لا شك أن الضغوط النفسية التى نتعرض لها يوميا تفسد الكثير من متع الحياة وتفقدنا القدرة على الاستمتاع بمباهجها وحذر الأطباء مؤخرا من تراكم تلك الضغوط مهما كانت بسيطة وأكدوا أنه كلما ازدادت الضغوط وتراكمت انتقص ذلك من عمر الإنسان.
وأشار البروفيسور باتريك هولفورد مؤلف كتاب TheStressCare إلى أن الجسم يمر بثلاث مراحل متتالية عند التعرض لضغط نفسى وتمثل رد فعل الجسم لمواجهة التوتر والذى يأخذ تتابعا ثابتا ويتمثل فى ثلاث خطوات الأولى تتمثل فى مثير التوتر أو الحدث الذى يثير توتر الفرد أما الخطوة الثانية فتتمثل فى الأفكار والمعتقدات التى يحملها الفرد فى اللاوعى والتى يترتب عليها الخطوة الثالثة وهى رد الفعل العضوى للجسم ويكون عن طريق إرسال إشارات للمخ ليقوم الجسم بإفراز بعض الهرمونات والمواد مثل الكورتيزول والأدرينالين والتى تتسبب فى زيادة معدلات ضربات القلب وتتسبب فى ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدلات السكر فى الدم. ومن خلال هذه الخطوات يتبين لنا أن تأثير الضغط النفسى والتوتر على الجسم يختلف من فرد إلى آخر وفقا لما يحمله عقله الباطن من معتقدات وأفكار سواء إيجابية أم سلبية الأمر الذى يفسر تباين تأثير التعرض لنفس المؤثر بين شخصين مختلفين فعلى سبيل المثال عندما تفقد الزوجة زوجها قد تستسلم للحالة النفسية السيئة التى قد تسيطر عليها وتصيبها بأمراض نفسية وعضوية بينما نجد زوجة أخرى تعبر مرحلة الحزن وتحاول تجاوز الضغوط وتكمل حياتها بصورة طبيعية فتجنب نفسها التعرض للإصابة بالأمراض رغم تعرضها لنفس الموقف.
الأفكار السلبية تصيبك/ي بالاكتئاب
ويؤكد الطبيب النفسى آرون بيك من جامعة بنسلفينيا أن الأشخاص الذين يصابون بالاكتئاب يكون لديهم مخزون من الأفكار السلبية تجاه أنفسهم وتجاه العالم من حولهم وبالتالى كلما يتعرضون لضغوط أو مواقف صعبة لا يتجاوزونها بسبب ما يحملون من أفكار سلبية تزيد من عنف رد الفعل العضوى للتوتر تزداد معدلات إصابتهم بالأمراض النفسية والعضوية أيضا. ويقول آرون بيك إنه بتغيير رؤية الفرد للأفكار والمعتقدات والمشاعر من الممكن أن يحدث تغيرا كبيرا فى حياته نحو الأفضل لذلك يجب على الفرد أن يتعرف على أفكاره ويقيمها ويجعلها أكثر إيجابية ليتمكن من التفكير بطريقة أكثر واقعية الأمر الذى يجعل الفرد يعيش حياة أفضل فالتخلص من الضغوط النفسية أمر مستحيل لكننا من الممكن أن نغير من أنفسنا لنصبح أكثر مرونة وتقبلا لكل ما نمر به من صعوبات. فكلما تخلص الفرد من الأفكار السلبية التى تحاصر عقله كان أكثر سعادة وتفاؤلا وبالتالى ينعكس ذلك على حالته الصحية فيستمتع بصحة أفضل ويعيش عمرا أطول.
كون ايجابي/ه
وينصح الأطباء النفسيون بضرورة انتقاء الأفكار الإيجابية من اللاوعى والتى تسهم فى تقليل رد الفعل غير المرغوب فيه عند التعرض للضغوط النفسية التى يتعرض لها الفرد بشكل يومى. وينصحون بمحاولة التخلص نهائيا من الأفكار السلبية وغرس الأفكار الإيجابية بدلا منها فى العقل الباطن مما يسهم بشكل فعال وأساسى فى جذب التفاؤل والسعادة والمشاعر الطيبة التى نرغب فيها إلى حياتنا. ويقدم المتخصصون خطوتين باتباعهما يمكن استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية وتتمثل الخطوة الأولى فى مراقبة الفرد لأفكاره ففى كثير من الأحيان لا يلاحظ الفرد أو يدرك الكثير من الأفكار التى يخزنها فى عقله الباطن لكن يجب أن ينتبه إلى نوعية الأفكار التى تراوده مهما بدت له أنها بسيطة ويستبدل أى فكرة سلبية بأخرى إيجابية. أما الخطوة الثانية فتتمثل فى الإلغاء أو الاستبدال وذلك عن طريق استحضار الفرد لأى فكرة سلبية ويقرر أن يغيرها عن طريق نطقه بكلمة إلغاء ثم ينتقل إلى فكرة أخرى ويقرر بكل وعى إلغاءها والتخلص منها واستبدالها بأخرى إيجابية. وقد يكون الأمر صعبا فى البداية ولكن مع الوقت سيبرمج العقل الباطن على مبدأ الاستبدال وينفذه تلقائيا دون أن يلحظ الفرد ذلك أو يشعر به. وإذا واجهت الفرد مشكلة ما عليه ألا يفكر فى المشكلة نفسها .
وينصح بالتفكير فى الحلول الممكنة والمتاحة للمشكلة حتى يدفع الفرد عقله الباطن لتقديم المزيد من الحلول على عكس ما يحدث عند التفكير فى المشكلة ذاتها حيث يتضاعف حجمها ويزداد كلما ازداد التفكير فيها دون التفكير فى إيجاد حلول منطقية لها.
إعادة برمجة العقل الباطن والتحكم فيما يختزنه
يؤكد المتخصصون فى المجال النفسى أن كل فرد يستطيع أن ينعم بالمزيد من الثروة والصحة والسعادة من خلال التدريب على كيفية الاتصال بقوة العقل الباطن وإعادة برمجتها وإخراجها من مكمنها وكل ما يحتاج إليه كل منا هو أن نتعلم استخدامها لأننا نمتلكها بالفعل. ويقدم لنا المتخصصون بعض النصائح لمحاولة تقليل الآثار السلبية للتوتر والضغوط النفسية على الجسم عن طريق قوة العقل الباطن وما يختزنه الفرد فى اللاوعى من أفكار ومشاعر وذلك عن طريق حث العقل الباطن على تلقى ما نريد من أفكار ومعتقدات وتتحقق هذه العملية عندما نستغرق فى التفكير فيما نحلم به ونريده وكأننا نشاهده يتحقق أمام أعيننا وسوف يتحقق بالفعل. وينصح المتخصصون أيضا بالإكثار من التخيل فإذا كنت تؤمن بفكرة وتحلم بتحقيقها فعليك أن تحرص على أن تفكر بها من حين لآخر فى إطار من الهدوء والاسترخاء وتكرار هذه العملية يجعل الفكرة راسخة فى العقل الباطن وبالتالى سيدفعك لتحقيقها كما أن الإيمان والاقتراب من الله ومداومة الشكر على النعم مما يجعل الفرد أكثر تقبلا لكل الصعوبات التى قد يواجهها فى حياته. وأشار العلماء إلى أن الفرد عندما يمرض ويكرر عبارة الحمد لله مرات عديدة يصل قلبه وعقله إلى مرحلة الرضا مما ينعكس على حالته النفسية والمناعية الأمر الذى يعجل بشفائه.وإذا كنت ترغب فى التخلص من عادة ضارة مثل التدخين فعليك أن تسترخى فى وضع مريح وتقول بكل هدوء الشىء الذى ترغبه وتكرر قوله فى هدوء لمدة خمس دقائق ويفضل تكرار هذه الطريقة مرتين فى اليوم صباحا ومساء حتى تحث العقل الباطن على قبول الفكرة ومن هنا يسهل تحقيقها. ويجب أن تتوقع الخير دائما وتحرص على ألا تردد الكلمات أو العبارات السلبية أو المتشائمة وتذكر دائما قانون الجذب فالأفكار الإيجابية تجذب إليك المزيد من الإيجابيات والأمور الطيبة والعكس صحيح.
منقول