لما عزم المأمون على تزويج ابنته أم الفضل من الامام الجواد (عليه السلام) اجتمع اهل بيته الادنون منه معترضين هذا الأمر فقالوا له في حديث طويل أذكر منه : (يا امير المؤمنين أتزوج ابنتك وقرة عينك صبياً لم يتفقه في دين الله، ولا يعرف حلاله من حرامه، ولا فرضاً من سنة- ) وكان الامام الجواد(عليه السلام) في ذلك الحين يبلغ من العمر تسع سنين.
:
فقال المأمون: أنه لأفقه منكم وأعلم بالله ورسوله وسنته وأحكامه، وأقرأ كتاب الله منكم وأعلم بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وظاهره وباطنه وخاصه وعامه وتنزيله وتأويله منكم.
:
وتحداهم المـأمون ان يسالوا الامام في بعض مسائل الدين فخرجوا من عنده وبعثوا الى يحى بن أكثم وهو يومئذ قاضي القضاة فطلبوا منه أن يحتال على الامام الجواد (عليه السلام) بمسألة فقه لا يدري ما الجواب فيها.
:
فسأله عدة مسائل لم يتردد الامام الجواد في الاجابة عليها... فعزم الجواد عليه السلام في سؤال القاضي بمسألة ما فقال له عليه السلام:
:
يا أبا محمد ما تقول في رجل حرمت عليه أمرأة بالغداة ... وحلت له أرتفاع النهار... وحرمت عليه نصف النهار... ثم حلت له الظهر... ثم حرمت عليه العصر ... ثم حلت له المغرب... ثم حرمت عليه نصف الليل... ثم حلت له الفجر ... ثم حرمت عليه أرتفاع النهار... ثم حلت له نصف النهار؟
:
فبقي يحي والفقهاء بلساً خرساً فقال المأمون: يا أبا جعفر أعزك بالله بيّن لنا هذا؟
فقال عليه السلام:
:
هذا رجل نظر الى مملوكة لا تحل له... أشتراها فحلت له... ثم أعتقها فحرمت عليه... ثم تزوجها فحلت له... فظاهر منها فحرمت عليه... فكفر الظهار فحلت له... ثم طلقها تطليقة فحرمت عليه... ثم راجعها فحلت له بالنكاح الأول... كما أقر الرسول (صل الله علي وآله وسلم) نكاح زينب مع ابي العاص بن الربيع حيث اسلم على النكاح الاول.
من كتاب تحف العقول عن آل الرسول (صل الله علي وآله وسلم) ص362