من المشرفين القدامى
جيل الطيبين
تاريخ التسجيل: October-2014
الدولة: Iraq
الجنس: أنثى
المشاركات: 15,523 المواضيع: 479
صوتيات:
7
سوالف عراقية:
2
المهنة: صيدلانية
موبايلي: iphone 8 plus& note5& iphone 7
آخر نشاط: 12/August/2022
فوجئت بقصتك ذلك الصباح ، نشرت قصة قصيرة تلك المرة ..
الجانب الذي لم أكتشفه فيك يوما ، لم أتخيلك يوما قاصا يا
عزيز .. أنت رجل مقالات تجيد الخطابة وتنميق الكلمات بلا
إحساس ، قصائدك باردة على الرغم من بلاغتها .. لكنك كتبت قصة
ذلك اليوم ولأول مرة .. كتبت عن رجل أحب فراشة .. كان يلتقي
بها دوما على كرسي في منتصف طريق .. كان الكرسي واقعا بين
قريتين وكان الرجل جبانا لدرجة أنه لم يتجاوز الكرسي يوما إلى
الناحية الأخرى ! .. كان خائفا من المجهول ومما يخبئه الطرف
الآخر من العالم .. حتى غابت الفراشة عنه ، انتظرها وانتظرها .. ومل
الانتظار منه ومن فراشة كان من الواضح أنها نست صاحبها .. وفي
لحظة يأس حطت الفراشة على يده ، سعد بها وانشرحت سرائره
لكنها طارت إلى القرية في الجهة المقابلة ! .. خاف وبكى وفكر لكنه
قرر أخيرا أن يتبعها وسار إلى الناحية الأخرى ! ..
سألتني يوم ذاك لأول مرة عن رأيي فيما كتبت .. قلت لك : من
يملك القدرة على كتابة قصة قصيرة .. يملك القدرة على أن يكتب
رواية .. فلما لا تفعل ؟
أممم . في ذاكرة الجسد .. قالت كاتبتك أحلام مستغانمي على
لسان اللئيمة حياة " نحن نكتب الروايات لنقتل الأشخاص الذين
أصبح وجودهم عبئا علينا ، نحن نكتب لننتهي منهم " .. وليست لدي
الرغبة حاليا بالانتهاء من أحد ..
من الغريب أن تستشهد بأحلام ..ظننتك لا تحبها ..
يكفي أن تحبيها لأحبها .. لكنني لا أحب شخصيات النساء
اللاتي تخلقهن ، في كل امرأة منهم جانب لئيم لا أحبه أبدا ..
هي تختلقهن ولست تخلقهن يا عزيز ..
هي التي توجد هؤلاء النسوة .. سواء خلقتهن من العدم أم
اختلقتهن من الوجود ! .. ألم تكتب مرة بأن كل " روائي يشبه
أكاذيبه ..؟" .. أنا مؤمن بأنها تشبه نساءها وإن اختلفن ..
أظن بأن وضعها استثنائي ! ..
تعرفين مثلما أعرف بأن الاستثناء يؤكد القاعدة ..
سيؤلمني كثيرا شبهك بأبطال قصائدك ..
جمان ..!.. بإمكاني إدعاء الفضيلة لكن هذا لن يقنعني بكوني
فاضلا وإن أقنعتك بذلك ..
صمت قليلا وقلت : عزيز !.. لماذا تكتب ..
أممم .. أكتب لأتوازن ، لأفرغ همومي المتكدسة في داخلي ..
لأنتهي منها ولأطردها بعيدا عن نفسي ..
ظننتك ستقول بأنك تكتب لأنك تحب الكتابة ! ..
أنت تحبين الكتابة .. زياد يكتب لأنه يحبها .. أما أنا فأكتب لانه
من الواجب عليّ أن أكتب ، من واجب يتجاه نفسي أن أفعل ..
الكتابة هي الوسيلة الوحيدة التي تعيد توازين إليّ يا جمان ، أستيقظ
كل يوم في حالة تأرجح .. أصحو متذبذبا .. بعض مني يحلق هنا ..
وبعض آخر يبحر هناك .. الكتابة تعيد إليّ ثباتي ..
قلت : يقال بأن عقول الرجال تحت أقلامهم ..
أممم .. أظن بأن الرواية الأولى تتضمن من كاتبها الكثير .. لا
بد من أن تحتوي الرواية الأولى على بعض من أسرار الروائي ..
يضع الكاتب في إنتاجه البكر بعضا منه .. سواء أكان رجلا أو
امرأة ..
أنت قادر على أن تكتب يا عزيز ، لا تنقصك سوى الشجاعة ..
أتظنين بأنني قادر على أن أكتب شيئا مختلفا ، شيئا فريدا
ومؤثرا ..؟
هناك روايات فاشلة .. وروايات جيدة وروايات عظيمة ..!.. إن
لم تكتب شيئا عظيما فأنا على يقين من أنك ستكتب شيئا جيدا .. لا
ضرورة لأن تصبح يوهان فون غوته لتصبح كاتبا جيدا ، انت جيد
بما فيه الكفاية يا عزيز ..
أرأيت ..!.. هنا نختلف أنا وأنت .. أحتاج لأن أصبح كــ غوته
يا جمان .. أحتاج لأن أؤثر في القراء كما أثر فيهم .. أحتاج لأن
يكون لي تأثير مشابه .. ديكنز كتب في أغلب رواياته أكثر من 600
صفحة لكل رواية ن أجاثا كرستي كتبت 85 رواية في 85 عاما
قضتها في الحياة ! .. ماركيز باع أكثر من ثلاثين مليون نسخة خلال
مئة عام من لعزلة وترجمة روايته لعشرات اللغات .. أتظنين بأنني
قادر على أن اصبح مثلهم ؟
لن تعرف مدى تاثيرك على القارئ ما لم تجازف بالنشر ..
قلت بشرود : قد أفعل يا جمان .. قد أفعل ! ..
تظن بأنك لا تؤثر على الناس ولا تحرك شيئا في أعماقهم ..
تجهل مدى قدرتك وتأثيرك عليهم ، أخشى ما أخشاه .. ان تظهر
جاذبيتك جلبة في ما أظن بأنك ستكتبه يوما ، أحب أن أقرأ لك
وحدي .. لا أحب أن تكون متاحا للناس .. لا أحب ان تكون
للعامة ! .. لا أحب أن تقرأ رجلي امراة اخرى ، ألست من يقول بأن
في الرواية الأولى من صاحبها الكثير فكيف أتحمل أن يقرأ كثيرك
أحد ...!.. يقتلني أن يعرف أحد غيري الكثير منك وعنك .. لكنني
أحب أن تحقق بعض أحلامك !
في الحب تصبح الأحلام مشتركة ، نشعر بنشوة الوصول حينما
يحقق الآخر غايته وكأننا من حقق الغاية ومن أصاب الهدف ..
عرجت في طريقي إلى البيت على محل للهدايا ، ابتعت منه
قلما من الذهب الأبيض .. أرسلته إليك من خلال المحل مرفقا
ببطاقة صغيرة كتبت عليها .. ( عزيز : قال لوقيان يوما بأن البداية هي
نصف كل شيء . أهديك هذا القلم ليكون البداية .. بانتظار أن
تستخدمه يوما في كتابة إهداء روايتك الأولى إليّ ) جمانة ..
جاءتي الرد حالما وصلتك الهدية : جمانتي .. شكرا على
القلم ! .. أعدك أن أستخدمه لتوقيع عقود نجاحاتي كلها .. وعلى
رأسها عقد زواجنا ..!.. اغرمت بالقلم .. لانه منك ..
ولم تستخدم قلما غيره منذ ذاك .. قلت لي مرة بأن أجمل
مقالاتك كتبتها بحبره وبان أروع قصائدك لم تكتب إلا من خلاله ..
قلت لي بأنني أهديتك مخيلة والهاما ومشاعر وآفاقا بعيدة من خلال
قلم ..
أشعر الآن بأن القلم هو وسيلتي الوحيدة للقضاء عليك ، يقتلك
القلم .. تشعر بأنه غريمك على الرغم من عدم إيمانك بما أكتب ..
هكذا تقول .. ويقول زياد بأنك تدعي .. أحاول اليوم أن أكتب
لأنتهي منك ( عملا بمقولة أحلام التي لا تحب ! ) .. لن أدعي قوتي
أمامك ، سلبتني قوتي بكل ما أؤتي المغتصب من إجرام وبشاعة !
ما زلت أذكر الليلة التي سألتك فيها عن أبشع جريمة تظن بأنه
لا بد من تنفيذ حكم الإعدام فيها .. كنا نتحدث يوم ذاك عن عقوبة
الإعدام بالكرسي الكهربائي ..
قلت لي ومن دون تفكير : الاغتصاب ..
ظننتك ستقول القتل !
في الاغتصاب ألف جريمة قتل وقتل سواء أكان المغصب
رجلا أو امرأة .. ما بالك إن كان المغتصب طفلا !
أذكر كيف هززت براسك متقززا من الفكرة ، هززت برأسك
وأغمضت عينيك وكأنك تحاول طردها من مخيلتك .. لا أفهم كيف
تتقزز من اغتصاب رجل لامرأة .. وانت تغتصب سعادتي .. وقوتي ..
وراحتي .. وقلبي كل يوم ألف مرة ! لما تستهين بروحي يا عزيز ! ..
أتظن بأن الاغتصاب مشروط بعنف جسدي وماء يراق ؟! .. لا يا
عزيز .. الاغتصاب هو كل ما ينتهك ، جسدا ومشاعر وخصوصية ..
وحرية .. وأملاكا ، ولقد اغتصبت مني وفيّ أكثر مما تظن ..
ما أبشعك !