عندما تنطلق غدا الجمعة فعاليات بطولة كأس الأمم الأوروبية الرابعة عشر (يورو 2012) ببولندا وأوكرانيا ، سيتنفس مسئولو كرة القدم الأوروبية الصعداء بعد فترة طويلة للغاية بدت فيها البطولة مهددة بأن تنقل لمكان آخر.

وتنطلق فعاليات البطولة رسميا غدا الجمعة بالمواجهة المرتقبة بين المنتخبين البولندي واليوناني على الاستاد الوطني في العاصمة البولندية وارسو.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية ، ساد الجدل بشكل كبير حول إمكانية نقل البطولة إلى مكان آخر بدلا من إقامتها في شرق أوروبا للمرة الأولى بسبب التأخر الواضح في أعمال الانشاءات والبنية الأساسية.

ويشهد الاستاد الوطني الجديد على ضفاف نهر فيستولا والاستادات الجديدة والمحدثة في المدن السبع الأخرى في بولندا وأوكرانيا على الجهود الكبيرة التي بذلت ومليارات اليورو التي أنفقت من أجل تلبية مطالب الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) .

ورغم ذلك ، لم تكن كل الأمور على استعداد تام للاستضافة فلم تكتمل بعض أعمال البنية الأساسية والطرق الرئيسية في الموعد المحدد لها.

ولكن اليويفا ورئيسه الفرنسي ميشيل بلاتيني أكدا أن الدولتين المضيفتين أعدتا التجهيزات اللازمة والمطلوبة للبطولة.

وأشار بلاتيني إلى أن يورو 2012 ستكون "علامة بارزة" في تاريخ بطولات كأس الأمم الأوروبية.

وقال جياني إنفانتينو سكرتير عام اليويفا ، على هامش قرعة النهائيات والتي أجريت في العاصمة الأوكرانية كييف مطلع كانون أول/ديسمبر الماضي ، :"العمل الذي يستغرق 20 عاما عادة جرة تنفيذه في ثلاث أو أربع سنوات فقط".

ونالت أوكرانيا نصيبا أوفر من الانتقادات والجدل على مدار 18 شهرا مضت كما حصلت أوكرانيا ، إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق ،على مهلة من بلاتيني للانتهاء من الاستعدادات الخاصة بالاستضافة حتى لا يسحب منها حق الاستضافة.

وقال إنفانتينو :"نحن في اليويفا كنا نرى دائما أن كل شيء سيكون جاهزا في النهاية لأننا شاهدنا الحماس والإصرار يرتسم على وجوه الجميع في بولندا وأوكرانيا. وفي ظل هذا الحماس والإصرار ، يمكنك إخفاء العديد من الأمور البسيطة".

وتشارك في استضافة فعاليات البطولة في بولندا كل من مدن جدانسك وبوزنان ووارسو وفروتسواف.

وأنفقت بولندا أكثر من 30 مليار دولار على مشروعات البنية الأساسية ومنها المطارات والطرق والفنادق.

ووجهت بولندا 5ر1 مليار دولار من هذا المبلغ إلى بناء وتحديث الاستادات الأربعة التي تستضيف فعاليات البطولة ببولندا.

وفي أوكرانيا ، لا تضح الرؤية كثيرا بالنسبة للأموال التي أنفقت ولكن الاستثمارات التي ضختها الدولة في استعداداتها ليورو 2012 تقدر بنحو 15 مليار دولار بعيدا عن التمويل الخاص للعمل في استادي دونيتسك وخاركيف.

ورغم ذلك ، كلف استادا مدينتي لفيف وكييف السلطات الأوكرانية أكثر من مليار دولار طبقا لمصادر مستقلة.

والآن وضعت الأعلام في المدن والاستادات التي تستضيف فعاليات البطولة ووضعت شاشات العرض العملاقة في أماكن تجمعات واحتفالات المشجعين وذلك لتعرض هذه الشاشات مباريات البطولة مباشرة أمام عشرات الآلف من المشجعين المنتظر توافدهم على هذه المناطق سواء من المواطنين أو الزائرين الأجانب الذين يحضرون لمتابعة مباريات هذه البطولة التي يشارك فيها 16 منتخبا.

وتشير بعض التقارير إلى تراجع أعداد المشجعين المنتظر سفرهم خلف المنتخبات الكبيرة مثل هولندا وإنجلترا وألمانيا على عكس البطولات السابقة وذلك بسبب طول مسافة السفر ومشاكل الانتقالات وارتفاع أسعار الإقامة بشكل هائل في كل من الدولتين المضيفتين إضافة إلى المخاوف الأمنية لدى البعض.

وحتى الفنادق المتوسطة في كييف بلغت فيها أسعار الإقامة أكثر من ألف دولار لليلة الوحدة بينما تجاوزت الأسعار ثلاثة آلاف دولار في الفنادق الفارهة مما دفع رئيسة الوزراء الأوكرانية ميكولا أزاروف إلى إعطاء تعليمات بإجراء تحقيق في الأمر.

وعلى المستوى الرياضي ، يعتقد أن الفوز بلقب البطولة أكثر صعوبة من الفوز بلقب كأس العالم وذلك نظرا لعدم وجود أي مباريات سهلة من الناحية العملية حتى في الدور الأول (دور المجموعات) بالبطولة.

ويشارك في البطولة 16 منتخبا للمرة الأخيرة في تاريخ بطولات كأس الأمم الأوروبية حيث سيرتفع العدد إلى 24 منتخبا بداية من البطولة المقبلة التي تستضيفها فرنسا عام 2016 .

ويتنافس في البطولة ثلاثة من المنتخبات الأربعة التي بلغت المربع الذهبي في بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا كما تشهد البطولة مشاركة خمسة من المنتخبات العشر التي سبق لها الفوز بلقب كأس العالم.

ورغم ذلك ، يرى معظم الخبراء أن المنتخب الأسباني حامل اللقب هو الفريق الأكثر ترشيحا للفوز باللقب في هذه البطولة التي تختتم بالمباراة النهائية في العاصمة الأوكرانية كييف.

وعلى مدار تاريخ البطولة حتى الآن ، لم يسبق لأي منتخب أن أحرز اللقب مرتين متتاليتين كما لم يسبق لأي منتخب أن أحرز ثلاثة ألقاب متتالية في بطولتي كأس العالم وكأس أوروبا.

ولكن المنتخب الأسباني ، بما يضمه من نجوم بارزين مثل تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا والعديد من زملائهما في برشلونة الأسباني ، يمكنه مواصلة هيمنته على كرة القدم العالمية من خلال أسلوبه الرائع في تمرير الكرة والحفاظ عليها وهو الأسلوب الذي أصبح علامة مميزة لأداء الفريق.

وقال المدرب فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الأسباني :"أصعب شيء هو تحقيق الفوز بعد فوز.. ولكن هدفنا الآن هو الفوز بعد فوز وأن نفوز مجددا".

ويمثل المنتخب الألماني المنافس الأقوى لنظيره الأسباني في هذه البطولة علما بأنه خسر أمام الماتدور الأسباني في نهائي البطولة الماضية (يورو 2008) ثم خسر أمامه في الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم قبل عامين.

كما توجد منتخبات أخرى يمكنها تفجير المفاجأة في هذه البطولة التي يراها معظم الخبراء خارج نطاق التوقعات.

كما يأمل منتخبا الدولتين المضيفتين في تقديم عروض ونتائج أفضل من نظيريهما السويسري والنمساوي اللذين استضافا البطولة الماضية (يورو 2008) ولكنهما خرجا من الدور الأول للبطولة.

وقال بلاتيني :"أعتقد أن هناك فريقين مرشحين بقوة هما ألمانيا وأسبانيا أو أسبانيا وألمانيا.. إذا نجح كل منهما في تقديم أفضل أداء لديهما ، سيكون البطل الأوروبي هذه المرة إما أسبانيا أو ألمانيا. ولكن إذا قدم أي منهما 80 أو 90 بالمئة فقط من مستواه ، سيواجه هذا الفريق بعض المشكلات".

ويتوقع بلاتيني ، مايسترو خط الوسط الذي قاد المنتخب الفرنسي للفوز بلقب يورو 1984 ، بطولة مثيرة.

ولكن ما يسعده بشكل أكبر هو أن البطولة التي منح اليويفا حق استضافتها لبولندا وأوكرانيا قبل خمس سنوات ستقام مثلما خطط لها لتكون علامة بارزة في تاريخ كأس الأمم الأوروبية.