أرملة تغرق في دجلة
مقالة ساخرة نشرتها جريدة المستقبل العراقي الصادرة ببغداد يوم 10/6/2012
كاظم فنجان الحمامي
وقف لفيف من السياسيين على ضفاف دجلة, فشاهدوا أرملة مشرفة على الغرق في عرض النهر, فقال رجل من الكتلة العراقية الحالمة: إن الديمقراطية والتعددية انجاز عظيم تحقق بجهود النخب الوطنية المنتخبة, إلا إن سوء استعمال هذه المرأة لقواعد السباحة عكس التيار, سيتيح الفرصة للبعض لافتعال أزمة غرقها بهدف التشويش على أداء مؤسسات الدولة, وعرقلة عملها, والبحث عن زعيم افتراضي يلاءم أجندات بعض الأطراف, التي لا تروق لها الخطط الجاهزة لانتشال الأرملة المسكينة, وقال الفرقاء الذين قادوا حملة التراشق في أربيل: إن وصول نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) إلى العاصمة الثالثة, سيعطي انطباعا دوليا لمراسيم مآتم العزاء المقامة على روح الفقيدة في العاصمة الثانية, واتفق السوبرمان مع الأردوغان على عدم السماح بتشريح جثتها إلا بعد انتهاء الزيارة السرية لممثل حكومة قطر, وقراءة الرسائل التي بعثتها قيادة البنتاغون من معسكرات (سنوبي) في قلب الجزيرة. .
اما الرجل المتجلبب بجلباب الورع والتقوى, والذي كان يقف على الضفة الأخرى من النهر, فقد رفض أن يمد يده لإنقاذها لأنه متوضئ, وفي طريقه لأداء صلاة التوبة في منتديات الغفران, واشترط برلماني من كتلة التضاد والعناد موافقة أربعين ائتلافا من ائتلافات (كسرة وعطش) على أقل تقدير قبل مناقشة فكرة إنقاذها من الغرق, وأصر الشيخ الفسنجوني على ضرورة الاستئناس برأي أهل الحل والعقد في مدينة حنقباز, واستئذانهم قبل الشروع بمد يد العون لهذه المرأة الطافية فوق سطح الماء. .
ونصحها الفاني المتفاني أن تخلع ثيابها كلها, وتتخلي عن الأوزان الزائدة, حتى تصبح خفيفة, وتطفو على وجه الماء, وطالب أحد ثوار التبرير بعمل مليونية الجمعة المقبلة باسم جمعة إنقاذ الأرملة الغارقة, فيما أكد سكان مدن الحواسم: أنها لو ماتت تبقى غريقة وليست شهيدة, وشككوا بالأسباب والمبررات, التي دعتها للسقوط في نهر دجلة, في حين أكدت نائبة النوائب في جبهة القضاء والقدر إنها سمعتها تطلق نداءات النجدة من مكبرات الصوت المغمورة تحت الماء في تلك الليلة المظلمة, التي انعدمت فيها الرؤية, وبكى ممثل جماعة الانتشال الوطني وهو يعتذر لأمين العاصمة عن تأخره في إرسال فرق الإنقاذ في الذكرى السنوية لغرقها, وانتفض الناطق باسم جبهة الخوار والدمار, واخرج اللاب توب, وكتب على صفحته في الفيس بوك قصيدة سريالية بالحبر السري في رثاء الأرملة الغارقة, وقالت الناطقة باسم معهد (مريدي) لفنون التدليس: إن المليشيات المقنعة, وفرق الموت المبرقعة هي التي أغرقتها في نهر شطيط, ثم نقلت جثتها ورمتها في النهر الكبير بعد صلاة الفجر, وقال أحد أبطال السيرك السياسي انه يمتلك قرصا مدمجا لهذه المرأة المتمردة, وإنها كانت على علاقة مريبة بالشاب صابر بن حيران, وأكد أبو هارون في برنامج (أكو فد واحد) متضامنا مع (عصافير الحديقة): إن نزولها لنهر دجلة هو أحد (طقوث الماثونية) العالمية, وطلب من زملائه التواجد في الشهر الماضي على ضفاف النهر عند شريعة (خضر الياس), وطلب منهم التصدي للمؤامرة التي تخفيها هذه الأرملة, وأكد وزير الموارد المائية الأسبق إن نهر دجلة تغيرت ملامحه تماما, وانقطعت عنه المياه منذ أعوام, وإن تلك الأرملة التعيسة هي التي جازفت بفتح السدود المغلقة, فجرفتها التيارات العنيفة. .
اما قيادة العمليات فشكلت لجنة لتقصي الحقائق, وتحديد هوية الخلايا النائمة, التي استيقظت من سباتها العميق لتنصب كمائنها في قعر نهر دجلة وتسحب الأرملة المغدورة الى القاع. .
للأسف الشديد كانت تلك المرأة هي بغداد الغالية, وهذا هو حالها في ظل القوى السياسية المتقافزة فوق سقوفنا المتشققة المشرفة على الانهيار.
والله يستر من الجايات