديثنا الأخير ( ذاك ) لم أتحدث انا وزياد .. حاولنا

    ان نتجنب بعضنا بعضا كما فعل هو معك .. حييته فرد تحيتي باقتضاب ..

    زياد .. أحتاج لأن أستشيرك في أمر ..

    تفضلي ..

    سأتزوج من عزيز ..

    ... زياد .. أما زلت هنا ..؟

    Yes.I’m here..

    قل شيئا ..

    قلت سأستشيرك في أمر . ومن ثم قلت سأتزوج ..!.. أنت

    تطلعينني على الخبر يا جمانة .. ولا تستشيرينني ..

    هذا غير صحيح ..! أحتاج إلى رأيك لانك صديقي ..

    لو كانت استشارة لما قلت سأتزوج ! .. أردت ايصال المعلومة تحسبا لأي شيء ..

    كيف أصبحت قاسيا إلى هذا الحد ..؟

    ولماذا أنت مغفلة إلى هذا الحد ..؟

    لست بمغفلة يا زياد .. أنا احبه ..

    قال نيتشه يوما ( زوج من العدسات القوية كفيلة بأن تشفي

    عاشقا ) .. صدقيني أنت عمياء البصر والبصيرة حاليا يا جمانة ..

    لا أحتاج إلى بصر وبصيرة إن كنت سأموت وحيدة يا زياد ، لا

    أريد أن أموت وحيدة ومجنونة كما مات نيتشه ..

    دائما ما تتحدثين وكأن عبدالعزيز الرجل الوحيد ! ، الخيار

    الوحيد ..

    يبدو أنني مريضة به يا زياد ولا علاج لي منه ! ..

    أنت من يخشى الشفاء .. كان محقا آرسنت هيمنجواي حينما

    قال بأن الحب مرض أخشى ما يخشاه المصاب به .. أن يشفى منه ..

    ألاحظ أنك لا تستشهد إلا بالمجانين ، لا تستشهد بقول من

    مات وحيدا مجنونا ومنتحرا ..

    جمانة .. صدقيني لم يقدر لك الزواج منه ..

    سيقدر لي يا زياد !

    تعرفين بأنه لن يقدر لكما هذا ..

    وهل أنت مطلع على أقدارنا ؟

    لا .. لكن أقداركما واضحة! ..

    أعرف بأن أقدارنا ستلتقي ..

    أرايت ! .. انت لم تأتي لاستشارتي .. أرجو لكما التوفيق يا

    جمانة ..

    وخرج ..! ..

    ***

  8. #98
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    وصلت بعدي بأيام .. جئت كما يجيء الغيم ، كما يظلل

    الأرض ليهطل فوقها الأمل وينبت فيها فرح أخضر .. عاملتني والدتي

    قبل وصولك وبعد مكالمتك معها وكأن شيئا لم يكن ! .. لم تحدثني

    عن الموضوع ولم تسألني عنك أبدا .. استغربت معاملتها تلك لكنك

    قلت لي بأنك توقعت هذا .. قلت : ( ما تفعله والدتك يطلق عليه " كيد الأمهات " ،

    تخشى أن تخبئي عليها أمرا بيننا .. لذا تحاول أن

    تطمئنك وأن تعاملك كما كانت تفعل سابقا ، والدتك ذكية جمان ..)

    قلت لك : وراثة !

    قلت بسخرية : صدقيني ، لو كنت ذكية إلى هذه الدرجة لما

    قررت الارتباط بك ..

    أتدري يا عزيز .. لطالما أحببت أن أكون امرأة كأمي ، علمتني

    أمي كيف أضحي من أجل من أحب من دون رغبة منها في

    تعليمي .. تخاف أمي من أن أحيا حياة كحياتها ! .. تخشى عليّ من

    التنازلات والتضحيات وما شابهها ، تظن بأنني أستحق من يضحي

    من أجلي .. لا من أن أضحي من أجله ، لكن التضحية جين وراثي

    تحمله نساء العائلة على ما يبدو يا عزيز !

    قلت لي قبل أن تصعد إلى الطائرة ( لا تخافي جمان .. أؤمن

    بما قاله النحاس يوما بأن القلوب إذا اتصلت لا تقوى قوة على

    فصلها .. وقلوبنا متصلة ولن يتمكن امرؤ من فصلها ..) .. وقد

    كنت أؤمن بما تؤمن يا عزيز .. لكنني اليوم بت أكفر بكل ما كنت تؤمن

    به من أفكار ومعتقدات ومبادئ ..! .. لا أدري إن كنت قد تحررت

    منك حقا أم أنني ثائرة فقط على كل ما هو جزء منك وما يدل عليك ..

    غاضبة منك إلى حد يجعلني أتلوى ألما ..!.. فألعن اليوم

    الذي عرفتك فيه وأحببتك فيه لتجردني بعده من كرامتي ، تخرج

    ( لعناتي وشتائمي ! ) من بين شفتي كحمم البركان الثائر والمستعر في

    معدتي بلا فائدة ! ..

    ألم يقل أفلاطون بأن ( الغضب الشديد يعمي ..؟! .. كان من

    الأجدر به أن يقول بأن الغضب الشديد يؤلم يا عزيز .. لا أفهم

    كيف غاب الألم عن غضب الفيلسوف ! .. أيعقل بأن غضبه لم يصل

    يوما إلى مرحلة الألم ؟! ...... ربما !..

    اتصلت بي حالما وصلت : نورت الرياض ؟

    أجبتك : نورت بس ! .. جانا التماس كهربائي من نورك ..

    قلت بسخرية : أجل " صقعتي " .. كالعادة ..؟

    لا ، صعقت !..

    ضحكت قليلا ثم قلت : جمان .. خذي ..! كلمي أمي ..

    سمعت صوت والدتك وهي تقول : لا أريد أن أكلمها !

    صمت لثوان ومن ثم قلت : جمان .. سأعاود الاتصال بك بعد

    عشر دقائق ..

    تكدرت كثيرا بعدما أغلقت معك ، لم ترق لي لهجة والدتك ..

    كان صوتها جافا ، كانت لهجتها في غاية الحدة لسبب أجهله !..

    اتصلت بي بعد حوالي الساعة .. التي كان من المفروض أن

    تكون مجرد دقائق .. قلت لك : عزيز .. ما الأمر ..؟

    لا شيء ..!.. أخبريني عن كل ما حدث خلال الأيام الماضية ..

    اشتقت إليك ..

    شعرت بأن والدتك غاضبة مني ..

    قلت بعصبية : وهل تعرفك لتغضب منك جمانة ..؟

    إذا ما الامر ؟

    لا شيء ..

    أرجوك عزيز .. لا تقل لي بأن لا شيء يحدث .. لأنني لست

    غبية ..

    ما الذي تودين معرفته ..؟

    ما بال والدتك ..؟

    لا شيء مجرد عقد اجتماعية .. أجزم بأنك قد اعتدت عليها ..

    فلا تضخمي الموضوع رجاءا ..

    قلت بدهشة : عقد اجتماعية !

    نعم ! .. عقد اجتماعية ..!.. فجأة قررت هي بأنك غير مناسبة ..

    لكنك اخبرتني بانها موافقة على زواجنا ..

    كانت موافقة ..!.. كانت تظن بأنك مجرد زميلة في الجامعة

    أعجبت بها .. لكنها اكتشفت اليوم بأنني احبك .. فاصبحت مشكلة ..

    ألم تخبرها مسبقا بأننا نحب بعضنا ..؟

    بلى ! .. لكنها ظنت بأن الامر لا يتجاوز الإعجاب من بعيد ..

    لا بد من أنك تمزح !

    قلت بغضب : لست أمزح ! .. تأكدت الآن من أنني محق في

    كره هذه المدينة وهذا المجتمع ..؟.. لا تلوميني بعد الآن على كرهه

    جمانة .. أتدرين جمانة ، لقد كان بإمكاني أن أفعل كأغلب ما يفعله

    عشاق هذا المجتمع ، أن أقول لأهلي بانك اخت صديقي وأن

    تخبري أهلك بأنني شقيق زميلتك .. كان بإمكاني أن أختلق أي قصة

    تقنعهم .. لكنني أردت أن يعرف أهلي بأنني سأتزوج من أحب حتى

    لو واجه زواجي منك عراقيل اجتماعية غبية وحقيرة ..

    وماذا سنفعل ؟!..

    صحت : سنتزوج وسأنتشلك من هذا المجتمع ولن نعود إليه

    أبدا .. افهمت جمانة ..؟.. لن نعود إلى هنا أبدا ، لن أسمح لك بعد

    اليوم بأن تدافعي عن هذه المدينة ولا عن هذا المجتمع !..

    قلت لك وأنا أشعر بأن كرامتي تنزف : عبدالعزيز .. لا تتخيل

    ولو للحظة بأنني سأقبل الزواج من رجل عائلته ترفض وجودي معها

    حتى ولو كان أنت !..

    قلت بنفاذ صبر : جمانة .. لا توجعي قلبي بحديث لا نفع

    منه !.. عائلتك أيضا ترفض ارتباطنا .. فلا تفتحي علينا باب الكرامة

    هذا ..

    لا أعرف لماذا يتوجس مجتمعنا من زيجات الحب يا عزيز ..

    لماذا يرفض أفراده زواجنا ممن نحب ؟.. لا أفهم لماذا يعتبرون هذا

    النوع من الزواج خطيئة .. لماذا يحرمونه ..؟!.. على الرغم من أنه

    زواج شرعي ، محلل بالشرع وقائم بأركانه !..

    تعاقبني والدتك على حبي لك .. كما تعاقبك والدتي على

    حبك !.. تظن والدتك بأنني امرأة سيئة لمجرد حبي لك وحبك

    لي ! .. تظن بأنني لا أناسبك ولا أستحق أن يرتبط اسمي باسمك

    لأنني عرفتك قبل زواجنا ولأنك أحببتني قبل أن تقرر الارتباط بي ..

    لا أفهم لماذا يعاقبني كل من ينحدر من عائلتكم على حبي يا

    عزيز ! .. عاقبتني أنت على حبي .. وها هي عائلتك تعاقبني أيضا على

    طريقتها برفضها لزواجنا ..

  9. #99
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    أملعون حبك إلى هذا الحد !..

    أخذت أفكر يا عزيز بعدما أغلقت معك في ردة فعل والدتك

    لو عرفت عن موضوعك مع ياسمين وزواجك منها .. أنا على يقين

    من أنها ستعد الأمر مجرد " طيش " وستنسى الموضوع وكأنه لم

    يكن يوما ، ستتستر عليك وستصر دوما بأنك ابنها الطاهر الذي لن

    تسمح بأن يدنس طهره زواجه من الفتاة التي يحب !

    كنا نواجه مشكلة مع أمي واصبحنا نواجه مشكلتين .. مع أهم

    امرأتين في حياتك وحياتي !.. لا أعرف لماذا تقف " النساء " دوما

    في طريق علاقتنا يا عزيز ..! .. فالنساء يبعدنك عني دوما بلا عذر

    ومن دون سبب .. إلهي يا عزيز .. إلهي لو تدري كم بت أمقت

    النساء ، كم بت أخشاهن !.. أتعرف بأن النساء لا يتآمرن إلى لأذية

    النساء ..؟! .. ألم يقل الكبير ستاندال بأن ( أفضل سلاح ضد المراة

    هو امرأة أخرى ) !.. ولقد تآمرن عليّ نسوة كثيرات خلال معرفتنا ..

    تآمرن عليّ واستخدمن كل أنواع الأسلحة ضدي ، لكنني لم أكن

    لأقبل بأن تتآمر عليّ أقرب نساء الكون إليّ .. وأحب نساء الكون

    إليك .. أمي وأمك !..

    لم أكن لأقبل يا عزيز !..

    ***

  10. #100
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    استيقظت على رنين هاتفك بعد ليلة طويلة من الثرثرة ، كانت

    الساعة الرابعة عصرا .. وكنا قد قضينا ليلتنا بطولها على الهاتف

    قلت : جمان .. استيقظي .. هيا ..! بدأت أم المعارك ..

    سألتك بدهشة : ماذا ..!.. ما هذه ..؟

    قلت ببساطة : الحرب !..

    ما الذي تقصده ..؟.. أي حرب ؟..

    قلت بمرح : ستتصل والدتي بوالدتك بعد قليل إن لم تكن قد

    اتصلت بها ..

    وكيف حدث هذا ..؟

    تشاجرت معها ومع والدي !

    ورضخا لرغبتك بهذه البساطة ..؟

    على فكرة جمان ، هما لا يرفضانك شخصيا .. هما يرفضان

    الفكرة نفسها .. فكرة العلاقة وليس طرف العلاقة ..

    وكيف اقتنعا ؟

    قلت وكأن الامر لا يعنيك : لم يقتنعا .. هما ينفذان رغبتي لا

    أكثر .. جمانة هذه حياتي وأنت بالذات تعرفين جيدا بأنني لن أسمح

    لأحد بالتحكم بسير حياتي ..

    قلت لك بضيق : لا أرغب بإقحام نفسي في عائلة لا ترغب

    في انضمامي إليها !..

    بيبي ..!.. أنا على يقين من أنهما سيقعان في حبك .. عندما

    يتعرفان عليك صدقيني سيتغير كل شيء .. لا تخشي شيئا ..

    صمت قليلا .. فاستطردت : جمانة ! .. حان دورك الآن .. كوني

    قوية يا بيبي وتأكدي من أنني سأكون معك دوما ..

    قلت لك : لست واثقة من قدرتي على هذا ..

    قيل في سفر الأمثال ( أعد فرسك ليوم الحرب أما النصر فمن

    الرب ) ..!.. استعدي ولا تخافي ..

    قلت لك ممازحة ..!.. هل يمكنني التراجع ..؟

    قلت مهددا : جربي ! ..

    نزلت إلى مجلس والدتي بعد أن استحممت بسرعة ، كانت

    تجلس مع بتيل وصبا أمام التلفاز .. اخذت بتيل تحدثني بحماسة عن

    عرض الأزياء الذي نشاهده على التلفاز لحظة جلوسي معهم .. كنت

    أنقل بصري بتوتر بينها وبين الشاشة وبين أمي التي كانت منشغلة

    بقراءة الجريدة حينما ارتفع صوت رنين الهاتف فانتفضت بقوة ..

    قلت لصبا : صبا .. ردي بسرعة ..

    الا تلاحظين بأنني أتابع التلفاز ؟

    التفت إلى بتيل بنفاذ صبر : بتيل . فلتردي أنت .. أرجوكِ! ..

    قالت : فلترد صبا .. أليس صغير القوم خادمهم ؟

    صرخت بهما : وبعدين ؟ .. واحدة منكما ترد على الهاتف !

    قالت امي بعد أن توقف رنين الهاتف : أتنتظرين اتصالا من

    أحد جمانة ..؟

    سحبت إحدى المجلات من على الطاولة أمامي .. قلت وانا

    أتصفحها بسرعة : لا ..

    سحبت إحدى المجلات من على الطاولة أمامي .. قلت وأنا

    أتصفحها بسرعة : لا ...

    صمتت والدتي ولم تعلق ، انتظرت اتصال والدتك مجددا لكنها

    لم تتصل .. أردت أن أرسل إليك لاسألك عن عدم اتصالها لكنني

    كنت قد نسيت هاتفي المحمول في غرفتي ، استوقفتني والدتي حينما

    هممت بالصعود إلى الغرفة ، قالت وهي تقرأ الجريدة ومن دون أن

    تنظر إليّ : جمانة ..!.. لقد اتصلت المرأة !..

    قلت لها وقلبي يخفق بقوة : اي امرأة !..

    ابتسمت : المرأة التي تنتظرين اتصالها ..

    قلت لها وأنا أعبث بكميّ..!.. وماذا الآن ..؟

    قالت : أعرف بأنك قد فكرت في الموضوع وقد قررت بشأنه ،

    لذا لن أقول لك فكري جمانة ..!.. القرار الآن بيد والدك ..

    التفتت بتيل بسرعة : تفكر في ماذا ؟

    اشارت أمي برأسها ناحيتي مبتسمة : أسألوها !..

    شهقت صبا : ستتزوجين ..؟؟

    رميت عليهما بوسادة الأريكة : لا شأن لكما بأمور الكبار !..

    ركضت إلى غرفتي واقفلت خلفي الباب بعد أن تركت صبا

    وبتيل تحققان مع أمي .. وجدت في هاتفي أربع مكالمات لم أرد

    عليها منك ..

    اتصلت بك وأنا أقفز على سريري من السعادة ، قلت لي ما إن

    سمعت صوتي : جمان ، أين أنت ..؟

    في غرفتي حبيبي ..

    صوتك غريب ! ..

    قلت لك وانا ألهث : لأنني قاعدة أنطنط على السرير !..

    ليش ..؟

    مبسووووطة ! ..

    قلت بسخرية : الأخت عانس ؟!

    لا ..

    الأخت أول مرة تنخطب ؟!

    جلست وقلت معاتبة : ولد !..

    ضحكت : يا روح الولد !..

    خلك رجال !..

    رجال من قبل ان اعرفك ..

    ماذا سنفعل الآن ؟!..

    نترقب !..

    اعرف جيدا يا عزيز بأن رجلا مثلك لا قدرة له على ترقب

    أمر ما لمدة طويلة ، لطالما كنت تنهي أمورك على عجالة ! ..

    رجل مثلك لا يطيق الانتظار ولا يعرف للصبر طريقا ، على العكس مني

    انا ، أنا التي اعتدت على أن أترقب منك أي شيء ، وأن أنتظر

    منك كل شيء .. انا التي اعتاد عليّ الصبر مثلما اعتدت عليه ،

    صبرت يا عزيز لأظفر .. الم يقل الإمام علي عليه السلام بان

    ( حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر ) ..؟.. وصبرت يا عزيز .. صبرت

    ليمحو ظفري مرارة صبري .. لكن صبري لم يمح مرارته شيء ! ..

صفحة 10 من 12 الأولىالأولى ... 89 101112 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال