من الأسباب التي حفّزت هارون الا رشيد لاعتقال الإمام موسى الكاظم عليه السلام وزجّه في غياهب السجون، احتجاجه عليه بأنه أولى بالنبي صلى الله عليه وآله من جميع المسلمين، فهو أحد أسباطه ووريثه، وأنه أحق بالخلافة من غيره، وقد جرى احتجاجه معه عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وذلك عندما زاره هارون وقد احتفّ به الأشراف والوجوه وقادة الجيش وكبار الموظفين في الدولة، فقد أقبل بوجهه على الضريح المقدّس وسلّم على النبي صلى الله عليه وآله قائلاً

السلام عليك ابن العم

وبذلك بدا الاعتزاز والافتخار لهارون على غيره برحمه الماسة من النبي صلى الله عليه وآله وإنه نال الخلافة لهذا السبب، قربه من الرسول صلى الله عليه وآله

أما الإمام الكاظم عليه السلام فتقدم أمام الجمهور وسلّم على النبي صلى الله عليه وآله قائلاً

السلام عليك يا أبتِ

عندها استولت على الرشيد موجات من الاستياء وكاد يفقد صوابه لأن الإمام عليه السلام قد سبقه إلى ذلك المجد، فاندفع قائلاً بصوت مشحون بالغضب ثم قلت إنك أقرب إلى الرسول صلى الله عليه وآله منّا؟!

فأجابه الإمام عليه السلام بهدوء كعادته وبجواب مفحم لم يتمكن الا رشيد من الرد عليه : لو بعث رسول الله حيّاً وخطب منك كريمتك هل كنت تجيبه إلى ذلك؟ فقال هارون:

سبحان الله!! وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم

فانبرى الإمام وبيّن له الوجه الصحيح في قربه من النبي صلى الله عليه وآله دونه قائلاً:

لكنه لا يخطب منّي ولا أزوجه، لأنه والدنا لا والدكم، فلذلك نحن أقرب إليه منكم وتابع عليه السلام مدعماً رأيه ببرهان آخر فقال لهارون:

هل كان يجوز له أن يدخل على حرمك وهنّ مكشفات؟؟

فقال هارون: لا

فقال الإمام عليه السلام لكن له أن يدخل على حرمي، ويجوز له ذلك، وهذا يعني أننا اقرب إليه منكم. وبذلك يكون الإمام قد سدّ أمامه كل منافذ الدفاع بحججه الدامغة بعد أن ألبسه ثوب الفشل، وبيّن بطلان ما ذهب إليه، فهو أحق منه بالخلافة لأنه سبطه ووارثه.

عندها اندفع هارون حانقاً وأمر باعتقال الإمام عليه السلام وزجّه في السجن

تذكرة الخواص