قدم الدولي الايطالي ماريو بالوتيلي لاعب ميلان الجديد القديم في نصف ساعة لعبها في مباراة ديربي كرة القدم الشهير امام انتر ميلان ما لم يقدمه في كل اللقاءات التي خاضها مع ليفربول الموسم الماضي ضمن الدوري الانجليزي الممتاز.
كثيرون يعتقدون أن بالوتيللي ركض مع ليفربول على مدار موسم كامل أقل من المسافة التي تقطعها عجوز لعبور شارع في لندن.
حتى"الوحش" أديبايو أكينفينوا، الذي يستطيع حمل 180 كغم من الأوزان دفعة واحدة، ركض اكثر منه وسجل هدفا لويمبلدون بفريقه المحبوب ليفربول في لقاء التأهل للدور 32 من مسابقة كأس الاتحاد الانجليزي، ورغم فارق الوزنين، الا ان ماريو ركض في كل الموسم اقل مما ركضه اللاعب الذي يعشق رياضة بناء الأجسام وسجل 143 في 420 مباراة حتى الاَن.
نحب سوبر ماريو جدا، حتى شغبه نحبه، ثرثرته حركاته الغريبة، لانها تعطي نكهة مختلفة للعبة كرة القدم بشكل عام، نكهة تشبه التي نشمها حين تحترق طبخة ما، لكنا نضحك وناخذ فاصلا من التندر على من حرقتها.
ماريو عاد للمكان الذي يفضله كما تفضل سمكة المياة التي تحيط بها فتمنحها الحياة، وهو يعد للمرة رقم "الف" بان يتغير، والطبع يغلب التطبع.
زملاؤه الحاليون يعرفون ذلك، لذلك هناك اكثر من لاعب قريب منه يخفف ويهدىء من روعه، ومانشيني مدربه السابق في مانشستر سيتي عرف من يضع أمامه.. فيلبي ميلو العنيد الذي كان يتعمد تعكير صفو أي لاعب يمسك بالكرة من الخصم، حيث بدا وكانه الشرير في الافلام السينمائية.
بالوتيلي أصلا متعكر المزاج منذ ولد ونظر الى نفسه في المرآه ووجد ان بشرته مختلفة عن بشرة بقية الايطاليين الذين ينتمي اليهم، والذين اسعفه الحظ بانه ولد بينهم في عصر تقبل ذوي البشرات الداكنة، فحتى منتصف التسعينات وربما لبداية الالفية الجديدة كان صعبة رؤية من اختصرهم جورج وياه بانهم مافيا، حين قال: "في اوروبا ان ساق السيارة رجل ابيض فهو رجل اعمال، وان كان اسود فهو يعمل لحساب المافيا".
المهم ماريو تغير.. هل هذه نكته؟ سابقا سجل لميلان 26 هدفا في 43 مباراة، وهذا الاسبوع بدا انه يريد ان يركض ولا يمشي في الملعب فقط، بدا انه يريد حتى ان يرفع الكرات لزملائه وان يسدد على المرمى ولا باس من بعض المشاحنات التي تجعلك لا تنسى انه ماريو الصغير المشاغب.
لقد جلبه براندون روجرز اللطيف لينسي الفريق الاحمر معاناتهم برحيل الاورغوياني لويس سواريز لكنه انساهم طعم الفرح، فرحل هو ومواطنه فابيو بوريني والاسباني خوسيه انريكي و ريكي لامبرت اخرين بعد مرور 11 شهرا فقط على عقد الاعوام الثلاثة الذي وقعه الصيف الماضي مقابل 16 مليون جنيه استرليني، ليسجل لهم اربعة اهداف فقط.
شهرة غريبة
اشتهر ماريو بإثارة الجدل أكثر من اللعب والتسجيل، ولهذا حين سجل هدفا لايطاليا بمرمى المانيا في يورو 2012 وجد الاف الناس تضع بدلا من رأسه عشرات الرؤس المتهكمة فيما ابقوا على جسدة وعضلاته المفتولة حين رمى قميصه واستعرض عضلاته امام نوير والجمهور.
وكل ذلك لانه مثير بدليل انه حافظ على تقليده وتصرفاته المثيرة للجدل واخرها كان توجهه سؤال مهم وغريب بذات الوقت للجمهور الانجليزي "هل تعرفوني؟ هل تحدثتم يوما معي شخصيا؟ هل تعلمون ما مررت به في حياتي؟ انتم تروني فقط العب كرة القدم على ارضية الملعب.. اخرسوا".
ويمكن لم يحب تذكر اللحظات الإشكالية البشعة تذكر ما قام به حين انتزع الكرة من يد زميله جوردان هندرسون من اجل تنفيذ ركلة الجزاء التي حصل عليها ليفربول في الدقائق الاخيرة من مباراته مع بشكتاش التركي في ذهاب الدور الثاني من مسابقة الدوري الاوروبي "يوروبا ليغ".
أما مع ميلان بالذات فقد قال ماسيميليانو اليغري مدربه سابقا واليوفي حاليا: "على بالوتيلي ان يتعلم متى يقفل فمه"، وذلك بعد ان تلقى انذارا ثانيا امام نابولي (1-2) ما ادى لاحقا الى ايقافه لثلاث مباريات بعدما اضاع اول ركلة جزاء في 22 محاولة قام بها خلال مسيرته الكروية، ثم سجل هدفا من تسديدة صاروخية في الوقت بدل الضائع من المباراة قبل ان يتلقى بطاقة حمراء بعد صافرة النهاية لحصوله على انذار ثان بسبب اعتراضه على الحكم.
كانت تلك المرة الثامنة التي يحصل فيها على بطاقة حمراء خلال مشواره الكروي، ما اثار حفيظة اليغري الذي رأى بان على "سوبر ماريو" تحسين سلوكه كما كتبت وعنونت الصحافة العالمية التي لا تفتأ تذكر القراء بما حصل له امام نابولي بالذات حيث انهار بالبكاء على مقاعد الاحتياط اثر استبداله امام فريق مارادونا السابق لانه اراد تسجيل هدف من اجل اهدائه لابنته التي تقيم مع والدتها في نابولي بالذات، بحسب تخمينات وسائل الاعلام.
عائلة حاضنة
ولد ماريو بالوتيلي في باليرمو في 12 آب- اغسطس العام 1990 من والدين غانيين هما توماس وروز بارواه.
وبعد فترة قصيرة من ولادته، عانى من عواقب تشوه معوي اضطره للخضوع الى عدة عمليات جراحية، لم يتحمل والداه المقيمان في لومبارديا، كلفة العلاج ما اضطرهما الى ان يعهدا بابنهما البالغ من العمر ثلاثة اعوام الى عائلة حاضنة مكونة من فرانشيسكو وسيلفيا بالوتيلي.
لكن وبحسب القانون اضطر ماريو للانتظار حتى بلوغ الثامنة عشرة من عمره من اجل الحصول على الجنسية الايطالية وذلك في 13 آب- اغسطس 2008.
سجل بالوتيلي بدايته في دوري الدرجة الاولى في كانون الاول/ديسمبر 2007 مع انتر ميلان حين كان في السابعة عشرة من عمره. وخلال ثلاثة اعوام بقميص نيراتزوري، توج بالوتيلي بثلاث بطولات هي مسابقة دوري ابطال أوروبا وكأس ايطاليا وكأس السوبر الايطالية، مسجلا 28 هدفا في 86 مباراة.
لكن مشواره مع الفريق لم يتواصل بسبب مشاكله مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو والتي فتحت الباب امامه للانضمام الى مانشستر سيتي في اوائل موسم 2010.
وتأرجحت علاقة الفتى الاسمر بمدربه ومواطنه مانشيني بسبب مزاجية اللاعب وصبيانيته، فقرر العودة الى بلاده وهذه المرة للدفاع عن الوان ميلان في اواخر يناير 2013، وفي بداية موسم 2014-2015 أقدم ليفربول الانجليزي على خطوة جريئة بالتعاقد مع سوبر ماريو.
وقبل نحو شهر وبشكل مفاجئ عاد لميلان مرة أخرى، بعدما كان مثيرا لاهتمام سمبدوريا وبولونيا ولاتسيو...لقد عاد من جديد ، محملا بالوعود والنوايا الحسنة.