لقد أسس العرب لّما أسكنوا ما بين النهرين مدنية ذي حضارات رائعة وتركوا هنالك آثارا لما تزل دالة عليهم وليس هنالك ما يوازيها بكل المقاييس بالرقي نظرا لبدايات تلك الحقب فالأكديون والآشوريون والكلدانيون هم من العرب وقد سجلوا بفخر سبقا تاريخيا رائدا جللته روائع الملاحم التاريخية لبلاد السواد ولا شك في عروبتهم خصوصا عندما يتم التسليم بعروبة الخلق في بدايات الخليقة المسندة تاريخيا وهي التي تفسر تحول قسم من العرب البائدة إلى أسماء ومناطق أخرى بعد ما أصابهم ونالهم وعندما ضعف تأثيرهم السياسي وقد أفردنا في ذلك الكثير في بحثنا المنشور تحت اسم القومية العربية وموقعها في خطها البياني وسنمر هنا بعجالة لإثراء بحث عرب العراق..
من المعلوم إن دولة عاد الأولى التي نشأت في جنوب اليمن وحضرموت وعمان وقد كان عاد أول ملك عربي وخلفاؤه هم الذين مدوا دولتهم صوب الشام والعراق ، ثم بعث هود نبيا فمن امن معه كانت عاد الثانية وقضي على الآخرين بريح صرصر كما يخبرنا القران الكريم .
ومن العرب البائدة أيضا قبيلتا طسم وجديس في اليمامة أي الإحساء والقطيف الحاليتين إلى جانب العمالقة وهم الهكسوس الذين دخلوا مصر وبقوا فيها وعربوها منذ ذلك الحين ، ومن بعدهم أتى القحطانيون من العرب العاربة من سكان الجزيرة وبالأخص اليمن وكان من المع رجالاتهم يعرب بن قحطان الذي عاصر عاد الثانية في اليمن والعمالقة في الحجاز .
وكان له إخوة منهم عاد وعمان وأعطاهم الولاية على البلاد التي سيطر عليها فكانت ولاية عمان بن قحطان على عُمان الحالية, وكان ابنه يشجب الذي ولد له ولد فيما بعد وسمي عبد شمس ولقب بسبأ هو صاحب مدينة سبأ والذي بنى سد مأرب وقد ولد لسبأ هذا نسل كثير ومن أشهر أولاده كهلان وحميَر ، وعندما حكم حمير أسس دولة عرفت باسمه وهي دولة الحميريين ومن ملوكهم الحارث الرائش وابنه ذو النار ثم الملكة بلقيس التي تنازلت عن عرشها للملك سليمان عليه السلام إلا إن التبابعة قومها لم يرضوا بذلك واستعادوا الملك بعدئذ..
أما عن العدنانيين من العرب المستعربة من أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وفي التشكيك بعروبة إبراهيم تجاوز تاريخي كبير ودس يريده الأعداء فهو من عرب العراق الذين عاصروا السومريرن وقد كشفت التنقيبات عن بيته ومعبد أهله في مدينة أور بمحافظة ذي قار العربية الأصيلة التي يشهد التاريخ بعروبتها منذ الأزل ، وسيلي هنا دور أهلها الكبير في مقارعة الفرس تاريخيا وحتى أيامنا الراهنة..
وقد أراد الله أن يرتحل إبراهيم عليه السلام ليسكن فيما بعد ذريته أي ولده إسماعيل عليه السلام وأمه في قلب جزيرة العرب وفي ذلك المكان المقدس الذي تحج إليه منذ ذلك اليوم وحتى الساعة الخلائق ، ثم تزوج إسماعيل عليه السلام فيما بعد فتاة من قبيلة جرهم العربية وولد له أولاد كثر لم يعش منهم إلا عدنان الذي أنجبت من ظهره تباعا قبائل تعرف اليوم بالعدنانيين الذين عاشوا في الحجاز ونجد ثم تفرقوا في العراق وشمالي شبه الجزيرة العربية ، وقد تزوج معد بن عدنان من بنت الحارث بن مضاض الجرهمي والتي ولدت له نزاراً ونزار هذا تزوج فيما بعد وولد له أربعة أولاد هم مضر وربيعة وإياد وانمار وكانت لأبناء مضر الزعامة لقوتهم وكثرتهم ..
وأما بنو ربيعة فقد انتشروا شرقي الجزيرة والعراق ومن ربيعة جاء بنو أسد نسبة لأسد جدهم ابن ربيعة ومن ربيعة أيضا جاء جديلة ومن قبيلة جديلة أتت بكر وتغلب وهم من أبناء وائل بن قاسط ومن بكر أيضا ولد ثعلبة الذي أنجب ثلاث أولاد هم شيبان وقيس وذهل ، ومن شيبان جاء الشيبانيون قبيلة بني شيبان ومنهم هانيء ابن مسعود ومسعود بن هانيء والمثنى ومن شعراء بكر طرفة بن العبد صاحب المعلقة الشهيرة,.
عموما هذا فيما خص المنطقة ولنعد أخيرا إلى العراق أما ما قيل عن السومريون والخلاف الحاصل بشأنهم حول عروبتهم فليس هنا مجالا لمناقشته لذا فان الغالب رأيا بان العراق هو عربي وذلك هو أمر قائم حتى اليوم وان غالب أهله هم من العرب النازحين من شبه الجزيرة العربية ومدنهم أور والوركاء ونفر وبابل ونينوى ومن ثم أعقبتهم دفعة عربية كبيرة حتى غطت العراق وانشئوا حضارة أخرى وكانت لهم عاصمة متحالفة مع فارس وهي مدينة الحيرة في وسط العراق إلى جانب الحضر جنوبي غربي الموصل وكان هؤلاء من قبائل بكر بن وائل ومنهم بنو شيبان الذي منهم البطل الكبير المثنى بن حارثة الشيباني صاحب الدور الكبير في تحرير وصمود وإسلام أهل العراق وسنتوسع في مآثره فيما يلي من الأيام, وكانت منازل البكريين تمتد حتى الحيرة وهيت غربا...
لقد كانت القبائل العربية متساكنة ومتجاورة بالعراق وفي ذلك مقتضيات للاتفاق والخلاف على بعض المصالح العامة والخاصة ، فقد كانت تميم وهي عدنانية تجاور بكرا في السكنى ، ونرى في التاريخ إن هنالك الكثير من الصراعات بين بكر وتغلب وتميم مما تغنى به الشعراء حين كانت الحروب والملاحم من عادات تلك الأزمنة ، ومن رجالات ذلك الزمان من ذهب ذكرهم مثلا حتى اليوم كجساس بن مرة الذي كان بطلا صنديدا وهو الذي قتل كليب بن وائل فدارت بسبب ذلك حروب طويلة شهيرة راحت مضربا للأمثال حيث يقال أهو دم كليب في إشارة للثار لعزيز غال ، رغم إن هنالك الكثير مما نتصوره اليوم مبالغة في الوصف ولكننا لم نعش ذلك الزمان لنقيم فقد قال الشعراء بقصائدهم من الشعر ما يخبرنا عن الكثير من الذي قد نراه اليوم عجبا ومكابرة..
فمثالاً:
وإنا نورد الرايات بيضا*** ونصدرهن حمرا قد روينا
والآخر
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما*** تخرُّ له الجبابر ساجدينا
يوم قضة
وكان يوما مشهودا من أهم الأيام بتاريخ سالف أيام العرب بالعراق وهو الذي انتصرت به بكر على تغلب انتصارا حاسما فطردتها من مناطق البحرين واليمامة ، وهنا امتدت منازل قبائل بكر ومنهم بنو شيبان حتى هيت على الفرات وبسبب النزاع بين عبد قيس وإياد سكنت قبائل إياد في سواد العراق .
صراعات القبائل بالعراق
امتدت الصراعات بالعراق حتى في أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبدء ظهور الإسلام وانتشاره وقد كان بنو شيبان وهم كما ذكرنا بطن من ربيعة قد سكنوا البحرين والعراق مع قبائل عبد قيس وبقية قبائل بكر بن وائل وتميم في بادية العراق ..
وكان بالبحرين ملك يخضع لأوامر الفرس يسمى المنذر بن ساوى ونتيجة لاستمرار الصراعات بين بكر وتغلب تمكنت بكر من طرد تغلب من جنوب العراق وتجلى ذلك في واقعة (يوم الفرات) الشهيرة حين أجهز جيش البطل مثنى بن حارثة الشيباني زعيم بني شيبان على تغلب وطردها من العراق وقتل كثيرا من رجالها واغرق العديد منهم في نهر الفرات حتى لأصبح ذلك اليوم من أيام تاريخ العرب في العراق وإخوانهم في الجزيرة العربية وافتخرت بذلك بكر كلها وقال شاعر بني شيبان في حق المثنى وفرسه الدليكة
ومنا الذي غشى الدليكة سيفه*** على حين قد أعيا الفرات كتائبه
ومنا الذي شد الركي ليستقي ***ويسقي محضا غير صاف جوانبه
ومنا غريب الشام لم ير مثله*** أفك لعانٍٍ قد تنأى أقاربــــــــــــــه
فالذي غشي الدليكة هو المثنى والذي شد الركي هو مُرة بن همام وغريب الشام هو ابن القلوس بن النعمان وهنا ذكر بن الأثير عن بني شيبان ( أن ليس بالعرب اعز دارا ولا امنع جارا ولا أكثر حليفا من بني شيبان) .
ولقد عاشت قبيلة بني شيبان وبقية قبائل بكر بالعراق في أخصب مناطقه وأهمها في نظر القبائل العربية وحتى الدولة الفارسية الطامعة فهي في تخوم العراق مما جعلهم هدفا على الدوام ولكنهم طالما اتخذوا من الصحراء التي تتصل بالجزيرة العربية خير ظهيرا لهم على أطراف الفرات حين كانوا يتقون هجمات الغزاة من القبائل والفرس ...
لذا نرى إن التوسع في دراسة اثر تلك القبيلة على سير تاريخ العراق في بدايات الإسلام لهو مهم جدا فهي التي جمعت الروح الوثابة إلى الصمود الرائع بالقوة والشكيمة والصبر والعزيمة وثبتت برجالاتها في المآزق والمحن والحروب وضربوا أروع درجات الشجاعة والإقدام حد الهوس نتيجة ضروب الفروسية وافانين الحرب والقتال والنزال ومقارعة الجبابرة والأبطال سيما وقد كانت لهم كبير الخبرة في قتال الفرس على مر الدهر فكل تلك العوامل مجتمعة إلى جانب دعوة المسلمين للنجدة وتحرير ثغر الجزيرة هي التي يسرت تحرير العراق الذي تطلب فيما بعد انهرا من الدماء وتضحيات جسام حتى إتمام النصر...
في الجزء القادم مدن العراق العربية قبل الإسلام إلى جانب حضارة وكافة شخوص حكام العراق من العرب أمثال (جذيمة بن مالك وامرؤ القيس بن عمرو والنعمان بن المنذر).....
الحضر
وتقع في شمالي وسط العراق وهي عاصمة عرب العراق الشمالية ويرجح إن بانيها هو سنطروق الأول أو الساطرون كما اسماه بعض مؤرخي العرب وقد كان حكمه في النصف الأول من القرن الميلادي وحكمت سلالته العربية ثلاثة قرون , وقد ازدهرت الحضر بمدنيتها وحضارتها حتى تحولت لمركز تجاري هام في الشرق وقد كانت حصينة منيعة مسورة بأقوى الأسوار حتى إنها صدت وأفشلت هجوم الإمبراطور الروماني تراجان عام 117م كما وإنها أجبرت الإمبراطور الروماني سبتيموس سويرس على التراجع عن أسوارها بفشل حصاره لها في عام198/199م .
وقد ثبت إن للحضريون كفاءة عسكرية غير عادية ودراية بالفنون القتالية حيث إنهم قد ابتكروا أنواعا فعالة من الأسلحة النارية كالمقذوفات النارية الحارقة التي كانت تسمى بالنار الحضرية ومنها أنواع أخرى من القسي والنبال .
وقد كانت نهاية الحضر على يد سابور الأول الذي تمكن من قتل آخر ملوكها من العرب وهو الضيزن الذي توسعت دولته ووصلت بحدودها إلى المدائن جنوبا وكل حوض الخابور شمالا لكن ابنته النضيرة هي من خانه وأعلمت سابور على نقاط ضعف الأسوار المنيعة فدخلها وأوقع الضرر ببني قضاعة والعبيد خسائر هائلة وقد قال في ذلك عمرو بن آلة كما جاء في الأغاني
الم يحزنك والأنباء تترى***بما لاقت سراة بني العبيد
ومصرع ضيزن وبني أبيه***واحلاس الكتائب من يزيد
فهدم من رواسي الحضر صخرا***كأن ثقاله زبر الحديد
وأطلال الحضر حتى اليوم آية بالروعة وفن البناء وهي قائمة على مسافة 3كم من الضفة الغربية لوادي الثرثار وعلى مسافة 76كم غرب القيارة وتبعد 150كم جنوب غربي نينوى الموصل الحالية.
الحيـــرة
وتقع الى الجنوب من وسط العراق وعلى بعد ثلاثة أميال من الكوفة واسمها بحسب اللغة الآرامية حرتا أو حيرتو وتعني المخيم أو المعسكر أو الحصن أو الحاضرة وقد ذهب بعض المؤرخين إن بانيها هو الملك البابلي بختنصر أما سكانها الرئيسيون فهم من قبيلة الأزد وأول ملوكهم مالك بن فهم الذي رماه ابنه سليمة بسهم خطأ عن غير قصد وكان هو الذي دربه على الرماية فلما علم مالك إن ابنه سليمة هو الذي رماه انشد أبياتا ذهبت مثلا حتى أيامنا الراهنة
جزاني لاجزاه الله خيرا*** سليمة انه شرا جزاني
اعلمه الرماية كل يوم ٍ***فلما اشتد ساعده رماني
وان الحيرة مالبثت أن أصبحت مدينة كبيرة فيها القصور الكبيرة الشامخة والحدائق والبساتين والمساكن وقد وصفها عاصم بن عمرو الشاعر والفارس الشهير حيث قال
صبحنا الحيرة الروحاء خيلا***ورجلا فوق اثباج الركاب
حضرنا في نواحيها قصورا*** مشرفة كأضراس الكلاب
وبقيت الحيرة بعد تحرير العراق عامرة عدة أجيال وكان بجوارها أشهر قصرين بناهما العرب بالعراق من عصور ما قبل الإسلام وهما الخورنق والسدير وبينهما ميلا واحدا واللذان بناهما الملك العربي النعمان بن امرئ ألقيس والملقب بالنعمان الأعور أو النعمان السائح والذي حكم العراق من عام 403م وحتى431م وهو صاحب القصة الشهيرة حول مقتل باني القصر(سنمار) كي لا يبني مثيلا له والتي ذهبت مثلا ومضرب للأمثال(جزاه جزاء سنمار) وقد وردت في حق تلك الحادثة أشعار كثيرة في الأدب العربي العراقي نذكر منها أبياتا لعبد العزى بن امرئ ألقيس الكلبي من قصيدته التي يعاتب بها الملك الحارث الغساني
جزاني جزاه الله شر جزائـــــــــــه*** جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
وحتى
فقال اقذفوا بالعُلج من فوق برجه*** فهذا لعمر الله من أعجب الخطب
وقيل إن الملك النعمان قد هجر بعد ذلك القصر وتبتل وساح بالأرض ابتغاء الآخرة وربما يكون قد ندم على فعلته مع باني قصره سنمار فترك القصر والملك واختفى وفي ذلك يقول الشاعر اللخمي عدي بن زيد
وتذكر رب الخورنــــــــــــق إذ*** فكر يوما وللهدى تفكير
وحتى
فارعوى جهله فقال وما غبطة*** حي إلى الممات يسيـــر
وقد جاء ذكر الخورنق كثيرا في الأدب العربي
فقد ذكره حسان بن ثابت شاعر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقال
وحارثة الغطريف أو كابن منذر*** ومثل أبي قابوس رب الخورنق
كما ذكره أيضا الحارث بن حلّزة فقال
فإذا صحوت فإنني*** رب الشويهة والبعيــر
وإذا سكرت فإننـي*** رب الخورنق والسدير
ملوك العراق / حُكّام الحيرة
تنويه/
في زوايا البحث وبين طياته الكثير من أصول وأسباب العبارات التي تحولت إلى أمثال لوقائع ومجريات أحداث في تاريخ العراق بحسب زمن حدوثها...
مالك بن فهم
وقد مرّت سيرته بالبحث
جذيمة بن مالك
وقد حكم الحيرة بعد مالك بن فهم ولده جذيمة الملقب بجذيمة الأبرش أو جذيمة الوضّاح وله فضل كبير في توحيد قبائل العرب في المنطقة وقد ذكر عنه الطبري انه كان من أفضل ملوك العرب رأياً وأبعدهم مغاراً وأشدهم نكاية وأظهرهم حزما وأول من استجمع له الملك بالعراق وضم إليه العرب فغزا بالجيوش في تلك الحقبة كما ذكر المسعودي عنه فقال انه أول من ملك الحيرة ويقصد بتلك الصيغة وانه صاحب النديمين وهما مالك وعقيل ولذلك قصة مفادها إنهما هما اللذان وجدا عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة في البادية حينما كان هاربا فأعاداه إلى الملك مما أفرحه كثيرا ولما أمر بإعادة الطوق الذي كان يطوق به وجدوه قد صغر عليه وأضحى ضيقا وهنا قال عبارته الشهيرة التي ذهبت مثلا فقال (شَبَّ عمرو عن الطوق) , لذا فقد أكرمهما جذيمة وقربهما إليه وباتا نديمين له بحسب طلبهما منه كجزاء لهما , ومالك هو الذي أشار إليه متمم بن نويرة في رثائه الشهير حيث كان أخاه الذي قتله القائد خالد بن الوليد في معارك وحروب الردة التي جرت بالمنطقة ومنها العراق.
وقد دام حكم جذيمة نحو 60عاما وقد عاصر في زمانه حاكم بلاد فارس وهو كسرى المسمى سابور اشك وأما عن زواجه فقد ورد انه تزوج من الزباء الغسانية وهي التي خانته وقتلته أو خططت لقتله وهي من بلاد الشام وبدا إن تلك الزيجة لم تك إلا محاولة فاشلة كغيرها لرأب الصدع بين المناذرة والغساسنة وان لذلك إحداثيات تاريخية مفقودة تحاكي أسباب فشل تلك المحاولات في جمع الشمل والإصلاح بين الطرفين المتحاربين في ذلك العهد.
وعن عمره عند وفاته بمقتله قيل انه كان يناهز أل 118 عاما...
عمرو بن عدي
وقد حكم بعد مقتل خاله جذيمة رغم انه لم يكن متنفذا في زمن حكم خاله الذي دام زهاء ستون عاما لكن بدا انه كان الأجدر بالحكم من بعده وقد ذكر عنه الطبري انه كان أول من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب وان أول من مجّده أهل الحيرة في كتبهم وكتاباتهم من ملوك العرب بالعراق هم آل نصر والذين كانوا ينسبون إليه فتقوى موقفه كثيرا لذا فلم يزل عمرو ملكا حتى توفي وهو ابن مائة وعشرين عاما منفردا بسلطته وملكه مستبدا بأمره يغزو المغازي ويصيب الغنائم الكثيرة وتفد عليه الوفود دهره الأطول وهو لم يدين لملوك الطوائف بالعراق ولم يدينوا له حتى قدم اردشير بن بابك في أهل فارس وكان قد أغار ملك الحضر والجزيرة الضيزن بن معاوية بن العُبيد بن قضاعة ومعه قبائل قضاعة حين فتحوا مدينة نهر شير الفارسية (بهرسير) وفتك في أهلها وعندها أصاب أي حصل على أخت كسرى سابور ذي الأكتاف حينذاك
وفي ذلك قال عمرو بن السليح القضاعي
لقيناهم بجمع من علاف
وبالخيل الصلادمة الذكور
فلاقت فارس منا نــكالا
وقتلنا هرابذ بهرسيـــــــر
دلفنا للأعاجم من بعيد
بجمع في الجزيرة كالسعير
وتوفي عمرو وله من العمر 120 عاما وخلفه ولده..
امرؤ القيس بن عمرو
وهو أول من حمل هذا الاسم الشهير كملك وحاكم في تاريخ العراق والعرب وقد كان رجلا شجاعا مهابا وان له كبير الفضل على العرب فهو أول ملك عربي تمكن من توحيد العرب بعموم قبائلهم العربية في العراق وسورية والحجاز ونجد واليمن وقد حكم جزيرة العرب برمتها مع أطرافها حين تولى الحكم بعد والده عمرو وقد كان له عدة ألقاب منها امرؤ ألقيس الأول وامرؤ القيس البدء والمحرّق ومحرّق الحرب ومسعّر الحرب وقد دام حكمه طويلا وقد تمكن فيه من توحيد العرب وقد عاصر ملوك فارس من أيام سابور ابن اردشير وبعده ستة من أحفاده وحتى زمن سابور ذي الأكتاف وقد توفي في عام 223م ودفن في النمارة بسوريا وقد اختلف في حكمه انه حكم 114 عاما أو توفي وله من العمر كذلك ووجد قبره بسوريا في زمننا المعاصر وعليه نقوش بالكتابة العربية الأولية وهي ما تسمى بنقش النمّارة ولا يزال يحمل تلك النقوش حتى اليوم وهي/-
1/ تي نفسي مر القيس بر عمرو ملك العرب كله ذو اسر التج.
2/ وملك الأسد ونزرا وملوكهم وهرب مذحجو عكدي* وجا
3/بزجى في حبج نجرن مدينة شمر وملك معد ونزل بنيه.
4/ الشعوب ووكلهن فرسو لروم فلم يبلغ ملك مبلغه.
5/عكدي. هلك سنة يوم بكسلول بلسعد ذو ولده.
* وتعني القوة
وترجمة تلك العبارات إلى العربية الحالية هي
ترجمة العبارات الموجودة على صدر القبر إلى العربية الحالية
1/ هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي حاز التاج.
2/وملك الاسديين ونزار وملوكهم . وهزم مذحج بقوته.
3/ وجاء إلى نزجى (أو بزجى) في حبج نجران مدينة شمر وملك معدا وانزل قسم من بنيه
4/ارض الشعوب ووكله الفرس والروم فلم يبلغ ملك مبلغه.
5/في الحول عكدي هلك سنة 223 يوم سبعة من الول (كانون الأول) ليسعد ذو ولده أي الذين خلفهم.
يتبع