معجب أحدهم بمارادونا رغم ان هذا المعجب في غالب الأحيان لا يعرف ولا يريد ان يعرف الكثير عن عالم كرة القدم خصوصا الجانب التكتيكي والتكنيكي فيها.
هو مزارع بسيط كان يضبط يومه مع شروق الشمس وينهيه مع غروبها، لم يحمل ساعة ولا موبايل، يكره الصناعات والتكنولوجيا.. ويحب مارادونا والأرجنتين.
تأثر هذا المعجب بفيلم المخرج الصربي امير كوستاريكا، الذي عُرض في مهرجان كان السينمائي العام 2008.. رأى فيه نسخة عن شاب مجتهد قدم من اللامكان والمجهول حتى صار اشهر من رؤساء دول عظمى.
أحدهم هذا كان يظن ان مارادونا حين لعب كرة القدم كان يلعبها بقلبه وروحه وليس بقدمه وفي هذه الأيام بات يعطي محاضرات في البساطة والتلقائية والتي يمثلها في رأيه مارادونا وراؤول وايفانو زامورانو.
وبالمقابل يكره هذا المعجب الصناعات والتقنيات الحديثة ويقول ان البرازيلي رونالدو جندي في معركة يطلق القذائف فقط، وان اغلب اللاعبين حاليا مجرد اشباح تركض وتطبق افكار مدربين بعضهم ينفع كعميد او عقيد في جيش كمورينيو الذي يحسب حساب كل سنتميتر في الملعب.
قلت متابعاته للمباريات لانه صار يرى اللاعبين ينتقلون من ناد لاخر "من اجل حفنة دولارات" وصار يذكر بباولو مالديني وفرانكو باريزي وخافير زانيتي ويتغزل بوفاء الارجنتينيين والايطاليين عموما لأنديتهم.
يقول ان زانيتي كان يعمل مع والده في منجم فحم في حين كان لاعبو البرازيل يسجلون لناد ما في المساء وفي الصباح يتصل وكلائهم بأندية جديدة طبقا للبورصة وتقلباتها.
زعل كثيرا حين اعتزل روديندو كرة القدم قبل ان يلعب اي مباراة مع فريقه المفضل ميلان لكنه كان فرحا حين عرض روديندو على بيرلسوكوني اعادة الاموال التي انفقوها لضمه من ريال مدريد لانه اصيب ولم يفدهم في شيء.
كان يقول عن ذلك: "اعطيني اي لاعب او حتى انسان في العالم يفعل فعلته".
مثالي جدا هذا المعجب، والأرجنتينيون مثاليون، لايبالون بالشعارات والبهرجة والفخامة فلم يسمع العالم عن لاعبيهم ما يسمعونه عمن ينغمسون في علب الليل.
خفايا حكاية المخدرات التي غلفت حياة مارادونا افرحت هذا المعجب كثيرا حين تأكد من خلال فيلم "مارادونا" انها كانت مفبركة ومن صنع المافيا ورئيس الفيفا السابق البرازيلي هافيلانج.
أحدهم هذا تابع المشهد الشهير حين القي القبض على مارادونا بتلك الحجة وحين قال للقاضية الايطالية: "انت متجهمة جدا، وأنا ادخلت السعادة على بلد كامل، هل فعلت ذلك يوما مثلي".
نتابع كرة القدم تحركنا أهواؤنا ورؤانا السياسية والاجتماعية للأشياء، فانجلترا محتلة وأمريكا بورجوازية والمانيا نازية وفرق اوروبا الشرقية افضل من الغربية لانهم فقراء، والبرازيليون خليط من عدة امم لكنهم بسطاء مثلنا، والارغواي وتشيلي وغيرها من اصول تعود للهنود الحمر وقد غرر الرجل الابيض بهم مثلنا.
اما الارجنتينيون فقد استقبلوا المهاجرين منذ عشرات السينين وسمحوا لهم بالعمل والسيادة والريادة، وعليه فهم اصليون لانهم اصلا فلاحين أنقياء.
لو لم يلعب مارادونا كرة القدم لزرع القمح في الحقول، لذلك يحبه أحدهم.