آلاف المهاجرين، معظمهم من الشرق الأوسط وأفريقيا، يحاولون الوصول إلى أوربا كل يوم
لم تستطع القوى الكبرى في العالم إيجاد سبيل، لوقف الحرب السورية حين اندلعت عام 2011.
وبعد مرور أربع سنوات، تأتي مجموعة جديدة من التحديات من سوريا، ومن دول أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، بينما تحاول القوى الكبرى مرة أخرى العمل على حلها.
أزمة اللاجئين
ويكتشف الاتحاد الأوربي حاليا، وإن كان متأخرا، أنه من المستحيل تجنب تداعيات سلسلة من الحروب والنزاعات الأهلية، في جواره المباشر.
ويلاحظ بعض السياسيين والصحفيين الغربيين لأول مرة أن أزمة اللاجئين مثلت قلقا كبيرا، بالنسبة للدول المجاورة لسوريا منذ اندلاع الأزمة.
والاختلاف الآن هو أن اللاجئين، وأعدادهم كبيرة ومتزايدة، يحاولون الدخول إلى أغنى الدول الأوربية.
كما يكتشف الاتحاد الأوربي أيضا أن البحر المتوسط لم يعد خندقا مائيا كافيا، وفي النهاية عليه أن يتخذ رد فعل للتعامل مع أزمة المهاجرين، التي تفاقمت خلال هذا الصيف.
مخيم اليرموك
لكن السبب الأساسي الذي يدفع هؤلاء المهاجرين للقدوم لا يزال قائما.
فمع وجود حروب في سوريا وليبيا والعراق واليمن، ووجود عنف وعدم استقرار وفوضى تصبح حياة الناس بائسة ومعرضة للخطر، في مناطق كثيرة من الشرق الأوسط وأفريقيا، ويصبح من غير المستغرب أن يحاول هؤلاء الناس الهروب من هناك.
بعض هؤلاء الناس قد لا تكون حياتهم معرضة للخطر بشكل مباشر، لكنهم يهربون خوفا من حدوث الأسوأ.
جيرمي بوين من إحدى المناطق السورية التي دمرتها الحرب ونزح عنها السكان
إنهم لا يغادرون بيوتهم بسهولة، إنما يهربون وأحيانا يتعرضون لمخاطر مروعة على أيدي مهربي البشر، لأن البدائل أمامهم أسوأ بكثير.
لقد تجولت وسط أنقاض مخيم اليرموك لللاجئين، وهو إحدى المناطق التي شهدت قتالا ضاريا في دمشق، ويبعد أميالا قليلة عن وسط المدينة.
وكان يسكن مخيم اليرموك لاجئون فلسطينيون، فروا أو أرغموا على ترك ديارهم في فلسطين، إبان إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية أمضيت عدة ليال في دمشق، أشاهد مخيم اليرموك يتعرض للقصف، لكنه اليوم هاديء وغريب.
ويسيطر الجيش السوري والفصائل الفلسطينية المسلحة بالكاد على نصف مساحة المخيم، بينما غادره كل المدنيين، ويقطن بعضهم في ملاجئ مجاورة، والبعض الآخر يحاول الهرب إلى أوروبا.
امتلأت شوارع المخيم بالأنقاض، وتضررت كل المباني، ليس فقط بفعل قذائف المدفعية، وإنما بفعل آلاف طلقات الرصاص التي أطلقت خلال حرب الشوارع.
وداخل المباني، حفر الجنود فتحات في الحوائط بين الشقق السكنية، كي لا يخاطروا بالمرور في الشوارع.
وعلى بعد مئات الأمتار من المكان الذي كنت فيه، يسيطر مسلحون من تنظيم الدولة وجبهة النصرة على الجزء الآخر من المخيم.
ولا زال عدد غير معلوم من المدنيين الفلسطينيين يقدر بالآلاف محاصرين داخل المخيم أيضا.
ولم تستطع منظمة منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين (الأونروا) الوصول إلى هؤلاء المدنيين، وتزويدهم بمواد الإغاثة منذ مارس/ آذار الماضي.
وإلى جانب طلقات الرصاص والقذائف، على هؤلاء المدنيين المحاصرين أن يتحملوا مرض حمى التيفويد، الذي انتشر بينهم هذا الصيف.
"ثمن 3 وجبات"
يسيطر مقاتلون فلسطينيون على جزء من مخيم اليرموك
ما حدث في اليرموك هو مثال، على الأسباب التي تجعل الكثيرين يرغبون في مغادرة سوريا.
بعض الذين غادروا سوريا في وقت مبكر من الحرب تمنوا العودة لديارهم، في أقرب وقت.
لكن الحرب الآن في عامها الخامس، وأدركوا أن هذا لن يحدث في القريب العاجل، وبالتالي فإنهم بحاجة للبحث عن مستقبل آخر لهم خارج سوريا.
وإلى أن يتم إيجاد سبل لتحسين ظروف الحياة في سوريا سيستمر السوريون في الفرار من هناك.
أحد كبار العاملين في مجال الإغاثة في دمشق علق على موقف الدول الأوربية التي تستعد لإنفاق المليارات لاستقبال اللاجئين السوريين، موضحا أنها كانت تستطيع تجنب المشكلة.
وأضاف كانت بإمكان أوروبا على الأقل إقناع الكثيرين من السوريين بالبقاء في بلادهم أو دول الجوار إذا ما استجابت مبكرا للنداءات المتوالية، بتمويل وتنفيذ عمليات إغاثة في سوريا والدول المجاورة.
وفي الداخل السوري، خفض برنامج الغذاء العالمي من الحصص الغذائية التي يقدمها للنازحين، ويكافح من أجل توفير 12.5 دولار، ينفقها شهريا على غذاء كل فرد من النازحين السوريين، الذين يبلغ عددهم نحو أربعة ملايين شخص.
ويقول رجل الإغاثة: "هذا المبلغ يساوي فقط ثمن ثلاث وجبات بيغ ماك في أوربا، لكننا لا نستطيع توفيره".