صالة أطلس للسينما في بغداد التي تحولت إلى مجموعة مخازن

يقول المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل إن "قطاع السينما في العراق، الذي يواجه تراجعا كبيرا منذ سنوات طويلة إلى جانب الشح في الاستثمارات، يفتقر بشكل أساسي اليوم إلى الحرفيين المحليين".
وأضاف جميل، 75 عاما، الذي قدم إلى السينما العراقية على مدى حوالى نصف قرن من العمل السينمائي 10 أفلام أشهرها "المسألة الكبرى"، إن "الأمة التي لا تصنع ولا تلبس ما تصنعه متخلفة"، حسب وكالة فرانس برس.
وأضاف في ملتقى الحوار الثقافي الذي تقيمه وزارة الثقافة العراقية كل يوم ثلاثاء في مقرها ببغداد أنه "في استوديوهات العالم تجد الآن النجار الماهر والسباك الحرفي والخياط الماهر".
وتابع "قبل سنوات وفي أحد الأفلام التي أخرجتها، احتجت إلى ملابس تعود للعصر الحجري فذهبت حينها إلى 3 حرفيين وأنجزوا ما طلبت منهم، أما الآن فليس هناك من حرفيين في الصناعة السينمائية".
ويواجه قطاع السينما في العراق تراجعا كبيرا منذ تسعينات القرن الماضي بعدما شهد صناعة أكثر من 100 فيلم عراقي بخبرات فنية عراقية خالصة، في الوقت الذي كانت فيه صالات العرض تمر بفترات ذهبية قبل أن تنحسر وتندثر تدريجيا.
ويرى جميل أن "الركائز الاجتماعية لدى العائلة العراقية سابقا كانت تمثل تراكما لصور تبنى على أساسها تصورات من الممكن أن تصنع منها عملا وفيلما"، مضيفا "في السابق كنا نرى في بيوت العراقين صورا لأجدادهم تحكي مآثرهم، أما الآن فيضعون صورا بليدة ليست لها علاقة بالعائلة".
واقترن اسم جميل بأفلام عراقية روائية شهيرة أبرزها الفيلم الروائي "الضامئون" للروائي العراقي عبد الرزاق المطلبي، كما قام بإخراج فيلم "المسألة الكبرى" عام 1983، الذي شارك فيه 56 فنانا وتقنيا إنجليزيا.
كما أخرج عددا من الأعمال التلفزيونية التي لا تزال راسخة في ذاكرة المشاهد العراقي، ومنها مسلسل "حكايات المدن الثلاث" في بداية الثمانينات، والذي كتبه عادل كاظم.
وبعد انقطاع عن العمل دام سنوات طويلة، يستعد جميل لإخراج فيلم روائي بعنوان "المسرات والأوجاع"، مقتبس من رواية تحمل الاسم ذاته للكاتب العراقي الراحل فؤاد التكرلي.
وترعى وزارة الثقافة العراقية العمل السينمائي هذا الذي يروي أوضاع العراقيين أثناء فترة الحصار واجتياح البلاد عام 2003، ويأتي ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013.
وأكد وكيل وزارة الثقافة فوزي الأتروشي خلال الملتقى أن الوزارة "وافقت على إنتاج 9 أفلام روائية ووثائقية ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة".
ويرى جميل أن "السينما يصنعها الأغنياء والبرجوازيون وليس الفقراء، وأنها تتطلب أموالا للاستثمار وقطاعا خاصا ينهض بها ويعيد الحياة لهذا الإرث الفني".
وتعيش صالات السينما العراقية اليوم احتضارا مرده قلة المشاهدين الذين يتابعون داخل الصالات أفلاما قديمة تعرض معظمها بصور مهتزة لأن النسخة المعروضة لا تكون إلا قرصا مدمجا يتم شراؤه من الباعة المتجولين.
ويشكل العنف أحد أبرز أسباب غياب المشاهدين عن صالات السينما، إذ إن البلاد تشهد منذ اجتياحها قبل حوالي 9 سنوات تفجيرات وهجمات مسلحة، منها هجمات انتحارية، قتل فيها عشرات الآلاف.
وتحولت معظم صالات السينما الأشهر في بغداد، ومن بينها "أطلس" و"بابل"، إلى مخازن أو إلى مجمعات تجارية، ولم يتبق منها سوى 3 صالات