في كل حرب أثناء تصفية حساب بين جيلين من البشر ، يموت جيل من الأشجار ، في معارك يتجاوز منطقها فهم الغابات .
" من يقتل من ؟ " مذهولاً يسأل الشجر . ولا وقت لأحد كي يُجيب جبلاً أصبح أصلع ، مرةً لأنّ فرنسا أحرقت أشجاره حرقا تاما كي لا تترك للمجاهدين من تقيّة ، ومرةً لأنّ الدولة الجزائرية قصفته قصفاً جوياً شاملاً حتى لا تترك للإرهابييّن من ملاذ .
باستطاعتنا أن نبكي : حتى الأشجار لم يعد بإمكانها أن تموت واقفة ،
ماذا يستطيع الشجر أن يفعل ضدّ وطن يُضمر حريقاً لكلّ من ينتسب إليه ؟
وبإمكان البحر أن يضحك : لم يعُد العدوّ يأتينا في البوارج ، إنّه يولد بيننا في أدغال الكراهية .
.....................
في محاولة القبض على لحظة الموت الفوتوغرافيّ، بإمكان المصوِّر القنّاص مواصلة إطلاق فلاشاته على الجثث بحثًا عن «الصورة الصفقة».
فهو يدري أنَّ للموت مراتب أيضًا، وللجثث درجات تفضيلٍ لم تكن لأصحابها في حياتهم.
ثمّة جثث من الدرجة الأولى، لأغلفة المجلاَّت. وأخرى من الدرجة الثانية، للصفحات الداخليّة الملوَّنة. وثمّة أخرى لن تستوقف أحدًا، ولن يشتريها أحد. إنّها صور يطاردك نحْسُ أصحابها.
ها هو ذا الموت ممدَّد أمامك على مدّ البصر. أيّها المصوِّر.. قم فصوِّر!
[ من رواية " عابر سرير " ] لـ أحلام مستغانمي