Wednesday 6 June 2012
نقلت عن مدير شركة اجنبية قوله ان المدينة تفتقر لخطة تشغل اعداد العاطلين الضحمة

مسؤول محلي لـ «تلغراف»: بالنفط والموانئ والسكك ستكون البصرة عاصمة اقتصادية
بغداد – جريدة العالم

طاولات وكراس تتوزع على عشب يمتد على طول كورنيش البصرة، ومجموعة من المهندسين الأتراك يعملون أفضل ما بوسعهم ليثبتوا أن المرح عائد.
في وقت الغسق الداخل من بوابات قصر البصرة، الذي بناه صدام لاستراحته على ضفة النهر، يقترب المناخ من الاسترخاء والسكينة.
المشهد يظهر تحولا لا لبس فيه، حتى لو أنه ما زال خطرا جدا بالنسبة للبعض. هذا الوصف جاء في استهلال قصة كتبها داميان ماك ايلروي لصحيفة تلغراف البريطانية.
ونقل ايلروي عن عرفان نبيل، وهو رجل أعمال محلي، قوله ان "أولئك الشباب يبحثون عن المتاعب". واضاف أن "هناك الكثير من الناس في هذه المدينة لا يريدون رؤية هذا النوع من السلوك أن يظهر صراحة في المدينة".
عندما كان القصر يستعمل كمقر للبريطانيين على الضفة اليمنى من نهر شط العرب، لم يكن احد يتصور شرب النبيذ وتناول العشاء في الهواء الطلق، فالصواريخ وقذائف الهاون كان تنهمر على المنطقة، فتطمس كل شيء ولا تظهر غير الحياة العسكرية.
ففي مدينة كانت واقعة تحت قبضة المتطرفين التي لا ترحم، أي سلوك يوصف بالانحطاط كان يجري في الخفاء.
لكن في وقت أخذت فيه البصرة أخيرا تجدد حياتها، راحت الشكوك القديمة تفسح المجال للتفاؤل. فهناك جسور قيد الانشاء على النهر. وافتتحت فنادق بخمس نجوم. والشيوخ المتدينون الذين يديرون المدينة يتحدثون بحماس عن منافع "البترودولار" التي ستعطى للمدينة.
وقال الشيخ أحمد السليطي، نائب رئيس مجلس محافظة البصرة "بدلا من أن يكون لدينا كورنيشا واحدا ستكون لدينا عدة كورنيشات. ستكون لدينا منتجعات راقية وفنادق بخمس نجوم. ونحن بدأنا فعلا بناء جسور على النهر، ومدينة رياضية وجزيرة استجمام"، موضحا "بالنفط، والموانئ وسكك الحديد، بامكان البصرة ان تكون عاصمة العراق الاقتصادية".
زهير وهو أحد المنتفعين غير المتوقعين من نهضة البصرة. ولأنه كان مترجما لدى الجيش البريطاني حصل زهير على تأشيرة للسفر الى بريطانيا العام 2009 اثر تلقيه تهديدات بالقتل. وبعد 6 شهور من الاقامة في مانشستر، عاد الى زوجته وابنه بعد أن عجز عن العثور على عمل في بريطانيا.
يقول زهير "الشيء الوحيد الذي تمتعت به في مانشستر هو أني كنت قادرا على مشاهدة كل مباريات اليونايتد على التلفزيون".
مغادرة بريطانيا كانت تعني العودة الى مدينة كان هو فيها رجلا مطاردا. "كنا نغادر القاعدة ونرى سيارات تتبعنا. حتى أني كنت أدور بالسيارة لمدة 5 ساعات كي لا أذهب الى البيت، لأنني كنت أعرف أنهم ورائي".
لكن بعد سنتين من عودته، صارت ظروفه أحسن وأكثر احتراما. فهو يكسب الآن 3 آلاف جنيه استرليني شهريا من عمله مع شركة نفطية، وهو يخطط الآن لارسال ابنه الى كلية بارزة خاصة في البصرة لديها تراث في تخريج وزراء ومسؤولين كبار.
ويحكي زهير "ابني يريد أن يكون طيارا. بالنسبة لعائلتي هذا حلم كبير لأن أخي الأكبر كان طيارا أسقطت طائرته ولا يمر يوم من حياة أمي إلا وتفكر به. وستفرح عندما ترى أن حفيدها حقق حلمها".
وتنتج البصرة ما يزيد عن 4 أخماس المليونين و500 ألف برميل يوميا من نفط العراق الخام. ومع أن علاقات المدينة ضعيفة مع الحكومة المركزية إلا أنها أمّنت عقد صفقة معها لأخذ دولار واحد عن كل برميل نفط تنتجه لغرض عملية اعمار المدينة.
فتحسن الوضع الامني، الذي سمح للقوة البريطانية اكمال انسحابها قبل عامين، قد تعزز وهمدت التوترات الطائفية.
ويقول عبد الكريم الخزاري، رئيس الاقلية السنية في المدينة الشيعية، "نستطيع العيش معا الآن لأننا نعرف أن القوات الأمنية سوف تتعامل مع أي مشكلة على أساس الخطأ لا الدين".
وتشهد المدينة تدفق أجانب، لكن هذا التدفق يتكون في معظمه من مهندسين وتقنيين يتوجهون مباشرة من المطار الى الحقول النفطية. رويال دويتش شل وبريتش بيتروليوم من بين أكبر المستثمرين وكل منهما وظف مئات العمال. لكن أحد المدراء التنفيذيين الأجانب المستقرين في مركز المدينة يعرب عن قلقله من احتمال أن ينتفع من هذه الطفرة نخبة صغيرة.
وقال ان "المشكلة الرئيسة التي نواجهها اليوم هي ان البصرة لديها خطط كثيرة لكن ما من خطة لأعداد العاطلين الضخمة ممن هم في العشرينيات من عمرهم." وتساءل "كيف يتمكن هؤلاء من الحصول على العمل الذي نأتي به عندما لا يتوافرون على مؤهلات؟".
كريم التميمي، زعيم أكبر حزب سياسي في المدينة، قال ان ضغط الشارع للحصول على عمل، والسكن والكهرباء بعد عقود من الحرمان وانفتح الان على العالم.
وأفاد بأن "الاحباط ما زال موجودا لدى اهل البصرة الذين لا يحصلون على ثمار ثروتهم النفطية"، مضيفا أن "كثيرا من الناس لديهم ذكريات سيئة عن الاحتلال البريطاني لكن ذلك الوقت ولى".