توسعت ظاهرة الهجرة في أوساط المجتمع وخصوصاً الشباب منهم، كالنار في الهشيم، بحثاً عن مستقبل أفضل، بعد أن أعيتهم أوضاع البلد المتردية اقتصاديا وأمنياً، وملوا صراعاً سياسياً غير متناهي.
الهجرة، بحسب مختصين، ألقت بضلالها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي بشكل كبير، خاصة وأن العراق يعاني أصلا من ركود اقتصادي وبطالة كبيرة، وبدأت تقضم المجتمع العراقي وتنتزع منه صفة التجدد.
الهجرة = عنوسة
"البلد أمام خطر حقيقي، ويجب مواجهة الأمر من قبل الحكومة بأسرع وقت، ووضع الحلول المناسبة لها لمنع المزيد من الهجرة"، هكذا تقول النائبة عالية نصيف، تعليقاً على ظاهرة الهجرة غير المسبوقة.
وتضيف نصيف في حديث لـ السومرية نيوز، "من المشاكل التي يمكن أن تسببها هجرة الشباب على الوضع الاجتماعي، ازدياد نسبة العنوسة، وهي بذلك مشكلة حقيقية يجب أن تواجهها الدولة".
وترى نصيف أن "أجندات خاصة لدول العالم، تقف وراء الهجرة المنظمة، بالرغم من الوضع الأمني والاقتصادي اللذان يضغطان على الشباب".
ودعت نصيف الحكومة الى "اتخاذ إجراءات رادعة لهذه المشكلة، لأن الهجرة ستؤثر على خروج العقول المهمة التي صرفت عليها الدولة أموالا كبيرة"، مبينة أن "استثمار هذه العقول بالشكل الصحيح من شأنه أن تساهم في بناء البلد".
أما عضو لجنة الهجرة النيابية لقاء وردي، فهي تقول في حديث لـ السومرية نيوز، إن "البلاد حالياً تفقد كفاءاتها وطاقاتها الشبابية لأسباب عديدة، منها فقدان الشباب لوجود الأمل، وغياب الأمن، وعدم توفير فرص العمل"، مؤكدة أن "كل هذه الأسباب دفعت العراقيين الى الهجرة بطرق غير شرعية".
وتوضح وردي، أن "هذا الكم الهائل من العراقيين الذين غادروا البلاد حالياً، هو إشارة سلبية وإنذار بأن البلد أصبح طارئاً لعدم قدرته على استيعاب شعبه".
الإرجاع القسري "مرفوض"
ويقول المتحدث باسم الخارجية العراقية احمد جمال في حديث لـ السومرية نيوز، "لايمكن للخارجية العراقية أن تنتهج منهجية الإرجاع القسري لأي لاجئ أو مهاجر غير شرعي في أي دولة من دول العالم"، مؤكدا أن "الخارجية رفضت ذلك مسبقا سواء في استراليا أو كندا أو دول شرق أوربا، وترفضه رفضه في حالة الهجرة الجديدة".
ويوضح جمال، أن "الإرجاع القسري لايمكن أن يتم، لأن الخارجية تعتقد انه مصادرة لحق الاختيار الذي يمتلكه المواطن العراقي وفق الدستور، وبالتالي لابد للمواطن أن يكون حرا في اختياراته".
أثار سلبية على الاقتصاد
ويقول الخبير الاقتصادي حبيب القرغولي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "هجرة الشباب الى الخارج ستؤثر سلبا على اقتصاد العراق، نتيجة خروج الكثير من الكفاءات والخبرات المهمة التي يمكن أن تساهم في تطوير البلد الى الخارج"، مبينا أن "الأوضاع الأمنية والاقتصادية كانت سببا رئيسيا في هجرة الشباب".
ويتوقع القرغولي "زيادة هذه الهجرة واستمرارها، إذا لم تتمكن الدولة من احتضان الشباب وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم".
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الدولة قامت بصرف مبالغ ضخمة لتعليم وتدريب هؤلاء الشباب المهاجر الذين يحملون مختلف التخصصات"، مبينا أن "العراق يعاني أصلا من هذه التخصصات النادرة من أطباء ومهندسين وكوادر وسطية".
ويشير المشهداني الى أن "الهجرة ستسبب خسارة كبيرة للاقتصاد العراقي، فضلا عن أثاره السلبية على الواقع الاجتماعي من حيث ازدياد عدد الإناث على حساب الذكور"، مؤكدا أن "الحكومة تتحمل الجزء الكبير في هذه الهجرة بسبب عدم إيجاد فرص عمل مناسبة لهم".
الحكومة: بدائل لإقناع الشباب
يقول المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، إن "حرية التنقل والسفر هو حق مشروع وقد كفلها الدستور في الحريات العامة، لكن الحكومة ترى في الوقت نفسه أن هذه الهجرة التي أخذت بالتصاعد في الآونة الأخيرة تؤثر كثيرا على قدرات العراق، حيث أن هناك عقول شبابية والعراق بحاجة لهم".
ويضيف الحديثي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الأوضاع الأمنية والاقتصادية هي عوامل أساسية لهجرة الشباب"، مبينا أن "الحكومة تسعى في ظل ظروف الحرب والحالة الاقتصادية الصعبة لإيجاد معالجات وبدائل لإقناع الشباب بالبقاء".
ويشير الحديثي الى أن "الحكومة بدأت بإطلاق القروض عبر المصرف التجاري والزراعي والصناعي والقروض الصغيرة والتي رصد لها 6 تريليون دينار لإيجاد فرص عمل والتي تستهدف العشرات الالاف من"، مؤكدا أن "هذه القروض تعتبر مرحلة أولى لتنشيط القطاع الخاص وتقليل فرص الهجرة للخارج".
وكان الآلاف من المهاجرين السوريين والعراقيين عبروا بعض الدول الأوربية باتجاه ألمانيا بعد أن رحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل باللاجئين.
ويشير خبراء أن الأسباب الرئيسية وراء استجابة برلين للتعاطف الكبير لدى الألمان تجاه اللاجئين السوريين، يتمثل في محاولة ضخ دماء جديدة في مجتمع يعاني من حالة "شيخوخة مزمنة"، لم تفلح معها إجراءات الحكومة في الحد منها بتشجيع زيادة النسل ورفع معدل الولادات.
وتتقدم ألمانيا على اليابان في انخفاض معدل الولادات، وتقول التقارير أن عدد سكان ألمانيا الذي بلغ 80.8 مليون نسمة في عام 2013، مرشح للتراجع إلى 67.6 مليونا في عام 2020. يحدث ذلك على الرغم من المدد المتزايد من اللاجئين.
وكانت المرجعية الدينية، قد أعربت عن قلقها من اتساع ظاهرة هجرة الشباب العراقي الى الخارج حيث قال ممثل المرجعية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني، بمدينة كربلاء، إن "ظاهرة هجرة الشباب العراقي الى بلدان أخرى اتسعت، وهي تبعث على القلق وتهدد البلد بإفراغه من الطاقات الشبابية".
ودعا ممثل المرجعية، "الشباب المحبطين من الأوضاع الى إعادة النظر بخيارتهم وأن يفكروا ببلدهم وشعبهم ويتحلوا بمزيد من الصبر، والنظر الى أقرانهم في القوات المسلحة وهم يقدمون التضحيات تلو التضحيات تلو التضحيات دفاعا عن العراق وشعبه".
المصدر
http://www.alsumaria.tv/news/145859